الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الخامسة والثّلاثون [الظّاهر - الواقع]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
النّظر إلى الظّاهر أو إلى ما في نفس الأمر (1).
وفي لفظ آخر سبق: العبرة بالحال أو المآل (2).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
المراد بالظّاهر: الأمر الذي يصدر على حال أو صفة بارزة ظاهرة.
والمراد بنفس الأمر: حقيقة الأمر وواقعه. وينظر القاعدة رقم 163 من قواعد حرف الهمزة، والقاعدة 24 من قواعد حرف العين.
فالأمور التي تصدر عن المكلّفين بناء على حال أو صفة ظاهرة، ثم ظهر مخالفها لواقع الأمر وحقيقته، فهل يبنى حكمها على ظاهر الحال أو على الحقيقة والواقع؟ مسائل اختلف فيها النّظر.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا تصرّف المريض مرضاً مخوفاً ثم برئ. فهل يوقف تصرّفه بناء على ظاهر حاله، أو ينفذ بناء على الواقع؟ قالوا: إنّ تصرّفه نافذ قطعاً بناء على نفس الأمر وواقعه وحقيقته، وأنّه تصرّف وهو صحيح
(1) أشباه ابن الوكيل ق 2 ص 419، المنثور جـ 3 ص 275. المجموع المذهب لوحه 134.
(2)
قواعد الحصني جـ 4 ص 42، السيوطي ص 138.
بريء، ولا ينظر إلى مرضه.
ومنها: المعضوب - وهو الذي لا يقدر على ركوب الرّاحلة للحجّ - وهو لا يرجى برؤه، فأناب من يحجّ عنه، ثمّ بعد حجّ الأجير برئ. فهل يجزئ حجّ الأجير عنه؟ خلاف. والأصح عند الشّافعيّة عدم إجزاء حجّ الأجير عنه.
وأقول وبالله التّوفيق: لِمَ لا يجزئ حجّ الأجير عنه، ويكون كمن لم يقدر على استعمال الماء فتيمّم وصلّى، ثم وجد الماء، فبالاتّفاق لا يعيد صلاته، فهذا مثله. والله أعلم.
ومنها: أعتق مَن لا يجزئ عن الكفّارة - كما لو أعتق رقبة كافرة في كفّارة يشترط فيها إيمان المعتَق، ثم صار المعتَق بصفة الإجزاء، كما لو أسلم بعد عتقه، خلاف. والأصحّ الصّحّة عند الإمام (1). فالنّظر هنا إلى ما في نفس الأمر.
ومنها: إذا رأوا سواداً فظنّوه عدواً، وصلّوا صلاة الخوف، ثم تبيّن أنّه ليس عدواً. قضوا الصّلاة في الأصحّ.
ومنها: إذا أطعم الهرم أو المريض الذي لا يرجى برؤه على الصّوم، ثم تبيّن أنّ الهَرم عارض وبرئ المريض، فلا يلزمهما القضاء. فالنّظر هنا إلى ظاهر الأمر.
ومنها: إذا زنى مريض مرضاً لا يرجى برؤه، فحُدَّ بعِثْكال فيه مئة شمراخ، ثم برئ، لم يُعَد عليه الحدّ. فالنّظر هنا إلى الظّاهر أيضاً.
(1) أي إمام الحرمين.