الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُ كَانَ فِي الْإِحْرَامِ، أَوْ فِي الْحِلِّ الَّذِي بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَمَعْنَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْإِحْرَامِ أَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْإِحْرَامُ بَعْدُ وَمَعْنَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْحِلِّ الَّذِي بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّ الْإِحْرَامَ تَغَيَّرَ إلَى الْحِلِّ فَالْأَوَّلُ نَافٍ وَالثَّانِي مُثْبِتٌ لَكِنَّ الْإِحْرَامَ حَالَةٌ مَخْصُوصَةٌ مُدْرَكَةٌ عِيَانًا فَتَكُونُ كَالْإِثْبَاتِ فَرَجَّحْنَا بِالرَّاوِي، وَهُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(وَنَحْوُ أُعْتِقَتْ بَرِيرَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ مُثْبِتٌ وَأُعْتِقَتْ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ نَافٍ، وَهَذَا النَّفْيُ مِمَّا يُعْرَفُ بِظَاهِرِ الْحَالِ فَالْمُثْبِتُ أَوْلَى) هَذَا نَظِيرُ النَّفْيِ الَّذِي لَا يَكُونُ بِالدَّلِيلِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي زَوْجُهَا حُرٌّ إذَا أُعْتِقَتْ يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَنَا أَنَّهَا أُعْتِقَتْ بَرِيرَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ وَيُرْوَى أَنَّهَا أُعْتِقَتْ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ فَالْأَوَّلُ مُثْبِتٌ وَالثَّانِي نَافٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رِقِّيَّتَهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ بَعْدُ، وَهَذَا نَفْيٌ لَا يُدْرَكُ عِيَانًا بَلْ بَقَاءً عَلَى مَا كَانَ فَالْمُثْبِتُ أَوْلَى.
(وَإِذَا أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ فَالطَّهَارَةُ وَإِنْ كَانَتْ نَفْيًا لَكِنَّهُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْمَعْرِفَةَ بِالدَّلِيلِ فَيُسْأَلُ فَإِنْ بَيَّنَ وَجْهَ دَلِيلِهِ كَانَ كَالْإِثْبَاتِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَالنَّجَاسَةُ أَوْلَى) هَذَا نَظِيرُ النَّفْيِ الَّذِي يُحْتَمَلُ مَعْرِفَتُهُ بِالدَّلِيلِ وَتُحْتَمَلُ بِنَاءً عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَاءِ قَدْ تُدْرَكُ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَقَدْ تُدْرَكُ عِيَانًا بِأَنْ غَسَلَ الْإِنَاءَ بِمَاءِ السَّمَاءِ، أَوْ بِالْمَاءِ الْجَارِي وَمَلَأَهُ بِأَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ أَصْلًا، وَلَمْ يُلَاقِهِ شَيْءٌ نَجِسٌ، فَإِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِنَجَاسَةِ
ــ
[التلويح]
الرِّوَايَةِ تَتَفَرَّعُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ بِأَنْ يَتَسَاوَى النَّافِي وَالْمُثْبِتُ إنْ عُلِمَ أَنَّ النَّفْيَ بِدَلِيلٍ وَيُقَدَّمُ الْمُثْبِتُ إنْ عُلِمَ أَنَّ النَّفْيَ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا يُنْظَرْ فِيهِ لِيُتَبَيَّنَ.
(قَوْلُهُ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْحِلِّ الْأَصْلِيِّ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ اتِّفَاقَ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» . كَذَا فِي مَعْرِفَةَ الصَّحَابَةِ لِلْمُسْتَغْفِرَيَّ
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْقِيَاسِ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّسْخِ) إذْ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي بَيَانِ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ شَهَادَةِ قَلْبِهِ) أَيْ قَلْبِ طَالِبِ الْحُكْمِ، وَمَنْ هُوَ بِصَدَدِ مَعْرِفَتِهِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ فَالْمُتَعَارَضَانِ لَا يَبْغِيَانِ حُجَّةً فِي حَقِّ إصَابَةِ الْحَقِّ وَلِقَلْبِ الْمُؤْمِنِ نُورٌ يُدْرِكُ بِهِ مَا هُوَ بَاطِنٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَكُلُّ وَاحِدٍ) يَعْنِي لَمَّا كَانَ الْمُجْتَهِدُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاجْتِهَادَيْنِ مُصِيبًا بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقِيَاسَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ وَضَعَهُ الشَّارِعُ لِلْعَمَلِ بِهِ غَيْرَ مُصِيبٍ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَدْلُولِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ لَا غَيْرُ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِيَاسَيْنِ دَلِيلًا فِي حَقِّ الْعَمَلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا فِي حَقِّ الْعِلْمِ، وَهَذَا بِخِلَافِ النَّصَّيْنِ، فَإِنَّ الْحَقَّ مِنْهُمَا وَاحِدٌ فِي الْعَمَلِ وَالْعِلْمِ جَمِيعًا لِجَوَازِ النَّسْخِ
[فَصْلٌ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ]
(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ كَثِيرٌ يُعْرَفُ بَعْضُهَا مِمَّا سَلَفَ لَا سِيَّمَا وُجُوهُ التَّرْجِيحِ فِي النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَمَّا تَرْجِيحُ النُّصُوصِ فَيَقَعُ بِالْمَتْنِ وَالسَّنَدِ