المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الحكم الأول

- ‌الحكم الثاني

- ‌الحكم الثالث

- ‌الحكم الرابع

- ‌الحكم الخامس

- ‌الحكم السادس

- ‌الحكم السابع

- ‌الحكم الثامن

- ‌الحكم التاسع

- ‌الحكم العاشر

- ‌الحكم الحادي عشر

- ‌الحكم الثاني عشر

- ‌الحكم الثالث عشر

- ‌الحكم الرابع عشر

- ‌الحكم الخامس عشر

- ‌الحكم السادس عشر

- ‌الحكم السابع عشر

- ‌الحكم الثامن عشر

- ‌الحكم التاسع عشر

- ‌الحكم العشرون

- ‌الحكم الواحد والعشرون

- ‌الحكم الثاني والعشرون

- ‌الحكم الثالث والعشرون

- ‌الحكم الرابع والعشرون

- ‌الحكم الخامس والعشرون

- ‌الحكم السادس والعشرون

- ‌الحكم السابع والعشرون

- ‌الحكم الثامن والعشرون

- ‌الحكم التاسع والعشرون

- ‌الحكم الثلاثون

- ‌الحكم الواحد والثلاثون

- ‌الحكم الثاني والثلاثون

- ‌الحكم الثالث والثلاثون

- ‌الحكم الرابع والثلاثون

- ‌الحكم الخامس والثلاثون

- ‌الحكم السادس والثلاثون

- ‌الحكم السابع والثلاثون

- ‌الحكم الثامن والثلاثون

- ‌الحكم التاسع والثلاثون

- ‌الحكم الأربعون

- ‌الحكم الواحد والأربعون

- ‌الحكم الثاني والأربعون

- ‌الحكم الثالث والأربعون

- ‌الحكم الرابع والأربعون

- ‌الحكم الخامس والأربعون

- ‌الحكم السادس والأربعون

- ‌الحكم السابع والأربعون

- ‌الحكم الثامن والأربعون

- ‌الحكم التاسع والأربعون

- ‌الحكم الخمسون

الفصل: ‌الحكم التاسع عشر

‌الحكم التاسع عشر

أن جهة القبلة أشرف الجهات، فاستقبال الذاكر لها أفضل؛ ما لم يعارضه ما هو أرجح، هكذا قال جماعة من أهل العلم، قالوا: ولذا جاء الأمر باستقبالها في الصلاة، وشرع استقبالها في الدعاء والأذان والذبح، كل ذلك متواتر عنه عليه الصلاة والسلام.

ونِهي عن استقبالها حال قضاء الحاجة في الفضاء، واختلف في ذلك في البنيان، ونِهي عن البصاق تجاه القبلة؛ كما أخرجه أبو داود من طريق عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن حذيفة (1)، أظنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين

(1) هو: حذيفة بن اليمان- واليمان لقبه واسمه: حسيل ويقال حسل- أبو عبد الله العبسي. من كبار الصحابة، وصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسلم هو وأبوه وأراد شهود بدر فصدهما المشركون، وشهد أحدًا فاستشهد اليمان بها. شهد حذيفة الخندق وما بعدها، كما شهد فتوح العراق، وله بها آثار شهيرة. خيره النبي صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة فاختار النصرة. استعمله عمر على المدائن فلم يزل بها حتى مات بعد بيعة علي بأربعين يومًا. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير، وعن عمر، وروى عنه جابر وجندب وعبد الله بن يزيد وآخرون. انظر: تهذيب التهذيب 2/ 219، والإصابة 1/ 317؛ وتهذيب تاريخ ابن عساكر 4/ 93؛ والأعلام للزركلي 2/ 180.

ص: 151

عينيه، ومن أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا» (1) ثلاثًا. وإسناده صحيح.

والنهي عن البصاق في الصلاة أمام المصلي ثابت في الصحيحين، وحمل كثير منهم حديث حذيفة عليه من باب تقييد المطلق.

وفي سنن أبي داود (2) عن أبي سعيد الخدري: (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها، ثم أقبل على الناس مغضبا، فقال: «أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه؟ إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز وجل

».

ومن الأدلة ما أخرجه أبو داود (4) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبد الحميد بن سنان، عن عبيد بن عمير، عن أبيه أنه حدثه، وكانت له صحبة أن رجلا سأله، فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ فقال: «هن تسع» ، فذكر معناه زاد:«وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتًا» إسناده مقارب.

(1) أخرجه أبو داود (رقم: 3824) وابن خزيمة (رقم: 1663) وابن حبان (رقم: 1639) والبيهقي (رقم: 4834).

(2)

أخرجه أبو داود (رقم: 480).

(3)

هو: سعيد بن مالك بن سنان. أنصاري، مدني، من صغار الصحابة وخيارهم. كان من المكثرين للرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيهًا مجتهدًا مفتيًا ممن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تأخذهم في الله لومة لائم. شهد معه الخندق وما بعدها. انظر: الإصابة للحافظ ابن حجر 2/ 34؛ وسير أعلام النبلاء 3/ 114 - 117؛ والبداية والنهاية 9/ 4.

(4)

أبو داود (رقم: 2877).

ص: 152

ومن الأدلة ما رواه البخاري (1) من طريق عن ابن شهاب قال أخبرني عروة أن عائشة أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي بينه وبين القبلة على فراش أهله اعتراض الجنازة.

وروي من غير وجه عن عائشة؛ ووجه الاستدلال أن استقبال القبلة حال النوم لشرفها وقبل النوم تشرع أذكار عديدة. وعند البخاري (2) وغيره عن عبد الله بن زيد (3) رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المصلى يستسقي فدعا واستسقى ثم استقبل القبلة وقلب رداءه».

وروى البيهقي في الكبرى: (4) من طريق القاسم بن عروة عن محمد بن كعب القرظى حدثنى عبد الله بن عباس يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إن لكل شيء شرفًا وأشرف المجالس ما استقبل به القبلة لا تصلوا خلف نائم ولا متحدث واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم ولا تستروا الجدر بالثياب» . وذكر الحديث. وروى ذلك أيضًا عن هشام بن زياد أبى المقدام عن محمد بن كعب وروى من وجه آخر منقطع عن محمد بن كعب ولم يثبت في ذلك إسناد. ا. هـ. كلامه.

(1) البخاري (رقم: 376).

(2)

البخاري (رقم: 5983).

(3)

هو: عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب، أبو محمد، الأنصاري، المدني. وقيل المازني. صحابي. كان شجاعًا. اختلف في شهوده بدرًا وبه جزم أبو أحمد الحاكم وابن منده. وقال ابن عبد البر: شهد أحدًا وغيرها ولم يشهد بدرًا. وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب فيما ذكر خليفة بن خياط وغيره، وكان مسيلمة الكذاب قد قتل أخاه حبيب بن زيد. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الوضوء، وغيره. وروى عنه أخوه عباد بن تميم وسعيد بن المسيب وغيرهما. له 48 حديثًا. قتل في وقعة الحرة. انظر: الاستيعاب 3/ 913، والإصابة 2/ 312، والأعلام 4/ 219، وتهذيب التهذيب 5/ 223.

(4)

السنن الكبرى للبيهقي (رقم: 14982).

ص: 153

وقال ابن أبي شيبة في مصنفه: باب الجلوس قبالة القبلة. وأسند عن ابن مسعود وجماعة من التابعين وغيرهم تفضيل استقبال القبلة إما مطلقًا أو في مجالس خاصة.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار ما نصه: (1) وجائز إشعار الهدي قبل تقليده، وتقليده قبل إشعاره، وكل ذلك قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما توجهه إلى القبلة في حين التقليد، فإن القبلة على كل حال يستحب استقبالها بالأعمال التي يراد بها الله عز وجل تبركًا بذلك، واتباعًا للسنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من أكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا الحديث» (2).ا. هـ.

وقال في التيسير شرح الجامع الصغير (3) ما نصه: «أن لكل شيء شرفًا» أي: رفعة «وأن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة» فيندب المحافظة على استقبالها في غير قضاء الحاجة ونحوه ما أمكن سيما عند الأذكار ووظائف الطاعات. ا. هـ.

قال في فيض القدير: (4) قال الحليمي: وإذا ندب استقبال القبلة في كل مجلس فاستقبالها حال الدعاء أحق وآكد. قال العراقي: الجهات الأربع قد خص منها جهة القبلة بالتشريف فالعدل أن يستقبل في الذكر والعبادة والوضوء وأن ينحرف عنها حال قضاء الحاجة وكشف العورة إظهارًا لفضل ما ظهر فضله. ا. هـ.

وقال في الفروع: (5) وظاهر ما ذكره بعضهم يستقبل القبلة، ولا

(1) الاستذكار لأبو عمر النمري 4/ 246.

(2)

أخرجه البخاري (رقم: 384) والنسائي (رقم: 4997).

(3)

التيسير بشرح الجامع الصغير. للمناوي 1/ 691.

(4)

فيض القدير (1/ 523).

(5)

الفروع لابن مفلح 1/ 121.

ص: 154

تصريح بخلافه، وهو متجه في كل طاعة إلا لدليل. ا. هـ.

تنبيه: حديث: «أشرف المجالس ما استقبل به القبلة» لا يثبت كما تقدم النقل عن البيهقي، ولذا قال العقيلي في الضعفاء (1) ما نصه: وليس لهذا الحديث طريق يثبت. ا. هـ.

وقال شيخ الإسلام في شرح العمدة (2) ما نصه: ويستحب إذا جلس لانتظار الصلاة أن يجلس مستقبلا القبلة؛ لأن خير المجالس ما استقبل به القبلة؛ ولأن العبد في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، ومن سنة المصلي أن يكون مستقبل القبلة، قال القاضي: ويكره الاستناد إلى القبلة، وقد نص أحمد على أنه مكروه قبل صلاة الغداة، قال أحمد بن أحرم: رأيت أبا عبد الله، دخل المسجد لصلاة الصبح، فإذا رجل مسند ظهره إلى القبلة، ووجه إلى غير القبلة قبل صلاة الغداة، فأمره أن يتحول إلى القبلة، وقال: هذا مكروه. وذلك لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه رأى رجالًا قد أسندوا ظهورهم بين أذان الفجر والإقامة إلى القبلة، فقال عبد الله:«لا تحولوا بين الملائكة وبين صلاتهم» . وفي لفظ: «تحولوا عن القبلة لا تحولوا بين الملائكة وبينها فإن هذه الركعتين تطوع» . وقال إبراهيم: «كانوا يكرهون أن يتساندوا إلى القبلة قبل صلاة الفجر» . رواهن النجاد وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «نهي أن تستدبر القبلة في مواقيت الصلاة» . رواه أبو حفص .. الخ ما ذكره. وانظر مسند أحمد (16972) وكتابي اللباب شرح فصول الآداب ص 179

ففيه الإشارة لما جاء في كلام ابن مسعود والنخعي.

(1) الضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 340).

(2)

شرح العمدة لابن تيمية (3/ 86).

ص: 155

وقال صاحب المرقاة: (1) وفيه أن كثيرا من مواضع الدعاء وقع استقباله صلى الله عليه وسلم لغير القبلة منها ما نحن فيه، ومنها حالة الطواف والسعي، ودخول المسجد، وخروجه، وحال الأكل والشرب، وعيادة المريض، وأمثال ذلك، فيتعين أن يقتصر الاستقبال وعدمه على المورد إن وجد وإلا فخير المجالس ما استقبل القبلة كما ورد به الخبر. ا. هـ.

والمسألة فيما يظهر لي اجتهادية محتملة.

(1) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1257).

ص: 156