الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزهران، وتمر طريق الطائف أبها - وسط ديار غامد .. وتنقسم غامد اليوم إلى قسمين، البدو، والحضر، وقاعدة غامد هي (الباحة).
فالقسم البدوى يسمى: آل صيّاح، وهم منتشرون في أماكن مختلفة، بين إخوانهم المتحضرين، ويتوغلون إلى أودية رينة، وتربة، والدواسر .. وأما القسم المتحضر، فيقيم في قرى مختلفة. وعلى أثر ذكر قبيلة غامد، يجرنا الحديث إلى ذكر جيرانهم قبيلة زهران، فهذه القبيلة أيضًا من قبائل الأزد القحطانية، وكانت يمانية في الأصل، وهي اليوم من أعظم قبائل عسير بالحجاز، وهم ذوو كرم ومروءة، وجدهم هو زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر (وهو شنوءة) بن الأزد .. تقع منازلهم اليوم في عسير، بين بني مالك من الشمال، وغامد من الشرق، وذوى بركات، وذوى حسن من الغرب، وزبيد من الجنوب والجنوب الغربي، وتمتد بلادهم في الغرب حتى تكاد تتصل بالحر الأحمر، إذ لا يفصلها عنه سوى حوالي 15 ميلا.
- 54 -
وفد بجيلة
بجيلة -بفتح أوله- بطن عكل من كهلان من القحطانية، وبجيلة اسم أمهم التي صاروا ينتسبون إليها، وهم بنو أنمار بن أراش بن كهلان، يتفرعون إلى بطون كثيرة، كانت منازلهم في الجاهلية تمتد في سلسلة جبال السروات في اليمن والحجاز حتى تبالة قرب الطائف.
كانت بجيلة في الجاهلية قوة حربية هائلة، حتى أنهم حاربوا كثيرًا من قبائل جبال السراة، من بينهم قبيلة خثعم، فأجلوهم عن ديارهم وسكنوها، فصاروا سادة جبال السراة دون منازع وكانوا يدًا واحدة، حتى حدثت بينهم حرب أهلية رهيبة، كادت أن تبيدهم، وبعد هذه الحرب وهنت بل تحطمت قوة بجيلة المنهزم منها والمنتصر، فتفرقوا لذلك وتقطعوا، فصار كل بطن منهم يجاور أو يندمج في قبيلة من قبائل العرب، وما زالوا ممزقين موزّعين حتى جمعهم الخليفة عمر بن الخطاب، وذلك
بطلب من جرير بن عبد الله البجلى عندما كان قائدًا في حروب الجهاد بالعراق، وبهذا استعادت بجيلة وحدتها القبلية، وقد شهد منها معركة القادسية ألفا مقاتل.
كان وفدهم الذي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكونًا من مائة وخمسين رجلًا، يرأسهم جرير بن عبد الله البجلى (1) وقد وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم عام عشرة هـ. فقد روى أن جرير بن عبد الله البجلى قدم المدينة سنة عشر، ومعه مائة وخمسون من قومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطلع عليكم رجل من هذا الفج من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك. فطلع جرير على راحلته، ومعه قومه فأسلموا وبايعوا. قال جرير: فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعنى وقال: على أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنِّي رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتنصح للمسلم وتطيع الوالي وإن كان عبدًا حبشيًّا، فقال جرير: نعم، فبايعه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسائل جريرًا عما وراعه، فقال: يا رسول الله قد أظهر الله الإِسلام وأظهروا الأذان في مساجدهم وساحاتهم، وهدّمت الأصنام التي كانت تعبد، قال: فما فعل ذو الخلصة؟ (صنم) قال: هو على حاله قد بقى، والله مريح منه إن شاء الله، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هدم ذي الخلصة وعقد له لواءًا، فقال: إني لا أثبت على الخيل، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدره وقال: اللهم اجعله هاديًا مهديًا، فخرج في قومه -وهم زهاء مائتين- فما أطال الغيبة حتى رجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هدمته؟ قال: نعم والذي بعثك بالحق، وأخذت ما عليه وأحرقته بالنار، فتركته كما يسوء من يهوى هبراه، وما صدَّنا عنه أحد (2).
(1) هو جرير ابن عبد الله بن جابر البجلى، وبجيلة ينتهى نسبها إلى أثمار بن أراش بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان، أسلم جرير قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا (أسد الغابة ج 1 ص 279) كان جرير حسن الصورة، حتى أن الفاروق عمر قال: جرير يوسف هذه الأمة وهوب قومه، كان لجرير ولقومه دور مشرف في معركة القادسية. كان جرير رسول أمير المؤمنين على إلى معاوية أثناء التفاوض قبل معركة صفين المؤسفة، كان جرير صالحًا زاهدًا، كان يسكن الكوفة ثم تركها وسكن قرقيسيا بفلسطين ومات بها، روى عنه الحديث كثيرون منهم بنوه عبيد الله والمنذر وإبراهيم، والشعبي وابن أبي حازم، كانت وفاة جرير سنة إحدى وخمسين وقيل سنة أربع وخمسين.
(2)
طبقات ابن سعد ج 1 ص 347 - 348.