الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم السابع والعشرون
الأذكار الشرعية الأصل أن تكون باللغة العربية عند لفظها وكتابتها. قال شيخ الإسلام في الاقتضاء (1) ما نصه: وقد اختلف الفقهاء في أذكار الصلوات هل تقال بغير العربية؟ وهي ثلاث درجات: أعلاها القرآن، ثم الذكر الواجب غير القرآن، كالتحريمة بالإجماع وكالتحليل والتشهد عند من أوجبهما ثم الذكر غير الواجب، من دعاء أو تسبيح أو تكبير أو غير ذلك.
فأما القرآن: فلا يقرؤه بغير العربية، سواء قدر عليها أو لم يقدر عند الجمهور، وهو الصواب الذي لا ريب فيه، بل قد قال غير واحد: إنه يمتنع أن يترجم سورة، أو ما يقوم به الإعجاز.
واختلف أبو حنيفة وأصحابه في القادر على العربية.
وأما الأذكار الواجبة: فاختلف في منع ترجمة القرآن هل يترجمها العاجز عن العربية، وعن تعلمها؟ وفيه لأصحاب أحمد وجهان، أشبهها بكلام أحمد: أنه لا يترجم، وهو قول مالك وإسحاق، والثاني: يترجم، وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي.
(1) الاقتضاء 1/ 519.
وأما سائر الأذكار فالمنصوص من الوجهين، أنه لا يترجمها ومتى فعل بطلت صلاته، وهو قول مالك وإسحاق وبعض أصحاب الشافعي.
والمنصوص عن الشافعي: أنه يكره ذلك بغير العربية ولا تبطل، ومن أصحابنا من قال: له ذلك، إذا لم يحسن العربية.
وحكم النطق بالعامية في العبادات: من الصلاة والقراءة والذكر، كالتلبية والتسمية على الذبيحة، وفي العقود والفسوخ كالنكاح واللعان وغير ذلك: معروف في كتب الفقه ا. هـ.
قال ابن رجب في القواعد (1) ما نصه:
(القاعدة العاشرة): الألفاظ المعتبرة في العبادات والمعاملات.
(منها) ما يعتبر لفظه ومعناه وهو القرآن لإعجازه بلفظه ومعناه، فلا تجوز الترجمة عنه بلغة أخرى.
(ومنها) ما يعتبر معناه دون لفظه كألفاظ عقد البيع وغيره من العقود وألفاظ الطلاق.
(ومنها) ما يعتبر لفظه مع القدرة عليه دون العجز عنه ويدخل تحت ذلك صور: (منها) التكبير والتسبيح والدعاء في الصلاة لا تجوز الترجمة عنه مع القدرة عليه، ومع العجز عنه هل يلحق بالقسم الأول فيسقط أو بالثاني فيأتي به بلغته،؟ على وجهين.
(ومنها) خطبة الجمعة لا تصح مع القدرة بغير العربية على الصحيح وتصح مع العجز.
(1) القواعد لابن رجب ص 13.
(ومنها) لفظ النكاح ينعقد مع العجز بغير العربية ومع القدرة على التعلم فيه وجهان.
(ومنها) لفظ اللعان وحكمه حكم لفظ النكاح. ا. هـ.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: (1) السؤال الأول من الفتوى:
س1: هل تجوز الصلاة بلغة غير العربية؟
ج1: لا تجوز الصلاة بغير اللغة العربية مع القدرة عليها، فيلزم المسلم أن يتعلم باللغة العربية من الدين ما لا يسعه جهله، ومنه تعلم سورة الفاتحة والتشهد والتسميع والتحميد والتسبيح في الركوع والسجود، ورب اغفر لي بين السجدتين والتسليم؛ أما العاجز عن اللغة العربية فعليه أن يأتي بما ذكر بلغته؛ إلا الفاتحة فإنِا لا تصح قراءتها بغير العربية، وهكذا غيرها من القرآن، وعليه أن يأتي بمكانها بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، لحديث عبد الله بن أبي أوفى (2) رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه، فقال:«قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» الحديث
(1) فتاوى اللجنة الدائمة الفتوى (رقم: 4211).
(2)
هو: عبد الله بن أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة، أبو محمد، الأسلمي. صحابي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعنه إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي وإبراهيم بن سلم الهاري وإسماعيل بن أبي خالد والحكم بن عتيبة وطارق بن عبد الرحمن البالي وعطاء بن السائب وغيرهم. شهد بيعة الرضوان. قال عمرو بن علي: وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة، وفي كتاب الجهاد من البخاري ما يدل على أنه شهد الخندق. انظر: تهذيب التهذيب 5/ 151، والطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 21.
رواه أحمد (1)، وأبو داود (2)، والنسائي (3)، والدارقطني (4)، وصححه ابن حبان (5) والحاكم (6)، لقول الله سبحانه وتعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (7) إلى أن يتعلم اللغة العربية، وعليه أن يبادر بذلك. ا. هـ.
فرع: الذكر عند الإتيان به لا يُمطط ولا يلحن ولا يخرج عن صفته المعروفة في العربية، ولا يتغنى به على أوزان أهل الألحان، ولذا كره العلماء تلحين الأذان، فقد قال ابن أبي شيبة:(8) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين المكي، أن مؤذنا أذن فطرب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز:«أذن أذانًا سمحًا وإلا فاعتزلنا» .
علقه البخاري (9) في باب: رفع الصوت بالنداء: باب رفع الصوت بالنداء وقال عمر بن عبد العزيز: أذن أذانًا سمحًا وإلا فاعتزلنا. ا. هـ.
قال في كشاف القناع (10) ما نصه: ويصح أذان ملحن وهو الذي
(1) مسند أحمد (رقم: 19110).
(2)
أبو داود (رقم: 832).
(3)
النسائي (رقم: 923).
(4)
سنن الدارقطني (رقم: 1195).
(5)
صحيح ابن حبان (رقم: 1809).
(6)
المستدرك على الصحيحين (رقم: 880).
(7)
البخاري (رقم: 7288) ومسلم (رقم: 1337).
(8)
مصنف ابن أبي شيبة (رقم: 2375).
(9)
صحيح البخاري 1/ 125.
(10)
كشاف القناع 1/ 245.
فيه تطريب، يقال: لحن في قراءته إذا طرب به وغرد، لحصول المقصود به.
ويصح أذان ملحون إن لم يحل لحنه المعنى؛ كما لو رفع الصلاة أو نصبه؛ لأن ذلك لا يمنع إجزاء القراءة في الصلاة فهنا أولى مع الكراهة فيهما، أي: في الملحن والملحون قال أحمد كل شيء محدث أكرهه مثل التطريب، فإن أحال اللحن المعنى كقوله والله أكبر، أي: بهمزة مع الواو بدليل رسم الألف بعدها، وأما لو قلب الهمزة واو الوقف لم يكن لحنا؛ لأنه لغة وقرئ به، كما يعلم من كتب القراءات لم يعتد به؛ كالقراءة في الصلاة. ا. هـ.
وقال في مجمع الأبحر: (1) ويكره التلحين والمراد به التطريب يقال: لحن في قراءته إذا طرب بها أي يكره تغيير الكلمة عن وضعها بزيادة حرف أو حركة أو مد أو غيرها سواء في الأوائل أو في الأواخر وكذلك في قراءة القرآن ولا يحل الاستماع ولا بد أن يقوم من المجلس إذا قرئ باللحن، وأما تحسين الصوت لا بأس به إذا كان من غير تغن قيل لا يحل سماع المؤذن إذا لحن.
وقال شمس الأئمة الحلواني: إنما يكره ذلك فيما كان من الأذكار، أما في قوله حي على الصلاة حي على الفلاح لا بأس فيه بإدخال مد ونحوه. ا. هـ.
قال أبو محمد: ما نفى عنه البأس لا ينتفي عنه فما دليل الاستثناء؟
(1) مجمع الأبحر 1/ 76.