الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ) فَإِنَّ كُلَّ قِيَاسٍ خَفِيٍّ اسْتِحْسَانٌ وَلَيْسَ كُلُّ اسْتِحْسَانٍ قِيَاسًا خَفِيًّا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ لَكِنَّ الْغَالِبَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ الِاسْتِحْسَانُ أُرِيدَ بِهِ الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ
(وَهُوَ دَلِيلٌ يُقَابِلُ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ الَّذِي يَسْبِقُ إلَيْهِ الْأَفْهَامُ) هَذَا تَفْسِيرُ الِاسْتِحْسَانِ وَبَعْضُ النَّاسِ تَحَيَّرُوا فِي تَعْرِيفِهِ، وَتَعْرِيفُهُ الصَّحِيحُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ دَلِيلٌ يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ.
وَقَوْلُهُ الَّذِي يَسْبِقُ إلَيْهِ الْأَفْهَامُ تَفْسِيرٌ لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ (وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالدَّلَائِلِ الَّتِي هِيَ حُجَّةٌ إجْمَاعًا ضَمِيرٌ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الِاسْتِحْسَانِ)
ــ
[التلويح]
الْعِلَّةِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ عِلِّيَّةُ شَيْءٌ لِحُكْمِ بِنَاءٍ عَلَى مَعْنًى صَالِحٍ لِتَعْلِيلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُؤَثِّرًا أَوْ مُلَائِمًا فَكُلُّ شَيْءٍ يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُؤَثِّرُ أَوْ الْمُلَائِمُ فَهُوَ عِلَّةٌ لِذَلِكَ الْحُكْمِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَكُونُ هَذَا مِنْ إثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ بِالْحَقِيقَةِ هُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ عِلِّيَّتُهُ بِمَا هُوَ مِنْ مُسَالِكِ الْعِلَّةِ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً تَتَعَدَّدُ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ مَثَلًا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْوِقَاعَ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ صَوْمِ رَمَضَانَ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ هَتْكُ الْحُرْمَةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَكْلِ فَيَحْكُمُ بِأَنَّهُ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ عِلِّيَّةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْحُكْمِ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِمَالِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى بَلْ وَجَدَ مُجَرَّدَ مُنَاسَبَةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِعِلِّيَّةِ الْحُكْمِ لَمْ يَصِحُّ الْحُكْمُ بِعِلِّيَّةِ شَيْءٍ آخَرَ يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ قِيَاسًا عَلَى مَا ثَبَتَ عِلِّيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمُرْسَلِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبِ، وَلَا مُلَائَمَتُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِالْقِيَاسِ فَيَجُوزُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ التَّعْلِيلِ بِالْمُرْسَلِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ التَّأْثِيرَ أَوْ الْمُلَاءَمَةَ.
[فَصْلٌ الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]
(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) فِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ فِي اللُّغَةِ عَدُّ الشَّيْءِ حَسَنًا، وَقَدْ كَثُرَ فِيهِ الْمُدَافَعَةُ وَالرَّدُّ عَلَى الْمُدَافِعِينَ وَمَنْشَؤُهُمَا عَدَمُ تَحْقِيقِ مَقْصُودِ الْفَرِيقَيْنِ وَمَبْنَى الطَّعْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْجُرْأَةِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِحْسَانِ يُرِيدُونَ بِهِ مَا هُوَ أَحَدُ الْأَدِلَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ مَنْ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ يُرِيدُونَ أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ حُكْمًا بِأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ مِنْ الشَّارِعِ فَهُوَ الشَّارِعُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الشَّارِعِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الِاسْتِحْسَانِ مَا يَصْلُحُ مَحَلًّا لِلنِّزَاعِ إذْ لَيْسَ النِّزَاعُ فِي التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18] وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» وَنُقِلَ عَنْ الْأَئِمَّةِ إطْلَاقُ الِاسْتِحْسَانِ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ وَشُرْبِ الْمَاءِ مِنْ يَدِ السِّقَاءِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ أَسْتَحْسِنُ فِي الْمُتْعَةِ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَأَسْتَحْسِنُ تَرْكَ شَيْءٍ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ