الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تنازع مثبتة الرؤية في العلو والاستواء]
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ قَدِ اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِكَوْنِهِ (1) لَيْسَ فِي جِهَةٍ. وَهَذَا الْمَوْضِعُ [مِمَّا] تَنَازَعَ فِيهِ (2) مُثْبِتُو الرُّؤْيَةِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ (3) بِمَا (4) دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" «إِنَّكُمْ تَرَوْنَ (5) رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ» ". وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ [عَلَيْهِ](6) مِنْ طُرُقٍ (7) كَثِيرَةٍ، [وَهُوَ](8) مُسْتَفِيضٌ بَلْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ (9) ، اتَّفَقُوا عَلَى [صِحَّتِهِ (10) ، مَعَ](11) أَنَّهُ جَاءَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ قَدْ
(1) ن، م: لِكَوْنِهِ.
(2)
ن، م: وَهَذَا الْمَوْضِعُ يُنَازَعَ فِيهِ.
(3)
ع: جُمْهُورُهُمْ.
(4)
بِمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، وَكُتِبَتْ فِي (ن)، (م) : مِمَّا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
ع: سَتَرَوْنَ.
(6)
ب، أ، ن، م: مَنْقُولٌ.
(7)
م: جِهَاتٍ.
(8)
وَهُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9)
ب، أ: وَالْحَدِيثُ مَنْقُولٌ. وَفِي هَامِشِ نُسْخَةِ (ع) كُتِبَ مَا يَلِي: " حَدِيثُ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ. . . وَهُوَ مُسْتَفِيضٌ بَلْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. قُلْتُ: أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُتَوَاتِرَ لَيْسَ بِعَزِيزِ الْوُجُودِ وَلَا مُنْحَصِرًا بِحَدِيثِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا. . إِلَخْ كَمَا زَعَمَ بِذَلِكَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ فِي كِتَابِهِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، بَلْ هُوَ كَثِيرُ الْوُجُودِ بِأَنْ تَعَدَّدَ طَرِيقُ الْحَدِيثِ وَتَكْثُرَ بِحَيْثُ يَسْتَحِيلُ الْعَقْلُ تَوَاطُؤَ رُوَاتِهِ عَلَى الْكَذِبِ، وَقَدْ حَقَّقَ خَاتِمَةُ الْحُفَّاظِ الْعَسْقَلَانِيُّ ذَلِكَ، وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ: جَعَلْتُ رِسَالَةً جَمَعْتُ فِيهَا مِقْدَارَ عِشْرِينَ حَدِيثًا مِنَ الْمُتَوَاتِرَاتِ، فَذَكَرَهَا فَرْدًا فَرْدًا ".
(10)
هَذَا الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ مِنْ وُجُوهٍ عِدَّةٍ وَبِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي: الْبُخَارِيِّ 6/44 - 45 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، بَابُ قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)، 9/128 - 127 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ; مُسْلِمٍ 1/164 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مَعْرِفَةِ طَرِيقِ الرُّؤْيَةِ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/322 - 323 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي الرُّؤْيَةِ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/92 - 93 (كِتَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تبارك وتعالى ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/63 - 64 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامُ: 7703، 7914، (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/16 - 17، 4/11. وَالْحَدِيثُ فِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْكُتُبِ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى وَيُوجَدُ فِي كُتُبٍ أُخْرَى، وَانْظُرْ: مِفْتَاحَ كُنُوزِ السُّنَّةِ (اللَّهُ) . وَانْظُرْ دَرْءَ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ 7/29 - 31.
(11)
صِحَّتِهِ مَعَ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
جَمَعَ طُرُقَهَا أَكْثَرُ (1) أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، كَأَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْآجُرِّيِّ وَغَيْرِهِمْ (2) . (* وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ (3) ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُوجِبُ لِمَنْ كَانَ عَارِفًا بِهَا الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ (4) بِأَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ [صلى الله عليه وسلم] (5) قَالَ ذَلِكَ *) (6) . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ يُرَى [لَا](7) فِي جِهَةٍ، لَا أَمَامَ الرَّائِي وَلَا خَلْفَهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ، وَلَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي (8) الْأَشْعَرِيَّةِ فَإِنَّ هَذَا مَبْنِيٌ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي كَوْنِ الْبَارِئِ [تَعَالَى](9) فَوْقِ الْعَرْشِ.
فَالْأَشْعَرِيُّ وَقُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهُ بِذَاتِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ (10) لَيْسَ بِجِسْمٍ (11) .
(1) أَكْثَرُ: زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ.
(2)
ذَكَرَ بُرُوكِلْمَانُ (تَارِيخُ الْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ 3/211) أَنْ لِلدَّارَقُطْنِيِّ كِتَابًا جَمَعَ فِيهِ مَا وَرَدَ مِنَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرُؤْيَةِ الْبَارِي، وَمِنْهُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ فِي الْإِسْكُورِيَالِ، كَمَا ذَكَرَ (3/209) أَنَّ لِلْآجُرِّيِّ كِتَابَ التَّصْدِيقِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمِنْهُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ فِي الظَّاهِرِيَّةِ، وَفِي كِتَابِ " الشَّرِيعَةِ " لَهُ بَابٌ بِهَذَا الْعُنْوَانِ، ص [0 - 9] 51 - 270، ط. حَامِد الْفِقِي 1369/1950.
(3)
ن: أَصْحَابُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ; م: أَصْحَابُ الصَّحِيحِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
(4)
الْقَطْعِيَّ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(5)
صلى الله عليه وسلم: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(6)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8)
مُتَأَخِّرِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(9)
تَعَالَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(10)
ب، أ: وَمَعَ ذَلِكَ.
(11)
كُتِبَ مُقَابِلًا لِهَذَا الْمَوْضِعِ فِي هَامِشِ (ع) : " قُلْتُ: وَمِمَّنْ يَقُولُ بِكَوْنِهِ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ بِذَاتِهِ أَبُو زَيْدٍ فِي رِسَالَتِهِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَهُمْ. وَقَدْ يَنِيفُ مَنْ شَرَحَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، وَهِيَ فِي غَايَةِ الشُّهْرَةِ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ وَكَانُوا يَقُولُونَ لِمُؤَلِّفِهَا مَالِكٌ الصَّغِيرُ ".
وَعَبْدُ اللَّهِ [بْنُ سَعِيدِ](1) بْنِ كُلَّابٍ وَالْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيُّ كَانُوا يَقُولُونَ بِذَلِكَ، بَلْ كَانُوا أَكْمَلَ إِثْبَاتًا مِنَ الْأَشْعَرِيِّ (2) ، [فَالْعُلُوُّ عِنْدَهُمْ مِنَ الصِّفَاتِ الْعَقْلِيَّةِ، وَهُوَ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ مِنَ الصِّفَاتِ السَّمْعِيَّةِ](3)، (3 وَنَقَلَ ذَلِكَ الْأَشْعَرِيُّ 3) (4) عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ كَمَا فَهِمَهُ عَنْهُمْ (5) . [وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ كُلَّابٍ هُوَ الْأُسْتَاذَ الَّذِي اقْتَدَى بِهِ الْأَشْعَرِيُّ فِي طَرِيقِهِ هُوَ وَأَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ (6) كَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيِّ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ (7) . وَخَلْقٌ كَثِيرٌ يَقُولُونَ: إِنَّ اتِّصَافَهُ بِأَنَّهُ مُبَايِنٌ لِلْعَالَمِ عَالٍ عَلَيْهِ هُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَعْلُومَةِ بِالْعَقْلِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَأَمَّا الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ فَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ (8) وَأَكْثَرُ أَهْلِ
(1) ابْنُ سَعِيدٍ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(2)
ن، م: أَكْمَلَ النَّاسِ إِثْبَاتًا مِنَ الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ جَمِيعُهُ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4)
: (3 - 3) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
عِبَارَةُ " كَمَا فَهِمَهُ عَنْهُمْ ": زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(6)
فِي هَامِشِ نُسْخَةِ (ع) كُتِبَ التَّعْلِيقُ التَّالِي: " وَقَدْ رَأَيْتُ كَلَامَ الْأَشْعَرِيِّ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فِي الْإِبَانَةِ ".
(7)
وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ: كَذَا جَاءَ فِي (ع) ، وَأَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ الْمُحَدِّثُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 354 وَلَمْ يُذْكَرْ ضِمْنَ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ وَكَذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، وَسَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِي أَبِي الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيِّ أَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَمْ مُعَاصِرٌ لَهُ، وَكَذَا الْأَمْرُ بِخُصُوصِ الْمُحَاسِبِيِّ فَقَدْ كَانَ مُعَاصِرًا لِابْنِ كُلَّابٍ وَهِجْرَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِسَبَبِ صُحْبَتِهِ لَهُ، فَهَؤُلَاءِ مَوْصُفُونَ بِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْأَشْعَرِيِّ. وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ كُلَّابٍ وَلَكِنْ يُلَاحَظُ أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ وُلِدَ بَعْدَ وَفَاةِ ابْنِ كُلَّابٍ بِحَوَالَيْ ثَلَاثِينَ عَامًا.
(8)
فِي الْهَامِشِ كُتِبَ التَّعْلِيقُ التَّالِي: " وَرَأَيْتُ صَاحِبَ " التَّبْصِرَةِ " يَنْقُلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ يُمِرُّ أَحَادِيثَ الصِّفَاتِ جَمِيعًا عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَلَا يُئَوِّلُهَا، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ الْبَغَوِيُّ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ " يَقُولُ: جَمِيعُ مَا جَاءَ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ لَا نُئَوِّلُهَا بَلْ نَبْقَى عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَبَالَغَ فِيهِ وَقَالَ إِنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ حَتَّى إِنَّ إِنْكَارَهَا تَعْطِيلٌ وَمَنْ أَنْكَرَهَا فَهُوَ مِنَ الْمُعَطِّلَةِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْيَدِ وَالْقَدَمِ وَالْإِصْبَعِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ وَالنُّزُولِ وَالْإِتْيَانِ وَالتَّحَوُّلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ صِفَاتٌ لَهُ تَعَالَى بِلَا كَيْفٍ، وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَسُدَاهُمْ وَلُحْمَتُهُمْ إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ. وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ " الرِّسَالَةِ " لِأَبِي زَيْدٍ، وَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَعُظَمَائِهِمْ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: مَالِكٌ الصَّغِيرُ، يَقُولُ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ: إِنَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ بِذَاتِهِ، وَهَذِهِ الرِّسَالَةُ فِي غَايَةِ الشُّهْرَةِ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ وَفِي مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ، وَيُقَالُ إِنَّ لَهَا شُرُوحًا تَبْلُغُ إِلَى مِائَتَيْنِ أَوْ أَزِيدَ وَعِنْدِي شَرْحٌ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ: ابْنُ زَرُوقٍ "
الْحَدِيثِ، وَهُوَ آخِرُ قَوْلَيِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَقَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِيِّ (1) ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ كِلَيْهِمَا صِفَةٌ خَبَرِيَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ أَوَّلُ (2) قَوْلَيِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَقَوْلُ التَّمِيمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِهِ] (3) .
وَكَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي [أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ](4) أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ [اللَّهُ] فَوْقَ الْعَرْشِ [أَوْ فِي السَّمَاءِ](5) . وَهَؤُلَاءِ [الَّذِينَ يَنْفُونَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ كَأَبِي الْمَعَالِي وَأَتْبَاعِهِ، فَإِنَّ الْأَشْعَرِيَّ وَأَئِمَّةَ أَصْحَابِهِ يُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ. (6)
(1) وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ السَّرِيِّ، وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/142.
(2)
بَعْدَ كَلِمَةِ " وَهُوَ " تُوجَدُ إِشَارَةٌ إِلَى الْهَامِشِ ثُمَّ تُوجَدُ فِي الْأَصْلِ كَلِمَةُ " قَوْلَيْ " وَلَكِنْ كَلِمَةُ " أَوَّلِ " لَيْسَتْ ظَاهِرَةً فِي الْهَامِشِ إِذْ كَتَبَ الْمُعَلِّقُ فَوْقَهَا كَلَامًا آخَرَ سَبَقَ أَنْ أَثْبَتْنَاهُ. وَقَدْ أَضَفْتُ كَلِمَةَ " أَوَّلِ " لِاتِّفَاقِهَا مَعَ سِيَاقِ الْكَلَامِ
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن)، (م) : وَأَوَّلُهُ فِي الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ.
(4)
ب، أ، ن، م: مُتَأَخِّرِيهِمْ.
(5)
ن، م: أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْعَرْشِ ; ب، أ: أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْعَرْشِ أَوْ فِي السَّمَاءِ
(6)
فِي هَامِشِ نُسْخَةِ (ع) كُتِبَ التَّعْلِيقُ التَّالِي بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَاتِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ السَّابِقَةِ: " فَإِنَّ الْأَشْعَرِيَّ يُثْبِتُ النُّزُولَ وَالتَّحَوُّلَ وَالْإِتْيَانَ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْيَدِ وَالْإِصْبَعِ وَالْعَيْنِ وَالْوَجْهِ وَالْقَدَمِ وَالْجَنْبِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ، وَرَأَيْتُ كَلَامَهُ فِي كِتَابِ " الْإِبَانَةِ " يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مِنْ أَتْبَاعِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَنَّهُ يَعْتَقِدُ كُلَّ مَا يَعْتَقِدُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيَّرُوا مَسْلَكَهُ وَخَالَفُوهُ فِي كَثِيرٍ مِمَّا قَالَ بِهِ فَظَنَّ النَّاظِرُونَ فِي كَلَامِهِمْ أَنَّ كَلَامَ الْأَشْعَرِيِّ كَذَلِكَ ".