الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الرد على قوله وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى الْقَوْلِ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ وَحَرَّمُوا الْأَخْذَ بِالْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ (1) : " وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى الْقَوْلِ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ، وَحَرَّمُوا الْأَخْذَ بِالْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ ".
فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشِّيعَةَ فِي هَذَا مِثْلُ غَيْرِهِمْ، فَفِي أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ كَمَا فِي الشِّيعَةِ النِّزَاعُ فِي ذَلِكَ، فَالزَّيْدِيَّةُ تَقُولُ بِذَلِكَ وَتَرْوِي فِيهِ الرِّوَايَاتِ عَنِ الْأَئِمَّةِ (2) .
الثَّانِي: أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ - الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ - لَا تَقُولُ بِالْقِيَاسِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِإِمَامَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ قَالَ بِالْقِيَاسِ، بَلِ الْمُعْتَزِلَةُ الْبَغْدَادِيُّونَ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ (3) ،
(1) الْكَلَامُ التَّالِي سَبَقَ وُرُودُهُ فِي (ك) 1/83 (م) . وَهُوَ آخِرُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنَ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ " مِنْهَاجِ الْكَرَامَةِ "، وَسَبَقَ وُرُودُهُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص [0 - 9]9. وَقَدْ تَنَاوَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الرَّدَّ عَلَى جُزْءٍ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فِي الصَّفَحَاتِ 102 - 288، ثُمَّ رَدَّ عَلَى سَائِرِ الْأَجْزَاءِ فِي الصَّفَحَاتِ 288 إِلَى هَذِهِ الصَّفْحَةِ حَيْثُ يَرُدُّ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ وَيَنْتَهِي رَدُّهُ ص [0 - 9] 81.
(2)
يَقُولُ الزَّيْدِيَّةُ بِالْقِيَاسِ، وَيَخْتَلِفُونَ فِي اجْتِهَادِ الرَّأْيِ، وَيَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ 1/141 أَنَّ الزَّيْدِيَّةَ يَنْقَسِمُونَ فِي اجْتِهَادِ الرَّأْيِ إِلَى فِرْقَتَيْنِ: الْأُولَى تُجِيزُ هَذَا الِاجْتِهَادَ فِي الْأَحْكَامِ وَالثَّانِيَةِ تُنْكِرُهُ. وَانْظُرْ عَنْ قَوْلِ الزَّيْدِيَّةِ بِالْقِيَاسِ كِتَابَ " الْإِمَامِ زَيْدٍ " لِلشَّيْخِ مُحَمَّد أَبِي زَهْرَةَ، ص [0 - 9] 22 وَمَا بَعْدَهَا (ط. دَارِ الْفِكْرِ الْعَرَبِيِّ، 1378/1959) .
(3)
قَالَ الْآمِدِيُّ فِي " الْإِحْكَامِ فِي أُصُولِ الْأَحْكَامِ " 4/6 (ط. دَارِ الْكُتُبِ، 1332/1914) : " وَقَالَتِ الشِّيعَةُ وَالنَّظَّامُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مُعْتَزِلَةِ بَغْدَادَ كَيَحْيَى الْإِسْكَافِيِّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُبَشِّرٍ وَجَعْفَرِ بْنِ حَرْبٍ بِإِحَالَةِ وُرُودِ التَّعَبُّدِ بِهِ (الْقِيَاسِ) عَقْلًا، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي مَأْخَذِ الْإِحَالَةِ الْعَقْلِيَّةِ " وَانْظُرِ: الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 7، 101 ; أُصُولَ الدِّينِ لِابْنِ طَاهِرٍ، ص [0 - 9] 9 - 20 ; عِيسَى مَنُونَ: نِبْرَاسَ الْعُقُولِ فِي تَحْقِيقِ الْقِيَاسِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ (ط. الْمُنِيرِيَّةِ) 1/57 - 62 ; صِدِّيق حَسَن خَان: حُصُولَ الْمَأْمُولِ (ط. اسْتَانْبُولَ، 1926) ، ص 159.
(* وَالْفُقَهَاءُ أَهْلُ الظَّاهِرِ كَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَتْبَاعِهِ (1) ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ (2) وَالصُّوفِيَّةُ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ *) (3) .
وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ بَاطِلًا أَمْكَنَ الدُّخُولُ فِي [السُّنَّةِ وَتَرْكُ الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا أَمْكَنَ الدُّخُولُ فِي](4) أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْأَخْذُ بِالْقِيَاسِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: الْقَوْلُ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ خَيْرٌ مِنَ الْأَخْذِ بِمَا يَنْقُلُهُ مَنْ يُعْرَفُ بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ عَمَّنْ يُصِيبُ وَيُخْطِئُ نَقْلَ غَيْرِ مُصَدِّقٍ (5) عَنْ قَائِلٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ، وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ رُجُوعَ مِثْلِ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (6) وَابْنِ الْمَاجِشُونِ (7)(8) وَالْأَوْزَاعِيِّ (9)
(1) قَالَ الظَّاهِرِيَّةُ بِإِنْكَارِ الْقِيَاسِ، وَأَشْهَرُ مَنْ يُمَثِّلُهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ وَقَدْ أَفْرَدَ رِسَالَةً لِهَذَا الْمَوْضُوعِ عُنْوَانُهَا " مُلَخَّصُ إِبْطَالِ الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَالتَّقْلِيدِ وَالتَّعْلِيلِ " نَشَرَهَا الْأُسْتَاذُ سَعِيد الْأَفْغَانِيُّ، دِمَشْقَ 1379/1960 ; كَمَا تَنَاوَلَ الْمَوْضُوعَ بِالتَّفْصِيلِ فِي كِتَابِهِ " الْإِحْكَامِ فِي أُصُولِ الْأَحْكَامِ ".
(2)
ن، م: أَهْلِ الْحَدِيثِ: وَتَنُصُّ الْمَرَاجِعُ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ (ت [0 - 9] ) عَلَى إِنْكَارِ الشِّيعَةِ لِلْقِيَاسِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا الْغَزَالِيُّ فِي " الْمُسْتَصْفَى "، ص [0 - 9] 62 (ط. مُصْطَفَى مُحَمَّد، 1356/1937) . وَانْظُرِ الْإِمَامَ الصَّادِقَ، لِأَبِي زَهْرَةَ، ص [0 - 9] 15 وَمَا بَعْدَهَا.
(3)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5)
ن، م: غَيْرِ صِدْقٍ.
(6)
أَبُو الْحَارِثِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ، تَابِعِيٌّ قَالَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:" كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ مَالِكًا كَانَ أَشَدَّ تَنْقِيَةً لِلرِّجَالِ مِنْهُ ". وَوُلِدَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ سَنَةَ 80 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 158 أَوْ 159. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 1/191 - 193 ; تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 - 87 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 3/323 ; الْأَعْلَامِ 7/61.
(7)
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَاجِشُونُ، سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2 وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
(8)
سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/461.
(9)
سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/461.
وَالثَّوْرِيِّ سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2. وَابْنِ أَبِي لَيْلَى (1) وَشَرِيكٍ (2) وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (3) وَمُحَمَّدِ [بْنِ الْحَسَنِ] (4) وَزُفَرَ (5) وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيِّ (6) وَالشَّافِعِيِّ وَالْبُوَيْطِيِّ (7) وَالْمُزَنِيِّ (8) وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ [وَإِسْحَاقَ بْنِ
(1) أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ، الْفَقِيهُ الْمُقْرِئُ مُفْتِي الْكُوفَةِ وَقَاضِيهَا، وُلِدَ سَنَةَ 74 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 148. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 6/358 ; تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 1/171 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 3/319 - 320 ; الْأَعْلَامِ 7/60 - 61.
(2)
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ. وُلِدَ سَنَةَ 95 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 177. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 1/232 ; طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 6/378 - 379 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/169 - 171 ; الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 1/270 ; الْأَعْلَامِ 3/239.
(3)
أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ الْأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وُلِدَ سَنَةَ 113 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 182. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 5/421 - 432 ; تَاجِ التَّرَاجِمِ لِابْنِ قُطْلُوبُغَا، ص [0 - 9] 1 ; الْأَعْلَامِ 9/252.
(4)
بْنِ الْحَسَنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/144.
(5)
زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ بْنِ قَيْسِ الْعَنْبَرِيُّ، صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وُلِّيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ. وُلِدَ سَنَةَ 110 وَمَاتَ سَنَةَ 158. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 6/387 ; تَاجِ التَّرَاجِمِ لِابْنِ قُطْلُوبُغَا، ص [0 - 9] 8 ; الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 1/229 ; الْأَعْلَامِ 3/78.
(6)
ب، ا: وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَاللُّؤْلُؤِيِّ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ الْكُوفِيُّ، الْقَاضِي الْفَقِيهُ، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 204. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَاجِ التَّرَاجِمِ، ص [0 - 9] 2 ; مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/228 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 7/314 - 317 ; الْأَعْلَامِ 2/205.
(7)
يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ، أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ، صَاحِبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 231. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 6/60 - 62 ; طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ، الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 1/411 ; الْأَعْلَامِ 9/338.
(8)
أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمُزَنِيُّ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ 175 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 264. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 1/196 - 197 ; طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 2/93 - 109 ; الْعِبَرِ الذَّهَبِيِّ 2/28 ; الْأَعْلَامِ 1/327.
رَاهَوَيْهِ] (1) وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ (2) وَالْأَثْرَمِ (3) وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ (4) . وَالْبُخَارِيِّ وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ (5) وَأَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ (6) وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ (7) وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ (8) وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ إِلَى اجْتِهَادِهِمْ وَاعْتِبَارِهِمْ مِثْلَ أَنْ يَعْلَمُوا سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الثَّابِتَةَ عَنْهُ وَيَجْتَهِدُوا فِي تَحْقِيقِ مَنَاطِ الْأَحْكَامِ وَتَنْقِيحِهَا وَتَخْرِيجِهَا - خَيْرٌ لَهُمْ (9) مِنْ أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِنَقْلِ الرَّوَافِضِ عَنِ الْعَسْكَرِيَّيْنِ وَأَمْثَالِهِمَا، فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ لَأَعْلَمُ بِدِينِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنَ الْعَسْكَرِيَّيْنِ (10) أَنْفُسِهِمَا، فَلَوْ أَفْتَاهُ أَحَدُهُمَا بِفُتْيَا
(1) إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ: فِي (ع) فَقَطْ. وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/462.
(2)
ع: أَبُو أَيُّوبَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَأَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَتِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ بَشِيرٍ الْأَزْدِيُّ السِّجِسْتَانِيُّ، صَاحِبُ السُّنَنِ، وُلِدَ سَنَةَ 202 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 275. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 2/591 - 593 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/138 - 140 ; طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 1/159 - 163 ; الْأَعْلَامِ 3/182.
(3)
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ، أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ. سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/364.
(4)
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بَشِيرٍ، أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ الْحَافِظُ، تَفَقَّهَ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وُلِدَ سَنَةَ 198 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 285. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 2/584 - 586 ; طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 1/86 - 93 ; فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ 1/5 - 7 ; الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 2 ; الْأَعْلَامِ 1/24 - 25
(5)
سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/423، 2/364.
(6)
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ. سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/365.
(7)
سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/122.
(8)
سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/104.
(9)
ع: خَيْرًا لَهُمْ، وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهَا خَبَرٌ لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ: وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ رُجُوعَ مِثْلِ مَالِكٍ. . . إِلَخْ (ص 470) .
(10)
هُمَا: أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ (الْهَادِي) بْنُ مُحَمَّدٍ (الْجَوَادِ) ، وَابْنُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ (الْخَالِصُ) ابْنُ عَلِيٍّ (الْهَادِي)، وَعُرِفَا بِالْعَسْكَرِيَّيْنِ نِسْبَةً إِلَى مَدِينَةِ الْعَسْكَرِ (سَامَرَّاءَ) . وُلِدَ عَلِيٌّ الْهَادِي سَنَةَ 214 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 254. قَالَ الذَّهَبِيُّ عَنْهُ:" كَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُتَعَبِّدًا اسْتَفْتَاهُ الْمُتَوَكِّلُ مَرَّةً وَوَصَلَهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ ". انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/434 - 435 ; الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 1/6 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 12/56 ; تَارِيخِ الْيَعْقُوبِيِّ 2/484، 503، الْأَعْلَامِ 5/140. وَسَيَتَكَلَّمُ عَنْهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا بَعْدُ 2/129 - 131 (ب) . وَأَمَّا الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ الْخَالِصُ فَقَدْ وُلِدَ سَنَةَ 232 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 260. قَالَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ:" ضَعَّفَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ ". انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 1/372 - 373 ; لِسَانِ الْمِيزَانِ 2/240 ; الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 2/20 ; الْأَعْلَامِ 2/215 - 216. وَسَيَتَكَلَّمُ عَنْهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا بَعْدُ 2/131 (ب) .
كَانَ رُجُوعُهُ [إِلَى اجْتِهَادِهِ أَوْلَى مِنْ رُجُوعِهِ](1) إِلَى فُتْيَا أَحَدِهِمَا، بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ [ذَلِكَ](2) نَقْلًا عَنْهُمَا مِنْ مِثْلِ الرَّافِضَةِ؟ ! وَالْوَاجِبُ عَلَى مِثْلِ الْعَسْكَرِيَّيْنِ وَأَمْثَالِهِمَا أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنَ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ وَأَبَا جَعْفَرٍ [مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ](3) جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (4) كَانُوا هُمُ الْعُلَمَاءَ الْفُضَلَاءَ، وَأَنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ [مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ](5) لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا عُرِفَ مِنْ (6) هَؤُلَاءِ، وَمَعَ هَذَا فَكَانُوا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ عُلَمَاءِ زَمَانِهِمْ وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ [حَتَّى قَالَ أَبُو عِمْرَانَ بْنُ الْأَشْيَبِ (7) الْقَاضِي الْبَغْدَادِيُّ: أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا أَنَّهُ ذَكَرَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (8) جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (9) وَأَنَّهُ تَعَلَّمَ الْعُلُومَ، فَقَالَ رَبِيعَةُ: إِنَّهُ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(2)
ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) ، (ن) ، (م) .
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(4)
ن، م: وَابْنَا جَعْفَرٍ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (ع) فَقَطْ.
(6)
ب (فَقَطْ) : عَنْ.
(7)
أَبُو عِمْرَانَ بْنُ الْأَشْيَبِ: كَذَا هِيَ فِي (ع) بِدُونِ نَقْطٍ وَلَمْ أَعْرِفْ مَنْ يَكُونُ.
(8)
أَبُو عُثْمَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرُّوخٍ وَيُعْرَفُ بِرَبِيعَةِ الرَّأْيِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ إِمَامًا حَافِظًا فَقِيهًا مُجْتَهِدًا بَصِيرًا بِالرَّأْيِ. وَقَدْ تُوُفِّيَ رَبِيعَةُ سَنَةَ 136. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 1/157 - 158 ; الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 75 ; تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 190 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2
- 52 ; الْأَعْلَامِ 3/42.
(9)
فِي الْأَصْلِ (ع) : ابْنَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَالْمَقْصُودُ جَعْفَرٌ (الصَّادِقُ) بْنُ مُحَمَّدٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مُوسَى (الْكَاظِمَ) بْنَ جَعْفَرٍ (الصَّادِقِ) لِأَنَّ مُوسَى وُلِدَ سَنَةَ 128 قَبْلَ وَفَاةِ رَبِيعَةَ بِثَمَانِ سِنِينَ.
اشْتَرَى حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَبَعَثَ إِلَيَّ حَتَّى أَكْتُبَ لَهُ شَرْطًا فِي ابْتِيَاعِهِ. نَقَلَهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ الْبُخَارِيُّ (1) فِي كِتَابِ " إِثْبَاتِ إِمَامَةِ الصِّدِّيقِ "] (2) .
فَأَمَّا تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ أَنْ يَنُصَّ اللَّهُ عَلَى تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِمَعْنًى عَامٍّ كُلِّيٍّ، فَيُنْظَرُ فِي ثُبُوتِهِ فِي آحَادِ الصُّوَرِ (3)[أَوْ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْعَامِّ](4) ، كَمَا نَصَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ وَعَلَى اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ (5)[وَعَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَعَلَى حُكْمِ الْيَمِينِ (6 وَعَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ 6) (6) وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيُنْظَرُ فِي الشَّرَابِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ: هَلْ هُوَ مِنَ الْخَمْرِ أَمْ لَا [كَالنَّبِيذِ الْمُسْكِرِ](7)، وَفِي اللَّعِبِ (8) الْمُتَنَازَعِ فِيهِ كَالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ هَلْ هُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ أَمْ لَا؟ وَفِي الْيَمِينِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا كَالْحَلِفِ بِالْحَجِّ وَصَدَقَةِ الْمَالِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالْحَرَامِ وَالظِّهَارِ: هَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْأَيْمَانِ فَتُكَفَّرُ، أَمْ فِي الْعُقُودِ الْمَحْلُوفِ بِهَا فَيَلْزَمُ مَا حَلَفَ
(1) فِي الْأَصْلِ: مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ الْبُخَارِيُّ: كَذَا بِدُونِ إِعْجَامِ زَنْجَوَيْهِ، وَلَمْ أَعْرِفْ مَنْ يَكُونُ.
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ وَفِي النُّسَخِ الثَّلَاثِ كُتِبَتْ بَدَلًا مِنْهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ " حَتَّى قَالَ رَبِيعَةُ ".
(3)
ن: عَامٌّ فِي فَنَظَرَ فِي ثُبُوتِهِ فِي أَحْسَاءِ الصُّوَرِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
ع: وَأَنْوَاعِ ذَلِكَ الْعَامِّ. وَسَقَطَتِ الْعِبَارَةُ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
ع: الْقِبْلَةِ. وَسَقَطَ مَا بَعْدَ كَلِمَةِ " الْكَعْبَةِ " فِي (ن) ، (م) حَتَّى كَلِمَةِ " الرَّابِعُ "
(6)
(6 - 6) : فِي (ع) فَقَطْ.
(7)
عِبَارَةُ " كَالنَّبِيذِ الْمُسْكِرِ " فِي (ع) فَقَطْ.
(8)
ب، ا: الْفِعْلِ.
بِهِ؟ (1) أَمْ لَا يَدْخُلُ لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِحَالٍ؟ (2) كَمَا يُنْظَرُ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ دَمٌ أَوْ مَيْتَةٌ أَوْ لَحْمُ خِنْزِيرٍ مِنَ (3) الْمَاءِ وَالْمَائِعَاتِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ وَلَا طَعْمُهُ، بَلِ اسْتَهَلَّتِ النَّجَاسَاتُ فِيهِ وَاسْتَحَالَتْ، أَوْ رُفِعَتْ مِنْهُ وَاسْتَحَالَ فِيهِ مَا خَالَطَهُ مِنْ أَجْزَائِهَا، فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ: هَلْ يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْمَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، أَوْ فِي مُسَمَّى الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ؟
وَأَمَّا تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ وَتَخْرِيجُهُ فَفِيهِمَا نِزَاعٌ. وَهَذَا الْإِمَامِيُّ لَمْ يَذْكُرْ أَصْلًا حُجَّةً عَلَى بُطْلَانِ الِاجْتِهَادِ وَالرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ لِيَرُدَّ ذَلِكَ، بَلْ ذَكَرَ أَنَّ طَائِفَتَهُ لَا تَقُولُ بِذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِمْ بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاسْتِخْرَاجِ، وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِمَا فِي الشَّرِيعَةِ مِنَ الْحِكَمِ وَالْمَعَانِي، وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ، وَهُمْ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ وَأَحَادِيثِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم جُهَّالٌ أَيْضًا، فَهُمْ جُهَّالٌ بِأُصُولِ الشَّرْعِ: الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، بِمَنْصُوصِ ذَلِكَ وَمُسْتَنْبَطِهِ.
وَإِنَّمَا عُمْدَتُهُمْ عَلَى نَقْلٍ عَمَّنْ يُقَلِّدُونَهُ، وَهَذَا حَالُ الْجُهَّالِ الْمُقَلِّدِينَ لِآحَادِ الْعُلَمَاءِ الْمُسْتَدِلِّينَ، ثُمَّ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ يُقَلِّدُ الْعُلَمَاءَ - كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ - لَهُ مَعْرِفَةٌ بِأَقْوَالِ هَؤُلَاءِ، وَبِطُرُقٍ يُمَيِّزُونَ بِهَا بَيْنَ صَحِيحِ أَقْوَالِهِمْ وَضَعِيفِهَا وَمَعْرِفَةٍ بِأَدِلَّتِهِمْ وَمَآخِذِهِمْ.
وَأَمَّا الرَّافِضَةُ فَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ مَا يَصِحُّ نَقْلُهُ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ وَمَا لَا يَصِحُّ،
(1) ب، ا: بِهَا، وَبَعْدَهَا فِي النُّسْخَتَيْنِ تَكَرَّرَتْ عِبَارَةُ " أَمْ لَا " وَهُوَ سَهْوٌ مِنَ النُّسَّاخِ.
(2)
بَعْدَ كَلِمَةِ: بِحَالٍ " كَلَامٌ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) حَتَّى كَلِمَةِ " الرَّابِعُ ".
(3)
فِي الْأَصْلِ (ع) : مِنْ فِي.
وَلَا يَعْرِفُونَ أَدِلَّتَهُمْ وَمَآخِذَهُمْ، بَلْ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّقْلِيدِ بِمَا يُقَلِّدُونَ فِيهِ، وَهُمْ يَعِيبُونَ هَؤُلَاءِ الْجُمْهُورَ بِالِاخْتِلَافِ، وَفِيمَا يَنْقُلُونَهُ عَمَّنْ يُقَلِّدُونَهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ، وَفِيمَا لَا يَنْقُلُونَهُ عَمَّنْ يُقَلِّدُونَهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا لَا يَكَادُ يُحْصَى] (1) .
الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: لَا رَيْبَ أَنَّ مَا يَنْقُلُهُ الْفُقَهَاءُ عَنْ مِثْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ هُوَ أَصَحُّ مِمَّا يَنْقُلُهُ الرَّوَافِضُ عَنْ [مِثْلِ](2) الْعَسْكَرِيَّيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوَادِ وَأَمْثَالِهِمْ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَعْلَمُ بِدِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُولَئِكَ فَمَنْ عَدَلَ عَنْ نَقْلِ الْأَصْدَقِ عَنِ الْأَعْلَمِ إِلَى نَقْلِ الْأَكْذَبِ عَنِ الْمَرْجُوحِ كَانَ مُصَابًا فِي دِينِهِ أَوْ عَقْلِهِ أَوْ كِلَيْهِمَا (3) .
فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا حَكَاهُ عَنِ الْإِمَامِيَّةِ مُفَضِّلًا لَهُمْ بِهِ لَيْسَ فِيهِ (4) شَيْءٌ مِنْ خَصَائِصِهِمْ، إِلَّا الْقَوْلَ بِعِصْمَةِ الْأَئِمَّةِ [وَإِنَّمَا شَارَكَهُمْ فِيهِ (5) مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُمْ](6) ، وَمَا سِوَاهُ حَقًّا كَانَ أَوْ بَاطِلًا فَغَيْرُهُمْ [مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْقَائِلِينَ بِخِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ](7) يَقُولُ بِهِ، وَمَا اخْتَصَّتْ بِهِ الْإِمَامِيَّةُ (8) مِنْ عِصْمَةِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالْبُعْدِ عَنِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ، وَهُوَ أَفْسَدُ مِنِ اعْتِقَادِ كَثِيرٍ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) وَسَقَطَ أَكْثَرُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ (أ) ، (ب) كَمَا بَيَّنْتُ مِنْ قَبْلُ وَفِي (ن) ، (أ) ، (ب) بَدَلًا مِنْهُ تُوجَدُ عِبَارَةُ " وَنَحْوُ ذَلِكَ ".
(2)
مِثْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(3)
ع، م: فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ أَوْ كِلَاهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
ع: فِي.
(5)
ب، ا: فَإِنَّمَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ.
(6)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8)
ن، م: الْأُمَّةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
مِنَ النُّسَّاكِ فِي شُيُوخِهِمْ أَنَّهُمْ مَحْفُوظُونَ، وَأَضْعَفُ مِنِ اعْتِقَادِ كَثِيرٍ مِنْ قُدَمَاءِ (1) الشَّامِيِّينَ [أَتْبَاعِ بَنِي أُمَيَّةَ] :(2) أَنَّ الْإِمَامَ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتَخْلَفَ إِمَامًا تَقَبَّلَ مِنْهُ الْحَسَنَاتِ وَتَجَاوَزَ لَهُ عَنِ السَّيِّئَاتِ، لِأَنَّ الْغُلَاةَ فِي الشُّيُوخِ، وَإِنَّ غَلَوْا فِي شَيْخٍ فَلَا يَقْصُرُونَ الْهُدَى عَلَيْهِ، وَلَا يَمْنَعُونَ اتِّبَاعَ غَيْرِهِ، [وَلَا يُكَفِّرُونَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِمَشْيَخَتِهِ](3) ، وَلَا يَقُولُونَ فِيهِ مِنَ الْعِصْمَةِ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ، اللَّهُمَّ إِلَّا مَنْ خَرَجَ (4) عَنِ الدِّينِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَذَاكَ فِي الْغُلَاةِ فِي الشُّيُوخِ: كَالنُّصَيْرِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ.
فَبِكُلِّ حَالٍ الشَّرُّ فِيهِمْ أَكْثَرُ [مِنْ غَيْرِهِمْ](5) ، وَالْغُلُوُّ فِيهِمْ أَعْظَمُ، وَشَرُّ غَيْرِهِمْ جُزْءٌ مِنْ شَرِّهِمْ.
وَأَمَّا غَالِيَّةُ الشَّامِيِّينَ [أَتْبَاعِ بَنِي أُمَيَّةَ](6)، فَكَانُوا يَقُولُونَ (7) : [إِنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتَخْلَفَ خَلِيفَةً تَقَبَّلَ مِنْهُ الْحَسَنَاتِ وَتَجَاوَزَ لَهُ عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: إِنَّهُ لَا يُحَاسِبُهُ. (8) .
(1) قُدَمَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(2)
عِبَارَةُ " أَتْبَاعِ بَنِي أُمَيَّةَ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
ب، ا: مَنْ يَخْرُجُ.
(5)
مِنْ غَيْرِهِمْ: فِي (ع) فَقَطْ.
(6)
أَتْبَاعِ بَنِي أُمَيَّةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
الْكَلَامُ بَعْدَ عِبَارَةِ " فَكَانُوا يَقُولُونَ " حَتَّى عِبَارَةِ " فَكَانُوا يَقُولُونَ ": سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8)
نَقَلَ مُسْتَجِي زَادَهْ كَلَامَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الَّذِي يَبْدَأُ بِعِبَارَةِ: " وَأَمَّا غَالِيَّةُ الشَّامِيِّينَ " إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ ثُمَّ عَلَّقَ قَائِلًا: " قُلْتُ: وَقَدْ نَبَتَتْ مِنْهُمْ فِرْقَةٌ يُقَالُ لَهُمُ: النَّاصِبَةُ وَدِينُهُمْ وَنِحْلَتُهُمْ بُغْضُ آلِ الرَّسُولِ وَالْقَدْحُ فِيهِمْ ".
وَلِهَذَا سَأَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ (1) الْعُلَمَاءِ، فَقَالُوا لَهُ (2) : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْتَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ أَمْ دَاوُدُ، وَقَدْ قَالَ لَهُ:{يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [سُورَةُ ص: 26] .
وَكَذَلِكَ سُؤَالُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ ذَلِكَ لِأَبِي حَازِمٍ الْمَدَنِيِّ (3) فِي مَوْعِظَتِهِ الْمَشْهُورَةِ [لَهُ](4) فَذَكَرَ لَهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَمَعَ خَطَأِ هَؤُلَاءِ وَضَلَالِهِمْ فَكَانُوا يَقُولُونَ (5) ] ذَلِكَ فِي طَاعَةِ إِمَامٍ مَنْصُوبٍ (6) قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ فِي مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ، كَمَا يَجِبُ طَاعَةُ وَالِي
(1) بَعْضُ: فِي (ع) فَقَطْ.
(2)
ع: الْعُلَمَاءِ فَقَالَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
أَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ الْأَعْرَجُ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، مِنَ الثِّقَاتِ، رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَقَدِ اشْتُهِرَ بِالزُّهْدِ وَالْوَرَعِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ 140. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 1/133 - 134 ; الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، جـ[0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 59 ; تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ، ق [0 - 9] 1 جـ[0 - 9] ص [0 - 9] 07 - 208 ; تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 4/143 - 144 ; الْمَعَارِفِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ (ط. دَارِ الْكُتُبِ) ، ص [0 - 9] 79 ; حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ 3/229 - 259 ; تَهْذِيبِ تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ (ط. دِمَشْقَ) ، 6/216 - 228 ; صِفَةِ الصَّفْوَةِ (ط. حَيْدَرَ آبَادَ، 1355) 2/88 - 94 ; الْأَعْلَامِ 3/171 - 172.
(4)
لَهُ: فِي (ع) فَقَطْ. وَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَوْعِظَةُ فِي أَكْثَرَ مِنْ كِتَابٍ. انْظُرْ: سُنَنَ الدَّارِمِيِّ (ط. دِمَشْقَ، 1349) 1/155 - 158 ; حِلْيَةَ الْأَوْلِيَاءِ 3/234 - 237 ; ابْنَ عَسَاكِرَ 6/218 - 222 ; صِفَةَ الصَّفْوَةِ 2/89 - 90. وَلَمْ أَجِدْ فِي الْمَوْعِظَةِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَرَاجِعِ ذِكْرًا لِلْآيَةِ 26 مِنْ سُورَةِ ص.
(5)
هُنَا نِهَايَةُ السَّقْطِ فِي (ن) ، (م) .
(6)
ب، ا: مَعْصُومٍ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَقْصُودِ.
الْحَرْبِ وَقَاضِي الْحُكْمِ: لَا يَجْعَلُونَ أَقْوَالَهُ (1) شَرْعًا عَامًّا يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَلَا يَجْعَلُونَهُ مَعْصُومًا مِنَ الْخَطَأِ، وَلَا يَقُولُونَ إِنَّهُ يَعْرِفُ جَمِيعَ الدِّينِ، لَكِنْ غَلِطَ مَنْ غَلِطَ مِنْهُمْ مِنْ جِهَتَيْنِ: مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُطِيعُونَ الْوُلَاةَ طَاعَةً مُطْلَقَةً، وَيَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِطَاعَتِهِمْ، الثَّانِيَةِ (2) : قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتَخْلَفَ خَلِيفَةً تَقَبَّلَ مِنْهُ الْحَسَنَاتِ وَتَجَاوَزَ لَهُ عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَأَيْنَ خَطَأُ هَؤُلَاءِ مِنْ ضَلَالِ الرَّافِضَةِ الْقَائِلِينَ بِعِصْمَةِ الْأَئِمَّةِ؟
ثُمَّ قَدْ تَبَيَّنَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ مَا انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ كُلُّهُ خَطَأٌ، وَمَا كَانَ مَعَهُمْ (3) مِنْ صَوَابٍ فَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَنَحْنُ لَسْنَا نَقُولُ (4) : إِنَّ جَمِيعَ طَوَائِفِ أَهْلِ السُّنَّةِ مُصِيبُونَ، بَلْ فِيهِمُ الْمُصِيبُ وَالْمُخْطِئُ، لَكِنَّ صَوَابَ [كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ](5) أَكْثَرُ مِنْ صَوَابِ الشِّيعَةِ، وَخَطَأَ (6) الشِّيعَةِ أَكْثَرُ.
[وَأَمَّا مَا انْفَرَدَتْ بِهِ الشِّيعَةُ عَنْ جَمِيعِ طَوَائِفِ السُّنَّةِ فَكُلُّهُ خَطَأٌ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ صَوَابٌ إِلَّا وَقَدْ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ](7) .
فَهَذَا الْقَدْرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ يَبْطُلُ بِهِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ رُجْحَانِ قَوْلِ الْإِمَامِيَّةِ، فَإِنَّهُ (8) بِهَذَا الْقَدْرِ يُتَبَيَّنُ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَرْجَحُ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ.
(1) أَقْوَالَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) . وَفِي (ب) : لَا يَجْعَلُونَهُ شَرْعًا. . إِلَخْ.
(2)
ع، أ، ن، م: الثَّانِي. وَالَّذِي فِي (ب) أَكْثَرُ مُلَاءَمَةً لِلسِّيَاقِ.
(3)
ب، أ: مِنْهُمْ.
(4)
ب: لَا نَقُولُ ; أ: لَنَا نَقُولُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
ب، أ، ن، م: وَلَكِنَّ صَوَابَهُمْ.
(6)
ن (فَقَطْ) : وَجَعَلْنَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(7)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(8)
ب، أ: فَإِنَّ ; ع: فَإِنَّهُمْ.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْإِيمَانَ أَرْجَحُ مِنَ الْكُفْرِ إِذَا احْتِيجَ إِلَى الْمُفَاضَلَةِ عِنْدَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ أَرْجَحُ، [وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ](1) .
قَالَ تَعَالَى (2) ] : {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 125] . وَقَالَ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [سُورَةُ الْجُمُعَةِ: 9] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [سُورَةُ النُّورِ: 0] وَقَالَ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [سُورَةُ النُّورِ: 27] ، بَلْ قَدْ يُفَضِّلُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ عَلَى مَا عُبِدَ مِنْ دُونِهِ، كَقَوْلِهِ:{آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ} [سُورَةُ النَّمْلِ: 59]، وَقَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ لِلسَّحَرَةِ:{وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [سُورَةُ طه: 73]] (3) .
وَكَذَلِكَ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكُفَّارَ أَكْثَرُ جُرْمًا إِذَا وَقَعَتِ الْمُفَاضَلَةُ. قَالَ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 217]، [ثُمَّ قَالَ] :(4){وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 217] ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ لَمَّا عَيَّرَ الْمُشْرِكُونَ سَرِيَّةَ (5) الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(2)
الْكَلَامُ بَعْدَ عِبَارَةِ " قَالَ تَعَالَى " سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، حَتَّى الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) .
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
ثُمَّ قَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
ع، أ، ن، م: لِسَرِيَّةِ.
قَتَلُوا رَجُلًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَهُوَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذُنُوبَ الْمُشْرِكِينَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ (1) .
(* وَأَمَّا فِي (2) جَانِبِ التَّفْضِيلِ فَقَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا - وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا - وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 123 - 125] *) (3) . وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ - قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 59، 60](4) .
(1) ع: ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ ذُنُوبُهُمْ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ; أ، ب: ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذُنُوبَ الْمُشْرِكِينَ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ. وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مِنْ قَبْلُ (1/484) قِصَّةَ سَرِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي قَتَلَتْ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ فَعَابَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَشَرْتُ هُنَاكَ (ت [0 - 9] ) إِلَى تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) لِهَذِهِ الْآيَةِ.
(2)
ن، م: مِنْ.
(3)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ سَاقِطٌ مِنْ (ع) .
(4)
هُنَا يَنْتَهِي رَدُّ ابْنِ تَيْمِيَّةَ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنَ الْوُجُوهِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ تَفْضِيلِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ، وَقَدْ وَرَدَ نَصُّ هَذَا الْقِسْمِ بِأَكْمَلِهِ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 97 - 99.