المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اتِّصَالُ الْخَبَرِ] [

- ‌التَّوَاتُرُ يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ] الرَّاوِي إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ وَإِمَّا مَجْهُولٌ

- ‌[فَصْلٌ شَرَائِطُ الرَّاوِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِطَاعِ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ] فِي كَيْفِيَّةِ السَّمَاعِ وَالضَّبْطِ وَالتَّبْلِيغِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الطَّعْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَفْعَالِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَحْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ، وَمُنْقَطِعٌ

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرَقُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا تَعَقَّبَ الْجُمَلَ الْمَعْطُوفَةَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّبْدِيلِ

- ‌[بَيَانُ النَّاسِخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَوْنُ النَّاسِخِ أَشَقَّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الضَّرُورَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أُمُورٍ]

- ‌[الْأَمْرُ الْأَوَّلُ رُكْنُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي قَوْلَيْنِ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّانِي أَهْلِيَّةُ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّالِثُ شُرُوطُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْإِجْمَاعُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الْأَمْرُ الْخَامِسُ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْعِلَّةِ]

- ‌[أَبْحَاثٌ فِي الْعِلَّة]

- ‌[الْأَوَّلُ الْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ عَدَمُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الثَّانِي كَوْنُ الْعِلَّة وَصْفًا لَازِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِعِلَّةٍ اُخْتُلِفَ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ أَوْ الْأَصْلِ]

- ‌[الثَّالِثُ تُعْرَفُ الْعِلَّةُ بِأُمُورٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ]

- ‌[الثَّالِثُ الْمُنَاسَبَةُ]

- ‌(فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌ لِلْقِيَاسِ الْخَفِيِّ(قِسْمَيْنِ:

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[وَدَفْعُ النَّقْض بِأَرْبَعِ طُرُقٍ]

- ‌[الْمُمَانَعَةُ]

- ‌الْمُعَارَضَةِ

- ‌(فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ)

- ‌ الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ بِالْعِلَّةِ الطَّرْدِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُجَجِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ]

- ‌(بَابُ) الْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ]

- ‌[الْأُمُور الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ التَّرَاجِيحِ الْفَاسِدَةِ التَّرْجِيحُ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ]

- ‌[بَابُ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْكِتَابِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ]

- ‌[بَابٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ يَكُونَ كَالْحُكْمِ]

- ‌[الْقَسْم الثَّانِي مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم بِهِ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَهْلِيَّةُ ضَرْبَانِ أَهْلِيَّةُ وُجُوبٍ وَأَهْلِيَّةُ أَدَاءً]

- ‌[فَصْلٌ الْأُمُورُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ]

- ‌[الْجُنُونُ]

- ‌[الصِّغَرُ]

- ‌[الْعَتَهُ]

- ‌[النِّسْيَانُ]

- ‌[النَّوْمُ]

- ‌ الْإِغْمَاءُ)

- ‌[الرِّقُّ]

- ‌[الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ]

- ‌[الْمَرَضُ]

- ‌[الْمَوْتُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْجَهْلُ]

- ‌[السُّكْرُ]

- ‌ الْهَزْلُ

- ‌[السَّفَهُ]

- ‌ السَّفَرُ

- ‌[الْخَطَأُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ غَيْرِهِ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ وَهُوَ إمَّا مُلْجِئٌ أَوْ غَيْرُ مُلْجِئٍ]

الفصل: ‌[فصل في محل الخبر]

إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ (أَمْرٌ لَا يَسْتَقِيمُ تَلَقِّيهِ مِنْ جِهَةِ الْعُدُولِ بِخِلَافِ أَمْرِ الْحَدِيثِ) فَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ لَا يَكُونُ الْعَدْلُ حَاضِرًا عِنْدَ الْمَاءِ فَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ بِمَعْرِفَةِ الْمَاءِ حَرَجٌ، فَلَا يَكُونُ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَالْمَسْتُورِ سَاقِطَ الِاعْتِبَارِ فَأَوْجَبْنَا انْضِمَامَ التَّحَرِّي بِهِ بِخِلَافِ أَمْرِ الْأَحَادِيثِ فَإِنَّ الَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَهَا هُمْ الْعُلَمَاءُ الْأَتْقِيَاءُ، فَلَا حَرَجَ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُ الْفَسَقَةِ وَالْمَسْتُورِينَ فِي الْأَحَادِيثِ، فَلَا اعْتِبَارَ؛ لِأَحَادِيثِهِمْ أَصْلًا.

(وَأَمَّا أَخْبَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَالْكَافِرِ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا أَصْلًا) أَيْ: لَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ أَصْلًا أَيْ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ: فَلَا يَجِبُ التَّحَرِّي بِخِلَافِ أَخْبَارِ الْفَاسِقِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ التَّحَرِّي.

(وَالثَّانِيَةُ) أَيْ: الْعُقُوبَاتُ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله (أَيْ: تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَصِحُّ بِهِ الْعَمَلُ فِي الْحُدُودِ كَالْبَيِّنَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْعُقُوبَاتِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ.) وَالثَّابِتُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ فِيهِ شُبْهَةٌ فَعُلِمَ أَنَّ الْعُقُوبَاتِ تَثْبُتُ بِدَلِيلٍ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الثَّابِتَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ قَطْعِيٌّ بِمَعْنَى قَطْعِ الِاحْتِمَالِ النَّاشِئِ عَنْ دَلِيلٍ كَحُرْمَةِ الضَّرْبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وَالثَّابِتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ (وَعِنْدَنَا لَا لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي الدَّلِيلِ وَالْحَدُّ يَنْدَرِئُ بِهَا، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ بِالنَّصِّ) أَيْ: كَانَ الْقِيَاسُ

ــ

[التلويح]

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ اتِّفَاقُ غَيْرِ هَذَا الرَّاوِي، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَسِّكٌ بِهِ لَا مَحَالَةَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ) يَعْنِي: الْقَرْنَ الْأَوَّلَ، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ فِيهَا أَصْلٌ بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ عليه السلام، وَفِي غَيْرِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ الْمَسْتُورُ بِمَنْزِلَةِ الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْفِسْقِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ غَالِبٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْمُرَجِّحَةِ جَانِبَ الصِّدْقِ.

(قَوْلُهُ: وَصَاحِبِ الْهَوَى) وَهُوَ الْمَيْلُ إلَى الشَّهَوَاتِ، وَالْمُسْتَلَذَّات مِنْ غَيْرِ دَاعِيَةِ الشَّرْعِ، وَالْمُرَادُ الْمُبْتَدِعُ الْمَائِلُ إلَى مَا يَهْوَاهُ فِي أَمْرِ الدِّينِ فَإِنْ تَأَدَّى إلَى أَنْ يَجِبَ إكْفَارُهُ كَغُلَاةِ الرَّوَافِضِ، وَالْمُجَسِّمَةِ، وَالْخَوَارِجِ، فَلَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ قَبُولِ الرِّوَايَةِ؛ لِانْتِفَاءِ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ رِوَايَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وَضْعَ الْأَحَادِيثِ إلَّا إذَا كَانَ دَاعِيًا إلَى هَوَاهُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ فَقَوْلُهُ: لِلشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْهَوَى مَا يُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ أَوْ الْفِسْقِ

[فَصْلٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ) سَوَاءٌ كَانَ خَبَرًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَالْمُرَادُ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَلِذَا حَصَرَ الْمَحَلَّ فِي الْفُرُوعِ وَالْأَعْمَالِ إذْ الِاعْتِقَادِيَّات لَا تَثْبُتُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ؛ لِابْتِنَائِهَا عَلَى الْيَقِينِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَخْبَارُ الصَّبِيِّ) فَإِنْ قِيلَ إنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه أَخْبَرَ أَهْلَ قُبَاءَ بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ وَكَانَ صَبِيًّا قُلْنَا لَوْ سُلِّمَ كَوْنُهُ صَبِيًّا فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ أَنَسٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا جَاءَا بِهِ جَمِيعًا فَأَخْبَرَاهُمْ.

(قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ) قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ كَوْنُهُ خَبَرِ الْوَاحِدِ

ص: 20

أَنْ لَا تَثْبُتَ الْعُقُوبَاتُ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا خَبَرُ الْوَاحِدِ فَإِنَّ كُلَّ مَا دُونَ التَّوَاتُرِ خَبَرُ الْوَاحِدِ فَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ دَلِيلًا فِيهِ شُبْهَةٌ وَالْحَدُّ يَنْدَرِئُ بِهَا لَكِنْ إنَّمَا تَثْبُتُ الْعُقُوبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يُقَاسُ ثُبُوتُهَا بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ الْوَاحِدُ عَلَى ثُبُوتِهَا بِالْبَيِّنَةِ.

(وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَتَثْبُتُ بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ الْوَاحِدُ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا ثُبُوتُهَا بِخَبَرٍ يَكُونُ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ فَمَا كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ مَحْضٌ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَالْوِلَايَةِ) ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ (وَالْعَدَدِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ) حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ الْعَدَدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْعَدَدُ عُرْفًا كَشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ (مَعَ سَائِرِ شَرَائِطِ الرِّوَايَةِ صِيَانَةً لِحُقُوقِ الْعِبَادِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْإِلْزَامِ فَيَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ تَوْكِيدٍ، وَالشَّهَادَةُ بِهِلَالِ الْفِطْرِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ) أَيْ: لَهُ حُكْمُ هَذَا الْقِسْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْفِ التَّزْوِيرِ وَالتَّلْبِيسِ (وَمَا لَيْسَ فِي الْإِلْزَامِ كَالْوَكَالَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالرِّسَالَاتِ فِي الْهَدَايَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَالْوَدَائِعِ وَالْأَمَانَاتِ تَثْبُتُ بِأَخْبَارِ الْوَاحِدِ بِشَرْطِ التَّمْيِيزِ دُونَ الْعَدَالَةِ فَيُقْبَلُ فِيهَا خَبَرُ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا إلْزَامَ فِيهِ وَلِلضَّرُورَةِ اللَّازِمَةِ هُنَا) .

فَإِنَّ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ غَايَةَ الْحَرَجِ عَلَى أَنَّ الْمُتَعَارَفَ بَعْثُ الصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ بِهَذِهِ الْأَشْغَالِ. وَالْعُدُولُ الثِّقَاتُ لَا يَنْتَصِبُونَ دَائِمًا لِلْمُعَامَلَاتِ الْخَسِيسَةِ لَا سِيَّمَا؛ لِأَجْلِ

ــ

[التلويح]

حُجَّةً عَلَى الْإِطْلَاقِ بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ وَمَعَ الْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تَجِبُ مُقَدَّرَةً بِالْجِنَايَاتِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي إثْبَاتِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: مَعَ سَائِرِ شَرَائِطِ الرِّوَايَةِ) يُخْرِجُ الْفَاسِقَ، وَالْمُغَفَّلَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَقَيْدُ الْوِلَايَةِ يُخْرِجُ الْعَبْدَ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ يَخْرُجُ بِكُلٍّ مِنْ الْقَيْدَيْنِ بَعْدَ تَفَرُّدِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِفَائِدَةٍ.

(قَوْلُهُ: صِيَانَةً لِحُقُوقِ الْعِبَادِ) يَعْنِي تُشْتَرَطُ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ لِئَلَّا تَثْبُتَ الْحُقُوقُ الْمَعْصُومَةُ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ هُوَ تَعْلِيلٌ لِثُبُوتِ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِخَبَرٍ يَكُونُ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْإِلْزَامِ) تَعْلِيلٌ لِاشْتِرَاطِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِكَذَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.

(قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ تَوْكِيدٍ) أَمَّا لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فَلِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ كَمَالِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ هِيَ الْمُعَايَنَةُ، وَالْعِلْمُ شَرْطٌ فِي الشَّهَادَةِ لِقَوْلِهِ: عليه الصلاة والسلام «إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ، وَإِلَّا فَدَعْ» ، وَأَمَّا الْوِلَايَةُ فَلِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ كَوْنَ الْمُخْبِرِ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَنْفِيذِ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ أَوْ أَبَى وَذَلِكَ مِنْ أَمَارَاتِ الصِّدْقِ، وَأَمَّا الْعَدَدُ فَلِأَنَّ اطْمِئْنَانَ الْقَلْبِ بِقَوْلِ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنْهُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ؛ وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ يُعَارِضُهُ الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ فَيَتَرَجَّحُ جَانِبُ الصِّدْقِ بِانْضِمَامِ شَاهِدٍ آخَرَ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةُ بِهِلَالِ الْفِطْرِ) يُشْتَرَطُ لَهَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَالْوِلَايَةِ، وَالْعَدَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ إثْبَاتِ الْحُقُوقِ، الَّتِي فِيهَا مَعْنَى الْإِلْزَامِ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ مِمَّا يُخَافُ فِيهِ

ص: 21

الْغَيْرِ (بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ فَإِنَّ ضَرُورَتَهُمَا غَيْرُ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَصْلِ مُمْكِنٌ) فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يَسْتَقِيمُ تَلَقِّيهِ مِنْ جِهَةِ الْعُدُولِ.

فَهَذَا بَيَانُ أَنَّ الضَّرُورَةَ حَاصِلَةٌ فِي قَبُولِ خَبَرِ غَيْرِ الْعُدُولِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ لَكِنْ نَذْكُرُ هُنَا أَنَّ الضَّرُورَةَ فِيهِمَا غَيْرُ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَصْلِ مُمْكِنٌ فَأَمَّا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَالضَّرُورَةُ لَازِمَةٌ فَلَمْ يُقْبَلْ خَبَرُ الْعُدُولِ ثَمَّةَ مُطْلَقًا بَلْ مَعَ انْضِمَامِ التَّحَرِّي، وَقُبِلَ هُنَا مُطْلَقًا (وَمَا فِيهِ إلْزَامٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ إلْزَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُبْطِلُ عَمَلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَيْسَ بِإِلْزَامٍ مِنْ حَيْثُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ (وَحَجْرُ الْمَأْذُونِ، وَفَسْخِ الشَّرِكَةِ) لِمَا ذَكَرْنَا فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ (وَإِنْكَاحِ الْوَلِيِّ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ) فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِهَذَا التَّزَوُّجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى تَقْدِيرِ نَفَاذِ هَذَا الْإِنْكَاحِ إلْزَامٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُمْكِنُ لَهَا فَسْخُ هَذَا الْإِنْكَاحِ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ (فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ وَكِيلًا أَوْ رَسُولًا يُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَإِنْ كَانَ فُضُولِيًّا يُشْتَرَطُ إمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ بَعْدَ وُجُودِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ) .

إنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ وَبَيْنَ الْفُضُولِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ وَالرَّسُولَ يَقُومَانِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ وَالْمُرْسِلِ فَيَنْتَقِلُ عِبَارَتُهُمَا إلَيْهِمَا، فَلَا يُشْتَرَطُ شَرَائِطُ الْأَخْبَارِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ

ــ

[التلويح]

التَّلْبِيسُ وَالتَّزْوِيرُ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ.

وَهَذَا أَظْهَرُ مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبَادَ يَنْتَفِعُونَ بِالْفِطْرِ فَهُوَ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَيَلْزَمُهُمْ الِامْتِنَاعُ عَنْ الصَّوْمِ يَوْمَ الْفِطْرِ فَكَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِلْزَامِ؛ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ انْتِفَاعَهُمْ بِالصَّوْمِ أَكْثَرُ، وَإِلْزَامَهُمْ فِيهِ أَظْهَرُ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا لَيْسَ فِيهِ إلْزَامٌ) ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ أَنَّ أَخْبَارَ الْمُمَيِّزِ يُقْبَلُ فِي مِثْلِ الْوَكَالَةِ، وَالْهَدَايَا مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ التَّحَرِّي، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّحَرِّي، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمُحَمَّدٌ ذَكَرَ الْقَيْدَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ تَفْسِيرًا لِهَذَا فَيُشْتَرَطُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ اسْتِحْسَانًا، وَلَا يُشْتَرَطُ رُخْصَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُتَعَارَفَ) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْخَبَرِ بِالْوَكَالَةِ، وَالْإِذْنِ وَنَحْوِهِمَا الْعَدَالَةُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالْحُرِّيَّةُ سَوَاءٌ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ أَوْ مَأْذُونُهُ؛ أَوْ أَخْبَرَ بِأَنَّ، فُلَانًا وَكَّلَ الْمَبْعُوثَ إلَيْهِ أَوْ جَعَلَهُ مَأْذُونًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَجِدُ الْمُسْتَجْمِعَ لِلشَّرَائِطِ يَبْعَثُهُ لِهَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ أَوْ لِإِخْبَارِ الْغَيْرِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْبَعْضِ مُشْعِرٌ بِالْقِسْمِ الثَّانِي حَيْثُ يَقُولُونَ الْإِنْسَانُ قَلَّمَا يَجِدُ الْمُسْتَجْمِعَ لِلشَّرَائِطِ يَبْعَثُهُ إلَى وَكِيلِهِ أَوْ غُلَامِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ: الْمُخْبِرُ بِمَا فِيهِ إلْزَامٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فُضُولِيًّا يُشْتَرَطُ إمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ.

وَالِاخْتِلَافُ

ص: 22