الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم الرابع والعشرون
الأصل أن الأذكار لابد من الإتيان بها بألفاظها دون زيادة أو نقص أو تبديل؛ لأن ألفاظ الشارع مقصودة يتعبد له بها، وهذا يفوت بالمخالفة؛ لأن الذكر عبادة بابها التوقيف، والوقوف على الرسوم وهذا بخلاف الأدعية النبوية، وهي وإن كانت متلقاة من الشارع لكن للعبد فيها سعة، ولهذا في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن. الحديث. (1)
قال القسطلاني في إرشاد الساري (2) ما نصه: «كما يعلمنا السورة من القرآن» ، قال في البهجة: التشبيه في تحفظ حروفه وترتيب كلماته ومنع الزيادة والنقص منه والدرس له والمحافظة عليه. ا. هـ.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه يقول: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن. الحديث متفق عليه. (3)
قال أبو الفضل في الفتح (4) ما نصه: وفي رواية الأسود بن يزيد
(1) البخاري (رقم: 1109 - 6019).
(2)
أرشاد الساري 9/ 216.
(3)
البخاري (رقم: 5910) ومسلم (رقم: 402).
(4)
الفتح (11/ 184).
عن ابن مسعود رضي الله عنه أخذت التشهد من في رسول الله كلمة كلمة. أخرجها الطحاوي (1) وفي حديث سلمان نحوه وقال: حرفًا حرفًا. أخرجه الطبراني. (2)
وعند ابن خزيمة (3) من طريق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الصلاة، قال: كنا نحفظه عن عبد الله بن مسعود كما نحفظ حروف القرآن الواو والألف. الحديث.
ولذا في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به» قال فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت ورسولك، قال:«لا ونبيك الذي أرسلت» متفق عليه. (4)
وفي لفظ للترمذي: (5) فقلت: وبرسولك الذي أرسلت، قال: فطعن بيده في صدري، ثم قال:«وبنبيك الذي أرسلت» .
قال في فتح الباري (6) ما نصه: وأولى ما قيل في الحكمة في رده رضي الله عنه على من قال الرسول بدل النبي، أن ألفاظ الأذكار توقيفية،
(1) شرح معاني الآثار (رقم: 1562).
(2)
المعجم الكبير الطبراني (رقم: 6171).
(3)
صحيح ابن خزيمة (رقم: 702).
(4)
البخاري (رقم: 244)، ومسلم (رقم: 2710).
(5)
الترمذي (رقم: 3394).
(6)
فتح الباري 11/ 111.
ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس، فتجنب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، وهذا اختيار المازري، قال: فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحى إليه بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها.
وهذا كلام متين غاية في التحرير، ولهذا جاء في فتاوي اللجنة:(1) ما نصه: سؤال: إذا قال المسلم بعد الأذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد. فهل قوله في ذلك: إنك لا تخلف الميعاد بدعة؟
الجواب: الأصل في الأذكار وسائر العبادات الوقوف عند ما ورد من عباراتها وكيفياتها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لما رواه البخاري (2) وغيره عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول، فقلت - أستذكرهن: وبرسولك الذي أرسلت، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت» . فأبى النبي صلى الله عليه وسلم على البراء بن عازب أن يضع كلمة: ورسولك، مكان كلمة: ونبيك، في الذكر والدعاء عند النوم. الخ. ا. هـ.
(1) فتاوي اللجنة 6/ 90.
(2)
البخاري (رقم: 244)، وأخرجه: مسلم (رقم: 2710) الترمذي (رقم: 3394).