المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل] الراوي إما معروف بالرواية وإما مجهول - التلويح على التوضيح لمتن التنقيح - جـ ٢

[السعد التفتازاني - المحبوبي صدر الشريعة الأصغر]

فهرس الكتاب

- ‌(الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اتِّصَالُ الْخَبَرِ] [

- ‌التَّوَاتُرُ يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ] الرَّاوِي إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ وَإِمَّا مَجْهُولٌ

- ‌[فَصْلٌ شَرَائِطُ الرَّاوِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِطَاعِ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ] فِي كَيْفِيَّةِ السَّمَاعِ وَالضَّبْطِ وَالتَّبْلِيغِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الطَّعْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَفْعَالِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَحْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ، وَمُنْقَطِعٌ

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرَقُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا تَعَقَّبَ الْجُمَلَ الْمَعْطُوفَةَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّبْدِيلِ

- ‌[بَيَانُ النَّاسِخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَوْنُ النَّاسِخِ أَشَقَّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الضَّرُورَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أُمُورٍ]

- ‌[الْأَمْرُ الْأَوَّلُ رُكْنُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي قَوْلَيْنِ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّانِي أَهْلِيَّةُ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّالِثُ شُرُوطُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْإِجْمَاعُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الْأَمْرُ الْخَامِسُ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْعِلَّةِ]

- ‌[أَبْحَاثٌ فِي الْعِلَّة]

- ‌[الْأَوَّلُ الْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ عَدَمُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الثَّانِي كَوْنُ الْعِلَّة وَصْفًا لَازِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِعِلَّةٍ اُخْتُلِفَ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ أَوْ الْأَصْلِ]

- ‌[الثَّالِثُ تُعْرَفُ الْعِلَّةُ بِأُمُورٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ]

- ‌[الثَّالِثُ الْمُنَاسَبَةُ]

- ‌(فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌ لِلْقِيَاسِ الْخَفِيِّ(قِسْمَيْنِ:

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[وَدَفْعُ النَّقْض بِأَرْبَعِ طُرُقٍ]

- ‌[الْمُمَانَعَةُ]

- ‌الْمُعَارَضَةِ

- ‌(فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ)

- ‌ الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ بِالْعِلَّةِ الطَّرْدِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُجَجِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ]

- ‌(بَابُ) الْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ]

- ‌[الْأُمُور الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ التَّرَاجِيحِ الْفَاسِدَةِ التَّرْجِيحُ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ]

- ‌[بَابُ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْكِتَابِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ]

- ‌[بَابٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ يَكُونَ كَالْحُكْمِ]

- ‌[الْقَسْم الثَّانِي مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم بِهِ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَهْلِيَّةُ ضَرْبَانِ أَهْلِيَّةُ وُجُوبٍ وَأَهْلِيَّةُ أَدَاءً]

- ‌[فَصْلٌ الْأُمُورُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ]

- ‌[الْجُنُونُ]

- ‌[الصِّغَرُ]

- ‌[الْعَتَهُ]

- ‌[النِّسْيَانُ]

- ‌[النَّوْمُ]

- ‌ الْإِغْمَاءُ)

- ‌[الرِّقُّ]

- ‌[الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ]

- ‌[الْمَرَضُ]

- ‌[الْمَوْتُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْجَهْلُ]

- ‌[السُّكْرُ]

- ‌ الْهَزْلُ

- ‌[السَّفَهُ]

- ‌ السَّفَرُ

- ‌[الْخَطَأُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ غَيْرِهِ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ وَهُوَ إمَّا مُلْجِئٌ أَوْ غَيْرُ مُلْجِئٍ]

الفصل: ‌[فصل] الراوي إما معروف بالرواية وإما مجهول

نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ هَذَا بِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ بَلْ يَكُونُ كُلُّ الِاعْتِقَادِيَّاتِ كَذَلِكَ.

[فَصْلٌ] الرَّاوِي إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ وَإِمَّا مَجْهُولٌ

أَيْ: لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِحَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ، وَالْمَعْرُوفُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْفِقْهِ وَالِاجْتِهَادِ كَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْعَبَادِلَةِ (أَيْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) وَزَيْدٍ، وَمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعَائِشَةَ وَنَحْوِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَحَدِيثُهُ يُقْبَلُ وَافَقَ الْقِيَاسَ أَوْ خَالَفَهُ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ

ــ

[التلويح]

أَخْبَارُ آحَادٍ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِهَا كَوْنُ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً، وَهُوَ مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ؟ قُلْنَا: تَفَاصِيلُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ آحَادًا إلَّا أَنَّ جُمْلَتَهَا بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ كَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ وَجُودِ حَاتِمٍ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ التَّوَاتُرُ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الشُّهْرَةِ وَرُبَّمَا يُسْتَدَلُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ أَنَّهُ نُقِلَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ الِاسْتِدْلَال بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَعَمَلُهُمْ بِهِ فِي الْوَقَائِعِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي لَا تَكَادُ تُحْصَى، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ وَشَاعَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.

وَذَلِكَ يُوجِبُ الْعِلْمَ عَادَةً بِإِجْمَاعِهِمْ كَالْقَوْلِ الصَّرِيحِ، وَقَدْ دَلَّ سِيَاقُ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ فِي تِلْكَ الْوَقَائِعِ كَانَ بِنَفْسِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَمَا نُقِلَ مِنْ إنْكَارِهِمْ بَعْضَ أَخْبَارِ الْآحَادِ إنَّمَا كَانَ عِنْدَ قُصُورٍ فِي إفَادَةِ الظَّنِّ وَوُقُوعِ رِيبَةٍ فِي الصِّدْقِ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِخْبَارُ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ) دَلِيلَانِ مُسْتَقِلَّانِ عَلَى كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ تَقْرِيرُ الْأَوَّلِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَتَفَاصِيلِ الْحَشْرِ وَالصِّرَاطِ وَالْحِسَابِ وَالْعِقَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا الِاعْتِقَادَ إذْ لَا يَثْبُتُ بِهِ عَمَلٌ مِنْ الْفُرُوعِ.

وَتَقْرِيرُ الثَّانِي أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَبِالْعَدَالَةِ تَرَجَّحَ جَانِبُ الصِّدْقِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى احْتِمَالُ الْكَذِبِ، وَهُوَ مَعْنَى الْعِلْمِ وَجَوَابِهِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ تَرَجُّحَ جَانِبِ الصِّدْقِ إلَى حَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ الْكَذِبُ أَصْلًا بَلْ الْعَقْلُ شَاهِدٌ بِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ لَا يُوجِبُ الْيَقِينَ، وَأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ قَائِمٌ، وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا وَإِلَّا لَزِمَ الْقَطْعُ بِالنَّقِيضَيْنِ عِنْدَ إخْبَارِ الْعَدْلَيْنِ بِهِمَا.

وَجَوَابُ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَحَادِيثَ فِي بَابِ الْآخِرَةِ مِنْهَا مَا اُشْتُهِرَ فَيُوجِبُ عِلْمَ الطُّمَأْنِينَةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَبَرُ الْوَاحِدِ فَيُفِيدُ الظَّنَّ وَذَلِكَ فِي التَّفَاصِيلِ وَالْفُرُوعِ، وَمِنْهَا مَا تَوَاتَرَ وَاعْتُضِدَ بِالْكِتَابِ وَهُوَ فِي الْجُمَلِ وَالْأُصُولِ فَيُفِيدُ الْقَطْعَ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ عَقْدُ الْقَلْبِ، وَهُوَ عَمَلٌ فَيَكْفِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَقْدُ الْقَلْبِ فِي غَيْرِ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ مَعْنَى الْعِلْمِ، وَقَدْ بُيِّنَ فَسَادُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَحَادِيثَ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ إنَّمَا وَرَدَتْ لِعَقْدِ الْقَلْبِ وَالْجَزْمِ بِالْحُكْمِ، وَفِي غَيْرِهَا لِلْعَمَلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ فَوَجَبَ الْإِتْيَانُ بِمَا كُلِّفْنَا بِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا

[فَصْلٌ الرَّاوِي إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ وَإِمَّا مَجْهُولٌ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّاوِيَ إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ أَوْ مَجْهُولٌ أَمَّا الْمَعْرُوفُ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفِقْهِ يُقْبَلُ سَوَاءٌ وَافَقَ الْقِيَاسَ أَمْ لَا، وَإِلَّا فَإِمَّا أَنْ يُوَافِقَ قِيَاسًا مَا فَيُقْبَلُ أَوْ لَا فَيُرَدُّ، وَأَمَّا الْمَجْهُولُ فَإِمَّا أَنْ يَظْهَرَ حَدِيثُهُ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ

ص: 7

أَنَّ الْقِيَاسَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَقِينٌ بِأَصْلِهِ، وَإِنَّمَا الشُّبْهَةُ فِي نَقْلِهِ، وَفِي الْقِيَاسِ الْعِلَّةُ مُحْتَمَلَةٌ، وَهِيَ الْأَصْلُ، وَأَيْضًا إذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا عِلَّةٌ قَطْعًا لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْفَرْعِ مَانِعٌ أَوْ لِخُصُوصِيَّةِ الْأَصْلِ أَثَرٌ، أَوْ بِالرِّوَايَةِ فَقَطْ كَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَإِنْ وَافَقَ الْقِيَاسَ قُبِلَ، وَكَذَا إنْ خَالَفَ قِيَاسًا وَوَافَقَ قِيَاسًا آخَرَ لَكِنَّهُ إنْ خَالَفَ جَمِيعَ الْأَقْيِسَةِ لَا يُقْبَلُ عِنْدَنَا، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ السَّدَادِ بَابِ الرَّأْيِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّقْلَ بِالْمَعْنَى كَانَ مُسْتَفِيضًا

ــ

[التلويح]

يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ لَا بَعْدَهُ وَإِنْ ظَهَرَ فَإِمَّا أَنْ يَشْهَدَ السَّلَفُ لَهُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فَيُقْبَلُ أَوْ بِرَدِّهِ فَلَا يُقْبَلَ أَوْ يَسْكُتُوا عَنْهُ فَيُقْبَلَ أَوْ يَقْبَلَ الْبَعْضُ وَيَرُدَّ الْبَعْضُ مَعَ نَقْلِ الثِّقَاتِ عَنْهُ فَإِنْ وَافَقَ قِيَاسًا، وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَحَدِيثُهُ يُقْبَلُ) أَيْ: يُعْمَلُ بِحَدِيثِ الرَّاوِي الْمَعْرُوفِ بِالرِّوَايَةِ وَالْفِقْهِ سَوَاءٌ وَافَقَ الْقِيَاسَ حَتَّى يَكُونَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِهِ لَا بِالْقِيَاسِ أَوْ خَالَفَهُ حَتَّى يَثْبُتَ مُوجَبُهُ لَا مُوجِبُ الْقِيَاسِ، وَذَهَبَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيَّةِ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ إنْ ثَبَتَتْ بِنَصٍّ رَاجِحٍ عَلَى الْخَبَرِ فِي الدَّلَالَةِ فَإِنْ كَانَ وُجُودُهَا فِي الْفَرْعِ قَطْعِيًّا فَالْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ رَاجِحٌ عَلَى الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ ظَنِّيًّا فَالتَّوَقُّفُ، وَإِنْ ثَبَتَتْ لَا بِنَصٍّ رَاجِحٍ فَالْخَبَرُ مُقَدَّمٌ، وَعَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَقَدُّمِ الْقِيَاسِ إنْ ثَبَتَتْ الْعِلَّةُ بِنَصٍّ قَطْعِيٍّ، وَفِي تَقَدُّمِ الْخَبَرِ إنْ ثَبَتَتْ بِنَصٍّ ظَنِّيٍّ أَوْ اُسْتُنْبِطَتْ مِنْ أَصْلٍ ظَنِّيٍّ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اُسْتُنْبِطَتْ مِنْ أَصْلٍ قَطْعِيٍّ وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى تَقَدُّمِ الْخَبَرِ بِوَجْهَيْنِ.

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْخَبَرَ يَقِينٌ بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَوْلُ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام لَا يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ، وَإِنَّمَا الشُّبْهَةُ فِي عَارِضِ النَّقْلِ حَيْثُ يَحْتَمِلُ الْغَلَطَ وَالنِّسْيَانَ وَالْكَذِبَ، وَالْقِيَاسُ مُحْتَمِلٌ بِأَصْلِهِ أَيْ: عِلَّتِهِ الَّتِي تُبْنَى عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ فَإِنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ يَقِينًا إلَّا بِنَصٍّ قَطْعِيٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَهُوَ أَمْرٌ عَارِضٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مُتَيَقَّنَ الْأَصْلِ رَاجِحٌ عَلَى مُحْتَمَلِهِ.

الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْعِلَّةِ قَطْعًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خُصُوصِيَّةُ الْأَصْلِ شَرْطًا لِثُبُوتِ الْحُكْمِ أَوْ خُصُوصِيَّةُ الْفَرْعِ مَانِعًا عَنْهُ فَيَكُونُ تَطَرُّقُ الِاحْتِمَالِ إلَى الْقِيَاسِ أَكْثَرَ فَيُؤَخَّرُ عَنْ الْخَبَرِ الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ الِاحْتِمَالُ إلَّا فِي طَرِيقِ نَقْلِهِ هُوَ عَارِضٌ ثُمَّ تَرَكَ الصَّحَابَةُ الْقِيَاسَ بِالْخَبَرِ مُتَوَاتِرِ الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَتْ آحَادُهُ غَيْرَ مُتَوَاتِرَةٍ فَيَكُونُ إجْمَاعًا.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ: خَبَرَ الرَّاوِي الْمَعْرُوفِ بِالرِّوَايَةِ دُونَ الْفِقْهِ إنْ خَالَفَ جَمِيعَ الْأَقْيِسَةِ الَّتِي لَا يَكُونُ ثُبُوتُ أُصُولِهَا بِخَبَرِ رَاوٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ بِالْفِقْهِ لَا يُقْبَلُ عِنْدَنَا، وَفِيهِ بَحْثٌ أَمَّا أَوَّلًا؛ فَلِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي الْقِيَاسِ فِي أُمُورٍ سِتَّةٍ حُكْمُ الْأَصْلِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَعَيُّنُ الْوَصْفِ الَّذِي بِهِ التَّعْلِيلُ، وَوُجُودُ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي الْفُرُوعِ، وَنَفْيُ الْمُعَارِضِ فِي الْأَصْلِ وَنَفْيُهُ فِي الْفَرْعِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ عُدُولِ الصَّحَابَةِ نَقْلُ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ وَلِهَذَا نَجِدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ شَكَّ الرَّاوِي

ص: 8

فِيهِمْ فَإِذَا قَصُرَ فِقْهُ الرَّاوِي لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ أَنْ يَذْهَبَ شَيْءٌ مِنْ مَعَانِيهِ فَتَدْخُلُهُ شُبْهَةٌ زَائِدَةٌ يَخْلُو عَنْهَا الْقِيَاسُ.

وَذَلِكَ كَحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَهِيَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ «مَنْ اشْتَرَى شَاةً فَوَجَدَهَا مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» .

وَالْمُحَفَّلَةُ شَاةٌ جُمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا بِتَرْكِ حَلْبِهَا لِيَظُنَّهَا الْمُشْتَرِي سَمِينَةً فَيَغْتَرَّ. فَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ الصَّحِيحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ ضَمَانِ الْعُدْوَانِ

ــ

[التلويح]

وَإِنَّمَا اسْتَفَاضَ النَّقْلُ بِالْمَعْنَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِتَقْرِيرِ لَفْظِ الْحَدِيثِ بِالرِّوَايَةِ، وَالتَّدْوِينِ.

وَأَمَّا ثَالِثًا؛ فَلِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْقِيَاسَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْغَيْرِ الْمَعْرُوفِ بِالْفِقْهِ، وَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ الْكَشْفِ مَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مُسْتَحْدَثٌ، وَأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَمَا رُوِيَ مِنْ اسْتِبْعَادِ ابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ لَيْسَ تَقْدِيمًا لِلْقِيَاسِ بَلْ اسْتِبْعَادًا لِلْخَبَرِ لِظُهُورِ خِلَافِهِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِأَنَّ الْكِتَابَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: 2] وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يَصْلُحُ نَاسِخًا لِلْكِتَابِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا عُمُومَ فِي الْآيَةِ حَتَّى يَثْبُتَ بِهِ قِيَاسٌ يُعَارِضُهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَلَوْ سُلِّمَ فَقَدْ خُصَّ مِنْهُ الْقِيَاسُ الَّذِي يُعَارِضُهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ فَلَمْ يَبْقَ قَطْعِيًّا، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعَامَّ الَّذِي خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِالْخَبَرِ، وَالْقِيَاسِ.

(قَوْلُهُ: كَحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ) مِنْ صَرَيْتُهُ إذَا جَمَعْتُهُ، وَالْمُرَادُ الشَّاةُ الَّتِي جُمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا بِالشَّدِّ، وَتَرْكِ الْحَلْبِ مُدَّةً لِيَظُنَّهَا الْمُشْتَرِي كَثِيرَةَ اللَّبَنِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِيَظُنَّهَا الْمُشْتَرِي سَمِينَةً فِيهِ نَظَرٌ وَكَذَا الْمُحَفَّلَةُ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ، وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَيُرْوَى «بِأَحَدِ النَّظَرَيْنِ» وَيُرْوَى «مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» الْحَدِيثَ.

وَوَجْهُ كَوْنِ هَذَا الْحَدِيثِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ الصَّحِيحِ أَنَّ تَقْدِيرَ ضَمَانِ الْعُدْوَانِ بِالْمِثْلِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَتَقْدِيرُهُ بِالْقِيمَةِ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا» ، وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ الْمُنْعَقِدِ عَلَى وُجُوبِ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ عِنْدَ فَوَاتِ الْعَيْنِ فَإِنْ قِيلَ فَيَكُونُ رَدُّ هَذَا الْحَدِيثِ بِنَاءً عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَلَا نِزَاعَ فِي ذَلِكَ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ مِنْ ضَمَانِ الْعُدْوَانِ صَرِيحًا لَكِنَّهُ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ ظَهَرَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا رِضَاهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا رَضِيَ لِحَلْبِ الشَّاةِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي فَيَثْبُتُ فِيهَا الضَّمَانُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ قِيَاسًا عَلَى صُورَةِ الْعُدْوَانِ الصَّرِيحِ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ

ص: 9

بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةٍ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

وَأَمَّا الْمَجْهُولُ فَإِنْ رَوَى عَنْهُ السَّلَفِ وَشَهِدُوا لَهُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ صَارَ مِثْلَ الْمَعْرُوفِ بِالرِّوَايَةِ، وَإِنْ سَكَتُوا عَنْ الطَّعْنِ بَعْدَ النَّقْلِ فَكَذَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ بَيَانٌ، وَإِنْ قَبِلَ الْبَعْضُ وَرَدَّ الْبَعْضُ مَعَ نَقْلِ الثِّقَاتِ عَنْهُ يُقْبَلُ إنْ وَافَقَ قِيَاسًا «كَحَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ فِي بِرْوَعَ مَاتَ عَنْهَا هِلَالُ بْنُ مُرَّةَ، وَمَا سَمَّى لَهَا مَهْرًا، وَمَا دَخَلَ بِهَا (فَقَضَى عليه السلام لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِ نِسَائِهَا» فَقَبِلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَرَدَّهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -) وَقَالَ مَا نَصْنَعُ بِقَوْلِ أَعْرَابِيٍّ بَوَّالٍ عَلَى عَقِبَيْهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْكَرْدَرِيُّ إنَّ مِنْ عَادَةِ الْأَعْرَابِيِّ الْجُلُوسَ مُحْتَبِيًا فَإِذَا بَالَ يَقَعُ الْبَوْلُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَهَذَا لِبَيَانِ قِلَّةِ احْتِيَاطِ الْأَعْرَابِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَنْزِهُوا الْبَوْلَ، وَهَذَا طَعْنٌ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ وَغَيْرِهِمْ فَعَمِلْنَا بِهِ لَمَّا وَافَقَ الْقِيَاسَ عِنْدَنَا فَإِنَّ الْمَوْتَ كَالدُّخُولِ) بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ فِي الْمَوْتِ (وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) لَمَّا خَالَفَ الْقِيَاسَ عِنْدَهُ.

(وَإِنْ رَدَّهُ

ــ

[التلويح]

ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَظَاهِرُ كَلَامِ، فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ نَاسِخٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمُعَارِضٌ لِلْإِجْمَاعِ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِلْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ عَلَى كَوْنِ الْقِيَاسِ حُجَّةً، وَالْقَوْلُ بِنَفْيِ الْقِيَاسِ إنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ الْقَرْنِ الثَّالِثِ وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَصْلِ الِانْقِطَاعِ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَجْهُولُ) ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ مَجْهُولَ الْعَدَالَةِ، وَالضَّبْطِ إذْ مَعْلُومُ الْعَدَالَةِ، وَالضَّبْطِ لَا بَأْسَ بِكَوْنِهِ مُنْفَرِدًا بِحَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ عَدَالَةُ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ ثَابِتَةٌ بِالْآيَاتِ، وَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي فَضَائِلِهِمْ قُلْنَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الصَّحَابِيَّ اسْمٌ لِمَنْ اُشْتُهِرَ بِطُولِ صُحْبَةِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام عَلَى طَرِيقِ التَّتَبُّعِ لَهُ، وَالْأَخْذِ مِنْهُ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ اسْمٌ لِمُؤْمِنٍ رَأَى النَّبِيَّ عليه السلام سَوَاءٌ طَالَتْ صُحْبَتُهُ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ الْجَزْمَ بِالْعَدَالَةِ مُخْتَصٌّ بِمَنْ اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ، وَالْبَاقُونَ كَسَائِرِ النَّاسِ فِيهِمْ عُدُولٌ وَغَيْرُ عُدُولٍ.

(قَوْلُهُ: فِي بِرْوَعَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَكْسِرُونَهَا.

(قَوْلُهُ: لَمَّا خَالَفَ الْقِيَاسُ عِنْدَهُ) وَذَلِكَ أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْفَرْضِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا عَادَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ إلَيْهَا سَالِمًا لَمْ يَسْتَوْجِبْ بِمُقَابَلَتِهِ عِوَضًا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَكَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ: كَحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ) وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هُوَ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ بِهِ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَأَحْمَدُ فَكَيْفَ يَكُونُ مِمَّا رَدَّهُ الْكُلُّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ مَعَ كَوْنِهِ

ص: 10