الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم فارقوا الشرك وأهله، فأكرم الرسول صلى الله عليه وسلم رسولهم فأنزله في دار الضيافة، ثم كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك الأربعة كتابًا هذا نصه:(بسم الله ألرحمن الرحيم من محمَّد رسول الله إلى الحارس بن عبد كلال وإلى نعيم بن عبد كلال وإلى النعمان قيل (1) ذي رعين ومعافر وإلى زرعة بن ذي يزن، أمّا بعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أمّا بعد فقد وقع بنا رسولكم مقفلنا من أرض الروم، فلقينا بالمدينة فبلغ ما أرسلغ به وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين فإن الله تبارك وتعالى قد هداكم بهداه إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغنم خمس الله وخمس نبيه وصفيه، وما كتب على المؤمنين من الصدقة والعقار (2) عشر ما سقت العين وسقت السماء، وعلى ما سقى الغرب (3) نصف العشر)، - وهو كتاب طويل فيه فرائض ووصايا كثيرة (4).
- 68 -
وفد نصارى نجران
كانت نجران قبل الإِسلام بها جماعة من العرب على النصرانية، وكان منهم -قبل تحريف الإنجيل- قوم على دين التوحيد دين عيسى بن مريم عليه السلام، ومنهم المؤمنون أصحاب الأخدود الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم، وكان اليهود هم الذين نكلوا بهؤلاء المؤمنين فحرقوهم في الأخدود.
وعندما جاء الله بالإِسلام كان بنجران قوم من النصارى العرب، كتب إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فجاؤوا إلى المدينة في وفد مكون من أربعة عشر رجلًا
= وروى عطاء بن ميسرة عن مالك بن مرارة الرهاوى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ولا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان.
(1)
القيل بقتح القاف: الملك الذي هو دون الملك الذي هو أكبر منه.
(2)
العقار -بفتح العين-: الأرض.
(3)
الغرب: الدلو.
(4)
انظر سير ابن هشام ج 4 ص 235 - 236 - 237.
من أشرافهم، وكان رئيسهم رجل اسمه عبد المسيح ولقبه (العاقب)، وهو من كندة، وكان أميرهم ومرجعهم في السياسة والحكم، أما أسقفهم وحبرهم وإمامهم ورئيس مدارسهم فهو أبو الحارث بن علقمة، وهو من بني ربيعة.
ولما وصلوا المدينة دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، وعليهم ثياب الحبرة وأردية مكففة بالحرير، وأثناء وجودهم داخل المسجد قاموا يصلّون صلاتهم نحو المشرق، فأراد الصحابة اعتراضهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فأكملوا صلاتهم في المسجد، وقد أعرض عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يكلمهم (أول الأمر) فاستغربوا، فقال لهم عثمان بن عفان: ذلك من أجل زيكم هذا (أي ارتدائهم الحرير) فانصرفوا يومهم ذلك، ثم غدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم بزى الرهبان فسلموا فردّ عليهم، ثم دعاهم إلى الإِسلام فأبوا وكثر الكلام والحجاج بينهم، وتلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، ولكنهم أصرّوا على رفضهم الدخول في الإِسلام، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: إن أنكرتم ما أقول لكم فهلمّ أباهلكم، والمباهلة هي التي عناها القرآن الكريم، فقال تعالى:{فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (1).
فوافقوا على المباهلة (أول الأمر)، ولكنهم تراجعوا فيما بعد فجاء منهم عبد المسيح ورجلان من ذوي الرأي فيهم. فقالوا: قد بدا لنا أن لا نباهلكم فاحكم علينا بما أحببت نعطك ونصالحك، فصالحهم الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يدفعوا الجزية، وأعطاهم ضمانًا كتابيا على أنهم أحرار في دينهم وآمنون على أموالهم وأراضيهم، فرجعوا إلى بلادهم، غير أن اثنين من زعمائهم وهما العاقب أميرهم وصاحب أمرهم، والسيد أحد كبارهم، رجعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلما على يديه (2).
(1) آل عمران 61.
(2)
طبقات ابن سعد ج 1 ص 357 - 358.