المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تفصيل القول في مقالة أهل السنة] - منهاج السنة النبوية - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِيَّةِ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ]

- ‌[مقدمة الْفَصْلُ الثَّانِي]

- ‌[الرد على القسم الأول من كلام ابن المطهر في المقدمة من وجوه]

- ‌[الوجه الأول في الرد على قول ابن المطهر: تَعَدَّدَتْ آرَاؤُهُمْ بِحَسَبَ تَعَدُّدِ أَهْوَائِهِمْ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي كَذِبُ ابن المطهر وَتَحْرِيفه فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ حَالِ الصَّحَابَةِ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ في بيان زهد أبي بكر وزهد من بايعه]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يُقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ مَعَ الرَّافِضَةِ كَالْمُسْلِمِينَ مَعَ النَّصَارَى]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ تَمْثِيلُ ابن المطهر بِقِصَّةِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ من أقبح القياس]

- ‌[الرد على القسم الثاني من المقدمة]

- ‌[الرد على القسم الأخير من المقدمة]

- ‌[فصل كلام ابن المطهر بعد المقدمة وجوب اتباع مذهب الإمامية لوجوه]

- ‌[الوجه الأول حتى الرابع من وجوه قول الرافضي وَإِنَّمَا كَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامِيَّةِ وَاجِبَ الِاتِّبَاعِ]

- ‌[الوجه الخامس وفيه الرد التفصيلي على القسم الأول من كلام ابن المطهر]

- ‌[التعليق على قوله إن الله منزه عن مشابهة المخلوقات]

- ‌[التعليق على قوله أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَخْصُوصُ بِالْأَزَلِيَّةِ وَالْقِدَمِ]

- ‌[التعليق على قوله أن كل ما سواه محدث]

- ‌[التعليق على قوله لأنه واحد وليس بجسم ولا جوهر]

- ‌[التعليق على قوله ولا في مكان]

- ‌[الكلام على قوله وَإِلَّا لَكَانَ مُحْدَثًا]

- ‌[الرد على دليل الرافضة والمعتزلة]

- ‌[الإثبات المفصل لصفات الكمال والنفي المجمل لصفات النقص]

- ‌[عمدة الفلاسفة على نفي الصفات هي حجة التركيب]

- ‌[مناقشة الحجة الَّتِي احْتَجَّ بِهَا هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى نَفْيِ الصِّفَاتِ]

- ‌[امتناع وجود ربين للعالم]

- ‌[عود إلى الكلام على اتصاف الله بصفات الكلام]

- ‌[فساد استدلال الفلاسفة بآيات سورة الأنعام]

- ‌[عود إلى الكلام على معاني لفظ الجسم]

- ‌[مناقشة نفاة الصفات إجمالا]

- ‌[مقالات الرافضة في التجسيم]

- ‌[معنى لفظ أهل السنة وموقفهم من إطلاق لفظ الجسم]

- ‌[موقف النفاة كالمعتزلة وموافقيهم]

- ‌[موقف الأشعري من إثبات الصفات]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وفيه أن أكثر متقدمي الإمامية كانوا مجسمة]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وفيه عرض لمقالات الرافضة]

- ‌[فَصْلٌ موافقة جعفر الصادق لسائر السلف في مسألة القرآن]

- ‌[مقالات الروافض في القرآن]

- ‌[أقوال أئمة الإسلام في القرآن]

- ‌[معارضة أدلة الإمامية بأدلة غيرهم من المبتدعة]

- ‌[طرق إثبات وجود الله عند أهل السنة]

- ‌[طرق إثبات حُدُوثُ الْعَالَمِ]

- ‌[الرد على قوله عن الإمامية إنهم يقولون إن الله قادر على جميع المقدورات]

- ‌[التعليق على قوله إنه عَدْلٌ حَكِيمٌ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا وَلَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ وَإِلَّا لَزِمَ الْجَهْلُ أَوِ الْحَاجَةُ]

- ‌[مقالات الرافضة فِي خلق أَعْمَالِ الْعِبَادِ]

- ‌[التعليق على قوله يُثِيبُ الْمُطِيعَ وَيَعْفُو عَنِ الْعَاصِي أَوْ يُعَذِّبُهُ]

- ‌[مقالات الروافض في الوعيد]

- ‌[القول الأول في معنى الظلم عند مثبتة القدر]

- ‌[الْقَوْلُ الثَّانِي فِي مَعْنَى الظُّلْمِ عند مثبتة القدر]

- ‌[التعليق على قوله أَوْ يُعَذِّبُهُ بِجُرْمِهِ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ لَهُ]

- ‌[التعليق على قوله وأن أفعاله محكمة واقعة لغرض ومصلحة]

- ‌[التعليق على قوله إنه أرسل الرسل لإرشاد العالم]

- ‌[التعليق على قوله وَأَنَّهُ تَعَالَى غَيْرُ مَرْئِيٍّ وَلَا مُدْرَكٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ]

- ‌[التعليق على قوله ولأنه لَيْسَ فِي جِهَةٍ]

- ‌[تنازع مثبتة الرؤية في العلو والاستواء]

- ‌[ابن تيمية يسلك طريقين من البيان في مسألة الرؤية]

- ‌[الطريق الأول]

- ‌[الطَّرِيقُ الثَّانِي]

- ‌[لفظ الحيز]

- ‌[فَصْلٌ التعليق على قوله وأن أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَإِخْبَارَهُ حَادِثٌ لِاسْتِحَالَةِ أَمْرِ الْمَعْدُومِ وَنَهْيِهِ وَإِخْبَارِهِ]

- ‌[تفصيل القول في مقالة أهل السنة]

- ‌[التعليق على قوله وأن الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ مِنَ الْخَطَأِ وَالسَّهْوِ]

- ‌[الوجه الأول اختلافهم في عصمة الأنبياء]

- ‌[الوجه الثاني العصمة قبل البعثة غير واجبة]

- ‌[الوجه الثالث التوبة بعد الذنب ترفع الدرجات]

- ‌[معنى قوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ]

- ‌[التعليق على قوله إِنَّ هَذَا يَنْفِي الْوُثُوقَ وَيُوجِبُ التَّنْفِيرَ]

- ‌[لَوَازِمُ النُّبُوَّةُ وَشُرُوطُهَا]

- ‌[الأنبياء هم أفضل الخلق]

- ‌[غلو الرافضة أدخلهم فيما حرمه الله من العبادات الشركية]

- ‌[التعليق على قوله أَنَّ الْأَئِمَّةَ مَعْصُومُونَ كَالْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[الرد على قوله وَأَخَذُوا أَحْكَامَهُمْ الْفُرُوعِيَّةَ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ]

- ‌[الرد على قوله إِنَّ الْإِمَامِيَّةَ يَتَنَاقَلُونَ ذَلِكَ عَنِ الثِّقَاتِ]

- ‌[الرد على قوله وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى الْقَوْلِ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ وَحَرَّمُوا الْأَخْذَ بِالْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ]

- ‌[الرد على سائر أقسام كلام ابن المطهر في الوجه الأول]

- ‌[فَصْلٌ كلام ابن المطهر على مذهب أهل السنة في الصفات والرد عليه]

- ‌[عرض ابن المطهر لمقالة الحشوية والمشبهة ورد ابن تيمية من وجوه]

- ‌[الكلام على لفظ الحشوية]

- ‌[لَفْظُ الْمُشَبِّهَةِ]

- ‌[طريقة السلف في الصفات]

- ‌[عود إلى الكلام على لفظ الجسم]

- ‌[حقيقة الملائكة]

- ‌[عمدة النفاة دليل التركيب]

- ‌[بطلان القول بأن العرب أطلقوا اسم الجنس على المركب من الأجزاء من وجوه]

- ‌[القاعدة الواجب اتباعها في مسألة الصفات]

- ‌[استطراد في مناقشة نفاة الصفات]

- ‌[تنازع الناس فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَسَمَّى اللَّهُ بِهَا وَتَسَمَّى بِهَا عِبَادُهُ]

- ‌[عود إلى الكلام على لفظي المشبهة والحشوية]

- ‌[الرد على قول: سُمُّوا مُشَبِّهَةً لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ جِسْمٌ من وجوه]

- ‌[أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ومحنة خلق القرآن]

- ‌[التعليق على ما ذكره الرافضي من رمد الله وبكائه وغير ذلك]

- ‌[التعليق على قول الرافضي: يَفْضُلُ عَنْهُ الْعَرْشِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعَ أَصَابِعَ]

- ‌[قول ابن المطهر إن قول الكرامية بالجهة يعني الحدوث والاحتياج إلى جهة ورد ابن تيمية]

الفصل: ‌[تفصيل القول في مقالة أهل السنة]

وَتَاسِعُهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: [كَلَامُ اللَّهِ](1) مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْمَعْنَى الْقَدِيمِ الْقَائِمِ بِالذَّاتِ وَبَيْنَ مَا يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَصْوَاتِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْمَعَالِي وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْأَشْعَرِيَّةِ *) (2) .

[تفصيل القول في مقالة أهل السنة]

وَبِالْجُمْلَةِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَهْلُ الْحَدِيثِ وَمَنِ انْتَسَبَ إِلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ [مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَئِمَّةِ أَتْبَاعِهِمْ](3)، وَالطَّوَائِفُ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْجَمَاعَةِ (4) كَالْكُلَّابِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَالسَّالِمِيَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ (5) غَيْرُ مَخْلُوقٍ [وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ](6) . وَهَذَا هُوَ الْمُتَوَاتِرُ (7)[الْمُسْتَفِيضُ](8) عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ [مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ](9) . (10) [" وَالنُّقُولُ بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَتَابِعِي تَابِعِيهِمْ، وَفِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ يَذْكُرُونَ فِيهَا مَقَالَاتِ السَّلَفِ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ عَنْهُمْ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ كِتَابِ " الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ " لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(1) عِبَارَةُ " كَلَامُ اللَّهِ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .

(4)

: (-) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(5)

ب، ا: إِنَّ الْكَلَامَ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .

(7)

ن، م: الْمَأْثُورُ.

(8)

الْمُسْتَفِيضُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .

(9)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَفِي (ب)، (أ) : مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِ أَهْلِ الْبَيْتِ.

(10)

الْكَلَامُ الْوَارِدُ بَعْدَ الْقَوْسِ فِي (ع) فَقَطْ وَيَنْتَهِي ص 367.

ص: 363

الْجُعْفِيِّ (1) وَلِعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، وَكَذَلِكَ " نَقْضُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَلَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ (2) وَالرَّدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ " لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ (3) ، وَكِتَابُ " السُّنَّةِ " لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه (4) وَلِأَبِي بَكْرٍ الْأَثْرَمِ (5) وَلِلْخَلَّالِ (6) ، وَكِتَابُ " خَلْقِ

(1) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي الْمَعْرُوفُ بِالْهَرَوَانِيِّ أَوْ بِابْنِ الْهَرَوَانِيِّ، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ. وُلِدَ سَنَةَ 305 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 402. تَرْجَمَتُهُ فِي: الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 3/81 ; اللُّبَابِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 3/289 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 5/472 - 473 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/165 ; الْجَوَاهِرِ الْمُضِيَّةِ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَفِيَّةِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ 2/65، ط. حَيْدَرَ آبَادَ، 1332. وَلَمْ تَذْكُرْ هَذِهِ الْمَرَاجِعُ كِتَابَ " الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ ". وَقَارِنْ:" دَرْءَ " 7/108.

(2)

سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/423. وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ أَيْضًا فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 3/621 - 622 ; الْأَعْلَامِ 4/366. وَقَدْ طُبِعَ كِتَابُهُ " الرَّدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ " حَدِيثًا فِي لِيدِنَ سَنَةَ 1960 بِتَحْقِيقِ الْمُسْتَشْرِقِ جُوسْتَا وِيتِسْتَام. وَطُبِعَ كِتَابُ " نَقْضِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَلَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ " بِتَحْقِيقِ مُحَمَّد حَامِد الْفِقِي، الْقَاهِرَةِ، 1358، وَطُبِعَ الْكِتَابَانِ ضِمْنَ مَجْمُوعَةِ عَقَائِدِ السَّلَفِ ط. الْمَعَارِفِ، الْأَسْكَنْدَرِيَّةِ، 1971 م.

(3)

سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ وَنَقْلُ نُصُوصٍ مِنْ كِتَابِهِ هَذَا 2/251 - 254. وَذَكَرَ الْكِتَابَ حَاجِّي خَلِيفَة فِي كَشْفِ الظُّنُونِ 1/838.

(4)

أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وُلِدَ سَنَةَ 213 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 290. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 1/180 - 188 ; تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 2/665 - 666. وَذَكَرَ لَهُ بُرُوكِلْمَان (تَارِيخِ الْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ 3/313) : " كِتَابَ السُّنَنِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَفِرَقٍ أُخْرَى " وَقَالَ إِنَّ مِنْهُ نُسْخَةً خَطِّيَّةً فِي بِنْكَيْبُور 10/491، وَسَمَّاهُ سِزْكِين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 32 كِتَابَ " السُّنَّةِ ". وَقَدْ طُبِعَ الْكِتَابُ بِالْقَاهِرَةِ، سَنَةَ 1349.

(5)

أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِي، الطَّائِيُّ الْإِسْكَافِيُّ الْأَثْرَمُ صَاحِبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمِنْ أَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ، تُوُفِّيَ حَوَالَيْ سَنَةَ 261. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 1/66 - 74 ; تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 2/570 - 572 ; الْأَعْلَامِ 1/194 ; سِزْكِين م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9]29. وَلَا يُوجَدُ كِتَابُهُ " السُّنَّةُ " بَيْنَ أَيْدِينَا.

(6)

سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/424، وَذَكَرَهُ الزِّرِكْلِيُّ (الْأَعْلَامِ 1/196) وَبُرُوكِلْمَان (تَارِيخِ الْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ \ 313 - 314) وَذَكَرَا كِتَابَهُ " السُّنَّةَ " وَلَكِنَّهُمَا لَمْ يَتَكَلَّمَا عَنْ نُسَخٍ خَطِّيَّةٍ مِنْهُ. وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: سِزْكِين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 33 - 234.

ص: 364

أَفْعَالِ الْعِبَادِ " لِلْبُخَارِيِّ (1) وَكِتَابُ " التَّوْحِيدِ " لِأَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ (2) ، وَكِتَابُ " السُّنَّةِ " لِأَبِي الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ (3) ، وَلِأَبِي الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيِّ (4) ، وَلِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ (5) ، " وَالْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ " لِأَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ (6)

(1) طُبِعَ كِتَابُ " خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ " لِلْبُخَارِيِّ بِدِهْلَى سَنَةَ 1306. وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مِنْ قَبْلُ 2/253، وَمِنْهُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ فِي مَكْتَبَةِ عَاشِر رَئِيس رَقْمُ 139 ذَكَرَهَا بُرُوكِلْمَان 3/179. وَقَدْ طُبِعَ الْكِتَابُ ضِمْنَ مَجْمُوعَةِ " عَقَائِدِ السَّلَفِ " السَّالِفَةِ الذِّكْرِ.

(2)

أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ صَالِحِ بْنِ بَكْرٍ السُّلَمِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ إِمَامُ نَيْسَابُورَ فِي عَصْرِهِ، وَلَقَّبَهُ السُّبْكِيُّ بِإِمَامِ الْأَئِمَّةِ، حَدَّثَ عَنْهُ الشَّيْخَانِ خَارِجَ صَحِيحِهِمَا، وُلِدَ سَنَةَ 223 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 311. تَرْجَمَتُهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 2/720 - 731 ; طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 3/109 - 119 ; الْأَعْلَامِ 6/235. وَقَدْ طُبِعَ كِتَابُ " التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ الرَّبِّ عز وجل " بِالْمَطْبَعَةِ الْمُنِيرِيَّةِ، الْقَاهِرَةِ، 1353.

(3)

أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَطِيرٍ اللَّخْمِيُّ الطَّبَرَانِيُّ (مَنْسُوبٌ إِلَى طَبَرِيَةِ الشَّامِ) ، مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِينَ، وُلِدَ سَنَةَ 260 وَتُوُفِّيَ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ 360. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/141 ; مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، (ط. الْخَانْجِيِّ) ص 619 ; الْأَعْلَامِ 3/181 ; سِزْكِين م [0 - 9] ; ج [0 - 9]، ص [0 - 9] 93 - 396. وَلَمْ أَجِدْ ذِكْرًا لِكِتَابِهِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ ضِمْنَ مَا ذَكَرَ مِنْ كُتُبِهِ وَكُتُبِ الْمُعَلِّقِ مُسْتَجِي زَادَهْ فَوْقَ عِبَارَةِ " وَكِتَابُ السُّنَّةِ " مَا يَلِي:" وَعِنْدِي - لِلَّهِ الْحَمْدُ - هَذَا الْكِتَابُ وَطَالَعْتُهُ كِرَارًا مِرَارًا "

(4)

أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الشَّيْخِ الْأَنْصَارِيِّ الْأَصْبَهَانِيِّ، كَانَ مِنَ الْمُكْثِرِينَ، وُلِدَ سَنَةَ 274 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 396. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 3/945 - 947 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3 ; اللُّبَابِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 1 ; الْأَعْلَامِ 4/264 وَذَكَرَهُ بُرُوكِلْمَان 3/226 - 227. وَسِزْكِين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 04 - 406 وَلَمْ يَذْكُرَا كِتَابَهُ " السُّنَّةَ " وَكَتَبَ مُسْتَجِي زَادَهْ فَوْقَ اسْمِ كِتَابِهِ: " وَعِنْدِي هَذَا الْكِتَابُ وَطَالَعْتُهُ "

(5)

سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ ابْنِ مَنْدَهْ (مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ) 1/425. وَتَرْجَمَ لَهُ بُرُوكِلْمَان 3/228 - 229 وَسِزْكِين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 38 - 440 وَلَكِنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا كِتَابَهُ هَذَا.

(6)

أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ الشَّافِعِيُّ، شَيْخُ خُرَاسَانَ وَمِنْ أَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ. وُلِدَ سَنَةَ 458. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 4 - 16 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/304 - 305 ; الْأَعْلَامِ 1/113. وَقَدْ طُبِعَ كِتَابُهُ " الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ " (بِتَحْقِيقِ مُحَمَّد زَاهِد الْكَوْثَرِيِّ) ، الْقَاهِرَةِ، 1358

ص: 365

وَ " السُّنَّةُ " لِأَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ (1) \ 65.، وَ " الْإِبَانَةُ " لِابْنِ بَطَّةَ (2) .، وَ " شَرْحُ أُصُولِ السُّنَّةِ " لِأَبِي الْقَاسِمِ اللَّالْكَائِيِّ (3) .، وَ " السُّنَّةُ " لِأَبِي حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ (4) .، وَ " أُصُولُ السُّنَّةِ " لِأَبِي عُمَرَ

(1) أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ الْمَالِكِيُّ الْحَافِظُ الثِّقَةُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 434. تَرْجَمَتُهُ فِي: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/254 ; تَبْيِينِ كَذِبِ الْمُفْتَرِي 255 - 256 ; الْأَعْلَامِ 4/41. وَذَكَرَ الزِّرِكْلِيُّ مِنْ كُتُبِهِ " السُّنَّةَ وَالصِّفَاتِ " وَذَكَرَهُ عُمَر كَحَالَة فِي مُعْجَمِ الْمُؤَلِّفِينَ 5

(2)

سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ ابْنِ بَطَّةَ وَالْكَلَامُ عَنْ كِتَابَيْهِ " الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى " وَ " الْإِبَانَةِ الصُّغْرَى " 1/61، 2/22 - 23. وَكَتَبَ مُسْتَجِي زَادَهْ فَوْقَ اسْمِ كِتَابِهِ:" وَعِنْدِي هَذَا الْكِتَابُ وَطَالَعْتُ أَكْثَرَ مَوَاضِيعَهُ وَهُوَ كِتَابٌ جَلِيلٌ ". وَانْظُرْ: سِزْكِين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 39 - 240.، وَقَبْلَهُ " الشَّرِيعَةُ " لِأَبِي بَكْرٍ الْآجُرِّيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ الْآجُرِّيُّ، الْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ الْقُدْوَةُ، تُوُفِّي بِمَكَّةَ سَنَةَ 360. تَرْجَمَتُهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 3/936 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 3/419 ; طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 3/149 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/35 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 2/203 ; سِزْكِين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 392 ; الْأَعْلَامِ 6/328. وَنُشِرَ كِتَابُ " الشَّرِيعَةِ " بِتَحْقِيقِ مُحَمَّد حَامِد الْفِقِي 1369/1950، وَمِنْهُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ فِي آصْفِيَّةَ رَقْمُ 377 (ذَكَرَهَا بُرُوكِلْمَان 3/209)

(3)

هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ الرَّازِيُّ، أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالْكَائِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الْمُحَدِّثُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 418. تَرْجَمَتُهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 3/1085 - 1087 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/211 ; الْأَعْلَامِ 9/57. ذَكَرَ لَهُ بُرُوكِلْمَان 3/305 - 306 كِتَابَيْنِ: " حُجَجَ أُصُولِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ " وَمِنْهُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ بِلِيبْزِج رَقْمُ 1، 318 ; " شَرْحَ أُصُولِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَالْمُخَالِفِينَ لَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ " وَمِنْهُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ بِالظَّاهِرِيَّةِ رَقْمُ 3، 124، 37. ذَكَرَهُ سِزْكِين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11 - 212. وَقَدْ طُبِعَ قِسْمٌ مِنَ الْكِتَابِ بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ أَحْمَد سَعْد حَمْدَان، مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، 1402 (وَانْظُرْ مُقَدِّمَةَ التَّحْقِيقِ)

(4)

سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/23. وَفِي فِهْرِسِ الْمَخْطُوطَاتِ الْمُصَوَّرَةِ بِالْجَامِعَةِ الْعَرَبِيَّةِ 1/136 - 137 أَنَّهُ تُوجَدُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ مِنَ الْجُزْءَيْنِ 20، 19 مِنْ كِتَابِهِ " اللَّطِيفِ لِشَرْحِ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَعْرِفَةِ شَرَائِعِ السُّنَنِ " فِي الظَّاهِرِيَّةِ بِرَقْمِ 164/56 حَدِيث، 146 حَدِيث. وَانْظُرْ: سِزْكِين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 26

ص: 366

الطَّلَمَنْكِيَّ (1) . .

وَلَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ تَنَازَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الْأَقْوَالِ السَّبْعَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ (2) .

وَأَمَّا (3) . الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ: فَالْأَوَّلُ: قَوْلُ الْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَالصَّابِئَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ، وَالثَّانِي: قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ [مِنَ] النَّجَّارِيَّةِ (4) . وَالضِّرَارِيَّةِ. وَأَمَّا الشِّيعَةُ فَمُتَنَازِعُونَ (5) . فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ حَكَيْنَا النِّزَاعَ عَنْهُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ (6) .، وَقُدَمَاؤُهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، كَمَا يَقُولُهُ: أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ. وَهَذَا [الْقَوْلُ](7) . هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ (8) . أَهْلِ الْبَيْتِ كَعَلِيِّ

(1) سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/304. وَانْظُرْ فِي تَرْجَمَتِهِ أَيْضًا: تَذْكِرَةَ الْحُفَّاظِ 3/1098 - 1100 ; الدِّيبَاجَ الْمُذَهَّبَ لِابْنِ فَرْحُونَ (ط. ابْنِ شَقْرُونَ، الْقَاهِرَةِ، 1351) ص [0 - 9] 9 - 40 ; الْأَعْلَامَ 1. وَلَمْ تَذْكُرْ هَذِهِ الْمَرَاجِعُ كِتَابَهُ " أُصُولَ السُّنَّةِ ". وَكَتَبَ مُسْتَجِي زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) أَمَامَ أَسْمَاءِ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ مَا يَلِي:" انْظُرْ إِلَى كَثْرَةِ الْكُتُبِ الَّتِي صَنَّفَهَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فِي رَدِّ كَلَامِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقٌ، مِثْلُ أَهْلِ الِاعْتِزَالِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنَ الرَّوَافِضِ وَغَيْرِهِمْ ".، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْكُتُبِ وَمُصَنِّفُوهَا مِنْ مَذَاهِبَ مَتْبُوعَةٍ: مَالِكِيٍّ وَشَافِعِيٍّ وَحَنْبَلِيٍّ وَمُحَدِّثٍ مُطْلَقٍ لَا يَنْتَسِبُ إِلَى مَذْهَبِ أَحَدٍ] هُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ الْمُشَارُ إِلَى أَوَّلِهِ، ص [0 - 9] 63

(2)

ب، ن، م: وَلَكِنْ تَنَازَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ. وَفِي (أ) : عَلَى أَنَّ أَقْوَالَ. . إِلَخْ.

(3)

ب، ا: أَمَّا

(4)

ب، ا، ن، م: وَمَنْ وَافَقَهُمْ كَالنَّجَّارِيَّةِ

(5)

ن: فَيَتَنَازَعُونَ

(6)

انْظُرْ مَا سَبَقَ 2/248 - 249

(7)

الْقَوْلُ: زِيَادَةٌ فِي (م) فَقَطْ

(8)

ب، ا: عِنْدَ

ص: 367

بْنِ أَبِي طَالِبٍ [رضي الله عنه](1) . وَغَيْرِهِ، مِثْلُ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَجَعْفَرِ [بْنِ مُحَمَّدٍ](2) . الصَّادِقِ وَغَيْرِهِمْ.

[وَلِهَذَا كَانَتِ الْإِمَامِيَّةُ لَا تَقُولُ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ لَمَّا بَلَغَهُمْ نَفْيُ ذَلِكَ عَنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ مُحَدِّثٌ مَجْهُولٌ، وَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَظَنُّوا أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ نَفَوْا أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، أَيْ مَكْذُوبٌ مُفْتَرًى.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَالنِّزَاعُ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِنَّمَا كَانَ فِي كَوْنِهِ مَخْلُوقًا خَلَقَهُ اللَّهُ، أَوْ هُوَ كَلَامُهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَقَامَ بِذَاتِهِ. وَأَهْلُ الْبَيْتِ إِنَّمَا سُئِلُوا عَنْ هَذَا، وَإِلَّا فَكَوْنُهُ مَكْذُوبًا مُفْتَرًى مِمَّا لَا يُنَازِعُ مُسْلِمٌ فِي بُطْلَانِهِ] (3) .

وَلَكِنَّ الْإِمَامِيَّةَ تُخَالِفُ أَهْلَ الْبَيْتِ فِي عَامَّةِ أُصُولِهِمْ، فَلَيْسَ فِي (4) . أَئِمَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ - مِثْلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَابْنِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ مَنْ كَانَ يُنْكِرُ الرُّؤْيَةَ، أَوْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ (5) .، أَوْ يُنْكِرُ الْقَدَرَ، أَوْ يَقُولُ بِالنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ، أَوْ بِعِصْمَةِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، أَوْ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ (6) . .

(1) رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (ع) فَقَطْ

(2)

ابْنِ مُحَمَّدٍ: زِيَادَةٌ فِي (ع) فَقَطْ

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(4)

ب، ا، ن، م: مِنْ

(5)

ع: وَلَا يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ

(6)

فِي النُّسَخِ الْخَمْسِ: مَنْ كَانَ يُنْكِرُ الرُّؤْيَةَ وَلَا يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَلَا يُنْكِرُ الْقَدَرَ وَلَا يَقُولُ بِالنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ وَلَا بِعِصْمَةِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَلَا يَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَهُوَ نَقِيضُ الْمَقْصُودِ

ص: 368

وَالْمَنْقُولَاتُ الثَّابِتَةُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ هَؤُلَاءِ مَعْرُوفَةٌ مَوْجُودَةٌ، وَكَانَتْ مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ (1) .

وَشُيُوخُ الرَّافِضَةِ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ هَذَا الِاعْتِقَادَ فِي التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ لَمْ يَتَلَقَّوْهُ لَا عَنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا عَنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَإِنَّمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعَقْلَ دَلَّهُمْ عَلَيْهِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ، [وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا تَلَقَّوْهُ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُمْ شُيُوخُهُمْ فِي التَّوْحِيدِ وَالْعَدْلِ](2) .، وَإِنَّمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ تَلَقَّوْا عَنِ الْأَئِمَّةِ الشَّرَائِعَ. وَقَوْلُهُمْ فِي الشَّرَائِعِ غَالِبُهُ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ -[أَوْ بَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ](3) . -[وَلَهُمْ مُفْرَدَاتٌ شَنِيعَةٌ لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَيْهَا أَحَدٌ](4) .، وَلَهُمْ مُفْرَدَاتٌ عَنِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ قَدْ قَالَ بِهَا غَيْرُ [الْأَرْبَعَةِ](5) .، مِنَ السَّلَفِ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَفُقَهَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ، فَهَذِهِ وَنَحْوُهَا مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي يَهُونُ الْأَمْرُ فِيهَا، بِخِلَافِ الشَّاذِّ الَّذِي يُعْرَفُ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ (6) . وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ [صلى الله عليه وسلم](7) . وَلَا سَبَقَهُمْ إِلَيْهِ (8) . أَحَدٌ.

[وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ الْحَقَّ مُنْحَصِرٌ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، كَمَا يُشَنِّعُ

(1) ع: أَئِمَّةُ السُّنَّةِ.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)

(5)

ب، ا، ن، م: غَيْرُهُمْ

(6)

ع: لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ; م: لَا أَصْلَ لَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ

(7)

صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (ع)

(8)

ع: إِلَيْهَا

ص: 369

بِذَلِكَ الشِّيعَةُ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ الْحَقَّ مُنْحَصِرٌ فِيهِمْ. بَلْ أَهْلُ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَجَبَ رَدُّهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَوْلٌ مَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْأَرْبَعَةِ: مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَقَوْلِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ (1) . مِثْلُ: الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِهِمْ.

فَالشِّيعَةُ إِذَا وَافَقَتْ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الرَّاجِحَةِ كَانَ قَوْلُهَا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ رَاجِحًا، لَيْسَتْ لَهُمْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فَارَقُوا بِهَا جَمِيعَ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِخِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ (إِلَّا)(2) . وَقَوْلُهُمْ فِيهَا فَاسِدٌ. وَهَكَذَا الْمُعْتَزِلَةُ وَسَائِرُ الطَّوَائِفِ كَالْأَشْعَرِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَالسَّالِمِيَّةِ لَيْسَ لَهُمْ قَوْلٌ انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ جَمِيعِ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ إِلَّا وَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ، وَالْقَوْلُ الْحَقُّ يَكُونُ مَأْثُورًا عَنِ السَّلَفِ وَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفَ إِلَيْهِ] (3) .

وَإِذَا عُرِفَتِ الْمَذَاهِبُ فَيُقَالُ: لِهَذَا: قَوْلُكَ (4) .: " إِنَّ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَإِخْبَارَهُ حَادِثٌ لِاسْتِحَالَةِ أَمْرِ الْمَعْدُومِ وَنَهْيِهِ وَإِخْبَارِهِ ": أَتُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ حَادِثٌ فِي ذَاتِهِ؟ أَمْ حَادِثٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ؟

(1) قَوْلُهُ: " وَقَوْلِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ. . إِلَخْ " لَعَلَّهُ يَقْصِدُ هُنَا الْأَرْبَعَةَ التَّالِينَ: الثَّوْرِيَّ، وَالْأَوْزَاعِيَّ. . إِلَخْ

(2)

إِلَّا: غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْأَصْلِ وَزِدْتُهَا لِيَسْتَقِيمَ الْكَلَامُ

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(4)

الْعِبَارَةُ التَّالِيَةُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ وَرَدَتْ فِي (ك) 82 (م)، وَفِي هَذَا الْجُزْءِ ص [0 - 9] 03 وَفِيهِمَا: وَأَنَّ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ. . إِلَخْ

ص: 370

وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَئِمَّةِ الشِّيعَةِ (1) . الْمُتَقَدِّمِينَ [وَالْجَهْمِيَّةِ](2) . وَالْمُرْجِئَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ مَعَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ.

ثُمَّ إِذَا قِيلَ: " حَادِثٌ " أَهُوَ حَادِثُ النَّوْعِ فَيَكُونُ الرَّبُّ قَدْ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا؟ أَمْ حَادِثُ الْأَفْرَادِ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ؟ وَالْكَلَامُ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى مَثَلًا (3) . هُوَ حَادِثٌ وَإِنْ كَانَ نَوْعُ كَلَامِهِ قَدِيمًا لَمْ يَزَلْ؟ .

فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ تَحْتَ قَوْلِكَ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّكَ إِنَّمَا (4) . أَرَدْتَ النَّوْعَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ قَوْلُ [مُتَأَخِّرِيِ الشِّيعَةِ](5) . الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ التَّشَيُّعِ وَالِاعْتِزَالِ، فَقَالُوا: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ اللَّهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ (6) .

] وَالْإِمَامِيَّةُ وَإِنْ قَالُوا: هُوَ مُحْدَثٌ، وَامْتَنَعُوا أَنْ يَقُولُوا: هُوَ مَخْلُوقٌ، فَمُرَادُهُمْ بِالْمُحْدَثِ هُوَ مُرَادُ هَؤُلَاءِ بِالْمَخْلُوقِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ بَيْنَهُمْ لَفْظِيٌّ] (7) .

فَيُقَالُ: لَكَ (8) .: إِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ خَلَقَهُ [وَأَحْدَثَهُ](9) . مُنْفَصِلًا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ، فَإِنَّ الْكَلَامَ وَالْقُدْرَةَ وَالْعِلْمَ وَسَائِرَ الصِّفَاتِ إِنَّمَا يَتَّصِفُ بِهَا مَنْ

(1) ن: الْأَئِمَّةِ الْمُتَشَيِّعَةِ ; م: أ: الْأَئِمَّةِ الشِّيعَةِ

(2)

وَالْجَهْمِيَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) ، (ن) ، (م)

(3)

مَثَلًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ)

(4)

إِنَّمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ)

(5)

مُتَأَخِّرِيِ الشِّيعَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)

(6)

ب، ا: مُنْفَصِلٌ عَنْهُ.

(7)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ

(8)

ن: فَيُقَالُ لَهُ

(9)

وَأَحْدَثَهُ: فِي (ع) فَقَطْ

ص: 371

قَامَتْ بِهِ لَا مَنْ خَلَقَهَا فِي غَيْرِهِ وَأَحْدَثَهَا (1) ، وَلِهَذَا إِذَا خَلَقَ اللَّهُ حَرَكَةً وَعِلْمًا وَقُدْرَةً فِي مَحَلٍّ (2) كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ (3) هُوَ الْمُتَحَرِّكُ الْعَالِمُ الْقَادِرُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ، وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ صِفَاتٍ لِلَّهِ (4) بَلْ مَخْلُوقَاتٍ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مُتَّصِفًا بِمَخْلُوقَاتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ لَكَانَ إِذَا أَنْطَقَ الْجَامِدَاتِ، كَمَا قَالَ:{يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سُورَةُ سَبَأٍ: 10] . وَكَمَا قَالَ: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سُورَةُ النُّورِ: 24]، {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [سُورَةُ فُصِّلَتْ: 21] وَكَمَا قَالَ: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سُورَةُ يس: 65] ; وَمِثْلُ تَسْلِيمِ الْحَجَرِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَسْبِيحِ الْحَصَى بِيَدِهِ، وَتَسْبِيحِ الطَّعَامِ وَهُمْ يَأْكُلُونَهُ، فَإِذَا كَانَ كَلَامُ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَا خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ كَلَامَ اللَّهِ فَإِنَّهُ خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَاكَ كَلَامَ اللَّهِ. كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ خَلَقَ كَلَامًا فِي الشَّجَرَةِ كَلَّمَ بِهِ (5) مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ.

وَأَيْضًا،، فَإِذَا كَانَ الدَّلِيلُ قَدْ قَامَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَقْوَالِهِمْ، وَهُوَ الْمُنْطِقُ لِكُلِّ نَاطِقٍ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامَهُ، وَهَذَا قَالَتْهُ الْحُلُولِيَّةُ (6) مِنَ الْجَهْمِيَّةِ كَصَاحِبِ " الْفُصُوصِ " ابْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ:

(1) ب، ا، ن، م: خَلَقَهَا وَفَعَلَهَا فِي غَيْرِهِ.

(2)

ب، ا: فِي جِسْمٍ ; ن، م: وَجِسْمًا.

(3)

ب، ا، ن، م: الْجِسْمُ.

(4)

ب، ا: صِفَاتِ اللَّهِ.

(5)

ب، ا: كَلَّمَ اللَّهُ بِهِ.

(6)

ب (فَقَطْ) : وَهَذَا مَا قَالَتْهُ.

ص: 372

وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامُهُ

سَوَاءٌ عَلَيْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ (1) وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ فِرْعَوْنَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [سُورَةُ النَّازِعَاتِ: 24] كَلَامُ اللَّهِ، كَمَا أَنَّ الْكَلَامَ الْمَخْلُوقَ فِي الشَّجَرَةِ:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} [سُورَةُ طه: 14]

[يَقُولُونَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فِي الشَّجَرَةِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَهُوَ](2) كَلَامُ اللَّهِ.

وَأَيْضًا، فَالرُّسُلُ الَّذِينَ خَاطَبُوا النَّاسَ وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَالَ، وَنَادَى، وَنَاجَى، وَيَقُولُ، لَمْ يُفْهِمُوهُمْ أَنَّ هَذِهِ مَخْلُوقَاتٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ، بَلِ الَّذِي أَفْهَمُوهُمْ إِيَّاهُ (3) أَنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ، وَالْكَلَامُ قَائِمٌ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، وَلِهَذَا عَابَ (4) اللَّهُ مَنْ يَعْبُدُ إِلَهًا لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ:{أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [سُورَةُ طه: 89]، وَقَالَ:{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 148] وَلَا يُحْمَدُ شَيْءٌ بِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَيُذَمُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ (5) إِلَّا إِذَا كَانَ الْكَلَامُ قَائِمًا بِهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُعْرَفُ فِي لُغَةٍ وَلَا عَقْلٍ قَائِلٌ مُتَكَلِّمٌ إِلَّا مَنْ يَقُومُ بِهِ الْقَوْلُ وَالْكَلَامُ، [لَا يُعْقَلُ فِي لُغَةِ أَحَدٍ - لَا لُغَةِ الرُّسُلِ وَلَا غَيْرِهِمْ - وَلَا فِي عَقْلِ أَحَدٍ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامٍ لَمْ يَقُمْ بِهِ قَطُّ بَلْ هُوَ بَائِنٌ عَنْهُ أَحْدَثَهُ فِي غَيْرِهِ، كَمَا لَا يُعْقَلُ أَنَّهُ مُتَحَرِّكٌ بِحَرَكَةٍ خَلَقَهَا فِي غَيْرِهِ، وَلَا يُعْقَلُ أَنَّهُ

(1) الْبَيْتُ لِابْنِ عَرَبِيٍّ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ " الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ " 4/141، ط. مُصْطَفَى الْحَلَبِيِّ، دَارِ الْكُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ، الْقَاهِرَةِ، 1329.

(2)

مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(3)

ع، ن، م: أَفْهَمُوهُ إِيَّاهُ.

(4)

ن: وَلِهَذَا عَاتَبَ ; م: فَلِهَذَا أَعَابَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(5)

ب، ا: بِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ وَيُذَمُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَكَلِّمٍ ; ن، م: بِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَيُذَمُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَكَلِّمٍ.

ص: 373

مُتَلَوِّنٌ بِلَوْنٍ خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَا مُتَرَوِّحٌ بِرَائِحَةٍ خَلَقَهَا فِي غَيْرِهِ. وَطَرْدُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْقَلُ أَنَّهُ مُرِيدٌ بِإِرَادَةٍ أَحْدَثَهَا فِي غَيْرِهِ، وَلَا مُحِبٌّ وَرَاضٍ وَغَضْبَانُ وَسَاخِطٌ بِرِضًى وَمَحَبَّةٍ وَغَضَبٍ وَسُخْطٍ خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ.

وَهَؤُلَاءِ النُّفَاةُ يَصِفُونَهُ بِمَا لَا يَقُومُ بِهِ: تَارَةً بِمَا يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ كَالْكَلَامِ وَالْإِرَادَةِ، وَتَارَةً بِمَا لَا يَقُومُ بِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ مَعْقُولٍ] (1) ; فَلَا (2) يُعْقَلُ حَيٌّ إِلَّا مَنْ تَقُومُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَلَا عَالِمٌ إِلَّا مَنْ يَقُومُ بِهِ الْعِلْمُ، [كَمَا لَا يُعْقَلُ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ](3) مُتَحَرِّكٌ إِلَّا مَنْ تَقُومُ بِهِ الْحَرَكَةُ، [وَطَرْدُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ](4) فَاعِلٌ إِلَّا مَنْ يَقُومُ بِهِ الْفِعْلُ.

[وَقَدْ سَلَّمَ الْأَشْعَرِيَّةُ - وَمَنْ وَافَقَهُمْ كَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ - فَاعِلًا لَا يَقُومُ بِهِ الْفِعْلُ: كَعَادِلٍ لَا يَقُومُ بِهِ الْعَدْلُ، وَخَالِقٍ وَرَازِقٍ لَا يَقُومُ بِهِ الْخَلْقُ وَالرِّزْقُ.

وَهَذَا مِمَّا احْتَجَّتْ بِهِ عَلَيْهِمُ الْمُعْتَزِلَةُ، فَقَالُوا: كَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ عَادِلًا خَالِقًا رَازِقًا بِعَدْلٍ وَخَلْقٍ وَرِزْقٍ لَا يَقُومُ بِهِ، فَكَذَلِكَ عَالِمٌ وَقَادِرٌ وَمُتَكَلِّمٌ.

وَالسَّلَفُ رضي الله عنهم وَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ يُطَرِّدُونَ أَصْلَهُمْ، وَلِهَذَا احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى التَّامَّاتِ الَّتِي

(1) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ، وَبَدَأَ السَّقَطُ فِي الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ.

(2)

ب، ا، ن، م: كَمَا لَا.

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)، وَفِيهَا: إِلَّا مَنْ يَقُومُ بِهِ الْعِلْمُ وَلَا مُتَحَرِّكٌ. . إِلَخْ.

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وَفِيهَا وَلَا فَاعِلٌ. . إِلَخْ.

ص: 374

لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ» (1)". قَالُوا: لَا يُسْتَعَاذُ بِمَخْلُوقٍ. وَكَذَلِكَ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَبِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ» (2) . وَقَالُوا: لَا يُسْتَعَاذُ بِمَخْلُوقٍ، وَقَدِ اسْتَعَاذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالرِّضَا وَالْمُعَافَاةِ ; فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ مِمَّا يَقُومُ بِالرَّبِّ تَعَالَى كَمَا تَقُومُ بِهِ كَلِمَاتُهُ، لَيْسَ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا بَائِنَةً عَنْهُ] (3) .

(1) فِي الْمُوَطَّأِ 2/950 - 951 (كِتَابُ الشِّعْرِ، بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ التَّعَوُّذِ) : " وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ يَطْلُبُهُ بِشُعْلَةٍ، كُلَّمَا الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَآهُ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ، إِذَا قُلْتَهُنَّ طُفِئَتْ شُعْلَتُهُ وَخَرَّ لِفِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ: بَلَى، فَقَالَ جِبْرِيلُ: فَقُلْ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ، وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ اللَّاتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَشَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَشَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ ". وَوَرَدَ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا أَيْضًا عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ 2/951 - 952. وَلَمْ أَجِدْ فِي رِسَالَةِ " الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَالزَّنَادِقَةِ " لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ اسْتِشْهَادًا بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَلَكِنْ جَاءَ فِي كِتَابِ " الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ " لِلدَّارِمِيِّ وَفِي كِتَابِ " التَّوْحِيدِ " لِابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِمَا الِاسْتِشْهَادُ بِأَحَادِيثَ أُخْرَى عَاذَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ كَالَّذِي رُوِيَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ 4/2081 (كِتَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ. قَالَ: " أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ ". وَانْظُرِ: الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ لِلدَّارِمِيِّ، ص [0 - 9] 0 ; كِتَابَ التَّوْحِيدِ لِابْنِ خُزَيْمَةَ، ص [0 - 9] 08 - 109 ; كِتَابَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ، ص [0 - 9] 84 - 186 ; الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 15/15 (رَقْمُ 7885 - وَانْظُرِ التَّعْلِيقَ) ; الْأَذْكَارَ لِلنَّوَوِيِّ، ص 121.

(2)

الْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 1/352 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) وَسَبَقَ وُرُودُ الْحَدِيثِ وَالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِ 2/159.

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

ص: 375

فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ كَلَامُهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ، [وَالْمُرِيدُ وَالْمُحِبُّ وَالْمُبْغِضُ وَالرَّاضِي وَالسَّاخِطُ مَا تَكُونُ إِرَادَتُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَبُغْضُهُ وَرِضَاهُ وَسُخْطُهُ بَائِنًا عَنْهُ لَا يَقُومُ بِهِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ](1) ، قَالَ مَا لَا يُعْقَلُ، وَلَمْ يُفْهِمِ الرُّسُلُ لِلنَّاسِ هَذَا، بَلْ كُلُّ مَنْ سَمِعَ مَا بَلَّغَتْهُ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الرُّسُلَ لَمْ تُرِدْ بِكَلَامِ اللَّهِ مَا هُوَ مُنْفَصِلٌ] عَنِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ لَمْ تُرِدْ بِإِرَادَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا هُوَ مُنْفَصِلٌ [ (2) عَنْهُ (3) بَلْ مَا (4) هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ.

قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ (5) : الْمُتَكَلِّمُ مِنْ فِعْلِ الْكَلَامِ، وَاللَّهُ [تَعَالَى](6) لَمَّا أَحْدَثَ الْكَلَامَ فِي غَيْرِهِ صَارَ مُتَكَلِّمًا.

فَيُقَالُ: لَهُمْ: لِلْمُتَأَخِّرِينَ الْمُخْتَلِفِينَ هُنَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (7) قِيلَ: الْمُتَكَلِّمُ مَنْ فَعَلَ الْكَلَامَ وَلَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا، [وَهَذَا إِنَّمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ](8) .

وَقِيلَ: الْمُتَكَلِّمُ مَنْ قَامَ بِهِ الْكَلَامُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ (9) وَلَا [هُوَ] بِمَشِيئَتِهِ وَ [لَا] قُدْرَتِهِ (10) ، وَهَذَا قَوْلُ الْكُلَّابِيَّةِ وَالسَّالِمِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ.

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(3)

عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(4)

مَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .

(5)

ن، م: وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا ; ب، ا: قَالُوا (وَسَقَطَتْ كَلِمَتَا: الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ) .

(6)

تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(7)

ن: النَّاسُ هُنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.

(8)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(9)

أ، م: يَفْعَلُهُ.

(10)

ن، م: وَلَا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.

ص: 376

وَقِيلَ: الْمُتَكَلِّمُ مَنْ تَكَلَّمَ بِفِعْلِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقَامَ بِهِ [الْكَلَامُ](1) ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَطَوَائِفَ مِنَ الشِّيعَةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.

فَأُولَئِكَ يَقُولُونَ: هُوَ صِفَةُ فِعْلٍ مُنْفَصِلٍ عَنِ الْمَوْصُوفِ لَا صِفَةُ ذَاتٍ. وَالصِّنْفُ الثَّانِي يَقُولُونَ: صِفَةُ ذَاتٍ لَازِمَةٌ لِلْمَوْصُوفِ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَلَا قُدْرَتِهِ. وَالْآخَرُونَ يَقُولُونَ هُوَ صِفَةُ ذَاتٍ وَصْفَةُ فِعْلٍ، وَهُوَ قَائِمٌ بِهِ مُتَعَلِّقٌ (2) بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَإِذَا (3) كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُمْ (4) : إِنَّهُ صِفَةُ فِعْلٍ يُنَازِعُهُمْ (5) فِيهِ طَائِفَةٌ وَإِذَا لَمْ يُنَازِعُوا فِي هَذَا، فَيُقَالُ: هَبْ أَنَّهُ صِفَةُ فِعْلٍ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الْقَائِلِ الْفَاعِلِ، أَوْ قَائِمَةٌ بِهِ (6) . أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُكُمُ الْفَاسِدُ، وَكَيْفَ تَكُونُ الصِّفَةُ غَيْرَهُ قَائِمَةً بِالْمَوْصُوفِ، أَوِ الْقَوْلُ غَيْرَ قَائِمٍ بِالْقَائِلِ.

[وَقَوْلُ الْقَائِلِ: الصِّفَاتُ تَنْقَسِمُ إِلَى صِفَةِ ذَاتٍ وَصْفَةِ فِعْلٍ - وَيُفَسِّرُ صِفَةَ الْفِعْلِ بِمَا هُوَ بَائِنٌ عَنِ الرَّبِّ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ كَيْفَ يَكُونُ صِفَةً لِلرَّبِّ وَهُوَ لَا يَقُومُ بِهِ بِحَالٍ، بَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ بَائِنٌ عَنْهُ؟

وَهَذَا وَإِنْ كَانَتِ الْأَشْعَرِيَّةُ قَالَتْهُ تَبَعًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فَهُوَ خَطَأٌ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ إِثْبَاتَ صِفَاتِ الرَّبِّ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مُبَايِنَةٌ لَهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَيْنِ

(1) ب، ا: فَقَامَ بِهِ الْكَلَامُ وَسَقَطَتْ كَلِمَةُ " الْكَلَامِ " مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

ب، ا، ن، م: يَتَعَلَّقُ.

(3)

ب، ا: إِذَا.

(4)

ب، (فَقَطْ) : فَقَوْلُكُمْ.

(5)

ب، ا، ن، م: يُنَازِعُكُمْ.

(6)

ب، ا: هَبْ أَنَّهُ صِفَةُ فِعْلٍ لَكِنْ صِفَةُ فِعْلٍ مُنْفَصِلٍ (م: مُنْفَصِلَةٌ) عَنِ الْقَائِلِ (سَاقِطَةٌ مِنَ (م) الْفَاعِلِ أَوْ قَائِمٌ (م: قَائِمَةٌ) بِهِ.

ص: 377

الْمُتَضَادَّيْنِ، بَلْ حَقِيقَةُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ: إِنَّ الْفِعْلَ لَا يُوصَفُ بِهِ الرَّبُّ، فَإِنَّ الْفِعْلَ هُوَ الْمَخْلُوقُ، وَالْمَخْلُوقُ لَا يُوصَفُ بِهِ الْخَالِقُ، وَلَوْ كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ الْمَفْعُولُ صِفَةً لَهُ لَكَانَتْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ صِفَاتٍ لِلرَّبِّ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ: عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ مُسْلِمٍ] (1) .

فَإِنْ قُلْتُمْ: هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِعْلَ اللَّهِ لَا يَقُومُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ بِهِ لَقَامَتْ بِهِ الْحَوَادِثُ.

قِيلَ: وَالْجُمْهُورُ يُنَازِعُونَكُمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ، وَيَقُولُونَ: كَيْفَ يُعْقَلُ فِعْلٌ لَا يَقُومُ بِفَاعِلٍ، وَنَحْنُ نَعْقِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ نَفْسِ الْخَلْقِ وَالتَّكْوِينِ (2) وَبَيْنَ الْمَخْلُوقِ الْمُكَوَّنِ؟

وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ النَّاسِ كَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْبَغَوِيُّ (3) وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ كَأَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقْلَا (4) وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ (5) وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ (6)[وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ](7)[وَهُوَ] قَوْلُ (8) أَئِمَّةِ الصُّوفِيَّةِ وَأَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، [وَحَكَاهُ

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(2)

ب، ا: بَيْنَ نَفْسِ التَّكْوِينِ.

(3)

وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْفَرَّاءِ، وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ

(4)

ن، م: وَأَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقْلَا. وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/458.

(5)

ب، ا: أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/424.

(6)

وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ حَامِدٍ. وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/423.

(7)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(8)

ن، م: وَقَوْلُ.

ص: 378

الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ " خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ " عَنِ الْعُلَمَاءِ مُطْلَقًا] (1) وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ (2) . ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِقِيَامِ فِعْلِهِ بِهِ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فِعْلُهُ قَدِيمٌ وَالْمَفْعُولُ مُتَأَخِّرٌ، كَمَا أَنَّ إِرَادَتَهُ قَدِيمَةٌ وَالْمُرَادُ مُتَأَخِّرٌ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ يَقُولُهُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، [وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الثَّقَفِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُلَّابِيَّةِ لَمَّا وَقَعَتِ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ابْنِ خُزَيْمَةَ](3) .

[وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هُوَ حَادِثُ النَّوْعِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ يَقُولُهُ مِنَ الشِّيعَةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ](4) .

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ يَقَعُ (5) بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا لَكِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِهِ، فَهُوَ حَادِثُ الْآحَادِ قَدِيمُ النَّوْعِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ يَقُولُهُ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ

وَسَائِرِ الطَّوَائِفِ [مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلِ الْخَلْقُ حَادِثٌ قَائِمٌ بِالْمَخْلُوقِ، كَمَا يَقُولُهُ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هُوَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ لَا فِي مَحَلٍّ، كَمَا يَقُولُهُ: أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ وَغَيْرُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِمَعَانٍ قَائِمَةٍ بِنَفْسِهَا لَا تَتَنَاهَى، كَمَا يَقُولُهُ: مُعَمَّرُ بْنُ عَبَّادٍ (6) وَغَيْرُهُ](7) .

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَفِي (ع) سَقَطَتْ كَلِمَةُ " وَالْمُرْجِئَةِ ".

(5)

هُوَ يَقَعُ: سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .

(6)

سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى مُعَمَّرِ بْنِ عَبَّادٍ وَمَذْهَبِهِ فِي الْمَعَانِي 2/128 - 129.

(7)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

ص: 379

وَإِذَا كَانَ الْجُمْهُورُ يُنَازِعُونَكُمْ فَتُقَدَّرُ (1) الْمُنَازَعَةِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَئِمَّتِكُمْ مِنَ الشِّيعَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُوَافِقُونَكُمْ عَلَى أَنَّهُ حَادِثٌ لَكِنْ يَقُولُونَ: هُوَ قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ فَيَقُولُونَ: قَدْ جَمَعْنَا بَيْنَ حُجَّتِنَا وَحُجَّتِكُمْ (2) ، فَقُلْنَا الْعَدَمُ لَا يُؤْمَرُ (3) وَلَا يُنْهَى، وَقُلْنَا: الْكَلَامُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِالْمُتَكَلِّمِ.

فَإِنْ قُلْتُمْ لَنَا: قَدْ قُلْتُمْ بِقِيَامِ الْحَوَادِثِ بِالرَّبِّ. قَالُوا لَكُمْ (4) : نَعَمْ، وَهَذَا قَوْلُنَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ إِنَّ الْبَارِئَ يَتَكَلَّمُ، وَيُرِيدُ، وَيُحِبُّ وَيُبْغِضُ وَيَرْضَى، وَيَأْتِي وَيَجِيءُ، فَقَدْ نَاقَضَ كِتَابَ اللَّهِ [تَعَالَى] (5) . وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ (6) يُنَادِي مُوسَى فِي الْأَزَلِ، فَقَدْ خَالَفَ كَلَامَ اللَّهِ مَعَ مُكَابَرَةِ الْعَقْلِ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ} [سُورَةُ النَّمْلِ: 8]، وَقَالَ:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [سُورَةُ يس: 82]، فَأَتَى بِالْحُرُوفِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ. قَالُوا: وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ مَا يَحْتَجُّ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالشِّيعَةُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَتِهِ [وَقُدْرَتِهِ](7) ، وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ (8) إِذَا شَاءَ، وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَمَا يَقُولُ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ، وَإِنَّهُ صِفَةٌ لَهُ، وَالصِّفَةُ لَا تَقُومُ إِلَّا بِالْمَوْصُوفِ فَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَقَدْ أَخَذْنَا

(1) ن، م: فَقَدْرُ.

(2)

ع: قَدْ جَمَعْنَا بَيْنَ حُجَّتِكُمْ وَحُجَّتِنَا ; أ، ب: قَدْ جَمَعْنَا حُجَّتَنَا وَحُجَّتَكُمْ.

(3)

ن، م: لَا يُؤْثَرُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ.

(4)

ب، ا، ن، م: قُلْنَا لَكُمْ.

(5)

تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ع) .

(6)

لَمْ يَزَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

وَقُدْرَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(8)

ن: وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ.

ص: 380

بِمَا فِي قَوْلِ كُلٍّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الصَّوَابِ، وَعَدَلْنَا عَمَّا يَرُدُّهُ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا.

فَإِذَا قَالُوا لَنَا: فَهَذَا يَلْزَمُ (1) أَنْ تَكُونَ الْحَوَادِثُ قَامَتْ بِهِ. قُلْنَا: وَمَنْ أَنْكَرَ هَذَا قَبْلَكُمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ؟ وَنُصُوصُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ تَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مَعَ صَرِيحِ الْعَقْلِ، وَهُوَ قَوْلٌ لَازِمٌ لِجَمِيعِ الطَّوَائِفِ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ فَلَمْ يَعْرِفْ لَوَازِمَهُ وَمَلْزُومَاتِهِ. وَلَفْظُ " الْحَوَادِثِ " مُجْمَلٌ، فَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرَاضُ (2) وَالنَّقَائِصُ، وَاللَّهُ [تَعَالَى](3) مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ [كَمَا نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنِ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ وَاللُّغُوبِ، وَعَنْ أَنْ يَئُودَهُ حِفْظُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْ نُفَاةِ الصِّفَاتِ - الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ - يَجْعَلُونَ مِثْلَ هَذَا حُجَّةً فِي نَفْيِ قِيَامِ الصِّفَاتِ، أَوْ قِيَامِ الْحَوَادِثِ بِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّ نَفْيَ الْخَاصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْعَامِّ، وَلَا يَجِبُ إِذَا نَفَيْتَ عَنْهُ النَّقَائِصَ وَالْعُيُوبَ أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ مَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْجَلَالِ](4) . وَلَكِنْ يَقُومُ بِهِ مَا يَشَاؤُهُ (5) وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ وَأَفْعَالِهِ (6) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.

(1) ب (فَقَطْ) : فَهَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ.

(2)

ب، م: الْأَعْرَاضُ.

(3)

تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ع) .

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(5)

ب، ا، م: مَا شَاءَهُ ; ن: مَا شَاءَ.

(6)

ع، ن، م: وَفِعَالِهِ.

ص: 381

وَنَحْنُ (1) نَقُولُ لِمَنْ أَنْكَرَ قِيَامَ ذَلِكَ بِهِ: أَتُنْكِرُهُ (2) لِإِنْكَارِكَ قِيَامَ الصِّفَةِ بِهِ كَإِنْكَارِ الْمُعْتَزِلَةِ؟ أَمْ تُنْكِرُهُ لِأَنَّ مَنْ قَامَتْ بِهِ الْحَوَادِثُ لَمْ يَخْلُ مِنْهَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُهُ الْكُلَّابِيَّةُ؟

فَإِنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ كَانَ الْكَلَامُ فِي أَصْلِ الصِّفَاتِ وَفِي كَوْنِ الْكَلَامِ قَائِمًا بِالْمُتَكَلِّمِ لَا مُنْفَصِلًا عَنْهُ (3) كَافِيًا فِي هَذَا الْبَابِ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي قُلْنَا لِهَؤُلَاءِ (4) : أَتُجَوِّزُونَ حُدُوثَ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ أَمْ لَا؟ فَإِنْ جَوَّزْتُمْ ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُكُمْ - لَزِمَ أَنْ يَفْعَلَ الْحَوَادِثَ مَنْ (5) لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا لَهَا وَلَا لِضِدِّهَا (6) فَإِذَا جَازَ هَذَا [فَلِمَ] لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُومَ الْحَوَادِثُ بِمَنْ لَمْ تَكُنْ (7) قَائِمَةً بِهِ هِيَ وَلَا ضِدَّهَا؟

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفِعْلَ أَعْظَمُ مِنَ الْقَبُولِ (8) ، فَإِذَا جَازَ فِعْلُهَا بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ فَكَذَلِكَ قِيَامُهَا بِالْمَحَلِّ (9)، فَإِنْ قُلْتُمْ: الْقَابِلُ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ. (10 قُلْنَا: هَذَا مَمْنُوعٌ وَلَا دَلِيلَ لَكُمْ عَلَيْهِ 10)(10) ، [ثُمَّ إِذَا سَلَّمَ ذَلِكَ فَهُوَ كَقَوْلِ

(1) ن، م: فَنَحْنُ.

(2)

ن، م: تُنْكِرُهُ.

(3)

ب، ا: لَا مُنْفَصِلًا مِنْهُ.

(4)

ع: قَالُوا لِهَؤُلَاءِ.

(5)

ب، ا: مَا.

(6)

ن، م: وَلَا قَصَدَهَا.

(7)

ن: فَلَا يَجُوزُ بِمَنْ لَمْ تَكُنْ. . إِلَخْ ; م: فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُومَ الْحَوَادِثُ بِمَنْ لَمْ تَكُنْ. . ; ع: فَلِمَ لَا يُجَوِّزُوا أَنْ تَقُومَ الْحَوَادِثُ. . وَهُوَ خَطَأٌ.

(8)

ع، م: الْقَوْلُ.

(9)

ن، م: بِالْفِعْلِ.

(10)

: (10 - 10) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 382

الْقَائِلِ: الْقَدَرُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْ فِعْلِهِ وَفِعْلِ ضِدِّهِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا، وَلَمْ يَكُنْ فَاعِلًا وَلَا تَارِكًا، لِأَنَّ التَّرْكَ عِنْدَكُمْ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ مَقْدُورٌ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا لِشَيْءٍ مِنْ مَقْدُورَاتِهِ فِي الْأَزَلِ مَعَ كَوْنِهِ قَادِرًا، بَلْ تَقُولُونَ: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ وُجُودُ مَقْدُورِهِ فِي الْأَزَلِ مَعَ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَيْهِ.

وَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلَكُمْ فَلِأَنْ لَا يَجِبَ وُجُودُ الْمَقْبُولِ فِي الْأَزَلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، فَإِنَّ هَذَا الْمَقْبُولَ مَقْدُورٌ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِقُدْرَتِهِ، وَأَنْتُمْ تُجَوِّزُونَ وُجُودَ قَادِرٍ مَعَ امْتِنَاعِ مَقْدُورِهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ قَادِرًا] (1) .

(2 ثُمَّ نَقُولُ: إِنْ كَانَ الْقَابِلُ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ 2)(2) لَزِمَ تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ، وَتَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ إِنْ كَانَ مُمْكِنًا كَانَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ قَوْلَ أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا [أَمْكَنَ أَنْ يَقُومَ بِهِ الْحَادِثُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِهِ، كَمَا يَفْعَلُ الْحَوَادِثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا لَهَا](3) وَكَانَ (4) قَوْلُنَا هُوَ الصَّحِيحُ، فَقَوْلُكُمْ أَنْتُمْ بَاطِلٌ عَلَى [كِلَا] (5) التَّقْدِيرَيْنِ. فَإِنْ قُلْتُمْ لَنَا: أَنْتُمْ تُوَافِقُونَا عَلَى امْتِنَاعِ تَسَلْسُلِ الْحَوَادِثِ، وَهُوَ حُجَّتُنَا وَحُجَّتُكُمْ عَلَى [نَفْيِ](6) قِدَمِ الْعَالَمِ.

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .

(2)

: (2 - 2) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .

(4)

ب، ا، ن، م: كَانَ.

(5)

كِلَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(6)

نَفْيِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .

ص: 383

قُلْنَا لَكُمْ: مُوَافَقَتُنَا لَكُمْ حُجَّةٌ جَدَلِيَّةٌ، وَإِذَا كُنَّا قَدْ قُلْنَا بِامْتِنَاعِ تَسَلْسُلِ الْحَوَادِثِ مُوَافَقَةً لَكُمْ، وَقُلْنَا (1) بِأَنَّ الْقَابِلَ (2) لِلشَّيْءِ قَدْ يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ مُخَالَفَةً لَكُمْ. وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنْ قَبِلَ الْحَوَادِثَ (3) لَزِمَ تَسَلْسُلُهَا وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِذَلِكَ (4) .

قُلْنَا: إِنْ صَحَّتْ هَاتَانِ الْمُقَدِّمَتَانِ - وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِمُوجِبِهِمَا (5) - لَزِمَ خَطَؤُنَا: إِمَّا فِي هَذِهِ وَإِمَّا فِي هَذِهِ. وَلَيْسَ خَطَؤُنَا فِيمَا سَلَّمْنَاهُ لَكُمْ بِأَوْلَى مِنْ خَطَئِنَا فِيمَا خَالَفْنَاكُمْ فِيهِ، فَقَدْ يَكُونُ خَطَؤُنَا فِي مَنْعِ تَسَلْسُلِ الْحَوَادِثِ لَا فِي قَوْلِنَا: إِنَّ الْقَابِلَ لِلشَّيْءِ يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ، فَلَا يَكُونُ خَطَؤُنَا فِي إِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ دَلِيلًا عَلَى صَوَابِكُمْ (6) فِي الْأُخْرَى الَّتِي خَالَفْنَاكُمْ فِيهَا.

أَكْثَرُ مَا فِي هَذَا (7) الْبَابِ [أَنَّا نَكُونُ](8) مُتَنَاقِضَيْنِ، وَالتَّنَاقُضُ (9) شَامِلٌ لَنَا وَلَكُمْ وَلِأَكْثَرِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا. وَإِذَا كُنَّا مُتَنَاقِضَيْنِ، فَرُجُوعُنَا إِلَى قَوْلٍ نُوَافِقُ [فِيهِ] الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ (10) ، أَوْلَى مِنْ رُجُوعِنَا إِلَى قَوْلٍ

(1) ن، م: قَدْ قُلْنَا.

(2)

ب (فَقَطْ) : الْفَاعِلَ.

(3)

ب: إِنْ قَبِلَ بِالْحَوَادِثِ ; ن، م: فَإِذَا قِيلَ الْحَوَادِثُ.

(4)

ع: وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ ; م: وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ تِلْكَ.

(5)

ع، ن، م: بِمُوجِبِهَا.

(6)

ب (فَقَطْ) : جَوَابُكُمْ.

(7)

هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .

(8)

عِبَارَةُ " أَنَّا نَكُونُ " سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(9)

ن (فَقَطْ) : وَالْمُتَنَاقِضَيْنِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(10)

ن، م: يُوَافِقُ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ.

ص: 384

نُخَالِفُ فِيهِ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ. فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَتَكَلَّمُ (1) بِكَلَامٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، أَوْ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ لَا يَقُومُ بِهِ مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالنَّقْلِ، بِخِلَافِ تَكَلُّمِهِ بِكَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ قَائِمٌ بِهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ لَا عَقْلًا وَلَا نَقْلًا، لَكِنْ قَدْ نَكُونُ [نَحْنُ](2) لَمْ نَقُلْهُ بِلَوَازِمِهِ فَنَكُونُ مُتَنَاقِضِينَ، وَإِذَا كُنَّا مُتَنَاقِضِينَ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ نَرْجِعَ عَنِ الْقَوْلِ الَّذِي أَخْطَأْنَا فِيهِ لِنُوَافِقَ مَا أَصَبْنَا فِيهِ، لَا نَرْجِعُ عَنِ الصَّوَابِ لِنَطْرُدَ (3) الْخَطَأَ، فَنَحْنُ نَرْجِعُ عَنْ تِلْكَ [الْمُنَاقَضَاتِ](4) وَنَقُولُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

فَإِنْ قُلْتُمْ: إِثْبَاتُ حَادِثٍ بَعْدَ حَادِثٍ (5) لَا إِلَى أَوَّلِ (6) قَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ. (* قُلْنَا: بَلْ قَوْلُكُمْ: إِنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُعَطَّلًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَلَا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا، ثُمَّ صَارَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَأَنْ يَفْعَلَ (7) بِلَا حُدُوثِ سَبَبٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ، قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَلِمَا عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا، وَإِثْبَاتُ الْقُدْرَةِ مَعَ كَوْنِ الْمَقْدُورِ مُمْتَنِعًا غَيْرَ مُمْكِنٍ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، فَكَانَ فِيمَا عَلَيْهِ

(1) ن، ا: فَنَقُولُ إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَتَكَلَّمُ ; ب: فَنَقُولُ إِنَّ كَوْنَ الْمُتَكَلِّمِ يَتَكَلَّمُ، م: فَنَقُولُ إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ.

(2)

نَحْنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .

(3)

ب، ا: لِيُطْرَدَ.

(4)

الْمُنَاقَضَاتِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

ع: إِثْبَاتُ حَوَادِثَ بِلَا حَادِثٍ ; ن، م: إِثْبَاتُ حَوَادِثَ بَعْدَ حَادِثٍ.

(6)

ن: أُولَى أَوَّلِ ; م: لَا أُولَى أَوَّلِ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ.

(7)

ع: أَنْ يَفْعَلَ وَيَتَكَلَّمَ.

ص: 385

الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ (1) .

وَالْقَوْلُ بِدَوَامِ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا وَدَوَامِ كَوْنِهِ فَاعِلًا بِمَشِيئَتِهِ مَنْقُولٌ عَنِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ، كَابْنِ الْمُبَارَكِ (2) وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيِّ وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ فِي الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ - فَضْلًا عَنِ اللَّازِمَةِ - وَهُوَ دَوَامُ إِحْسَانِهِ (3)، *) (4) [وَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْمُسْلِمِينَ: يَا قَدِيمَ الْإِحْسَانِ إِنْ عُنِي بِالْقَدِيمِ قَائِمٌ بِهِ] (5) .

وَالْفَلَاسِفَةُ الدَّهْرِيَّةُ قَالُوا: بِقِدَمِ [الْأَفْلَاكِ وَغَيْرِهَا مِنْ](6) الْعَالَمِ، وَأَنَّ الْحَوَادِثَ فِيهِ لَا إِلَى أَوَّلٍ، وَأَنَّ الْبَارِئَ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ لِلْعَالَمِ (7) لَيْسَ فَاعِلًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ بِنَفْسِهِ. [وَمَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ الْمَخْلُوقُ إِلَّا مُحْدَثًا، فَمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ شَيْئًا قَدِيمًا بِقِدَمِهِ فَقَدْ عَلِمَ مُخَالَفَتَهُ لِمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ](8) . وَأَنْتُمْ وَافَقْتُمُوهُمْ (9) عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَاطِلِهِمْ حَيْثُ قُلْتُمْ: إِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ

(1) ع: بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.

(2)

ع: جَاءَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.

(3)

ع: دَوَامُ الْإِحْسَانِ.

(4)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(7)

ع: مُوجِبٌ بِذَاتِهِ الْعَالَمَ ; ن: الْمُوجِبُ لِذَاتِهِ لِلْعَالَمِ ; م: الْمُوجِبُ بِذَاتِهِ لِلْعَالَمِ.

(8)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.

(9)

ن، م: وَافَقْتُمُونَا.

ص: 386

بِنَفْسِهِ، وَلَا يَقُومُ بِهِ أَمْرٌ يَخْتَارُهُ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، بَلْ جَعَلْتُمُوهُ (1) كَالْجَمَادِ الَّذِي لَا تَصَرُّفَ (2)(* لَهُ وَلَا فِعْلَ، وَهُمْ جَعَلُوهُ كَالْجَمَادِ الَّذِي لَزِمَهُ وَعَلِقَ بِهِ مَا لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ عَنْهُ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ *)(3) فِيهِ، فَوَافَقْتُمُوهُمْ عَلَى بَعْضِ بَاطِلِهِمْ. وَنَحْنُ قُلْنَا بِمَا يُوَافِقُ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ مِنْ كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْفِعْلِ بِنَفْسِهِ [وَعَلَى التَّكَلُّمِ بِنَفْسِهِ](4) كَيْفَ شَاءَ، وَقُلْنَا: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ (5)، فَلَا نَقُولُ: إِنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا نَقُولُ: إِنَّ كَلَامَهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ (6) : أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَخَبَرٌ (* وَأَنَّ مَعْنَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَاحِدٌ، وَأَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ صِفَةٌ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ *)(7) ، فَإِنَّ هَذَا مُكَابَرَةٌ لِلْعَقْلِ (8)، وَلَا نَقُولُ: إِنَّهُ أَصْوَاتٌ مُقَطَّعَةٌ (9) مُتَضَادَّةٌ أَزَلِيَّةٌ، فَإِنَّ الْأَصْوَاتَ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ. وَأَيْضًا، فَلَوْ قُلْنَا بِهَذَا الْقَوْلِ وَالَّذِي قَبْلَهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ تَكْلِيمُ اللَّهِ

(1) ب، ا، ن، م: وَجَعَلْتُمُوهُ.

(2)

فِي (ن)، (م) : كَالْجَمَادِ الَّذِي لَا يَنْصَرِفُ، وَبَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ كُتِبَتْ فِي (ن) تِسْعَةُ سُطُورٍ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهَا تُقَابِلُ سُطُورًا فِي ص 233 فِي (ب) ، وَأَخْطَأَ النَّاسِخُ فِي كِتَابَتِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

(3)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) ، (م) .

(5)

ب، ا: مُتَكَلِّمًا ذَاتًا.

(6)

ب: وَلَا نَقُولُ إِنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ ; ن، ا، م: وَلَا يَقُولُ إِنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ.

(7)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(8)

ن، م: الْعَقْلُ.

(9)

ب، ا: مُنْقَطِعَةٌ.

ص: 387

لِلْمَلَائِكَةِ وَلِمُوسَى وَلِخَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ إِلَّا مُجَرَّدَ خَلْقِ إِدْرَاكٍ (1) لَهُمْ لَمَّا كَانَ أَزَلِيًّا لَمْ يَزَلْ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النُّصُوصَ دَلَّتْ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ، وَلَا نَقُولُ إِنَّهُ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا، فَإِنَّ هَذَا وَصْفٌ لَهُ (2) بِالْكَمَالِ بَعْدَ النَّقْصِ، وَأَنَّهُ صَارَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ الَّتِي كَمُلَ بِهَا بَعْدَ نَقْصِهِ. ثُمَّ حُدُوثُ ذَلِكَ الْكَمَالِ (3) لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ، [وَالْقَوْلُ فِي الثَّانِي كَالْقَوْلِ فِي الْأَوَّلِ فَفِيهِ تَجَدُّدُ (* كَمَالٍ بِلَا سَبَبٍ](4) ، وَوَصْفٌ لَهُ بِالنَّقْصِ الدَّائِمِ مِنَ الْأَزَلِ إِلَى أَنَّ تَجَدَّدَ لَهُ مَا لَا سَبَبَ لِتَجَدُّدِهِ (5) ، وَفِي ذَلِكَ تَعْطِيلٌ لَهُ عَنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ.

وَأَمَّا دَوَامُ الْحَوَادِثِ فَمَعْنَاهُ [هُنَا](6) دَوَامُ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا (7) إِذَا شَاءَ، وَهَذَا دَوَامُ كَمَالِهِ وَنُعُوتُ *) (8) جَلَالِهِ وَدَوَامُ أَفْعَالِهِ، وَبِهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَالَمُ، وَكُلُّ مَا فِيهِ مَخْلُوقٌ لَهُ حَادِثٌ (9) بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، لِأَنَّهُ يَكُونُ سَبَبُ الْحُدُوثِ هُوَ مَا قَامَ بِذَاتِهِ مِنْ كَلِمَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ (10) وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيُعْقَلُ

(1) ب، ا، ن، م: الْإِدْرَاكُ.

(2)

ب: فَإِنَّهُ وَصْفٌ لَهُ ; أ: فَإِنْ وُصِفَ لَهُ (بِسُقُوطِ: هَذَا) . وَسَقَطَتْ " لَهُ " مِنْ (ع) .

(3)

ع: الْكَلَامِ.

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

ن، م: إِلَى تَجَدُّدِ مَا لَا سَبَبَ لِنَحْوِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(6)

هُنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

ن: مُكَلِّمًا.

(8)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(9)

ب (فَقَطْ) : مَخْلُوقًا لَهُ حَادِثًا. وَالَّذِي فِي بَاقِي النُّسَخِ صَوَابٌ، وَفِي عِبَارَةِ " وَبِهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَالَمُ " الْفِعْلُ " يَكُونُ " تَامٌّ.

(10)

ب، ا: لِأَنَّهُ يَكُونُ بِسَبَبِ الْحُدُوثِ وَهُوَ مَا قَامَ بِذَاتِهِ مِنْ كَلِمَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ ; ن، م: لِأَنَّهُ يَكُونُ سَبَبُ الْحَوَادِثِ هُوَ مَا قَامَ بِهِ مِنْ كَلِمَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ.

ص: 388

سَبَبُ (1) حُدُوثِ الْحَوَادِثِ، وَيَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا (2) أَنْ يُقَالَ: بِقِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدِيمًا لَكَانَ مُبْدِعُهُ (3) مُوجِبًا بِذَاتِهِ لِيَلْزَمَهُ (4) مُوجِبُهُ وَمُقْتَضَاهُ، وَإِذَا كَانَ الْخَالِقُ فَاعِلًا بِفِعْلٍ يَقُولُ بِنَفْسِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا بِذَاتِهِ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، فَامْتَنَعَ قِدَمُ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مُنْفَصِلًا [عَنْهُ](5) مُقَارِنًا لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ، فَلِأَنْ يَمْتَنِعَ ذَلِكَ إِذَا قَامَ بِهِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ (* لَا يُوجَدُ الْمَفْعُولُ حَتَّى يُوجَدَ الْفِعْلُ الِاخْتِيَارِيُّ الَّذِي حَصَلَ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ *)(6) الْأَوَّلُ يَكْفِي فِيهِ نَفْسُ الْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ (7) .

[وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا تَوَقَّفَ عَلَى الْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ](8) وَالْفِعْلُ الِاخْتِيَارِيُّ الْقَائِمُ بِهِ يَكُونُ، أَوْلَى بِالْحُدُوثِ وَالتَّأَخُّرِ مِمَّا لَمْ يَتَوَقَّفُ (9) إِلَّا عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ.

وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ

(1) ن، م: فَيَفْعَلُ بِسَبَبِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(2)

ب، ا: وَمَعَ هَذَا يَمْتَنِعُ.

(3)

ن: مُبْتَدَعَةُ مُقْتَضِيهِ.

(4)

ب، ا: يَلْزَمُهُ.

(5)

عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) ، (ن) ، (م) .

(6)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) وَمَوْجُودٌ فِي (ن) لَكِنْ بَعْضُ كَلِمَاتِهِ مُحَرَّفَةٌ.

(7)

ب، ا: يَكْفِي فِي نَفْسِ الْمَشِيئَةِ وَالْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْقُدْرَةِ ; ع: يَكْفِي نَفْسُ الْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ.

(8)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) وَسَقَطَتْ كَلِمَةُ " الْقُدْرَةِ " مِنْ (ب) ، (أ) .

(9)

ن، م: مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ.

ص: 389

لَا يَعْلَمُونَ كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ; وَلِذَلِكَ كَثُرَ بَيْنَهُمُ الْقِيلُ وَالْقَالُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ إِشَارَةٌ إِلَى مَجَامِعِ الْمَذَاهِبِ. (1) [وَالْأَصْلُ الَّذِي بَايَنَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لِلْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ نُفَاةِ الصِّفَاتِ: أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى إِنَّمَا يُوصَفُ بِمَا يَقُومُ بِهِ، لَا يُوصَفُ بِمَخْلُوقَاتِهِ، وَهُوَ أَصْلٌ مُطَّرِدٌ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْجُمْهُورِ. وَلَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ اسْتَضْعَفَتِ الْأَشْعَرِيَّةَ - وَمَنْ وَافَقَهُمْ - بِتَنَاقُضِهِمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ حَيْثُ وَصَفُوهُ بِالصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقُومُ بِهِ عِنْدَهُمْ. وَالْأَشْعَرِيُّ تَبَعٌ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ نَفَوْا قِيَامَ الْفِعْلِ بِهِ، لَكِنَّ أُولَئِكَ يَنْفُونَ الصِّفَاتِ أَيْضًا، بِخِلَافِ الْأَشْعَرِيَّةِ.

وَالْمُعْتَزِلَةُ لَهُمْ نِزَاعٌ فِي الْخَلْقِ: هَلْ هُوَ الْمَخْلُوقُ، أَوْ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ؟ وَإِذَا قَالُوا: هُوَ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ، فَقَدْ يَقُولُونَ: مَعْنَى قَائِمٍ لَا فِي مَحَلٍّ، كَمَا تَقَوَّلَهُ الْبَصْرِيُّونَ فِي الْإِرَادَةِ. وَقَدْ يَقُولُونَ: مَعَانِي لَا نِهَايَةَ لَهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ. كَمَا يَقُولُهُ مَعْمَرٌ مِنْهُمْ وَأَصْحَابُهُ، وَيُسَمَّوْنَ أَصْحَابَ الْمَعَانِي، وَقَدْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ قَائِمٌ بِالْمَخْلُوقِ.

وَحُجَّةُ الْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ، أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ كَانَ غَيْرُهُ لَكَانَ إِمَّا قَدِيمًا وَإِمَّا مُحْدَثًا، فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَزِمَ قِدَمُ الْمَخْلُوقِ، وَهُوَ مُحَالٌ بِالِاضْطِرَارِ فِيمَا عُلِمَ حُدُوثُهُ بِالِاضْطِرَارِ، وَالدَّلِيلُ فِيمَا عُلِمَ حُدُوثُهُ بِالدَّلِيلِ. وَإِنْ كَانَ مُحْدَثًا كَانَ مَخْلُوقًا، فَافْتَقَرَ الْخَلْقُ إِلَى

(1) الْكَلَامُ بَعْدَ الْقَوْسِ فِي (ع) فَقَطْ وَيَنْتَهِي ص 393.

ص: 390

خَلْقٍ ثَانٍ وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ، وَأَيْضًا، فَيَلْزَمُ قِيَامُ الْحَوَادِثِ بِهِ، وَهَذَا عُمْدَتُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَالرَّازِيُّ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِأَقْوَالِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَبَعْضِ أَقْوَالِ الْكَرَّامِيَّةِ وَالشِّيعَةِ، فَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهَا مَعَ فُقَهَاءِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْجُمْهُورُ لَهُمْ فِي الْجَوَابِ عَنْ عُمْدَةِ هَؤُلَاءِ طُرُقٌ: كُلُّ قَوْمٍ بِحَسْبِهِمْ. فَطَائِفَةٌ قَالَتْ: بَلِ الْخَلْقُ الَّذِي هُوَ التَّكْوِينُ وَالْفِعْلُ قَدِيمٌ وَالْمُكَوَّنُ الْمَفْعُولُ مُحْدَثٌ لِأَنَّ (الْخَلْقَ)(1) عِنْدَهُمْ لَا تَقُومُ بِهِ الْحَوَادِثُ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَالْكُلَّابِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِذَا قَالُوا لِهَؤُلَاءِ: فَيَلْزَمُ قِدَمُ الْمُكَوَّنِ قَالُوا: نَقُولُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ مَا قُلْتُمْ فِي الْإِرَادَةِ الْأَزَلِيَّةِ، قُلْتُمْ: هِيَ قَدِيمَةٌ فَإِنْ (2) كَانَ الْمُرَادُ مُحْدَثًا، كَذَلِكَ التَّكْوِينُ قَدِيمٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُكَوَّنُ مُحْدَثًا.

وَطَائِفَةٌ قَالَتْ: بَلِ الْخَلْقُ وَالتَّكْوِينُ حَادِثٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ شَيْءٍ وَتَكْوِينَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَطَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ. قَالُوا: لِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ وُجُودَ أَفْعَالِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)[سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 54] وَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [سُورَةُ فُصِّلَتْ 11]، وَقَوْلِهِ:

(1) كَلِمَةُ " الْخَلْقِ " غَيْرُ مَوْجُودَةٍ بِالْأَصْلِ وَزِدْتُهَا لِيَسْتَقِيمَ الْكَلَامُ.

(2)

فَإِنْ: كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ: وَإِنْ.

ص: 391

{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 11] وَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ - ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ - ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ: 12 - 14] ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.

وَهُؤُلَاءِ يَلْتَزِمُونَ أَنَّهُ تَقُومُ بِهِ الْأُمُورُ الِاخْتِيَارِيَّةُ، كَخَلْقِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَكَلَامِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ. وَفِي الْقُرْآنِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ مَوْضِعٍ تُوَافِقُ قَوْلَهُمْ، وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا، وَالْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَسَاطِينِ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ فِي التَّسَلْسُلِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: الْمَخْلُوقُ يَحْصُلُ بِالْخَلْقِ، وَالْخَلْقُ يَحْصُلُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى خَلْقٍ آخَرَ. 0 وَيَقُولُونَ لِمُنَازِعِيهِمْ: إِذَا جَازَ عِنْدَكُمْ وُجُودُ الْمَخْلُوقَاتِ الْمُنْفَصِلَةِ بِمُجَرَّدِ الْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ قَائِمٍ بِهِ، فَلِأَنْ يَجُوزَ الْفِعْلُ بِمُجَرَّدِ الْقُدْرَةِ الْإِرَادَةُ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّسَلْسُلِ مِنْهُمْ يَقُولُ: نَفْسُ الْقُدْرَةِ الْقَدِيمَةِ وَالْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ أَوْجَبَتْ مَا حَدَثَ مِنَ الْفِعْلِ وَالْإِرَادَةِ وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْمَخْلُوقُ فِيمَا لَا يَزَالُ.

وَمَنْ قَالَ بِالتَّسَلْسُلِ مِنْهُمْ قَالَ: التَّسَلْسُلُ الْمُمْتَنِعُ إِنَّمَا هُوَ التَّسَلْسُلُ فِي الْمُؤَثِّرَاتِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْفَاعِلِ فَاعِلٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، سَوَاءٌ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ لِلْعِلَّةِ عِلَّةً وَلِلْمُؤَثِّرِ مُؤَثِّرًا، أَوْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّ لِلْفَاعِلِ فَاعِلًا،

ص: 392