الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللفظ محتملاً لها، أي ان يكون اللفظ له احتمالات وليس نصّاً في المراد منه، وإذا لم يكن اللفظ محتملاً للمنوي فلا أثر للنّيَّة فيه.
فإذا كان اللفظ المنطوق به محتملاً لما نواه عملت نيّته في أحد محتملاته، وذلك أنّه لا عموم لغير الملفوظ، فغير الملفوظ لا تعمل فيه نيَّة التّخصيص.
ويترتّب على هذه القواعد أمور:
أولها: أنّ النّيَّة لا تعمل فيما كان ضدّاً للفظ المنطوق به، أو كان نصّاً في المراد، وليس عامّاً محتملاً للتّخصيص.
ثانيها: أنّ النّيَّة إذا وجدت في الكلام المحتمل كانت صحيحة أمام القضاء.
ثالثها: أنّ النّيَّة إنّما تصحّ في الملفوظ لا فيما لا لفظ له، وذلك إذا أريد بالنّيَّة التّخصيص.
ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:
إذا حلف على زوجته وقال: إن أكلت فأنت طالق. ونوى طعاماً دون طعام لا يعتبر قضاءً؛ لأنّه لم يدلّ على نوع الطّعام بلفظ. بخلاف ما لو قال. إن أكلت طعاماً.
ومنها: إذا قال إن خرجت. ونوى السّفر المتنوّع، فهو معتبر.
ومنها: إذا حلف أن لا يتزوّج. ونوى من امرأة روميّة أو عربيّة - مثلاً - فنيّته معتبرة.
ومنها: إذا قال: أنت طالق إن أكلت أو شربت أو لبست.
ونوى معيَّناً، لم يصدق أصلاً. إلا إذا قال: إن أكلت طعاماً أو شربت شراباً أو لبست ثوباً.
ومنها: إذا قال الرّجل لامرأته: أنت عليّ حرام. إن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة - عند جمهور الحنفيّة - وأمّا عند زفر بن الهذيل رحمه الله فتقع اثنتان تبعاً لنيّته؛ لأنّ (الأعمال بالنّيّات)؛ ولأن الثنتين بعض الثّلاث، فإن كانت نيّته تسع الثّلاث فنيَّة الثنتين أولى. وعند جمهور الحنفية واحدة بائنة؛ لأنّ نيَّة الثنتين فيها عدد، وهذا اللفظ - أي أنت حرام - لا يحتمل العدد؛ لأنّها كلمة واحدة، وليس فيها احتمال التّعدّد، وأمّا صحّة نيَّة الثّلاث فليس باعتبار العدد بل باعتبار أنّه نوى حرمة وهي الحرمة الغليظة.
ومنها: إذا قال أنت عليّ حرام. إذا نوى الطّلاق ولم ينوي عدداً كان طلقة واحدة بائنة، وإن لم ينو الطّلاق ونوي يميناً كان يميناً. وإن لم تكن له نيَّة فهو يمين، لأنّ الحرمة الثّابتة باليمين دون الحرمة التي تثبت بالطّلاق، (وعند الاحتمال لا يثبت إلا القدر المتيقّن).
ومنها: إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً للسّنّة، ونوى ثلاثاً في الحال، تطلق ثلاثاً في الحال، عند المشائِخ، لأنّ وقوع الثّلاث جملة من مذهب أهل السّنّة.
وعند زفر لا يقع الطّلاق؛ لأنّ الطّلاق الثّلاث في الحال مخالفة للسّنّة، (والنّيَّة إنّما تعمل إذا كانت من محتملات اللفظ لا فيما كان من ضدّه).
ومنها: إذا قال: أنت طالق غداً. تطلق كما طلع الفجر؛ لوجود الوقت المضاف إليه الطّلاق. وأمّا إن قال: عنيت به آخر النّهار لم يدَّين في القضاء - أي لا يصدق قضاءً - ويدَّيَّن فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنّه نوى التّخصيص في لفظ العموم، ونيَّة التّخصيص في العموم صحيحة فيما بينه وبين الله تعالى، ويترتّب على ذلك أنّه لو جامعها أثناء النّهار لا يأثم بينه وبين الله تعالى.
ولكن إذا قال: أنت طالق في غدٍ طلقت كما طلع الفجر. فإن قال عنيت به آخر النّهار. صدِّق في القضاء عند أبي حنيفة رحمه الله. (والنّيَّة في الكلام المحتمل صحيحة في القضاء). وعندهما لم يصدق.