الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الْإِمَامِيِّ، وَأَمْثَالِهِ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَمُوَافَقِيهِمْ حُجَّةٌ (1) . عَقْلِيَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ إِخْوَانِهِمْ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْإِمَامِيَّةِ وَمُوَافَقِيهِمُ (2 الَّذِينَ نَازَعُوهُمْ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ وَالْقُرْآنِ وَمَا يَتْبَعُ 2)(2) . ذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ (3) مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَصَحُّ عَقْلًا وَنَقْلًا؟ ! (4) . .
[الرد على قوله عن الإمامية إنهم يقولون إن الله قادر على جميع المقدورات]
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَنِ الْإِمَامِيَّةِ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ (5) .
فَهَذَا مُلْبِسٌ (6) . لَا فَائِدَةَ فِيهِ. (7) . [فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَقْدُورَاتِ يُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مُمْكِنٍ، فَإِنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ هُوَ مَقْدُورٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقْدِرُ الْقَادِرُ عَلَى فِعْلِهِ.
(1) م: وَمَنْ وَافَقَهُمْ بِحُجَّةٍ
(2)
(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(3)
ب، أ، ن، م: فَكَيْفَ حَالُهُ.
(4)
هُنَا يَنْتَهِي تَعْلِيقُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ لْمُطَهَّرِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنَ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي كِتَابِ " مِنْهَاجِ الْكَرَامَةِ ". وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ نَصَّ كَلَامَهِ فِيمَا سَبَقَ (ص [0 - 9] 7 - 99) ثُمَّ عَلَّقَ عَلَيْهِ قِسْمًا قِسْمًا فِي الصَّفَحَاتِ (102 - 121، 121 - 132، 132 - 134، 134 - 144، 144 - 145، 145 - 288)
(5)
وَرَدَتِ الْعِبَارَةُ التَّالِيَةُ فِي مِنْهَاجِ الْكَرَامَةِ 1/82 (م) ، وَسَبَقَ وُرُودُهَا فِي هَذَا الْجُزْءِ، وَنَصُّهَا فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ:" وَأَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَقْدُورَاتِ ".: " إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُقَدَّرَاتِ "
(6)
م: مسلن (بِدُونِ نُقَطٍ)
(7)
الْكَلَامُ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وَيَسْتَمِرُّ حَتَّى ص 292
وَالثَّانِي: أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مَقْدُورٌ لَهُ، لَا يَقْدِرُ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَقْدُورٍ لَهُ.
وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ مُرَادُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ إِذَا قَالُوا: هُوَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَقْدُورٍ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا لِأَيِّ قَادِرٍ كَانَ، فَمَا مِنْ أَمْرٍ مُمْكِنٍ فِي نَفْسِهِ إِلَّا وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ، لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَقْدِرَ الْعِبَادُ عَلَى مَا لَمْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سُورَةُ فُصِّلَتْ: 39] .
فَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُقَلَاءِ. وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الْمَعْدُومِ الْمُمْكِنِ: هَلْ هُوَ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
فَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّهُ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ، فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ هُوَ مَا لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ، مِثْلَ كَوْنِ الشَّيْءِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا، فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ لَا يُعْقَلُ ثُبُوتُهُ فِي الْخَارِجِ، وَكَذَلِكَ كَوْنُ الشَّيْءِ أَسْوَدَ كُلَّهُ أَبْيَضَ كُلَّهُ، وَكَوْنُ الْجِسْمِ الْوَاحِدِ بِعَيْنِهِ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ فِي مَكَانَيْنِ.
وَالْمُمْتَنِعُ يُقَالُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَعَلَى الْمُمْتَنِعِ لِغَيْرِهِ: مِثْلَ مَا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَكَتَبَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ، فَهَذَا لَا يَكُونُ.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ عِلْمُ اللَّهِ بِخِلَافِ مَعْلُومِهِ، وَخَبَرُهُ بِخِلَافِ مَخْبَرِهِ ; لَكِنَّ هَذَا هُوَ مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ:{بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [سُورَةُ الْقِيَامَةِ: 4]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [سُورَةُ
الْمُؤْمِنُونَ: 18] ، وَقَالَ تَعَالَى:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 65] .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} ، قَالَ: " أَعُوذُ بِوَجْهِكَ "، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قَالَ: " أَعُوذُ بِوَجْهِكَ "، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} ، قَالَ: " هَاتَانِ أَهْوَنُ» (1) . .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: 13]، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [سُورَةُ هُودٍ: 118] ، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 253] ، {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} [سُورَةُ سَبَأٍ: 9] (2) .، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَفَعَلَهُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَفَعَلَهَا تَسْتَلْزِمُ أَنَّهَا مُمْكِنَةٌ مَقْدُورَةٌ لَهُ.
وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي خِلَافِ الْمَعْلُومِ: هَلْ هُوَ مُمْكِنٌ مَقْدُورٌ، كَإِيمَانِ
(1) الْحَدِيثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ فِي: الْبُخَارِيِّ 6/56 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْأَنْعَامِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: " قُلْ هُوَ الْقَادِرُ. . "، 9/101 (كِتَابُ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/327 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، بَابُ وَمِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/309; تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) 11/422، 423، 425 (وَانْظُرِ التَّعْلِيقَاتِ) ، وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ
(2)
ذُكِرَتِ الْآيَةُ فِي الْأَصْلِ (ع) وَقَدْ سَقَطَتْ بَعْضُ كَلِمَاتِهَا
الْكَافِرِ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ؟ وَالَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّفُ الْعَبْدَ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ، احْتَجُّوا بِتَكْلِيفِهِ وَزَعَمُوا أَنَّ إِيمَانَهُ مُمْتَنِعٌ لِاسْتِلْزَامِهِ انْقِلَابَ عِلْمِ اللَّهِ جَهْلًا.
وَجَوَابُهُمْ أَنَّ لَفْظَ " الْمُمْتَنِعِ " مُجْمَلٌ، يُرَادُ بِهِ الْمُمْتَنِعُ لِنَفْسِهِ، وَيُرَادُ بِهِ مَا يَمْتَنِعُ لِوُجُودِ غَيْرِهِ، فَهَذَا الثَّانِي يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُمْكِنٌ مَقْدُورٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. وَإِيمَانُ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مَقْدُورٌ لَهُ لَكِنَّهُ لَا يَقَعُ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَطِيعَ الْإِيمَانِ، كَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحُجُّ مَعَ اسْتِطَاعَتِهِ الْحَجَّ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ مَقْدُورٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي إِمْكَانَ أُمُورٍ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ امْتِنَاعُهَا. وَغَالِبُ هَؤُلَاءِ لَا يُتَصَوَّرُ مَا يَقُولُهُ حَقَّ التَّصَوُّرِ، أَوْ لَا يَفْهَمُ مَا يُرِيدُهُ النَّاسُ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ، فَيَقَعُ الِاشْتِرَاكُ وَالِاشْتِبَاهُ فِي اللَّفْظِ أَوْ فِي الْمَعْنَى.
وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ: أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ.
وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِذَا قَالُوا: إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمَقْدُورَاتِ لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ مَا يُرِيدُهُ أَهْلُ الْإِثْبَاتِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مَقْدُورٌ لَهُ، وَأَمَّا نَفْسُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ - مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ - فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْقَدَرِيَّةِ، وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا: هَلْ يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهَا؟
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَقْدُورٍ، إِنَّمَا (1) . يَتَضَمَّنُ
(1) فِي الْأَصْلِ: وَإِنَّمَا
أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مَقْدُورٌ لَهُ، وَغَيْرُهُ أَيْضًا هُوَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَقْدُورٍ لَهُ. لَكِنَّ غَايَةَ مَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعِبَادِ، وَالْعَبْدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ قَادِرٍ آخَرَ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَا هُوَ مَقْدُورٌ لَهُ، كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ: هُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَعْلَمُهُ، وَخَالِقٌ لِكُلِّ مَا يَخْلُقُهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا] (1) . مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: إِنَّهُ فَاعِلٌ لِجَمِيعِ الْمَفْعُولَاتِ، وَمِثْلَ أَنْ يُقَالَ: زَيْدٌ عَالِمٌ بِكُلِّ (2) . مَا يَعْلَمُهُ وَقَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَا يَقْدِرُ (3) . وَفَاعِلٌ لِكُلِّ مَا يَفْعَلُهُ (4) . .
فَإِنَّ (5) . الشَّأْنَ (6) . فِي بَيَانِ الْمَقْدُورَاتِ: هَلْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؟ فَمَذْهَبُ (7) . هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةِ وَشُيُوخِهِمُ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (8) .، وَأَنَّ الْعِبَادَ يَقْدِرُونَ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَهْدِيَ ضَالًّا، وَلَا يُضِلَّ مُهْتَدِيًا، وَلَا يُقِيمَ قَاعِدًا بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يُقْعِدَ قَائِمًا بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يَجْعَلَ أَحَدًا [مُسْلِمًا](9) . مُصَلِّيًا وَلَا صَائِمًا وَلَا حَاجًّا وَلَا مُعْتَمِرًا، وَلَا
(1) هُنَا يَنْتَهِي الْكَلَامُ السَّاقِطُ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى أَوَّلِهِ ص [0 - 9] 88
(2)
ب (فَقَطْ) : لِكُلِّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(3)
عَلَيْهِ ن، م: عَالِمٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ وَقَادِرٌ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ
(4)
ب، ا، ن، م: فَعَلَهُ
(5)
ب، أ: وَإِنَّ
(6)
ن: الثَّانِي ; م: التَّنَافِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(7)
ن، م: فَذَهَبَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(8)
فِي (ن) ، (م)، (أ) (ع) : قَدِيرٌ، وَهُوَ خَطَأٌ
(9)
مُسْلِمًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
يَجْعَلُ الْإِنْسَانَ لَا مُؤْمِنًا وَلَا كَافِرًا وَلَا بَرًّا وَلَا فَاجِرًا، وَلَا يَخْلُقُهُ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، فَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا مُمْكِنَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا (1) .، فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِقَوْلِهِمْ [إِنَّ اللَّهَ] قَادِرٌ (2) . عَلَى جَمِيعِ الْمَقْدُورَاتِ.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ [تَعَالَى](3) . عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي هَذَا.
وَأَمَّا الْمُحَالُ لِذَاتِهِ، مِثْلَ كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ [مَوْجُودًا](4) . مَعْدُومًا، فَهَذَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ (5) .، وَلَا يُسَمَّى شَيْئًا بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: خَلَقَ مِثْلَ نَفْسِهِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
(1) ن، م: عِنْدَهُمْ أَنْ لَا يَقْدِرَ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ. وَفِي هَامِشِ نُسْخَةِ (ع) كَرَّرَ الْمُعَلِّقُ الْكَلَامَ الَّذِي يَبْدَأُ بِعِبَارَةِ: " فَمَذْهَبُ هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةِ وَشُيُوخِهِمْ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ. . إِلَى الْمَوْضِعِ. ثُمَّ كَتَبَ مَا يَلِي: " وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَاتُرِيدِيَّةَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، مَعَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، قَالُوا: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ لَهُ تَعَالَى تَنْعِيمُ الْفَاسِقِ وَتَعْذِيبُ الْمُطِيعِ وَتَخْلِيدُ الْمُؤْمِنِ الْمُطِيعِ فِي النَّارِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَكَذَا يَمْتَنِعُ لَهُ تَعَالَى السَّفَهُ وَالْكَذِبُ وَالظُّلْمُ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ - وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْحِكْمَةِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مُوَافِقٌ الْحِكْمَةَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَفْعَلَهُ، فَيَكُونُ ضِدُّهُ سَفَهًا، فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَهُ، حَتَّى قَالُوا: إِنَّ إِرْسَالَ الرُّسُلِ لِمُوَافَقَتِهِ الْحِكْمَةَ وَاجِبُ الْوُقُوعِ، فَعَدَمُ الْإِرْسَالِ لَيْسَ بِمَقْدُورٍ لَهُ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْحِكْمَةِ فَيَكُونُ سَفَهًا، وَالسَّفَهُ لَيْسَ بِمَقْدُورٍ. وَقَدْ بَنَوْا عَلَى الْأَصْلِ الْفَاسِدِ أُمُورًا فَاسِدَةً يَأْبَى عَنْهَا الْأُصُولُ الدِّينِيَّةُ، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنَّا وَعَنْهُمْ "
(2)
ب، أ: فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِقَوْلِهِ قَادِرٌ، ن: فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ قَادِرٌ ; م: فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِقَوْلِهِمْ قَادِرٌ
(3)
تَعَالَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(4)
مَوْجُودًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)
(5)
عِبَارَةُ " وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ " سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) فَقَطْ