الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عود إلى الكلام على معاني لفظ الجسم]
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ نُفَاةُ الصِّفَاتِ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي " الْجِسْمِ " وَفِي إِدْخَالِ لَفْظِ " الْجِسْمِ " فِي أُصُولِ الدِّينِ وَفِي التَّوْحِيدِ، وَكَانَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، فَصَارَ النَّاسُ فِي لَفْظِ " الْجِسْمِ " عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
طَائِفَةٌ تَقُولُ: إِنَّهُ جِسْمٌ، وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَيْسَ بِجِسْمٍ، وَطَائِفَةٌ تَمْتَنِعُ عَنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ بِهَذَا، وَهَذَا لِكَوْنِهِ بِدْعَةً فِي الشَّرْعِ أَوْ لِكَوْنِهِ (1) فِي الْعَقْلِ يَتَنَاوَلُ حَقًّا وَبَاطِلًا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُفُّ عَنِ التَّكَلُّمِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَفْصِلُ الْمُتَكَلِّمَ (2) : فَإِنْ ذَكَرَ فِي النَّفْيِ أَوِ الْإِثْبَاتِ (3) مَعْنًى صَحِيحًا قَبِلَهُ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِعِبَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ (4) ، لَا يُعَبِّرُ عَنْهَا بِعِبَارَةٍ مَكْرُوهَةٍ فِي الشَّرْعِ ; وَإِنْ ذَكَرَ مَعْنًى بَاطِلًا رَدَّهُ.
وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ " الْجِسْمِ " فِيهِ اشْتِرَاكٌ بَيْنَ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ وَمَعَانِيهِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهَا، وَفِي الْمَعْنَى مُنَازَعَاتٌ عَقْلِيَّةٌ، فَيُطْلِقُهُ كُلُّ قَوْمٍ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِهِمْ وَحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ، فَإِنَّ الْجِسْمَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هُوَ الْبَدَنُ، أَوِ الْبَدَنُ وَنَحْوُهُ مِمَّا هُوَ غَلِيظٌ كَثِيفٌ، هَكَذَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ: 4] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 247] .
ثُمَّ قَدْ يُعْنَى بِهِ نَفْسُ الشَّيْءِ الْغَلِيظِ الْكَثِيفِ، وَقَدْ يُعْنَى بِهِ نَفْسُ غِلَظِهِ وَكَثَافَتِهِ.
(1) ن: وَلَكِنَّهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2)
ن، م: الْكَلَامَ.
(3)
ن، م: وَالْإِثْبَاتِ.
(4)
ن (فَقَطْ) : عَنْهُ بِغَيْرِهِ شَرَعَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ.
وَعَلَى هَذَا فَالزِّيَادَةُ فِي الْجِسْمِ الَّذِي هُوَ الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَهُوَ الْقَدْرُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالزِّيَادَةُ فِي نَفْسِ الْمُقَدَّرِ الْمَوْصُوفِ.
وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا الثَّوْبُ لَهُ جِسْمٌ، أَيْ: غِلَظٌ وَثِخَنٌ، وَلَا يُسَمَّى الْهَوَاءُ جِسْمًا، وَلَا النَّفَسُ الْخَارِجُ مِنْ فَمِ (1) الْإِنْسَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ (2) جِسْمًا.
وَأَمَّا أَهْلُ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ فَالْجِسْمُ عِنْدَهُمْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ لَفْظَ " الْجَوْهَرِ " فِي اللُّغَةِ أَخَصُّ مِنْ مَعْنَاهُ فِي اصْطِلَاحِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَعْنُونَ بِالْجَوْهَرِ مَا قَامَ بِنَفْسِهِ أَوِ الْمُتَحَيِّزَ أَوْ مَا إِذَا وُجِدَ كَانَ وُجُودُهُ لَا فِي مَوْضِعٍ (3)، أَيْ: لَا فِي مَحَلٍّ يَسْتَغْنِي عَنْهُ ; وَالْجَوْهَرُ فِي اللُّغَةِ الْجَوْهَرُ الْمَعْرُوفُ.
ثُمَّ قَدْ يُعَبِّرُونَ عَنِ الْجِسْمِ بِأَنَّهُ مَا يُشَارُ إِلَيْهِ، أَوْ مَا يَقْبَلُ (4) الْإِشَارَةَ الْحِسِّيَّةَ بِأَنَّهُ هُنَا أَوْ هُنَاكَ، وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِمَا قَبِلَ الْأَبْعَادَ الثَّلَاثَةَ: الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالْعُمْقُ، أَوْ بِمَا كَانَ فِيهِ الْأَبْعَادُ الثَّلَاثَةُ: الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالْعُمْقُ (5) .
وَلَفْظُ الْبُعْدِ: الطُّولُ (6) وَالْعَرْضُ وَالْعُمْقُ فِي اصْطِلَاحِهِمْ أَعَمُّ مِنْ
(1) ن (فَقَطْ) : نَفَسُ.
(2)
عِنْدَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
ن، م: مَوْضُوعٍ.
(4)
ن: أَوْ لَا يَقْبَلُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5)
يَقُولُ ابْنُ سِينَا: (الشِّفَاءُ، قِسْمُ الْإِلَهِيَّاتِ 1/61، ط. وِزَارَةِ الثَّقَافَةِ وَالْإِرْشَادِ) : " وَأَمَّا تَحْقِيقُهُ وَتَعْرِيفُهُ فَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْجِسْمَ جَوْهَرٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ عَمِيقٌ ".
(6)
أ، ب: وَالطُّولُ.
مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ، فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُقَسِّمُونَ الْأَعْيَانَ إِلَى طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ، وَالْمَسَافَةَ وَالزَّمَانَ إِلَى قَرِيبٍ وَبِعِيدٍ، وَالْمُنْخَفِضَ مِنْ (1) الْأَرْضِ إِلَى عَمِيقٍ وَغَيْرِ عَمِيقٍ.
وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ كُلُّ مَا يَرَاهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْأَعْيَانِ فَهُوَ طَوِيلٌ عَرِيضٌ عَمِيقٌ، حَتَّى الْحَبَّةُ - بَلِ الذَّرَّةُ وَمَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْ ذَرَّةٍ - هُوَ فِي اصْطِلَاحِهِمْ طَوِيلٌ عَرِيضٌ عَمِيقٌ.
وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنِ الْجِسْمِ بِالْمُرَكَّبِ أَوِ الْمُؤَلَّفِ (2) ، وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَعَمُّ مِنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ، فَإِنَّ الْمُرَكَّبَ (3) وَالْمُؤَلَّفَ فِي اللُّغَةِ مَا رَكَّبَهُ مُرَكِّبٌ أَوْ أَلَّفَهُ مُؤَلِّفٌ، كَالْأَدْوِيَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ الْمَعَاجِينِ وَالْأَشْرِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَبِالْمُرَكَّبِ مَا رُكِّبَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ فِيهِ (4) ، كَالْبَابِ الْمُرَكَّبِ فِي مَوْضِعِهِ وَنَحْوِهِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [سُورَةُ الِانْفِطَارِ: 8] . وَبِالتَّأْلِيفِ: التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
(1) أ، ب: عَنْ.
(2)
يَقُولُ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ (التَّمْهِيدُ، ص [0 - 9] 7، بَيْرُوتُ، 1957) : " فَالْجِسْمُ هُوَ الْمُؤَلَّفُ "، وَيَقُولُ (ص 191) :" حَقِيقَةُ الْجِسْمِ أَنَّهُ مُؤَلَّفٌ مُجْتَمِعٌ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ جَسِيمٌ، وَزَيْدٌ أَجْسَمُ مِنْ عَمْرٍو، وَعِلْمًا بِأَنَّهُمْ يَقْصُرُونَ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ ضُرُوبِ التَّأْلِيفِ فِي جِهَةِ الْعَرْضِ وَالطُّولِ وَلَا يُوقِعُونَهَا بِزِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْجِسْمِ سِوَى التَّأْلِيفِ ". وَيَقُولُ ابْنُ سِينَا (الشِّفَاءُ، قِسْمُ الْإِلَهِيَّاتِ 1/71) : " فَقَدْ بَانَ أَنَّ الْأَجْسَامَ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ مَادَّةٍ وَصُورَةٍ ". وَانْظُرْ دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ مَادَّةَ " جَسَمَ " بِقَلَمِ دِي بُورْ.
(3)
ن، م: فَالْمُرَكَّبُ.
(4)
ن، م:. . . وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ مَا رُكِّبَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ فِيهِ.
{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 60]، وَقَوْلُهُ:{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 63]، وَقَوْلُهُ:{إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 103] .
وَلِلنَّاسِ اصْطِلَاحَاتٌ فِي الْمُؤَلَّفِ وَالْمُرَكَّبِ، كَمَا لِلنُّحَاةِ اصْطِلَاحٌ، فَقَدْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْجُمْلَةَ التَّامَّةَ، وَقَدْ يَعْنُونَ بِهِ (1) مَا رُكِّبَ تَرْكِيبَ مَزْجٍ كَبَعْلَبَكَّ، وَقَدْ يَعْنُونَ بِهِ الْمُضَافَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَهُوَ مَا يُنْصَبُ فِي النِّدَاءِ.
وَلِلْمَنْطِقِيِّينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ اصْطِلَاحَاتٌ أُخَرُ يَعْنُونَ بِهِ مَا دَلَّ جُزْؤُهُ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمُضَافُ إِذَا قُصِدَ بِهِ الْإِضَافَةُ دُونَ الْعَلَمِيَّةِ، فَلَا (2) يَدْخُلُ فِيهِ بَعْلَبَكَّ وَنَحْوُهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُؤَلَّفِ وَالْمُرَكَّبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا كُلُّهُ تَأْلِيفٌ فِي الْأَقْوَالِ.
وَأَمَّا التَّأْلِيفُ فِي الْأَعْيَانِ، فَأُولَئِكَ إِذَا قَالُوا:[إِنَّ](3) الْجِسْمَ هُوَ الْمُؤَلَّفُ وَالْمُرَكَّبُ، لَمْ يَعْنُوا (4) بِهِ مَا كَانَ مُفْتَرِقًا فَاجْتَمَعَ وَلَا مَا يَقْبَلُ التَّفْرِيقَ، بَلْ يَعْنُونَ بِهِ مَا تَمَيَّزَ مِنْهُ جَانِبٌ عَنْ جَانِبٍ، كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَجْسَامِ.
وَأَمَّا الْمُتَفَلْسِفَةُ فَالْمُؤَلَّفُ وَالْمُرَكَّبُ عِنْدَهُمْ (5) أَعَمُّ مِنْ هَذَا، يُدْخِلُونَ
(1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2)
أ، ب: وَلَا.
(3)
إِنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
أ: يَعْنُوا، ب: لَا يَعْنُونَ ; م: لَمْ يَعْنُونَ.
(5)
ن، م: فَالْمُؤَلَّفُ عِنْدَهُمْ وَالْمُرَكَّبُ.
فِي ذَلِكَ تَأْلِيفًا عَقْلِيًّا لَا يُوجِدُ فِي الْأَعْيَانِ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ النَّوْعَ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ، فَإِذَا قُلْتَ: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ، قَالُوا: الْإِنْسَانُ مُؤَلَّفٌ مِنْ هَذَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِمَا.
ثُمَّ تَنَازَعَ (1) هَؤُلَاءِ فِي الْجِسْمِ: هَلْ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، وَهِيَ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ شَيْءٌ لَمْ يُدْرِكْهُ أَحَدٌ بِحِسِّهِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ نَفْرِضُهُ إِلَّا وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ ; أَوْ مُرَكَّبٌ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ تَرْكِيبًا عَقْلِيًّا؟
وَإِذَا حُقِّقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَادَّةِ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا نَفْسُ الْجِسْمِ وَأَعْرَاضِهِ: تَارَةً يُعْنَى بِالْمَادَّةِ الْجِسْمُ الَّذِي هُوَ جَوْهَرٌ، وَالصُّورَةُ شَكْلُهُ وَاتِّصَالُهُ الْقَائِمُ بِهِ. وَتَارَةً يُعْنَى بِالصُّورَةِ نَفْسُ الْجِسْمِ (2) الَّذِي هُوَ الْجَوْهَرُ، وَبِالْمَادَّةِ الْقَدْرُ الْمُطْلَقُ الَّذِي يَعُمُّ الْأَجْسَامَ كُلَّهَا، أَوْ يُعْنَى بِهَا مَا مِنْهُ خُلِقَ الْجِسْمُ (3) .
وَقَدْ يُعْنَى بِالصُّورَةِ الْعَرَضِيَّةُ (4) الَّتِي هِيَ الِاتِّصَالُ وَالشَّكْلُ الْقَائِمُ بِهِ، فَالْجِسْمُ هُوَ الْمُتَّصِلُ، وَالصُّورَةُ هِيَ (5) الِاتِّصَالُ، فَالصُّورَةُ هُنَا عَرَضٌ، وَالْمَادَّةُ الْجِسْمُ، كَالصُّورَةِ (6) الصِّنَاعِيَّةِ: كَشَكْلِ السَّرِيرِ فَإِنَّهُ صُورَتُهُ (7) وَالْخَشَبُ مَادَّتُهُ.
(1) ن، م: يُنَازِعُ.
(2)
ن: نَفْيُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
ن: الْجِسْمُ وَالصُّورَةُ.
(4)
أ: الْعَرِيضَةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
ن، م: نَفْيُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(6)
ن، م: كَالصُّوَرِ.
(7)
أ، ب: صُورَةُ.
وَلَفْظُ الْمَادَّةِ وَالْهَيُولِي يُعْنَى بِهِ عِنْدَهُمْ هَذِهِ الصُّورَةُ الصِّنَاعِيَّةُ، وَهِيَ عَرَضٌ يَحْدُثُ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّينَ، وَيُعْنَى بِهِ (1) الصُّورَةُ الطَّبِيعِيَّةُ وَهِيَ نَفْسُ الْأَجْسَامِ، وَهِيَ جَوَاهِرُ (2) وَمَادَّةٌ وَمَا مِنْهَا خُلِقَتْ.
وَقَدْ يُعْنَى بِالْمَادَّةِ [الْمَادَّةُ](3) الْكُلِّيَّةُ وَهِيَ مَا تَشْتَرِكُ فِيهِ الْأَجْسَامُ مِنَ الْقَدْرِ وَنَحْوِهِ.
وَهَذِهِ كُلِّيَّاتٌ حَاصِلَةٌ فِي الْأَذْهَانِ، وَهِيَ فِي الْخَارِجِ مُعَيَّنَةٌ: إِمَّا أَعْرَاضٌ وَإِمَّا جَوَاهِرُ.
وَقَدْ يُعْنَى بِالْمَادَّةِ [الْمَادَّةُ](4) الْأَزَلِيَّةُ وَهِيَ الْمُجَرَّدَةُ عَنِ الصُّورَةِ. وَهَذِهِ يُثْبِتُهَا أَفَلَاطُنُ (5) ، وَسَائِرُ الْعُقَلَاءِ أَنْكَرُوهَا، وَفِي الْحَقِيقَةِ هِيَ ثَابِتَةٌ فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَارِجِ، وَالْأَجْسَامُ مُشْتَرِكَةٌ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ (6) مِنْهَا لَهُ قَدْرٌ يَخُصُّهُ، فَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ فِي نَوْعِ الْمِقْدَارِ لَا فِي عَيْنِهِ، فَصَارَتِ الْأَجْسَامُ مُشْتَرِكَةً فِي الْمِقْدَارِ، فَقَالُوا: بَيْنَهَا مَادَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ [وَهَيُولِي مُشْتَرَكَةٌ](7) ، وَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْكُلِّيِّ الْمُطْلَقِ وَالِاشْتِرَاكِ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، فَاشْتِرَاكُ الْأَجْسَامِ فِي الْجِسْمِيَّةِ وَالْامْتِدَادِ وَالْمِقْدَارِ الَّذِي يُظَنُّ أَنَّهُ الْمَادَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي الْإِنْسَانِيَّةِ، وَاشْتِرَاكِ الْحَيَوَانَاتِ (8) فِي الْحَيَوَانِيَّةِ.
(1) أ، ب: بِهَا.
(2)
ب: جَوْهَرُ، وَالْمُثْبَتُ عَنْ (أ) ، (ن)(م) .
(3)
مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ زِيَادَةٌ لِلْإِيضَاحِ، وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ صَوَابٌ، حَذَفَ الْمَوْصُوفَ وَأَقَامَ الصِّفَةَ مَقَامَهُ.
(4)
مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ زِيَادَةٌ لِلْإِيضَاحِ، وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ صَوَابٌ، حَذَفَ الْمَوْصُوفَ وَأَقَامَ الصِّفَةَ مَقَامَهَ.
(5)
ب: أَفْلَاطُونُ، وَالْمُثْبَتُ عَنْ (أ) ، (ن) ، (م) .
(6)
وَاحِدٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(8)
ن، م: الْحَيَوَانِ.
وَهَؤُلَاءِ ظَنُّوا أَنَّ هَذِهِ الْكُلِّيَّاتِ (1) مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ مُشْتَرِكَةٌ، وَذَلِكَ غَلَطٌ، فَإِنَّ مَا فِي الْخَارِجِ لَيْسَ فِيهِ اشْتِرَاكٌ، بَلْ لِكُلِّ مَوْجُودٍ شَيْءٌ يَخُصُّهُ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَالِاشْتِرَاكُ يَقَعُ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الْكُلِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَتِلْكَ لَا تَكُونُ عَامَّةً مُطْلَقَةً كُلِّيَّةً إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَمَا فِيهِ الِاشْتِرَاكُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْعِلْمُ وَالْعَقْلُ (2) ، وَمَا بِهِ الْاخْتِصَاصُ وَالِامْتِيَازُ - وَهُوَ (3) الْمَوْجُودُ فِي الْخَارِجِ - لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ اشْتِبَاهٌ وَتَمَاثُلٌ يُسَمَّى اشْتِرَاكًا، كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى الْعَامِّ، وَالِانْقِسَامُ بِحَسَبِ الِاشْتِرَاكِ، فَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ قِسْمَةِ الْكُلِّيِّ إِلَى جُزْئِيَّاتِهِ، [وَالْكُلِّ إِلَى أَجْزَائِهِ](4)، كَقِسْمَةِ الْكَلِمَةِ إِلَى: اسْمٍ، وَفِعْلٍ، وَحَرْفٍ (5) ، وَإِلَّا غَلِطَ كَمَا غَلِطَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَلَمَّا قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ النُّحَاةِ كَالزَّجَّاجِيِّ (6) وَابْنِ جِنِّيٍّ (7) : الْكَلَامُ يَنْقَسِمُ
(1) ن، م: كُلِّيَّاتِ.
(2)
أ، ب: فَمَا فِيهِ الِاشْتِرَاكُ إِلَّا فِي الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ.
(3)
ن، م: هُوَ.
(4)
مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعِ وَإِثْبَاتُهُ يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ.
(5)
بَعْدَ كَلِمَةِ " وَحَرْفٍ " يُوجَدُ تَكْرَارٌ وَاضْطِرَابٌ فِي نُسْخَتِي (ن) ، (م) هَكَذَا. . . وَحَرْفٍ وَكَقِسْمَةِ الْكُلِّ إِلَى أَجْزَائِهِ، كَقِسْمَةِ الْكَلِمَةِ إِلَى اسْمٍ، وَفِعْلٍ وَحَرْفٍ وَإِلَّا غَلِطَ.
(6)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ وَيُعْرَفُ بِالزَّجَّاجِيِّ، أَبُو الْقَاسِمِ النَّهَاوَنْدِيُّ، شَيْخُ الْعَرَبِيَّةِ فِي عَصْرِهِ، تُوُفِّيَ بِطَبَرِيَةَ سَنَةَ 337 وَقِيلَ 339 وَقِيلَ 340. تَرْجَمْتُهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/317 - 318 ; إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ لِلْقِفْطِيِّ 2/160 - 161 (ط. دَارِ الْكُتُبِ، 1952) ; بُغْيَةِ الْوُعَاةِ لِلسِّيُوطِيِّ، ص 129 (ط. الْخَانْجِيِّ، 1326) ; طَبَقَاتِ النَّحْوِيِّينَ وَاللُّغَوِيِّينَ لِلزُّبَيْدِيِّ، ص 129 (ط. الْخَانْجِيِّ، 1945) ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 4.
(7)
عُثْمَانُ بْنُ جِنِّيٍّ، أَبُو الْفَتْحِ الْمَوْصِلِيُّ، مِنْ أَئِمَّةِ الْأَدَبِ وَاللُّغَةِ، صَاحَبَ أَبَا عَلِيٍّ الْفَارِسِيَّ وَرَوَى عَنْهُ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 392 وَقِيلَ 372. تَرْجَمْتُهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ \ 410 - 412 ; إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ 2/335 - 340 ; بُغْيَةِ الْوُعَاةِ، ص [0 - 9] 22 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 4/364.
إِلَى: اسْمٍ، وَفِعْلٍ، وَحَرْفٍ، أَوِ الْكَلَامُ كُلُّهُ ثَلَاثَةٌ: اسْمٌ وَفِعْلٌ وَحَرْفٌ، اعْتَرَضَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَقْصُودَهُمْ، وَلَمْ يَجْعَلِ الْقِسْمَةَ نَوْعَيْنِ كَالْجَزُولِيِّ (1) ; حَيْثُ قَالَ: كُلُّ جِنْسٍ قُسِّمَ إِلَى أَنْوَاعِهِ أَوْ أَشْخَاصِهِ (2) ، أَوْ نَوْعٍ قُسِّمَ إِلَى أَشْخَاصِهِ، فَاسْمُ الْمَقْسُومِ صَادِقٌ عَلَى الْأَنْوَاعِ وَالْأَشْخَاصِ، وَإِلَّا فَلَيْسَتْ أَقْسَامًا لَهُ.
وَكَلَامُ أَبِي الْبَقَاءِ (3) فِي تَفْسِيرِ ابْنِ جِنِّيِّ أَقْرَبُ ; حَيْثُ قَالَ: مَعْنَاهُ أَجْزَاءُ الْكَلَامِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
(1) ن، م: الْكَزُولِيِّ. وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَلَلْبَخْتَ بْنِ عِيسَى بْنِ يُومَارِيُلَّلَى الْجَزُولِيُّ (أَوِ الْكَزُولِيُّ) الْيَزْدَكَنْتِيُّ الْبَرْبَرِيُّ الْمَرَاكِشِيُّ، وَجُزْوَلَةُ قَبِيلَةٌ مِنْ قَبَائِلِ الْبَرْبَرِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: كُزْوَلَةَ (بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْكَافِ) ، لَزِمَ ابْنَ بَرِّيٍّ بِمِصْرَ لَمَّا حَجَّ وَعَادَ فَتَصَدَّرَ لِلْإِقْرَاءِ بِالْمِرْيَةِ وَغَيْرِهَا وَوَلِي خَطَابَةَ مَرَاكِشَ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 607 وَقِيلَ: 605 أَوْ 606. تَرْجَمْتُهُ فِي: إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ 2/378 - 382 ; بُغْيَةِ الْوُعَاةِ، ص 269 - 270 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 3/157 - 159 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 5/288.
(2)
ن: كُلُّ شَيْءٍ جِنْسٌ قُسِّمَ إِلَى أَنْوَاعِهِ وَأَشْخَاصِ أَنْوَاعِهِ ; م: كُلُّ جِنْسٍ قُسِّمَ إِلَى أَنْوَاعِهِ وَأَشْخَاصِ أَنْوَاعِهِ.
(3)
هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَكْبُرِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، أَبُو الْبَقَاءِ مُحِبُّ الدِّينِ. وُلِدَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 538 وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ 616، كَانَ أَدَبِيًّا نَحْوِيًّا فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، أُصِيبَ فِي صِبَاهُ بِالْجُدَرِيِّ فَعَمِيَ. مِنْ كُتُبِهِ الْمَطْبُوعَةِ " شَرْحُ دِيوَانِ الْمُتَنَبِّي " وَمِنْ تَأْلِيفِهِ كِتَابُ " شَرْحِ اللُّمَعِ لِابْنِ جِنِّيِّ " وَكِتَابُ:" تَلْخِيصِ التَّنْبِيهِ لِابْنِ جِنِّيِّ ". انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَمُؤَلَّفَاتِهِ فِي: إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ 2/116 - 118 ; بُغْيَةِ الْوُعَاةِ، ص [0 - 9] 81 ; نُكَتِ الْهَمْيَانِ لِلصَّفَدِيِّ، ص [0 - 9] 78 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/286 - 287 ; الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 2/109 - 120 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 4/208 - 209.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِسْمَةَ كُلِّ الشَّيْءِ الْمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ إِلَى أَبْعَاضِهِ وَأَجْزَائِهِ، أَشْهَرُ مِنْ قِسْمَةِ الْمَعْنَى الْعَامِّ الَّذِي فِي الذِّهْنِ إِلَى أَنْوَاعِهِ وَأَشْخَاصِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [سُورَةُ الْقَمَرِ: 28]، وَقَوْلِهِ:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 8] وَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: " «وَاللَّهِ إِنِّي مَا أُعْطِي أَحَدًا (1) وَلَا أَمْنَعُ أَحَدًا وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ» "(2)، وَقَوْلِهِ:" «لَا تَعْضِيَةَ فِي الْمِيرَاثِ (3) إِلَّا مَا حَمَلَ الْقَسْمُ» "(4) . وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ [رِضْوَانُ اللَّهِ
(1) ن: إِنِّي وَاللَّهِ لَا أُعْطِي أَحَدًا ; م: وَاللَّهِ لَا أُعْطِي أَحَدًا.
(2)
لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَالْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ: 4/85 (كِتَابُ فَرْضِ الْخُمْسِ، بَابُ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمْسَهُ وَلِلرَّسُولِ) وَانْظُرْ (فَتْحَ الْبَارِي 6/152 - 153) ; الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 12/180 (رَقْمَ: 7193 م) . وَانْظُرْ دَرْءَ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ 8/278.
(3)
ب: لَا مَعْصَبَةَ فِي الْمِيرَاثِ ; ن، م: وَلَا يَعْصِينَّهُ فِي مَعْرُوفٍ (وَهُوَ خَطَأٌ) ; أ: لَا ـعْصبَه (كَذَا بِدُونِ نَقْطِ التَّاءِ وَالضَّادِ) فِي الْمِيرَاثِ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.
(4)
الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ 10/133 وَفِيهِ: " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: لَا تَعْضِيَةَ فِي الْمِيرَاثِ، يَعْنِي أَنْ يَمُوتَ الْمَيِّتُ وَيَدَعَ شَيْئًا، إِنْ قُسِّمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، إِذَا أَرَادَ بَعْضُهُمُ الْقِسْمَةَ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ. يَقُولُ: فَلَا يُقَسَّمُ. وَالتَّعْضِيَةُ التَّفْرِيقُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِعْضَاءِ، يُقَالُ: عَضَّيْتُ اللَّحْمَ إِذَا فَرَّقْتُهُ: قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَلَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةً، لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ. وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَقِينَا مِنْ فُقَهَائِنَا. قَالَ الشَّيْخُ (الْبَيْهَقِيُّ) : وَإِنَّمَا ضَعْفُهُ لِانْقِطَاعِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْكَافَّةِ ". وَفِي " الْجَامِعِ الْكَبِيرِ " لِلسُّيُوطِيِّ 1/896: " لَا تَعْضِيَةَ (كَذَا) عَلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ إِلَّا مَا حَمَلَ الْقَسْمُ. أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ ق (الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ حَزْمٍ مُرْسَلًا ". وَانْظُرْ " النِّهَايَةَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ " لِابْنِ الْأَثِيرِ 3/106 مَادَّةَ " عَضَا ".
وَقَوْلِ الْفُقَهَاءِ: بَابُ (5) . قَسْمِ الْغَنَائِمِ وَالْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ (6) ، وَقِسْمَةِ الْمِيرَاثِ، وَبَابُ الْقِسْمَةِ، وَذِكْرِ الْمَشَاعِ وَالْمَقْسُومِ، وَقِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَالتَّرَاضِي وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَوْلِ الْحَاسِبِ: الضَّرْبُ وَالْقِسْمَةُ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ قِسْمَةُ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ، فَيَأْخُذُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمًا وَالْآخَرُ قِسْمًا، وَلَيْسَ (7) كُلُّ اسْمٍ
(1) رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
ن، م: شَهِدَ.
(3)
فِي " مُعْجِمِ مَا اسْتُعْجِمَ " لِلْبَكْرِيِّ 2/384: " الْجِعِرَّانَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ. . وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هِيَ الْجِعْرَانَةُ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ. وَهِيَ مَاءٌ بَيْنَ الطَّائِفِ وَمَكَّةُ وَهِيَ إِلَى مَكَّةَ أَدْنَى، وَبِهَا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ حَنِينٍ وَمِنْهَا أَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ فِي وُجْهَتِهِ تِلْكَ ". وَانْظُرْ أَيْضًا: مُعْجَمَ الْبُلْدَانِ
(4)
سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعُ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ الِاثْنَى عَشَرَ وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا، وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 3/522 - 524، 612، الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ 2/24 - 52، الْاسْتِيعَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ 2/31 - 32.
(5)
ب: يَلِي ; أ: الْكَلِمَةُ غَيْرُ وَاضِحَةٍ وَيَبْدُو أَنَّهَا كُتِبَتْ أَوَّلًا " بَابُ " ثُمَّ حُرِّفَتْ إِلَى مَا يَقْرُبُ مِنْ كَلِمَةِ " يَلِي "
(6)
ن، م: الْفَيْءِ وَالْغَنَائِمِ وَالْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ.
(7)
ن، م: فَلَيْسَ.
مِنْ أَسْمَاءِ الْمَقْسُومِ يَجِبُ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، فَإِذَا قُسِّمَ بَيْنَهُمْ جَزُورٌ فَأَخَذَ هَذَا فَخِذًا وَهَذَا رَأْسًا وَهَذَا ظَهْرًا لَمْ يَكُنِ اسْمَ الْجَزُورِ صَادِقًا عَلَى هَذِهِ الْأَبْعَاضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قُسِّمَ بَيْنَهُمْ شَجَرَةٌ فَأَخَذَ هَذَا نِصْفُ سَاقِهَا، وَهَذَا نِصْفًا، وَهَذَا أَغْصَانَهَا لَمْ يَكُنِ اسْمُ الْمَقْسُومِ صَادِقًا عَلَى الْأَبْعَاضِ، وَلَوْ قُسِّمَ بَيْنَهُمْ سَهْمٌ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُقَسِّمُونَ، فَيَأْخُذُ هَذَا الْقَدَحَ وَهَذَا النَّصْلَ، لَمْ يَكُنْ هَذَا [سَهْمًا](1) وَلَا هَذَا سَهْمًا.
فَإِذَا كَانَ اسْمُ الْمَقْسُومِ لَا يَقَعُ إِلَّا حَالَ الِاجْتِمَاعِ، (2 زَالَ بِالِانْقِسَامِ، وَإِنْ كَانَ يُقَالُ حَالَ الِاجْتِمَاعِ 2)(2) وَالِافْتِرَاقِ، كَانْقِسَامِ الْمَاءِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، صَدَقَ فِيهِمَا ; وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْمَقْسُومُ هُنَا مَوْجُودَاتٌ (3) فِي الْخَارِجِ.
وَإِذَا قُلْنَا: الْحَيَوَانُ يَنْقَسِمُ إِلَى نَاطِقٍ وَبَهِيمٍ، لَمْ نُشِرْ إِلَى حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ فَنُقَسِّمُهُ قِسْمَيْنِ (4) ، بَلْ هَذَا اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ وَمَا لَمْ يَكُنْ [بَعْدُ](5) وَيَتَنَاوَلُ جُزْئِيَّاتٍ لَمْ تَخْطُرْ بِالذِّهْنِ، فَهَذِهِ الْمَعَانِي الْكُلِّيَّةُ لَا تُوجَدُ فِي الْخَارِجِ كُلِّيَّةً.
فَإِذَا قِيلَ: الْأَجْسَامُ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْجِسْمِ أَوْ فِي الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ (6) أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، كَانَ هَذَا الْمُشْتَرَكُ مَعْنًى كُلِّيًّا، وَالْمِقْدَارُ الْمُعَيَّنُ
(1) سَهْمًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
(2 - 2) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
ب: مَوْجُودَانِ، وَالصَّوَابُ مِنْ (ن) ، (أ) ، (م) .
(4)
ن، م: فَيُقَسِّمُهُ نِصْفَيْنِ ; أ: فَيُقَسِّمُهُ قِسْمَيْنِ.
(5)
بَعْدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
الْمُعَيَّنِ: زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ.
لِهَذَا الْجِسْمِ لَيْسَ هُوَ (1) الْمِقْدَارَ الْمُعَيَّنَ لِهَذَا الْجِسْمِ الْمُعَيَّنِ (2) وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ فَهُنَا اشْتِرَكًا (3) فِي نَوْعِ الْقَدْرِ لَا فِي هَذَا الْقَدْرِ، فَالِاشْتِرَاكُ الَّذِي بَيْنَ الْأَجْسَامِ هُوَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ.
وَأَمَّا ثُبُوتُ شَيْءٍ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ، هُوَ فِي هَذَا الْإِنْسَانِ وَهُوَ بِعَيْنِهِ فِي هَذَا الْإِنْسَانِ، فَهُوَ مُكَابَرَةٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَادَّةُ وَالْحَقَائِقُ الْكُلِّيَّةُ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ ظَنُّوا مَا فِي الْأَذْهَانِ ثَابِتًا فِي الْأَعْيَانِ، وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَذَا (4) الْبَابَ التَّأْلِيفُ وَالتَّرْكِيبُ فِي اصْطِلَاحِ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْمَنْطِقِيِّينَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ [هُوَ] نَوْعٌ (5) آخَرُ غَيْرُ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ، وَالْمُرَكَّبُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُفْرَدٍ. وَإِذَا حُقِّقَ الْأَمْرُ عَلَى هَؤُلَاءِ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُمْ مَعْنَى مُفْرَدٍ يَتَرَكَّبُ مِنْهُ هَذِهِ الْمُؤَلَّفَاتُ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَالْبَسِيطُ الْمُفْرَدُ الَّذِي يُقَدِّرُونَهُ (6) - كَالْحَيَوَانِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْجِسْمِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ - لَا يُوجَدُ (7) فِي الْخَارِجِ إِلَّا صِفَاتٍ مُعَيَّنَةً لِمَوْصُوفَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، فَهَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا تَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْمُؤَلَّفِ وَالْمُرَكَّبِ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْوَضْعِيَّةِ، مَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْاعْتِبَارَاتِ الْعَقْلِيَّةِ.
(1) ن، م: هَذَا:
(2)
الْمُعَيَّنِ: زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ.
(3)
ب: اشْتِرَاكُ ; أ، م: اشْتِرَاكًا، وَالْمُثْبَتُ عَنْ (ن) .
(4)
هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، وَهِيَ فِي (ن) ، (أ) ، (م) .
(5)
ن: وَافَقَهُمْ وَنَوْعٌ، وَهُوَ خَطَأٌ ; أ، ب: وَافَقَهُمْ نَوْعٌ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .
(6)
ن، م: يَقْدِرُ بِهِ.
(7)
أ، ب: لَا تُوجَدُ.
وَهُمْ مُتَنَازِعُونَ فِي الْجِسْمِ: هَلْ هُوَ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ (1) الَّتِي لَا تَقْبَلُ الِانْقِسَامَ، كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ ; أَوْ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ ; أَوْ لَا مُؤَلَّفٌ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنَ الطَّوَائِفِ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا الثَّالِثُ.
وَكُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ مُتَنَازِعُونَ هَلْ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، لَكِنَّ مُثْبِتَةَ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ يَقُولُونَ: يَنْتَهِي إِلَى حَدٍّ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ مَعَ وُجُودِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إِذَا تَصَغَّرَتِ الْأَجْزَاءُ اسْتَحَالَتْ، كَمَا فِي أَجْزَاءِ الْمَاءِ إِذَا تَصَغَّرَتْ (2) فَإِنَّهَا تَسْتَحِيلُ فَتَصِيرُ (3) هَوَاءً، فَمَا دَامَتْ مَوْجُودَةً فَإِنَّهُ (4) يَتَمَيَّزُ مِنْهَا جَانِبٌ عَنْ جَانِبٍ، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ لَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ، كَمَا يَقُولُهُ مُثْبِتَةُ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ، وَلَا يُمْكِنُ انْقِسَامُهُ إِلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، بَلْ إِذَا صَغُرَ (5) لَمْ يَقْبَلِ الْقِسْمَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ غَيْرَ الْبَعْضِ الْآخَرِ (6) ، بَلْ إِذَا تَصَرَّفَ (7) فِيهِ بِقِسْمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا اسْتَحَالَ، فَالْأَجْزَاءُ الصَّغِيرَةُ - وَلَوْ عَظُمَ صِغَرُهَا - يَتَمَيَّزُ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ فِي نَفْسِهِ وَفِي الْحِسِّ وَالْعَقْلِ، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ فَصْلُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ بِالتَّفْرِيقِ، بَلْ يَفْسُدُ وَيَسْتَحِيلُ لِضِعْفِ قَوَامِهِ عَنِ احْتِمَالِ ذَلِكَ، وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.
(1) أ، ب: الْمُنْفَرِدَةِ.
(2)
ن، م: تَصَعَّدَتْ.
(3)
ن، م: وَتَصِيرُ.
(4)
ن، م: فَإِنَّهَا.
(5)
أ، ب: لَا.
(6)
ن، م: غَيْرَ بَعْضِ الْآخَرِ.
(7)
ن: انْصَرَفَ.
ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْجِسْمَ مُرَكَّبٌ مِنْ جَوَاهِرَ مُنْفَرِدَةٍ تَنَازَعُوا (1) : هَلْ هُوَ جَوْهَرٌ وَاحِدٌ بِشَرْطِ انْضِمَامِ مِثْلِهِ إِلَيْهِ، أَوْ جَوْهَرَانِ فَصَاعِدًا، أَوْ أَرْبَعَةٌ، أَوْ سِتَّةٌ، أَوْ ثَمَانِيَةٌ، أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، عَلَى أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ لَهُمْ.
فَفِي لَفْظِ الْجِسْمِ وَالْجَوْهَرِ وَالْمُتَحَيِّزِ مِنَ الْاصْطِلَاحَاتِ وَالْآرَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ مَا فِيهِ، فَلِهَذَا وَغَيْرِهِ لَمْ يُسَغْ إِطْلَاقُ إِثْبَاتِهِ وَلَا نَفْيِهِ.
بَلْ إِذَا قَالَ الْقَائِلُ: إِنَّ الْبَارِي [تَعَالَى](2) جِسْمٌ.
قِيلَ لَهُ: أَتُرِيدُ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْأَجْزَاءِ كَالَّذِي كَانَ مُتَفَرِّقًا فَرُكِّبَ؟ أَوْ [أَنَّهُ يَقْبَلُ](3) التَّفْرِيقَ: سَوَاءٌ قِيلَ: اجْتَمَعَ بِنَفْسِهِ، أَوْ جَمَعَهُ غَيْرُهُ (4) ؟ أَوْ أَنَّهُ مَنْ جِنِسِ شَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ؟ أَوْ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ؟ أَوْ مِنْ (5) الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ؟
فَإِنْ قَالَ هَذَا.
قِيلَ: هَذَا بَاطِلٌ.
وَإِنْ قَالَ: أُرِيدُ [بِهِ] أَنَّهُ (6) مَوْجُودٌ أَوْ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ - كَمَا يُذْكَرُ عَنْ هِشَامٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ وَغَيْرِهِمَا [مِمَّنْ أَطْلَقَ هَذَا اللَّفْظَ](7) - أَوْ أَنَّهُ مَوْصُوفٌ
(1) ن: يُنَازِعُوا ; م: يُنَازِعُونَ.
(2)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
أَنَّهُ يَقْبَلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
بَعْدَ كَلِمَةِ " غَيْرِهِ " فِي (ن)، (م) : أَوْ أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّفْرِيقَ أَوِ التَّفَرُّقَ، (ن: أَوِ التَّفْرِيقَ) .
(5)
مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
ن: وَإِنَّ وَقِيلَ أُرِيدُ أَنَّهُ ; م: وَإِنْ قَالَ أُرِيدُ أَنَّهُ.
(7)
ن، م: كَمَا يُذْكَرُ عَنْ هِشَامٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ وَغَيْرِهِمَا، ب، ا: كَمَا يُذْكَرُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ أَطْلَقَ هَذَا اللَّفْظَ، وَمَا أَثْبَتُّهُ يَجْمَعُ مَا فِي النُّسَخِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا مَنْ أَجَازَ إِطْلَاقَ لَفْظِ الْجِسْمِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.