الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وسلم إلى المدينة حتى أوطأوا من حولهم عليه ودانوا بالإِسلام.
وكان زيد بن ثابت يحدث فيقول: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فكنا نشترى ونبيع ر سول الله صلى الله عليه وسلم يرانا فلا ينهانا.
وقال رافع بن خديج: أقمنا بتبوك المقام فأرملنا من الزاد وقرمنا إلى اللحم ونحن لا نجده، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن اللحم هاهنا، وقد سألت أهل البلد عن الصيد فذ كروا لي صيدًا قريبًا -فأشاروا إلى ناحية المغرب-، فأذهب فأصيد في نفر من أصحابي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ذهبت فاذهب في عدة من أصحابك، وكونوا على خليل، فإنكم تنفرقون من العسكر قال: فانطلقت في عشرة - من الأنصار فيهم أبو قتادة وكان صاحب طرد بالرمح وكنت راميًا فطلبنا الصيد فأدركنا صيدًا، فقتل أبو قتادة خمسة أحمرة بالرمح على فرسه، ورميت قريبًا من عشرين ظبيًا وأخذ أصحابنا الظبيين والثلاثة والأربعة، وأخذنا نعامة طردناها على خيلنا. ثم رجعنا إلى العسكر عشاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنا: ما جاءوا بعد؟ فجئنا فألقينا ذلك بين يديه. فقال: فرقوه في أصحابكم، قلت: يا رسول الله، أنت مر به رجلًا، قال فأمر رافع بن خديج. قال: فجعلت أعطى القبيلة بأسرها الحمار والظبى، وأفرق ذلك حتى كان الذي صار لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظبى واحد مذبوح، فأمر به فطبخ، فلما نضج دعا به - وعنده أضياف - فأكلوا ونهانا بعد أن نعود وقال: لا آمن أو قال: أخاف عليكم.
من هو الشهيد في سبيل الله:
وفي غزوة تبوك (وهي أهم حدث عسكرى في التاريخ النبوي الحربي) أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم على ملأ من أصحابه أن الشهيد ليس الذي يقتل بالسيف والرمح والنبل في المعركة فحسب، بل إن مرتبة إلى الشهيد ينالها كل من يفارق الحياة وهو في حالة الغزو في سبيل الله، مهما كان السبب الذي في وفاته.
فقد ذكر المؤرخون أن ذا البجادين المزني "وقد تقدمت قصة إسلامه في هذا البحث" قال: يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة، فقال: أبلغنى لحاء سمرة. فأبلغه لحاء سمرة، فربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عضده وقال: اللهم إني أحرم دمه على الكفار، فقال: يا رسول الله، ليس أردت هذا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك إذا خرجت غازيًا في سبيل الله فأخذتك الحمّى فقتلتك فأنت شهيد، ووقصتك دابتك فأنت شهيد، لا تبال بأية كان. فلما نزلوا تبوكًا فأقاموا بها أيامًا توفى عبد الله ذو البجادين. فكان بلال بن الحارث يقول: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع بلال المؤذن شعلة من نار عند القبر واقفًا بها، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، وإذا أبو بكر وعمر يدليّانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: أدنيا إليّ أخاكما، فلما هيأه لشقه قال: اللهم إني قد أمسيت عنه راضيًا فارض عنه. قال: فقال عبد الله بن مسعود: ليتنى كنت صاحب اللحد (1).
قال الواقدي: وكان عبد الله ذو البجادين هذا من مزينة، وكان يتيمًا: لا مال له، قد مات أبوه فلم يورثه شيئًا، وكان عمه ميلًا (2) فأخذه وكفله حتى كان قد أيسر، فكانت له إبل وغنم ورقيق، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعلت نفسه تتوق إلى الإسلام، ولا يقدر عليه من عمّه، حتى مضت السنون والمشاهد كلها، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح مكة، راجعًا إلى المدينة، فقال عبد الله لعمه: يا عم قد انتظرت إسلامك فلا أراك تريد محمدًا، فائذن لي في الإسلام، فقال: والله، لئن
اتبعت محمدًا لا أترك بيدك شيئًا كنت أعطيتكه إلا نزعته منك حتى ثوبيك. فقال عبد العزى - وهو يومئذ اسمه -: وأنا والله متّبع محمدًا ومسلم، وتارك عبادة الحجر والوثن، وهذا ما بيدى فخذه، فأخذ كل ما أعطاه، حتر جرده من إزاره، فأتى أمه فقطعت بجادًا (3) لها باثنين فائتزر
(1) مغازي الواقدي ج 3 ص 1014.
(2)
ميلا. قال في لسان العرب ج 14 ص 159: أي ذا مال.
(3)
البجاد -بكسر الباء- الكساء الغليظ الجافي.