الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقالوا: يا رسول الله "خلفنا صاحبًا لنا في رحالنا يبصرها لنا، وفي ركابنا يحفظها علينا، فأمر له صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر لهم من الجائزة، وقال: ليس بشرّكم مكانا لحفظه ركابكم ورحالكم، فذكر ذلك لسيلمة، فقال الخبيث: عرف أن الأمر إليّ من بعده، فرجعوا إلى بلادهم وكان عندهم راهب في كنيسة، فلما سمع مؤذنهم يؤذن بالتوحيد، قال: كلمة حق، ثم ادعى مسيلمة النبوة، وشهد له الرحال بن عنفوة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشركه في الأمر، فافتتن الناس به، مما أدى إلى حروب طاحنة بين بني حنيفة وبين جيوش الإِسلام.
- 26 -
وفد بني شيبان
شيبان قبيلة قحطانية عظيمة تتفرع من بكر بن وائل، وقد كان منهم قادة حربيون بارزون في الجاهلية والإِسلام، ففي الجاهلية، منهم هانئ بن مسعود قاد العرب في معركة ذي قار وهزم فيها الفرس، ومنهم القائد المظفر المثنى بن حارثة، صاحب المعارك البطولية في العراق، وكثيرون آخرون، وهم من القبائل النجدية، وفي صدر الإِسلام استوطنوا شرقي دجلة في العراق، وكان وافد بني شيبان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حريث بن حسان (1) الشيبانى.
فقد حدثت قيلة بنت مخرمة (2) - في حديث طويل ذكره ابن سعد في طبقاته ج 1 ص 317 - 318 - فقالت: خرجت مع حريث -وكان صاحب صدق- حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى بالناس صلاة الغداة، وقد أقيمت حين انشق الفجر النجوم شابكة في السماء والرجال لا
(1) قال في أسد الغابة: الأصح أن اسمه الحارث، ثم ذكر قصته مع قيلة والحارث هذا من بني ذهل بن شيبان، وروى عن الحارث أنه قال: وفدت والرسول على المنبر يقول: جهزوا جيشًا إلى بكر بن وائل. فقلت: يا رسول الله أعوذ بالله أن أكون كوافد عاد.
(2)
هي قيلة بنت مخرمة الغنوية التميمية، لم يزد ابن الأثير في ترجمتها في "أسد الغابة" على أن ذكر قصة وفادتها على النبي صلى الله عليه وسلم.
تكاد تعارف مع ظلمة الليل، فصففت مع الرجال وكنت امرأة حديثة عهد بجاهلية. فقال لي الرجل الذي يلينى من الصف امرأة أنت أم رجل؟ فقلت: لا بل امرأة، فقال: إنك قد كدت تفتنيننى، فصلى مع النساء وراءك، وإذا صف من النساء قد حدث عند الحجرات لم أكن رأيته حين دخلت فكنت فيهن حتى إذا طلعت الشمس دنوت فجعلت إذا رأيت رجلا ذا رواء وذا قش طمح إليه بصرى لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الناس، حتى جاء رجل -وقد ارتفعت الشمس- فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وعليه -تعنى النبي صلى الله عليه وسلم أسمال ملببتين كانتا بزعفران فقد نفضا، ومعه عسيب نخلة مقشور غير خوصتين من أعلاه، وهو قاعد القرفصاء، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متخشعًا في الجلسة أرعدت من الفرق (1)، فقال جليسه: يا رسول الله، أرعدت المسكينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينظر إليّ وأنا عند ظهره: يا مسكينة عليك السكينة، فلما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم أذهب الله ما كان أدخل في قلبى من الرعب.
وقد تقدم حريث بن حسان، فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإِسلام، عليه وعلى قومه، وذكر ابن سعد في طبقاته أن حرملة بن عبد الله (2) خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم ثم ارتحل، ثم رجع وقال: يا رسول الله ما تأمرنى أن أعمل؟ فقال: يا حرملة ائت المعروف واجتنب المنكر، ثم انصرف حتى أتى راحلته، ثم رجع وقال: يا رسول الله ما تأمرنى أعمل؟ فقال يا حرملة (ائت المعروف واجتنب المنكر وانظر الذي تحب أذنك إذا قمت من عند القوم أن يقولوه فيك لك فائته والذي تكره أن يقولوه لك إذا قمت من عندهم فاجتنبه)(3).
(1) الفرق -بفتح أوله وثانيه- الحرف.
(2)
هو حرملة بن عبد الله بن أياس التميمي العنبرى. ذكر ابن الأثير قصته التي أوردناها، وقال: إنه يعد في البصريين.
(3)
طبقات ابن سعد الكبرى ج 1 ص 320 - 321.