الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّرِيقَ (1) الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً أَوْ يَكُونَ الْعِلْمُ الْوَاجِبُ أَوِ الْإِيمَانُ [بِصِدْقِهِ](2) مَوْقُوفًا عَلَيْهَا.
وَقَالُوا: (3) كُلٌّ مِنَ الْعِلْمِ بِالصَّانِعِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ.
[طرق إثبات وجود الله عند أهل السنة]
أَمَّا إِثْبَاتُ الصَّانِعِ فَطَرْقُهُ لَا تُحْصَى، بَلِ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ (4) أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالصَّانِعِ فِطْرِيٌّ ضَرُورِيٌّ مَغْرُوزٌ (5) فِي الْجِبِلَّةِ، (6) ، [وَلِهَذَا كَانَتْ دَعْوَةُ عَامَّةِ الرُّسُلِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَكَانَ عَامَّةُ الْأُمَّةِ مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ مَعَ إِشْرَاكِهِمْ بِهِ بِعِبَادَةِ مَا دُونِهُ، وَالَّذِينَ أَظْهَرُوا إِنْكَارَ الصَّانِعِ كَفِرْعَوْنَ خَاطَبَتْهُمُ الرُّسُلُ خِطَابَ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّهُ حَقٌّ، كَقَوْلِ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 102]، وَلَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 23]، قَالَ لَهُ مُوسَى:{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 24 - 28] .
(1) ب: فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الطَّرِيقَةَ ; أ: فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الطَّرِيقَةِ ; م: فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الطَّرِيقَ.
(2)
بِصِدْقِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(3)
ع: فَقَالُوا.
(4)
ن، م: الْعُقَلَاءُ.
(5)
ب، أ، م: مَعْرُوفٌ.
(6)
بَعْدَ هَذَا الْقَوْسِ يَرِدُ كَلَامٌ طَوِيلٌ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وَنِهَايَتُهُ بَعْدَ صَفْحَتَيْنِ.
وَلَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [سُورَةُ طه: 49 - 50] ، فَكَانَ جَوَابُ مُوسَى لَهُ جَوَابًا لِلْمُتَجَاهِلِ الَّذِي يُظْهِرُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُ، فَإِنَّ سُؤَالَ فِرْعَوْنَ بِقَوْلِهِ:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ لِوُجُودِهِ، لَيْسَ هُوَ اسْتِفْهَامَ طَلَبٍ لِتَعْرِيفِ مَاهِيَّتِهِ كَمَا ظَنَّ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَالُوا: إِنَّ فِرْعَوْنَ طَالَبَهُ بِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ، فَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ الْجَوَابِ بِذِكْرِهَا، فَإِنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالصَّانِعِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ كَانَ جَاحِدًا لَهُ، وَكَانَ اسْتِفْهَامُهُ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ لِوُجُودِهِ، وَلِهَذَا قَالَ:{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 38]، وَقَالَ:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [سُورَةُ النَّازِعَاتِ: 24] ، وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا بِوُجُودِهِ طَالِبًا لِمَعْرِفَةِ مَاهِيَّتِهِ لَمْ يَقِلْ هَذَا، وَلَكَانَ مُوسَى مَا أَجَابَهُ إِجَابَةً لَمْ تُذْكَرْ فِيهَا مَاهِيَّتُهُ (1) .
مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ هِيَ مَا يَقُولُهُ الْمَنْطِقِيُّونَ مِنْ ذِكْرِ الذَّاتِيِّ الْمُشْتَرَكِ وَالذَّاتِيِّ الْمُمَيَّزِ، وَهُمَا الْجِنْسُ وَالْفَصْلُ، كَلَامٌ بَاطِلٌ قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبُيِّنَ أَنَّ الْمَاهِيَّةَ الْمُغَايِرَةَ لِلْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ إِنَّمَا هِيَ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الذِّهْنِ، فَإِنَّ مَا فِي الْأَذْهَانِ مِنَ الصُّوَرِ الذِّهْنِيَّةِ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ الْمَوْجُودَاتِ الْخَارِجِيَّةِ.
وَأَمَّا دَعْوَى أَهْلِ الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ أَنَّ فِي الْخَارِجِ مَاهِيَّةً وَوُجُودًا غَيْرَ
(1) فِي الْأَصْلِ (ع) : لَمْ يَقِلْ هَذَا وَ، وَبَعْدَ حَرْفِ الْوَاوِ إِشَارَةٌ إِلَى الْهَامِشِ حَيْثُ كُتِبَ: لَكَانَ مُوسَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ: لَمَّا أَجَابَهُ بِمَا أَجَابَهُ لَمْ تُذْكَرْ مَاهِيَّتُهُ، وَتُوجَدُ فِي الْهَامِشِ أَمَامَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ كَلِمَةٌ أُخْرَى هِيَ " لَقَالَ ". وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَا أَثْبَتُّهُ مُوفِّيًا بِالْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ.