الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا كَانَتِ الرَّافِضَةُ مَنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَضَلِّهِمْ (1) ، كَمَا أَنَّ النَّصَارَى مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ، وَالرَّافِضَةَ مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ، كَمَا أَنَّ الْيَهُودَ مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ، فَفِيهِمْ نَوْعٌ مِنْ ضَلَالِ النَّصَارَى، وَنَوْعٌ مِنْ خُبْثِ الْيَهُودِ.
[الْوَجْهُ الْخَامِسُ تَمْثِيلُ ابن المطهر بِقِصَّةِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ من أقبح القياس]
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: تَمْثِيلُ هَذَا بِقِصَّةِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ (2 لَمَّا خَيَّرَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بَيْنَ الْخُرُوجِ فِي السَّرِيَّةِ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى الْحُسَيْنِ، وَبَيْنَ عَزْلِهِ عَنِ الرَّيِّ مِنْ أَقْبَحِ الْقِيَاسِ، فَإِذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ 2)(2) طَالِبًا لِلرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ مُقْدِمًا عَلَى الْمُحَرَّمِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، أَفَيَلْزَمُ (3) أَنْ يَكُونَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ بِهَذِهِ الْحَالِ؟ .
وَهَذَا أَبُوهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ مِنْ أَزْهَدِ النَّاسِ فِي الْإِمَارَةِ وَالْوِلَايَةِ، وَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ اعْتَزَلَ النَّاسَ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ (4) ، وَجَاءَهُ [عُمَرُ] ابْنُهُ (5) هَذَا فَلَامَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ [لَهُ] (6) : النَّاسُ فِي الْمَدِينَةِ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ وَأَنْتَ هَاهُنَا (7) ! فَقَالَ: اذْهَبْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (8) صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ» "(9) .
(1) ن، م، أ: وَأَظْلَمِهِمْ.
(2)
(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
أ، ب: فَيَلْزَمُ.
(4)
، م: بِالْعَقِيقِ فِي قَصْرِهِ.
(5)
ن: فَجَاءَ ابْنُهُ ; م: وَجَاءَ ابْنُهُ.
(6)
لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
ن، م: وَأَنْتَ هُنَا.
(8)
أ، ب: النَّبِيَّ.
(9)
فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/26 (رَقْمُ 1441) عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ أَخَاهُ عُمَرَ انْطَلَقَ إِلَى سَعْدٍ فِي غَنَمٍ لَهُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدُ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: يَا أَبَتِ، أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي غَنَمِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ بِالْمَدِينَةِ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ صَدْرَ عُمَرَ، وَقَالَ: اسْكُتْ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ ". وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ مَعِ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ 4/2277 (كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرِّقَاقِ، الْبَابُ الْأَوَّلِ) وَلِلْحَدِيثِ رِوَايَةٌ أُخْرَى مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/56 - 66 (رَقْمُ 1529) .
وَهَذَا وَلَمْ يَكُنْ قَدْ بَقِيَ أَحَدٌ (1) مِنْ أَهْلِ الشُّورَى غَيْرُهُ وَغَيْرُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما (2) ، وَهُوَ الَّذِي فَتَحَ الْعِرَاقَ وَأَذَلَّ جُنُودَ (3) كِسْرَى، وَهُوَ آخِرُ الْعَشْرَةِ مَوْتًا، فَإِذَا لَمْ يَحْسُنْ أَنْ يُشَبَّهَ بِابْنِهِ عُمَرَ أَيُشَبَّهُ (4) بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ؟ .
هَذَا وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ، بَلْ يُفَضِّلُونَ مُحَمَّدًا وَيُعَظِّمُونَهُ وَيَتَوَلَّوْنَهُ لِكَوْنِهِ آذَى عُثْمَانَ، وَكَانَ مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ عَلِيٍّ ; لِأَنَّهُ كَانَ رَبِيبَهُ، وَيَسُبُّونَ أَبَاهُ أَبَا بَكْرٍ وَيَلْعَنُونَهُ.
فَلَوْ أَنَّ النَّوَاصِبَ فَعَلُوا بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مِثْلَ ذَلِكَ: فَمَدَحُوهُ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ لِكَوْنِهِ كَانَ مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ، وَمِنَ الْمُنْتَصِرِينَ لَهُ (5) ، وَسَبُّوا أَبَاهُ سَعْدًا لِكَوْنِهِ تَخَلَّفَ عَنِ الْقِتَالِ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَالِانْتِصَارِ لِعُثْمَانَ ; هَلْ كَانَتِ النَّوَاصِبُ لَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ جِنْسِ الرَّافِضَةِ؟ بَلِ الرَّافِضَةُ شَرٌّ مِنْهُمْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ سَعْدٍ، وَعُثْمَانُ كَانَ أَبْعَدَ عَنِ اسْتِحْقَاقِ الْقَتْلِ مِنَ الْحُسَيْنِ، وَكِلَاهُمَا مَظْلُومٌ شَهِيدٌ، رضي الله عنهما.
(1) ن (فَقَطْ) : أَحَدٌ قَدْ بَقِيَ.
(2)
ن: عليهما السلام ; م: عليه السلام.
(3)
ن: جُيُوشَ.
(4)
ن: أَنْ يُشَبَّهَ بِاللَّهِ عُمَرَ أَشْبَهَ ; م: أَنْ يُشَبَّهَ بِأَبِيهِ عُمَرَ الشَّبِيهِ.
(5)
ن (فَقَطْ) : مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ وَكَانَ مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَمِنَ الْمُنْتَصِرِينَ لَهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
وَلِهَذَا كَانَ الْفَسَادُ الَّذِي حَصَلَ فِي الْأُمَّةِ بِقَتْلِ عُثْمَانَ أَعْظَمَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي حَصَلَ فِي الْأُمَّةِ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ، وَعُثْمَانُ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَهُوَ خَلِيفَةٌ مَظْلُومٌ طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَنْعَزِلَ (1) بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَنْعَزِلْ، وَلَمْ يَدْفَعْ (2) عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى قُتِلَ، وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنه لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا وَإِنَّمَا كَانَ طَالِبًا لِلْوِلَايَةِ حَتَّى رَأَى أَنَّهَا مُتَعَذِّرَةٌ، وَطُلِبَ (3) مِنْهُ أَنْ يَسْتَأْسِرَ نَفْسَهُ (4) ; لِيُحْمَلَ إِلَى يَزِيدَ مَأْسُورًا فَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ، وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا مَظْلُومًا (5) ، فَظُلْمُ عُثْمَانَ كَانَ أَعْظَمَ، وَصَبْرُهُ وَحِلْمُهُ [كَانَ](6) أَكْمَلَ، وَكِلَاهُمَا مَظْلُومٌ شَهِيدٌ.
وَلَوْ مَثَّلَ مُمَثِّلٌ طَلَبَ عَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ لِلْأَمْرِ (7) بِطَلَبِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ كَالْحَاكِمِ (8) وَأَمْثَالِهِ، وَقَالَ: إِنَّ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ (9) كَانَا ظَالِمَيْنِ طَالِبَيْنِ
(1) أ: يَقُولُ ; ب: يُعْزَلَ.
(2)
أ، ب: يُقَاتِلْ. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (م) .
(3)
ن، م: فَطُلِبَ.
(4)
أ، ب: لِيَسْتَأْسِرَ.
(5)
أ، ب: مَظْلُومًا شَهِيدًا.
(6)
كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
أ، ب: الْأَمْرَ.
(8)
الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ مَنْصُورُ بْنُ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، سَادِسُ الْخُلَفَاءِ الْعُبَيْدِيِّينَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، الَّذِينَ كَانُوا يُلَقِّبُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْفَاطِمِيِّينَ، وُلِدَ فِي الْقَاهِرَةِ سَنَةَ 357، وَتَوَلَّى الْخِلَافَةَ بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ الْعَزِيزِ سَنَةَ 386، وَعُمْرُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ قَامَ سَنَةَ 408 بِمَعُونَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الدُّرْزِيِّ بِالدَّعْوَةِ إِلَى تَأْلِيهِ نَفْسِهِ، وَفَتَحَ سِجِلًّا تُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ، وَانْتَهِي حُكْمُ الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ سَنَةَ 411، بَعْدَ اخْتِفَائِهِ، وَيُقَالُ إِنَّهُ اغْتِيلَ، وَكَانَ حُكْمُهُ مُتَّسِمًا بِالْقَسْوَةِ وَالْبَطْشِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَنَاقِضَةِ الْحَمْقَاءِ. انْظُرْ سِيرَتَهُ وَتَرْجَمَتَهُ فِي: وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 4/379 - 383 ; مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ عَنَان: الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ، الطَّبْعَةُ الثَّانِيَةُ ; ط. لَجْنَةِ التَّأْلِيفِ، 1379/1959 ; جِرَافِ: مَادَّةُ " الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ "، دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 8/246 - 247.
(9)
ن: وَالْحَسَنَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
لِلرِّيَاسَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ وَأَمْثَالِهِ مِنْ مُلُوكِ بَنِي عُبَيْدٍ، أَمَا كَانَ يَكُونُ كَاذِبًا مُفْتَرِيًا فِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ إِيمَانِ عَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ وَدِينِهِمَا وَفَضْلِهِمَا، وَلِنِفَاقِ هَؤُلَاءِ وَإِلْحَادِهِمْ؟ .
وَكَذَلِكَ مَنْ شَبَّهَ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ بِبَعْضِ مَنْ قَامَ مِنَ الطَّالِبِيِّينَ أَوْ غَيْرِهِمْ بِالْحِجَازِ أَوِ الشَّرْقِ أَوِ الْغَرْبِ يَطْلُبُ الْوِلَايَةَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَظْلِمُ النَّاسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ (1) ، أَمَا كَانَ يَكُونُ ظَالِمًا كَاذِبًا؟ .
فَالْمُشَبِّهُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَوْلَى بِالْكَذِبِ وَالظُّلْمِ، ثُمَّ غَايَةُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَأَمْثَالِهِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِأَنَّهُ طَلَبَ الدُّنْيَا بِمَعْصِيَةٍ يَعْتَرِفُ (2) أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَهَذَا ذَنْبٌ كَثِيرٌ [وُقُوعُهُ] مِنَ الْمُسْلِمِينَ (3) .
وَأَمَّا الشِّيعَةُ فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا (4) . قَصَدُوا بِالْمُلْكِ إِفْسَادَ دِينِ الْإِسْلَامِ وَمُعَادَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ خِطَابِ الْبَاطِنِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنَ الدَّاخِلِينَ فِي الشِّيعَةِ، فَإِنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَعْتَقِدُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يَتَظَاهَرُونَ بِالتَّشَيُّعِ لِقِلَّةِ عَقْلِ الشِّيعَةِ وَجَهْلِهِمْ، لِيَتَوَسَّلُوا بِهِمْ إِلَى أَغْرَاضِهِمْ.
وَأَوَّلُ هَؤُلَاءِ - بَلْ خِيَارُهُمْ - هُوَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْكَذَّابُ (5) . فَإِنَّهُ
(1) ن، م: بِبَعْضِ أُمَرَاءِ الْحِجَازِ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْمُلْكَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَظْلِمُونَ النَّاسَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. . . إِلَخْ.
(2)
ن: مُعْتَرِفٍ ; م: فَعَبَّرُوا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3)
ن، م: وَهَذَا ذَنْبُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
(4)
ن، م: إِذَا، وَهُوَ خَطَأٌ
(5)
الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ، دَعَا الشِّيعَةَ إِلَى بَيْعَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ فَتَبِعَهُ الْكَثِيرُونَ، ثُمَّ قَتَلَ أَكْثَرَ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَحَارَبَ جَيْشَ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَتَمَّتْ لَهُ وِلَايَةُ الْكُوفَةِ وَالْجَزِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ النُّبُوَّةَ وَنُزُولَ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَارَبَهُ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ سَنَةَ 67. وَتُنْسَبُ إِلَى الْمُخْتَارِ فِرَقُ الْكَيْسَانِيَّةِ مِنَ الرَّافِضَةِ وَيُسَمَّى الشَّهْرَسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَتْبَاعُهُ خَاصَّةً الْمُخْتَارِيَّةَ، وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ يُلَقَّبُ بِكَيْسَانَ، وَقِيلَ بَلْ أَخَذَ مَقَالَتَهُ عَنْ مَوْلًى لِعَلِيٍّ رضي الله عنه اسْمُهُ كَيْسَانِ. انْظُرْ أَخْبَارَ الْمُخْتَارِ وَسِيرَتَهُ فِي: تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/569 - 582، أَحْدَاثِ سَنَةِ 66، 67، 6/5 - 116 ; الْأَخْبَارِ الطِّوَالِ لِلدِّينَوَرِيِّ (ط. وِزَارَةِ الثَّقَافَةِ، 1960) ، ص [0 - 9] 88 - 308 ; تَارِيخِ أَبِي الْفِدَا (ط. الْحُسَيْنِيَّةِ) 1/194 - 195 ; مُرُوجِ الذَّهَبِ لِلْمَسْعُودِيِّ 3/105 - 107 ; سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ لِلذَّهَبِيِّ 3/353 - 356 ; لِسَانِ الْمِيزَانِ 6 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 8/70 - 71 ; الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 26 - 34 ; الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/132 - 134 ; فِرَقِ الشِّيعَةِ لِلنُّوبَخْتِيِّ (ط. الْمَطْبَعَةِ الْحَيْدَرِيَّةِ بِالنَّجَفِ، 1379/1959) ، ص [0 - 9] 4 - 45، 48. وَانْظُرْ كِتَابَ الْمُخْتَارِ الثَّقَفِيِّ، سِلْسِلَةِ الْعَرَبِ، تَأْلِيفِ د. عَلِي الْخَرْبُوطْلِي، الْقَاهِرَةِ، 1963
كَانَ أَمِيرَ (1) الشِّيعَةِ، وَقَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ (2) بْنَ زِيَادٍ، وَأَظْهَرَ الِانْتِصَارَ لِلْحُسَيْنِ حَتَّى قَتَلَ قَاتِلَهُ، وَتَقَرَّبَ بِذَلِكَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ (3) وَأَهْلِ الْبَيْتِ، ثُمَّ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَأَنَّ جِبْرِيلَ يَأْتِيهِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «سَيَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ» (4) " فَكَانَ الْكَذَّابُ هُوَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي
(1) أ، ب: أَمِينَ.
(2)
ن: عَبْدَ اللَّهِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِيمَا سَبَقَ 1/12 (ت [0 - 9] ) . وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ أَيْضًا فِي: تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ (ط. الْمُنِيرِيَّةِ) ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 8 - 89 ; طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 5/91 - 116 ; الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 7/152 - 153.
(4)
أَوْرَدَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ 4/1971 - 1972 فِي (كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ ذِكْرِ كَذَّابِ ثَقِيفٍ وَمُبِيرِهَا) حَدِيثًا طَوِيلًا جَاءَ فِيهِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: " أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلَا أَخَالُكَ إِلَّا إِيَّاهُ، قَالَ: فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا ". وَفِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 7/18 (حَدِيثُ رَقْمُ 4790) عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ فِي ثَقِيفٍ مُبِيرًا وَكَذَّابًا ". وَقَالَ النَّوَوِيُّ (شَرْحُ مُسْلِمِ 16/100) : " وَالْمُبِيرُ الْمُهْلِكُ ".
عُبَيْدٍ، وَكَانَ الْمُبِيرُ هُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ (1) .
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ الَّتِي قَتَلَتِ (2) الْحُسَيْنَ، مَعَ ظُلْمِهِ وَتَقْدِيمِهِ الدُّنْيَا عَلَى الدِّينِ، لَمْ يَصِلْ فِي الْمَعْصِيَةِ إِلَى فِعْلِ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الَّذِي أَظْهَرَ الِانْتِصَارَ لِلْحُسَيْنِ وَقَتَلَ قَاتِلَهُ، بَلْ [كَانَ](3) هَذَا أَكْذَبَ وَأَعْظَمَ ذَنْبًا مِنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، فَهَذَا الشِّيعِيُّ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ النَّاصِبِيِّ، بَلْ وَالْحَجَّاجُ [بْنُ يُوسُفَ](4) خَيْرٌ مِنَ الْمُخْتَارِ [بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ](5) ، فَإِنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ مُبِيرًا كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْفِكُ الدِّمَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْمُخْتَارُ كَانَ كَذَّابًا يَدَّعِي النُّبُوَّةَ (6) وَإِتْيَانَ جِبْرِيلَ
(1) أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ 41، فِي بَلْدَةِ الطَّائِفِ وَقَلَّدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ الْوَلِيدِ أَمْرَ عَسْكَرِهِ، وَقَاتَلَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَتَلَهُ سَنَةَ 73، فَوَلَّاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَالطَّائِفَ، ثُمَّ وَلَّاهُ الْعِرَاقَ فَأَخْمَدَ الثَّوْرَةَ بِهَا، وَثَبَتَتْ لَهُ الْإِمَارَةُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ الَّذِي بَنَى مَدِينَةَ وَاسِطٍ وَبِهَا كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ 95. انْظُرْ سِيرَتَهُ فِي: وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 1/341 - 348 ; الْأَخْبَارِ الطِّوَالِ، ص 314 - 329، الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 2/175 - 176 ; لَامِنْسَ: مَادَّةِ الْحَجَّاجِ، دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ ; تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ 6/174 وَمَا بَعْدَهَا ; مُرُوجِ الذَّهَبِ 3/119 - 122، 132 - 164.
(2)
ن، م: قَاتَلَتِ.
(3)
كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
بْنُ يُوسُفَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
أ، ب: الْوَحْيَ.
إِلَيْهِ، وَهَذَا الذَّنْبُ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ النُّفُوسِ، فَإِنَّ هَذَا كُفْرٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ كَانَ مُرْتَدًّا، وَالْفِتْنَةُ أَعْظَمُ مِنَ الْقَتْلِ.
وَهَذَا بَابٌ مُطَّرِدٌ، لَا تَجِدُ أَحَدًا مِمَّنْ تَذُمُّهُ الشِّيعَةُ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ إِلَّا وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَا تَجِدُ أَحَدًا مِمَّنْ تَمْدَحُهُ الشِّيعَةُ إِلَّا وَفِيمَنْ تَمْدَحُهُ الْخَوَارِجُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، فَإِنَّ الرَّوَافِضَ شَرٌّ مِنَ النَّوَاصِبِ، وَالَّذِينَ تُكَفِّرُهُمْ أَوْ تُفَسِّقُهُمُ الرَّوَافِضُ هُمْ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ تُكَفِّرُهُمْ أَوْ تُفَسِّقُهُمُ النَّوَاصِبُ.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَتَوَلَّوْنَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ وَالنَّوَاصِبِ [جَمِيعًا](1) ، وَيَتَوَلَّوْنَ السَّابِقِينَ وَالْأَوَّلِينَ [كُلَّهُمْ](2) ، وَيَعْرِفُونَ قَدْرَ الصَّحَابَةِ وَفَضْلَهُمْ وَمَنَاقِبَهُمْ، وَيَرْعَوْنَ حُقُوقَ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ لَهُمْ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِمَا فَعَلَهُ الْمُخْتَارُ وَنَحْوُهُ مِنَ الْكَذَّابِينَ، وَلَا مَا فَعَلَهُ (3) . الْحَجَّاجُ وَنَحْوُهُ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَيَعْلَمُونَ مَعَ هَذَا مَرَاتِبَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ التَّقَدُّمِ وَالْفَضَائِلِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُمَا (4) فِيهَا أَحَدٌ [مِنَ الصَّحَابَةِ](5) ، لَا عُثْمَانُ وَلَا عَلِيٌّ [وَلَا غَيْرُهُمَا](6) .
(1) جَمِيعًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ن، م: وَيَقُولُونَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَسَقَطَتْ " كُلَّهُمْ ".
(3)
أ، ب: وَلَا مَا فَعَلَ
(4)
ن، م: يَشْرَكْهُمَا.
(5)
مِنَ الصَّحَابَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
وَلَا غَيْرُهُمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
وَهَذَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، [إِلَّا أَنْ يَكُونَ خِلَافًا شَاذًّا لَا يُعْبَأُ بِهِ](1) ، حَتَّى أَنَّ الشِّيعَةَ الْأُولَى (2) أَصْحَابَ عَلِيٍّ لَمْ يَكُونُوا يَرْتَابُونَ فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَيْهِ.
كَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ (3)[مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ](4) أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ "(5) وَلَكِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
أ: الْأُوَلَ.
(3)
أ، ب: عَنْهُ.
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
ذَكَرْتُ مِنْ قَبْلُ نَصَّ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ (5/7) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ. انْظُرْ هَذَا الْكِتَابَ 1/12، 308. وَرَوَى نَفْسَ الْحَدِيثِ بِنَفْسِ السَّنَدِ وَلَكِنْ بِاخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ 4/288 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي التَّفْضِيلِ) . وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/39 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ فَضْلِ عُمَرَ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ وَخَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ، وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 2/10 (ط. مُصْطَفَى الْحَلَبِيِّ، 1358/1939) الْحَدِيثَ كَالْآتِي: " خَيْرُ أُمَّتِي بَعْدِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ "، وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ عَسَاكِرَ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ مَعًا، وَحَسَّنَ السُّيُوطِيُّ الْحَدِيثَ، وَلَكِنَّ الْأَلْبَانِيَّ ضَعَّفَهُ، فِي (ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَزِيَادَتِهِ 3/137. أَمَّا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ فَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي (ط. الْمَعَارِفِ) بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ 24 مَرَّةً كَالْآتِي: عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ (الْأَحَادِيثُ 833، 835 - 837، 871، 878 - 880، 1054) وَعَنْ عَبْدِ خَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ (الْأَحَادِيثُ 908، 909، 922، 932 - 934، 1030، 1031، 1040، 1052، 1060) وَعَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ (الْأَحَادِيثُ 926، 932) وَعَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ (الْحَدِيثُ 834) وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ (الْحَدِيثُ 1051) . وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله سَنَدَ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا عَدَا سَنَدَ الْأَحَادِيثِ 922، 1030 فَقَدْ حَسَّنَهُمَا، 1052 فَقَدْ ضَعَّفَهُ.
تُقَدِّمُهُ (1) عَلَى عُثْمَانَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (2) أَخْفَى مِنْ تِلْكَ.
وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ [أَهْلِ](3) السُّنَّةِ كُلِّهِمْ (4) مُتَّفِقِينَ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (5 مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ 5)(5) ، [كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالزُّهْدِ وَالتَّفْسِيرِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ](6) .
وَأَمَّا عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ فَكَانَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَتَوَقَّفُونَ فِيهِمَا (7) ، وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يُقَدِّمُونَ عَلِيًّا، وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ [سُفْيَانَ] الثَّوْرِيِّ (8)، ثُمَّ قِيلَ: إِنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ (9) وَقَالَ: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى
(1) ن، م: وَلَكِنْ كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى تَقْدِيمِهِ. . . إِلَخْ.
(2)
ن: الْمِلَّةُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
كُلِّهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
(5 - 5) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
، م: فِيهَا.
(8)
، م: عَنِ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ سُفْيَانُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْإِمَامُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَقِيلَ: سِتٍّ، وَقِيلَ: سَبْعٍ وَتِسْعِينَ لِلْهِجْرَةِ وَتُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 161. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 2/127 - 128 ; تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 4/111 - 115 ; طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 6/371 - 374 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 9/151 - 174 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 2/158.
(9)
أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ كَيْسَانَ السِّخْتِيَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ، مِنَ التَّابِعِينَ وَكَانَ سَيِّدَ فُقَهَاءِ عَصْرِهِ، وُلِدَ سَنَةَ 66 - وَقِيلَ 68 - وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 131. تَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 1/397 - 399 ; طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 7/246 - 251 ; اللُّبَابِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 1/536 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 1/382.
بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. [وَسَائِرُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ، وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ وَالِاعْتِبَارُ](1) .
وَأَمَّا مَا يُحْكَى عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ تَقْدِيمِ جَعْفَرٍ أَوْ تَقْدِيمِ طَلْحَةَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ فِي أُمُورٍ مَخْصُوصَةٍ لَا تَقْدِيمًا عَامًّا، [وَكَذَلِكَ مَا يُنْقَلُ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي عَلِيٍّ](2) .
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السَّفَارِينِيُّ فِي كِتَابِهِ " لَوَائِحُ الْأَنْوَارِ الْبَهِيَّةِ " الْمَعْرُوفُ بِشَرْحِ عَقِيدَةِ السَّفَارِينِيِّ 2/340 اتِّفَاقَ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ:" ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَالْأَكْثَرُونَ وَمِنْهُمُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ، رضي الله عنهم، أَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما، وَجَزَمَ الْكُوفِيُّونَ - وَمِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - بِتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَقِيلَ بِالْوَقْفِ عَنِ التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، فَقَدْ حَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ عَنِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَوَ فِي ذَلِكَ شَكٌّ؟ فَقِيلَ لَهُ: وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ؟ فَقَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِمَّنْ أَقْتَدِي بِهِ يُفَضِّلُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ. . نَعَمْ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ التَّوَقُّفِ إِلَى تَفْضِيلِ عُثْمَانَ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ نَقَلَ التَّوَقُّفَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَعِينٍ ". وَانْظُرْ فِي أَمْرِ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، رضي الله عنهما: فَتْحِ الْبَارِّي 7/14 - 15 ; الِاسْتِيعَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ (الْمَطْبُوعِ مَعَ الْإِصَابَةِ) 3/51 - 54 ; ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ: أُصُولِ الدِّينِ، ص 304 ; ابْنُ حَزْمٍ: الْفِصَلَ 4/223 - 224 ; عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ: شَرْحِ الطَّحَاوِيَّةِ (ط. دَارِ الْبَيَانِ)، ص [0 - 9] 85 ; الْأَشْعَرِيُّ: مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 2/131 ; الْجُوَيْنِيُّ: الْإِرْشَادِ، ص [0 - 9] 31 ; الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ لِلْإِيجِيِّ بِشَرْحِ الدَّوَانِيِّ (تَحْقِيقُ د. سُلَيْمَان دُنْيَا) 2/636 - 647، 1958.