الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ آخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى حُكْمٍ كَذَلِكَ) أَيْ حُكْمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَالِانْتِقَالُ مُنْحَصِرٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الْعِلَّةِ فَقَطْ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ لِإِثْبَاتِ عِلَّتِهِ وَهُوَ الْأَوَّلُ أَوْ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهِ وَهُوَ الثَّانِي حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا كَانَ كَلَامًا حَشْوًا وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَقَطْ وَهُوَ الرَّابِعُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَكَانَ كَلَامًا حَشْوًا وَأَمَّا فِيهِمَا وَهُوَ الثَّالِثُ
(فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ بِالْعِلَّةِ الْأُولَى فَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ) كَمَا إذَا قَالَ الصَّبِيُّ الْمُودَعُ إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ
ــ
[التلويح]
مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِطَرِيقِ التَّعْدِيَةِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْقُولٍ إلَّا أَنَّ تَعْدِيَتَهُ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي ضِمْنِ تَعْدِيَةِ حُكْمٍ مَعْقُولٍ هُوَ ثُبُوتُ الْحَدَثِ بِخُرُوجِ النَّجَسِ وَهُوَ جَائِزٌ كَاسْتِوَاءِ الْجَيِّدِ مَعَ الرَّدِيءِ فِي بَابِ الرِّبَا يَتَعَدَّى فِي ضِمْنِ الْحُكْمِ الْمَعْقُولِ الَّذِي هُوَ حُرْمَةُ الْبَيْعِ عِنْدَ التَّفَاضُلِ وَإِبَاحَتُهَا عِنْدَ التَّسَاوِي. وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ تَمَاثُلَ الْحُكْمَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِخُرُوجِ النَّجَسِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ حَدَثٌ يَرْتَفِعْ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ بِالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ حُكِمَ كَذَلِكَ تَحْقِيقًا لِلْمُمَاثَلَةِ وَيَرِدُ كَلَا الْإِشْكَالَيْنِ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ تَغْيِيرَ مَحَلِّ الْغَسْلِ مِنْ الطَّهَارَةِ إلَى النَّجَاسَةِ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَأَنَّ تَطْهِيرَهَا بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعْقُولٌ لَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْمَعْقُولِيَّةِ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يَسْتَقِلُّ بِدَرْكِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حِينَئِذٍ لَا يَنْطَبِقُ الْجَوَابُ عَلَى دَلِيلِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ أَوْ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا هُوَ كَوْنُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ تَعَبُّدِيًّا أَوْ مَعْقُولًا بِمَعْنَى أَلَّا يُدْرِكَ الْعَقْلُ مَعْنَاهُ أَيْ عِلَّتَهُ أَوْ يُدْرِكَ لَا بِمَعْنَى أَنْ لَا يَسْتَقِلَّ الْعَقْلُ بِإِدْرَاكِ الْحُكْمِ أَوْ يَسْتَقِلَّ وَأَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ تَطْهِيرَهَا بِالْمَاءِ مَعْقُولٌ أَنَّ الْحُكْمَ بِتَطْهِيرِ الْحَدَثِ بِالْمَاءِ مِمَّا يَسْتَقِلُّ الْعَقْلُ بِإِدْرَاكِهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي فَسَادِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا الْفَصْلِ) أَيْ فِي فَصْلِ دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ فُرُوعٌ أُخَرُ مَذْكُورَةٌ فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ أَيْ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَقْصُودِ لَا لِفَائِدَةٍ فَإِنَّ مَقْصُودَ الْأُصُولِ لَيْسَ مَعْرِفَةَ فُرُوعِ الْأَحْكَامِ وَيَكْفِي فِي تَوْضِيحِ الْمَطْلُوبِ إيرَادُ مِثَالٍ أَوْ مِثَالَيْنِ.
[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ]
(قَوْلُهُ: فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ) أَيْ فِي انْتِقَالِ الْقَائِسِ فِي قِيَاسِهِ مِنْ كَلَامٍ إلَى كَلَامٍ آخَرَ وَالْكَلَامُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ عِلَّةٍ أَوْ حُكْمٍ فَهُوَ حَشْوٌ فِي الْقِيَاسِ خَارِجٌ عَنْ الْمَبْحَثِ وَإِلَّا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْعِلَّةِ فَقَطْ أَوْ الْحُكْمِ فَقَطْ أَوْ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا، وَالِانْتِقَالُ فِي الْعِلَّةِ فَقَطْ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِإِثْبَاتِ عِلَّةِ الْقِيَاسِ أَوْ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهِ إذْ لَوْ كَانَ لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ آخَرَ لَكَانَ انْتِقَالًا فِي الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا وَالِانْتِقَالُ فِي الْحُكْمِ
عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ.
فَلَمَّا أَنْكَرَهُ الْخَصْمُ احْتَاجَ إلَى إثْبَاتِهِ فَهَذَا لَا يُسَمَّى انْتِقَالًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ أَنْ يَتْرُكَ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَشْتَغِلَ بِآخَرَ كَمَا فِي قِصَّةِ الْخَلِيلِ عليه السلام وَإِنَّمَا أُطَلِّقَ الِانْتِقَالُ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الْكَلَامَ وَاشْتَغَلَ بِكَلَامٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ هُوَ دَلِيلًا عَلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ
(وَكَذَا الثَّانِي عِنْدَ الْبَعْضِ كَقِصَّةِ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام حَيْثُ قَالَ {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة: 258] وَلِأَنَّ الْغَرَضَ إثْبَاتُ الْحُكْمِ فَلَا يُبَالِي بِأَيِّ دَلِيلٍ كَانَ لَا عِنْدَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِالْعِلَّةِ الْأُولَى يُعَدُّ انْقِطَاعًا
ــ
[التلويح]
فَقَطْ إنْ كَانَ إلَى حُكْمٍ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حُكْمُ الْقِيَاسِ فَهُوَ حَشْوٌ فِي الْقِيَاسِ خَارِجٌ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَإِنْ كَانَ إلَى حُكْمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ حُكْمُ الْقِيَاسِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إثْبَاتُهُ بِعِلَّةِ الْقِيَاسِ وَإِلَّا لَكَانَ انْتِقَالًا فِي الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا وَالِانْتِقَالُ فِي الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ حُكْمُ الْقِيَاسِ وَإِلَّا لَكَانَ حَشْوًا فِي الْقِيَاسِ فَصَارَتْ أَقْسَامُ الِانْتِقَالَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْمُنَاظَرَةِ أَرْبَعَةً: الْأَوَّلُ الِانْتِقَالُ إلَى عِلَّةٍ أُخْرَى لِإِثْبَاتِ عِلَّةِ الْقِيَاسِ الثَّانِي الِانْتِقَالُ إلَى عِلَّةٍ لِإِثْبَاتِ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثَّالِثُ الِانْتِقَالُ إلَى عِلَّةٍ أُخْرَى لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ آخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ حُكْمُ الْقِيَاسِ الرَّابِعُ الِانْتِقَالُ إلَى حُكْمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ حُكْمُ الْقِيَاسِ بِأَنْ يَثْبُتَ بِعِلَّةِ الْقِيَاسِ.
(قَوْلُهُ يُعَدُّ انْقِطَاعًا فِي عُرْفِ النُّظَّارِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُصْطَلَحَاتِ أَهْلِ الْمُنَاظَرَةِ وَآدَابِهِمْ فِي الْبَحْثِ كَيْ لَا يَطُولَ الْكَلَامُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ دَلِيلٍ إلَى دَلِيلٍ وَإِلَّا فَالِانْتِقَالُ مِنْ عِلَّةٍ إلَى عِلَّةٍ لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِمَنْزِلَةِ انْتِقَالٍ مِنْ بَيِّنَةٍ إلَى بَيِّنَةٍ أُخْرَى لِإِثْبَاتِ حُقُوقِ النَّاسِ وَهُوَ مَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْمُنَاظَرَةِ إظْهَارُ الصَّوَابِ فَلَوْ جَوَّزْنَا الِانْتِقَالَ لَطَالَتْ الْمُنَاظَرَةُ بِانْتِقَالِ الْمُعَلِّلِ مِنْ دَلِيلٍ إلَى دَلِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ الصَّوَابُ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ إظْهَارَ الصَّوَابِ لَزِمَ جَوَازُ الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إظْهَارُ الْحَقِّ بِأَيِّ دَلِيلٍ كَانَ وَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُعَلِّلِ الِانْتِقَالُ مِنْ دَلِيلٍ إلَى آخَرَ لَا إلَى نِهَايَةٍ نَعَمْ لَوْ انْتَقَلَ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِدْلَالِ إلَى مَا لَا يُنَاسِبُ الْمَطْلُوبَ دَفْعًا لِظُهُورِ إفْحَامِهِ فَهُوَ يَكُونُ انْقِطَاعًا.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا قِصَّةُ الْخَلِيلِ) جَوَابٌ عَنْ تَمَسُّكِ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ كَلَامَنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا بَانَ بُطْلَانُ دَلِيلِ الْمُعَلِّلِ وَانْتَقَلَ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ أَمَّا إذَا صَحَّ دَلِيلُهُ وَكَانَ قَدْحُ الْمُعْتَرِضِ فَاسِدًا إلَّا أَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى تَلْبِيسٍ رُبَّمَا يَشْتَبِهُ عَلَى بَعْضِ السَّامِعِينَ فَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ كَمَا فِي قِصَّةِ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ فَإِنَّ مُعَارَضَةَ اللَّعِينِ كَانَتْ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَسْجُونِ وَتَرْكَ إزَالَةِ حَيَاتِهِ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إعْطَاءُ الْحَيَاةِ وَجَعْلُ الْجَمَادِ حَيًّا إلَّا أَنَّ الْخَلِيلَ عليه السلام انْتَقَلَ إلَى دَلِيلٍ أَوْضَحَ وَحُجَّةٍ أَبْهَرَ لِيَكُونَ