المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الحكم الأول

- ‌الحكم الثاني

- ‌الحكم الثالث

- ‌الحكم الرابع

- ‌الحكم الخامس

- ‌الحكم السادس

- ‌الحكم السابع

- ‌الحكم الثامن

- ‌الحكم التاسع

- ‌الحكم العاشر

- ‌الحكم الحادي عشر

- ‌الحكم الثاني عشر

- ‌الحكم الثالث عشر

- ‌الحكم الرابع عشر

- ‌الحكم الخامس عشر

- ‌الحكم السادس عشر

- ‌الحكم السابع عشر

- ‌الحكم الثامن عشر

- ‌الحكم التاسع عشر

- ‌الحكم العشرون

- ‌الحكم الواحد والعشرون

- ‌الحكم الثاني والعشرون

- ‌الحكم الثالث والعشرون

- ‌الحكم الرابع والعشرون

- ‌الحكم الخامس والعشرون

- ‌الحكم السادس والعشرون

- ‌الحكم السابع والعشرون

- ‌الحكم الثامن والعشرون

- ‌الحكم التاسع والعشرون

- ‌الحكم الثلاثون

- ‌الحكم الواحد والثلاثون

- ‌الحكم الثاني والثلاثون

- ‌الحكم الثالث والثلاثون

- ‌الحكم الرابع والثلاثون

- ‌الحكم الخامس والثلاثون

- ‌الحكم السادس والثلاثون

- ‌الحكم السابع والثلاثون

- ‌الحكم الثامن والثلاثون

- ‌الحكم التاسع والثلاثون

- ‌الحكم الأربعون

- ‌الحكم الواحد والأربعون

- ‌الحكم الثاني والأربعون

- ‌الحكم الثالث والأربعون

- ‌الحكم الرابع والأربعون

- ‌الحكم الخامس والأربعون

- ‌الحكم السادس والأربعون

- ‌الحكم السابع والأربعون

- ‌الحكم الثامن والأربعون

- ‌الحكم التاسع والأربعون

- ‌الحكم الخمسون

الفصل: ‌الحكم التاسع والأربعون

‌الحكم التاسع والأربعون

الأصل أن الآن الذكر متى استوفى شروطه، وانتفعت موانعه أنه عبادة مقبولة؛ لأنه عمل صالح، وكلم طيب، يترتب عليه القرب والإثابة فضلًا من الله وجودًا، والأصل في الدعاء ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم أنه مستجاب فضلًا من الرحيم وكرمًا.

قال البغوي في تفسيره: (1){إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} ، أي: يقبل الله الكلم الطيب. قوله: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} ، أي: يرفع العمل الصالح الكلام الطيب، فالهاء في قوله يرفعه راجعة إلى الكلم الطيب، وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وعكرمة وأكثر المفسرين. وقال الحسن وقتادة: الكلم الطيب ذكر الله والعمل الصالح أداء فرائضه، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال. ا. هـ.

وقال السعدي في تفسيره: (2){إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} من قراءة وتسبيح وتحميد وتهليل وكل كلام حسن طيب، فيرفع إلى الله ويعرض

(1) تفسير البغوي 3/ 690.

(2)

تفسير السعدي ص 685.

ص: 340

عليه ويثني الله على صاحبه بين الملأ الأعلى {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} من أعمال القلوب وأعمال الجوارح {يَرْفَعُهُ} الله تعالى إليه أيضًا، كالكلم الطيب.

وقيل: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فيكون رفع الكلم الطيب بحسب أعمال العبد الصالحة، فهي التي ترفع كلمه الطيب، فإذا لم يكن له عمل صالح، لم يرفع له قول إلى الله تعالى، فهذه الأعمال التي ترفع إلى الله تعالى، ويرفع الله صاحبها ويعزه. ا. هـ.

وقد سئل شيخ الإسلام: (1) عن رجل مدمن على المحرمات وهو مواظب على الصلوات الخمس ويصلي على محمد مائة مرة كل يوم. ويقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله كل يوم مائة مرة؛ فهل يكفر ذلك بالصلاة والاستغفار؟

فأِجاب: قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8] فمن كان مؤمنًا وعمل عملًا صالحًا لوجه الله تعالى فإن الله لا يظلمه. بل يثيبه عليه. وأما ما يفعله من المحرم اليسير فيستحق عليه العقوبة ويرجى له من الله التوبة. كما قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] وإن مات ولم يتب فهذا أمره إلى الله. هو أعلم بمقدار حسناته وسيئاته. لا يشهد له بجنة ولا نار بخلاف الخوارج والمعتزلة فإنهِم يقولون: إنه من فعل كبيرة أحبطت جميع حسناته وأهل السنة والجماعة لا يقولون بهذا الإحباط. بل أهل الكبائر معهم حسنات وسيئات وأمرهم إلى الله تعالى. وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ

(1) مجموع الفتاوى 11/ 661.

ص: 341

مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] أي من اتقاه في ذلك العمل؛ بأن يكون عملًا صالحًا خالصًا لوجه الله تعالى وأن يكون موافقًا للسنة. كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]. ا. هـ

فائدة: بقي هنا مسألة مهمة، وهي من أتى بذكر فصادف بطلان ظرفه، وفوات شرط قبوله، فهل يرد العمل طُرّا؟ كمن صلى محدثًا ناسيًا، فهل يكتب له أجر الذكر والقراءة وإن لم تصح صلاته؟

قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر (1) ما نصه: ولا تشترط للثواب صحة العبادة، بل يثاب على نيته، وإن كانت فاسدة بغير تعمده كما لو صلى محدثًا على ظن طهارته، وسيأتي تحقيقه. ا. هـ.

قال أبو محمد: لأن العبد يثاب على نية الطواعية، وهي حاصلة في مثل هذا العمل وعلى التلفظ بالذكر، وقد حصل، ومعلوم أن الحدث يمنع الصحة؛ لكن لا يمنع النية الحسنة.

وقد أخرج البخاري: (2) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «قال رجل: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يدي غني،

(1) الأشباه والنظائر 1/ 19.

(2)

البخاري (رقم: 1355) ومسلم (رقم: 1022).

ص: 342

فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله».

قال الحافظ: (1) وفيه أن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع. ا. هـ.

قال في التمهيد (2) نقلًا عن الشافعي: وأخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء أن ابن عباس كان لا يرى بأسًا أن يفطر الإنسان في صيام التطوع ويضرب لذلك أمثالًا رجل طاف سبعًا ولم يوفه فله ما احتسب أو صلى ركعة ثم لم يصل أخرى فله ما احتسب. ا. هـ. وهو في الأم. (3)

وقال شيخ الإسلام: (4) الأجر هو على إتباعه الحق بحسب اجتهاده؛ ولو كان في الباطن حق يناقضه هو أولى بالإتباع لو قدر على معرفته؛ لكن لم يقدر فهذا كالمجتهدين في جهات الكعبة، وكذلك كل من عبد عبادة نهِي عنها ولم يعلم بالنهي - لكن هي من جنس المأمور به - مثل من صلى في أوقات النهي وبلغه الأمر العام بالصلاة، ولم يبلغه النهي أو تمسك بدليل خاص مرجوح، مثل صلاة جماعة من السلف ركعتين بعد العصر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما، ومثل صلاة رويت فيها أحاديث ضعيفة أو موضوعة؛ كألفية نصف شعبان، وأول رجب، وصلاة التسبيح؛ كما جوزها ابن المبارك، وغير ذلك؛ فإنهِا إذا دخلت

(1) فتح الباري لابن حجر 3/ 291.

(2)

التمهيد 12/ 75.

(3)

الأم 1/ 327.

(4)

مجموع الفتاوى 20/ 31.

ص: 343

في عموم استحباب الصلاة ولم يبلغه ما يوجب النهي أثيب على ذلك، وإن كان فيها نهِي من وجه لم يعلم بكونهِا بدعة تتخذ شعارًا، ويجتمع عليها كل عام، فهو مثل أن يحث صلاة سادسة؛ ولهذا لو أراد أن يصلي مثل هذه الصلاة بلا حديث لم يكن له ذلك؛ لكن لما روي الحديث اعتقد أنه صحيح، فغلط في ذلك، فهذا يغفر له خطؤه ويثاب على جنس المشروع. وكذلك من صام يوم العيد ولم يعلم بالنهي. ا. هـ.

ص: 344