المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اتِّصَالُ الْخَبَرِ] [

- ‌التَّوَاتُرُ يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ] الرَّاوِي إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ وَإِمَّا مَجْهُولٌ

- ‌[فَصْلٌ شَرَائِطُ الرَّاوِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِطَاعِ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ] فِي كَيْفِيَّةِ السَّمَاعِ وَالضَّبْطِ وَالتَّبْلِيغِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الطَّعْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَفْعَالِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَحْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ، وَمُنْقَطِعٌ

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرَقُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا تَعَقَّبَ الْجُمَلَ الْمَعْطُوفَةَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّبْدِيلِ

- ‌[بَيَانُ النَّاسِخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَوْنُ النَّاسِخِ أَشَقَّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الضَّرُورَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أُمُورٍ]

- ‌[الْأَمْرُ الْأَوَّلُ رُكْنُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي قَوْلَيْنِ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّانِي أَهْلِيَّةُ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّالِثُ شُرُوطُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْإِجْمَاعُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الْأَمْرُ الْخَامِسُ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْعِلَّةِ]

- ‌[أَبْحَاثٌ فِي الْعِلَّة]

- ‌[الْأَوَّلُ الْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ عَدَمُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الثَّانِي كَوْنُ الْعِلَّة وَصْفًا لَازِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِعِلَّةٍ اُخْتُلِفَ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ أَوْ الْأَصْلِ]

- ‌[الثَّالِثُ تُعْرَفُ الْعِلَّةُ بِأُمُورٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ]

- ‌[الثَّالِثُ الْمُنَاسَبَةُ]

- ‌(فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌ لِلْقِيَاسِ الْخَفِيِّ(قِسْمَيْنِ:

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[وَدَفْعُ النَّقْض بِأَرْبَعِ طُرُقٍ]

- ‌[الْمُمَانَعَةُ]

- ‌الْمُعَارَضَةِ

- ‌(فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ)

- ‌ الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ بِالْعِلَّةِ الطَّرْدِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُجَجِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ]

- ‌(بَابُ) الْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ]

- ‌[الْأُمُور الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ التَّرَاجِيحِ الْفَاسِدَةِ التَّرْجِيحُ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ]

- ‌[بَابُ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْكِتَابِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ]

- ‌[بَابٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ يَكُونَ كَالْحُكْمِ]

- ‌[الْقَسْم الثَّانِي مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم بِهِ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَهْلِيَّةُ ضَرْبَانِ أَهْلِيَّةُ وُجُوبٍ وَأَهْلِيَّةُ أَدَاءً]

- ‌[فَصْلٌ الْأُمُورُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ]

- ‌[الْجُنُونُ]

- ‌[الصِّغَرُ]

- ‌[الْعَتَهُ]

- ‌[النِّسْيَانُ]

- ‌[النَّوْمُ]

- ‌ الْإِغْمَاءُ)

- ‌[الرِّقُّ]

- ‌[الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ]

- ‌[الْمَرَضُ]

- ‌[الْمَوْتُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْجَهْلُ]

- ‌[السُّكْرُ]

- ‌ الْهَزْلُ

- ‌[السَّفَهُ]

- ‌ السَّفَرُ

- ‌[الْخَطَأُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ غَيْرِهِ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ وَهُوَ إمَّا مُلْجِئٌ أَوْ غَيْرُ مُلْجِئٍ]

الفصل: ‌[الركن الرابع القياس]

فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» وَقَوْلِهِ عليه السلام «عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ» فَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ قَدْ وَصَلَتْ إلَى الْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ تُوجِبُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ.

ثُمَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَرَاتِبَ: إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ثُمَّ إجْمَاعُ مَنْ بَعْدَهُمْ فِيمَا لَمْ يُرْوَ فِيهِ خِلَافُ الصَّحَابَةِ ثُمَّ إجْمَاعُهُمْ فِيمَا رُوِيَ خِلَافُهُمْ فَهَذَا إجْمَاعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَفِي مِثْلِ هَذَا الْإِجْمَاعِ يَجُوزُ التَّبْدِيلُ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَفِي عَصْرَيْنِ وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي ثَبَتَ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إجْمَاعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْضًا.

وَأَمَّا الْخَامِسُ فَفِي السَّنَدِ وَالنَّاقِلِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ خَبَرَ الْوَاحِدِ أَوْ الْقِيَاسَ عِنْدَنَا

ــ

[التلويح]

عَنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام حُجَّةٌ قَطْعًا

[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ]

(قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي الْقِيَاسِ) هُوَ فِي اللُّغَةِ: التَّقْدِيرُ وَالْمُسَاوَاةُ يُقَالُ قِسْت النَّعْلَ بِالنَّعْلِ أَيْ: قَدَّرْتهَا بِهَا وَفُلَانٌ لَا يُقَاسُ بِفُلَانٍ أَيْ: لَا يُسَاوَى وَقَدْ تَعَدَّى بِعَلَى بِتَضْمِينِ مَعْنَى الِابْتِنَاءِ كَقَوْلِهِمْ قَاسَ الشَّيْءَ عَلَى الشَّيْءِ، وَفِي الشَّرْعِ: مُسَاوَاةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ فِي عِلَّةِ حُكْمِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ مَطْلُوبٍ بِهِ، وَلَهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ، وَالْمَقْصُودُ إثْبَاتُ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِثُبُوتِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ يُقَاسُ هَذَا بِهِ، فَكَانَ هَذَا فَرْعًا وَذَلِكَ أَصْلًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ، وَابْتِنَائِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْئَيْنِ بَلْ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الْحُكْمِ، وَيُسَمَّى عِلَّةَ الْحُكْمِ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مِثْلِهَا فِي الْفَرْعِ إذْ ثُبُوتُ عَيْنِهَا فِيهِ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الشَّخْصِيَّ لَا يَقُومُ بِمَحَلَّيْنِ، وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الظَّنُّ مِثْلَ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَقَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْقَوْمِ أَنَّهُ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ مِنْ الْأَصْلِ إلَى الْفَرْعِ بِعِلَّةٍ مُتَّحِدَةٍ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِدَلَالَةِ النَّصِّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ لِاسْتِحَالَةِ الِانْتِقَالِ عَلَى الْأَوْصَافِ وَلَوْ سُلِّمَ فَيَلْزَمُ عَدَمُ بَقَاءِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ لِانْتِقَالِهِ عَنْهُ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالثَّابِتُ فِي الْفَرْعِ لَا يَكُونُ حُكْمَ الْأَصْلِ بَلْ مِثْلَهُ ضَرُورَةَ تَعَدُّدِ الْأَوْصَافِ بِتَعَدُّدِ الْمَحَالِّ فَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - زَادَ تَقْيِيدَ الْعِلَّةِ بِمَا لَا يُدْرَكُ بِمُجَرَّدِ اللُّغَةِ احْتِرَازًا عَنْ دَلَالَةِ النَّصِّ وَفَسَّرَ تَعْدِيَةَ حُكْمِ الْأَصْلِ بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ مِثْلَ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ، وَبِهَذَا خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ الِاعْتِرَاضَاتِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنَّهُ تَعَرَّضَ لِبَعْضِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ عَلَى مَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ) فَإِنْ قُلْت تَفْسِيرُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِالْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَالْمَقِيسُ يَسْتَلْزِمُ الدَّوْرَ لَتَوَقُّفِ مَعْرِفَتِهِمَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْقِيَاسِ قُلْتُ لَيْسَ هَذَا تَفْسِيرًا لِلْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بَلْ بَيَانًا لِمَا صَدَقَا عَلَيْهِ أَيْ: الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْمَحَلُّ الَّذِي يُسَمَّى مَقِيسًا عَلَيْهِ لَا نَفْسَ الْحُكْمِ، وَلَا دَلِيلَهُ عَلَى مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اصْطِلَاحُ الْبَعْضِ، وَكَذَا فِي الْفَرْعِ مَثَلًا إذَا قِسْنَا الذُّرَةَ عَلَى الْبُرِّ فِي حُرْمَةِ الرِّبَا فَالْأَصْلُ هُوَ الْبُرُّ، وَالْفَرْعُ هُوَ الذُّرَةُ لِابْتِنَائِهَا عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، لَا يُقَالُ فَيَخْرُجُ عَنْ التَّعْرِيفِ قِيَاسُ الْمَعْدُومِ عَلَى الْمَعْدُومِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَالْفَرْعَ مَا يُبْتَنَى عَلَى غَيْرِهِ، وَالْمَعْدُومُ

ص: 104

وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِيٍّ قُلْنَا يَكُونُ الْإِجْمَاعُ لَغْوًا حِينَئِذٍ وَكَوْنُهُ حُجَّةً لَيْسَ مِنْ قِبَلِ دَلِيلٍ بَلْ لِعَيْنِهِ كَرَامَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَمَّا النَّاقِلُ فَكَمَا ذَكَرْنَا فِي نَقْلِ السُّنَّةِ.

(الرُّكْنُ الرَّابِعُ) فِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ (تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ مِنْ الْأَصْلِ إلَى الْفَرْعِ بِعِلَّةٍ مُتَّحِدَةٍ لَا تُدْرَكُ بِمُجَرَّدِ اللُّغَةِ) أَيْ: إثْبَاتُ حُكْمٍ مِثْلِ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ وَالْفَرْعِ الْمَقِيسُ، وَقَدْ قِيلَ

ــ

[التلويح]

لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّنَا نَقُولُ لَفْظُهُ مَا عِبَارَةٌ عَمَّا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَوْجُودِ، وَالْمَعْدُومِ أَعْنِي: الْمَعْلُومَ وَلَوْ سُلِّمَ فَالْوُجُودُ فِي الذِّهْنِ كَافٍ فِي الشَّيْئِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ تُشْعِرُ بِبَقَائِهِ فِي الْأَصْلِ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّعْدِيَةِ فِي اللُّغَةِ جَعْلُ الشَّيْءِ مُتَجَاوِزًا عَنْ الشَّيْءِ وَمُتَبَاعِدًا عَنْهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْدِيَةَ فِي اصْطِلَاحِ التَّصْرِيفِ مَجَازٌ أَوْ مَنْقُولٌ، وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الِاعْتِذَارِ بَعْدَ تَفْسِيرِ التَّعْدِيَةِ بِإِثْبَاتِ مِثْلِ الْحُكْمِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَلَا إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ تَرْكِ قَيْدِ الْمُتَّحِدِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ إلَّا إذَا كَانَ مُتَّحِدًا بِالنَّوْعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ تَكُونَ التَّعْدِيَةُ حَقِيقَةً هَاهُنَا، وَهَذَا بَاطِلٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعْدِيَةُ فِي الْأَحْكَامِ، وَالِانْتِقَالُ عَلَى الْأَوْصَافِ.

(قَوْلُهُ: وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا) ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ رُكْنَ الْقِيَاسِ مَا جُعِلَ عَلَمًا عَلَى حُكْمِ النَّصِّ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ، وَجُعِلَ الْفَرْعُ نَظِيرًا لَهُ فِي حُكْمِهِ؛ لِوُجُودِهِ فِيهِ وَقَالَ: أَمَّا الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِتَعْلِيلِ النُّصُوصِ فَتَعْدِيَةُ حُكْمِ النَّصِّ إلَى مَا لَا نَصَّ فِيهِ لِيَثْبُتَ فِيهِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ عَلَى احْتِمَالِ الْخَطَأِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعِلَّةَ رُكْنٌ وَالتَّعْدِيَةَ حُكْمٌ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ التَّعْلِيلُ أَيْ: تَبْيِينُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ هَذَا لِيَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ فَذَهَبَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْعِلَّةِ رُكْنُ الْقِيَاسِ أَيْ: مَا يَتَقَوَّمُ بِهِ وَيَتَحَصَّلُ.

وَهَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدَهُمَا: أَنْ يُرَادَ بِالرُّكْنِ نَفْسُ مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أَنَّ رُكْنَ الْقِيَاسِ هُوَ الْوَصْفُ الصَّالِحُ الْمُؤَثِّرُ، وَمَا سِوَاهُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْحُكْمِ شَرَائِطُ لَا أَرْكَانُ. وَثَانِيَهُمَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنْ يُرَادَ بِالرُّكْنِ جُزْءُ الشَّيْءِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّ أَرْكَانَ الْقِيَاسِ أَرْبَعَةٌ: الْأَصْلُ، وَالْفَرْعُ وَحُكْمُ الْأَصْلِ، وَالْوَصْفُ الْجَامِعُ.

وَأَمَّا حُكْمُ الْفَرْعِ فَثَمَرَةُ الْقِيَاسِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلَّةِ الْعِلْمُ بِالْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَحَقُّقُ الْقِيَاسِ وَوُجُودُهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ الْقِيَاسِ تَعَدِّيَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ بِعَيْنِهِ إلَى فَرْعٍ هُوَ نَظِيرُهُ، وَلَا نَصَّ فِيهِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَكُونُ أَثَرًا لَهُ؟ أُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ التَّعْدِيَةُ حُكْمَ الْقِيَاسِ، وَأَثَرُهُ شَرْطٌ أَوْ أَنَّ التَّعْدِيَةَ شَرْطٌ لِلْعِلْمِ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ لَا لِلْقِيَاسِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِ الْقِيَاسِ تَعْدِيَةً) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِهِ التَّعْدِيَةَ

ص: 105