الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُونَ: تَكَلَّمَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا، كَمَا تَقُولُهُ الْكَرَّامِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ *) (1) .
[مقالات الروافض في القرآن]
قَالَ الْأَشْعَرِيُّ (2) : " وَاخْتَلَفَتِ الرَّوَافِضُ فِي الْقُرْآنِ، وَهُمْ فِرْقَتَانِ: فَالْفِرْقَةُ الْأُولَى مِنْهُمْ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَأَصْحَابُهُ: يَزْعُمُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا خَالِقٌ وَلَا مَخْلُوقٌ، وَزَادَ بَعْضُ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ (3) الْمَقَالَاتِ فِي الْحِكَايَةِ عَنْ هِشَامِ فَزَعَمَ (4) أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا خَالِقٌ وَلَا مَخْلُوقٌ، وَلَا يُقَالُ (5) أَيْضًا: غَيْرُ مَخْلُوقٍ ; لِأَنَّهُ صِفَةٌ وَالصِّفَةُ لَا تُوصَفُ ".
قَالَ: " وَحَكَى زَرْقَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ (6) أَنَّهُ قَالَ: الْقُرْآنُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَسْمُوعَ فَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الصَّوْتَ الْمُقَطَّعَ وَهُوَ (7) رَسْمُ الْقُرْآنِ، فَأَمَّا الْقُرْآنُ (8) فَهُوَ فِعْلُ اللَّهِ (9) مِثْلَ الْعِلْمِ وَالْحَرَكَةِ، لَا هُوَ هُوَ، وَلَا غَيْرَهُ (10) .
وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُمْ: يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مُحْدَثٌ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ، كَمَا تَزْعُمُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ ".
قَالَ: " وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ (11) ".
(1) الْكَلَامُ بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ يُوجَدُ بَعْضُهُ فِي (ب) ، (أ) وَلَكِنْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الصَّحِيحِ، وَيُوجَدُ أَكْثَرُهُ فِي (ن) ، (م) وَجَمِيعُهُ فِي (ع) .
(2)
فِي مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/109 - 110.
(3)
فِي النُّسَخِ الْخَمْسِ: عَنْ، وَفِي " الْمَقَالَاتِ ": عَلَى.
(4)
فَزَعَمَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(5)
أ، ب: وَلَا يَقُولُ.
(6)
فِي (ن) ، (م) زَبَرْقَانُ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ خَطَأٌ بَيِّنٌ.
(7)
ب، أ: ثُمَّ.
(8)
فَأَمَّا الْقُرْآنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(9)
أ، ب: فَهُوَ فِعْلُ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى.
(10)
أ، ب: وَلَا هُوَ غَيْرَهُ.
(11)
مِنْهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) فَقَطْ، وَهِيَ فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/110.
قُلْتُ (1) : وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ جَعْفَرِ [بْنِ مُحَمَّدٍ](2) الصَّادِقِ، وَهَؤُلَاءِ (3 الَّذِينَ قَالُوا مِنَ السَّلَفِ 3) (3) : لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، لَمْ يُرِيدُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْذُوبٍ، بَلْ أَرَادُوا أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْهُ (4) ، كَمَا قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ، وَهَذَا قَوْلُ مُتَأَخِّرِي الرَّافِضَةِ. (5)(*) فَإِنَّ [طَائِفَةً مِنْ مُتَأَخَّرِي الْإِمَامِيَّةِ] كَأَبِي الْقَاسِمِ الْمُوسَوِيِّ (6) الْمَعْرُوفِ بِالْمُرْتَضَى وَغَيْرِهِ لَمَّا وَافَقُوا الْمُعْتَزِلَةَ عَلَى أَنَّهُ مُحْدَثٌ مُنْفَصِلٌ عَنِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُمَكِنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ ثُمَّ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا، وَلَيْسَ لَهُ كَلَامٌ يَقُومُ بِهِ، بَلْ كَلَامُهُ مِنْ جُمْلَةِ مَصْنُوعَاتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ، ثُمَّ سَمِعُوا عَنِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِثْلِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ (7) . قَالُوا: لَا نَقُولُ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ مُتَابَعَةً لِهَؤُلَاءِ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّهُ مُحْدَثٌ مَجْعُولٌ (8) مُوَافَقَةً (9) لِمَا ظَنُّوهُ مِنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 3]، وَقَوْلِهِ:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 2] .
وَكَثِيرٌ (10) مِنَ النَّاسِ - غَيْرِ الشِّيعَةِ (11) - يَقُولُونَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ،
(1) قُلْتُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2)
ابْنِ مُحَمَّدٍ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(3)
(3 - 3) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
أ، ب: بَلْ أَرَادُوا بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْهُ.
(5)
يَبْدَأُ مِنْ هُنَا سَقْطٌ كَبِيرٌ فِي (ب) ، (أ) وَيَسْتَمِرُّ حَتَّى ص [0 - 9]57.
(6)
ن، م: فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ الْمُوسَوِيَّ. وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الْمُوسَوِيِّ 1/58، 2/101.
(7)
ن، م: غَيْرُ مُحْدَثٍ.
(8)
ن: إِنَّهُ مَجْعُولٌ مَخْلُوقٌ ; م: أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مَجْعُولٌ.
(9)
ن: مُوَافِقًا.
(10)
ن: فِي كَثِيرٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(11)
ن: فِي غَيْرِ الشِّيعَةِ.
وَيَقْصِدُونَ (1) فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ مَكْذُوبٍ مُفْتَرًى، فَإِنَّهُ يُقَالُ: خَلَقَ (2) هَذَا الْحَدِيثَ وَاخْتَلَقَهُ [إِذَا افْتَرَاهُ](3) . قَالَ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: 17]، وَقَالَ عَنْ قَوْمِ هُودٍ: قَالُوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ - وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 137 - 138] .
فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ: كُلُّ مَنْ تَدَبَّرَ الْآثَارَ الْمَنْقُولَةَ عَنِ السَّلَفِ، وَمَا وَقَعَ مِنَ النِّزَاعِ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نِزَاعُهُمْ فِي أَنَّهُ مُفْتَرًى أَوْ غَيْرُ مُفْتَرًى، فَإِنَّ مَنْ يُقِرُّ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَا يَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآنَ مُفْتَرًى، بَلْ إِنَّمَا يَقُولُ: إِنَّهُ مُفْتَرًى مَنْ قَالَ (4) : إِنَّ مُحَمَّدًا كَاذِبٌ افْتَرَى الْقُرْآنَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [سُورَةُ يُونُسَ: 38]، وَقَالَ:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [سُورَةُ هُودٍ: 13]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 4]، وَقَالَ:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ} [سُورَةُ هُودٍ: 35] .
وَالَّذِينَ تَنَازَعُوا فِي الْقُرْآنِ: هَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ مُبَلِّغٌ لِلْقُرْآنِ عَنِ اللَّهِ [تَعَالَى](5) لَمْ يَفْتَرِهِ
(1) ع: وَيَقْصِدُ.
(2)
م: حَكَى.
(3)
عِبَارَةُ " إِذَا افْتَرَاهُ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . وَسَقَطَتْ " إِذَا " مِنْ (م) .
(4)
ع: إِلَّا مَنْ قَالَ، وَالصَّوَابُ عَنْ (ن) ، (م) .
(5)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ع) .