الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره الله، "ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يتبع السمعة يسمع الله به، ومن يصبر يضاعف الله له، ومن يعص الله يعذبه الله، اللهم اغفر لي ولأمتى أستغفر الله لي ولكم (1).
وقال الواقدي: وكان رجل من بني عذرة يقال له عدى يقول: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فرأيته على ناقة حمراء يطوف على الناس يقول: أيها الناس، يد الله فوق يد المعطى، ويد المعطى الوسطى، ويد المعطى (بفتح الطاء) السفلى. أيها الناس، اقنعوا ولو بحزم الحطب، اللهم، هل بلغت؟ ثلاثا. فقلت: يا رسول الله، كانت امرأتان اقتتلتا فرميت فأصبت إحداهما، فرمى في رميتى -يعني ماتت- كما تقول العرب: رمى في جنازته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعقلها ولا ترثها (2).
الإيمان يمان:
قالوا: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع مسجده بتبوك، فنظر نحو اليمين ورفع يديه يشير إلى أهل اليمن فقال: الإيمان يمان، ونظر نحو المشرق (وهو العراق بالنسبة لتبوك) وأشار بيده فقال: إن الجفاء وغلظ القلوب في الفدادين (3) أهل الوبر من نحو المشرق حيث يطلع الشيطان قرنه (4).
الرسول يتحدث عن فضل الخيل:
وفي تبوك جئ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبنة، فقالوا: يا
(1) مغازى الوافدى ج 3 ص 1016 - 1017، وقد وردت مقاطع كثيرة من هذه الخطبة الرائعة في مواضع كتب الحديث الستة الصحاح مثل البخاري ومسلم وبقية السنة. وهذه الخطبة خطبة جامعة شاملة في التربية وترسيخ قواعد السلوك لبناء حياة تكفل سعادة الدارين فعلى المسلم أن يعى ما جاء في هذه الخطبة الجامعة، بل ويحفظها لأنها بمثابة دستور للأخلاق والسلوك.
(2)
مغازي الواقدي ج 3 ص 1016 - 1017.
(3)
الفدادون: الذين تعلوا أصواتهم في حروثهم ومواشيهم، واحدهم فداد .. كذا جاء في النهاية لابن الأثير.
(4)
مغازي الواقدي ج 3 ص 1017.
رسول الله إن هذا طعام تصنعه فارس، وإنا نخشى أن يكون فيه ميتة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوا فيه السكين واذكروا اسم الله.
وأهدى رجل من قضاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرسا، فأعطاه رجلا من الأنصار، وأمره أن يربطه حياله استئناسا بصهيله، فلم يزل كذلك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ففقد صهيل الفرس، فسأل عنه صاحبه فقال: خصيته يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، اتخذوا من نسلها وباهوا بصهيلها المشركين، أعرافها أدفاؤها (1)، وأذنابها مذابها، والذي نفسي بيده، إن الشهداء ليأتون يوم القيامة بأسيافهم على عواتقهم، لا يمرون بأحد من الأنبياء إلا تنحى عنهم، حتى أنهم ليمرون بإبراهيم الخليل، خليل الله فيتنحى لهم حتى يجلسوا على منابر من نور، يقول الناس: هؤلاء الذين أَهْرَقُوا دماءهم لربّ العالمين، فيكون كذلك حتى يقضى الله عز وجل بين الناس.
وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرس اسمه الظرب (بفتح الظاء وكسر الراء)، فقام إليه، وهو بتبوك فعلق عليه شعاره (2) وجعل يمسح ظهره بردائه. قيل: يا رسول الله، تمسح ظهره بردائك؟ قال: نعم، وما يدريك؟ . لعل جبريل أمرني بذلك، مع أني قد بت الليلة، وإن الملائكة لتعاتبنى (3) في حسن الخيل ومسحها وقال: أخبرني خليلى جبريل أنه يكتب لي بكل حَسَّةٍ أوفيتها إياه حسنة، وإن ربى عز وجل يحط عنى بها سيئة، وما من امرئ من المسلمين يربط فرسًا في سبيل الله فيوفيه بعليفه يلتمس به قوته إلا كتب الله له بكل حبة حسنة، وحط عنه بكل حبة سيئة، قيل: يا رسول الله، وأى الخيل خير؟ قال: أدهم (4)، أقرح، أرثم، محجل الثلث، مطلق
(1) الأدفاء: جمع دفء، وهو ما يستدفأ به من الأوبار والأصواف.
(2)
الشعار: ما ولى الجسد من الثياب.
(3)
الحس: نفض التراب عن الدابة.
(4)
قال في البداية والنهاية: الخيل الأقرح هو ما كان في جبهته قرحة، بالضم، وهي بياض يسير في وجه الفرس دون الغرة، والأرثم الذي أنفه أبيض وشفته العلياء، والمحجل: هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد.