المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(وَتَقَوَّمَتْ الْجَوْدَةُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَطَلَتْ (فِي حَقِّهِ) أَيْ: فِي - التلويح على التوضيح لمتن التنقيح - جـ ٢

[السعد التفتازاني - المحبوبي صدر الشريعة الأصغر]

فهرس الكتاب

- ‌(الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اتِّصَالُ الْخَبَرِ] [

- ‌التَّوَاتُرُ يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ] الرَّاوِي إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ وَإِمَّا مَجْهُولٌ

- ‌[فَصْلٌ شَرَائِطُ الرَّاوِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِطَاعِ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ] فِي كَيْفِيَّةِ السَّمَاعِ وَالضَّبْطِ وَالتَّبْلِيغِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الطَّعْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَفْعَالِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَحْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ، وَمُنْقَطِعٌ

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرَقُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا تَعَقَّبَ الْجُمَلَ الْمَعْطُوفَةَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّبْدِيلِ

- ‌[بَيَانُ النَّاسِخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَوْنُ النَّاسِخِ أَشَقَّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الضَّرُورَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أُمُورٍ]

- ‌[الْأَمْرُ الْأَوَّلُ رُكْنُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي قَوْلَيْنِ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّانِي أَهْلِيَّةُ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّالِثُ شُرُوطُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْإِجْمَاعُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الْأَمْرُ الْخَامِسُ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْعِلَّةِ]

- ‌[أَبْحَاثٌ فِي الْعِلَّة]

- ‌[الْأَوَّلُ الْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ عَدَمُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الثَّانِي كَوْنُ الْعِلَّة وَصْفًا لَازِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِعِلَّةٍ اُخْتُلِفَ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ أَوْ الْأَصْلِ]

- ‌[الثَّالِثُ تُعْرَفُ الْعِلَّةُ بِأُمُورٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ]

- ‌[الثَّالِثُ الْمُنَاسَبَةُ]

- ‌(فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌ لِلْقِيَاسِ الْخَفِيِّ(قِسْمَيْنِ:

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[وَدَفْعُ النَّقْض بِأَرْبَعِ طُرُقٍ]

- ‌[الْمُمَانَعَةُ]

- ‌الْمُعَارَضَةِ

- ‌(فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ)

- ‌ الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ بِالْعِلَّةِ الطَّرْدِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُجَجِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ]

- ‌(بَابُ) الْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ]

- ‌[الْأُمُور الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ التَّرَاجِيحِ الْفَاسِدَةِ التَّرْجِيحُ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ]

- ‌[بَابُ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْكِتَابِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ]

- ‌[بَابٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ يَكُونَ كَالْحُكْمِ]

- ‌[الْقَسْم الثَّانِي مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم بِهِ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَهْلِيَّةُ ضَرْبَانِ أَهْلِيَّةُ وُجُوبٍ وَأَهْلِيَّةُ أَدَاءً]

- ‌[فَصْلٌ الْأُمُورُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ]

- ‌[الْجُنُونُ]

- ‌[الصِّغَرُ]

- ‌[الْعَتَهُ]

- ‌[النِّسْيَانُ]

- ‌[النَّوْمُ]

- ‌ الْإِغْمَاءُ)

- ‌[الرِّقُّ]

- ‌[الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ]

- ‌[الْمَرَضُ]

- ‌[الْمَوْتُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْجَهْلُ]

- ‌[السُّكْرُ]

- ‌ الْهَزْلُ

- ‌[السَّفَهُ]

- ‌ السَّفَرُ

- ‌[الْخَطَأُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ غَيْرِهِ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ وَهُوَ إمَّا مُلْجِئٌ أَوْ غَيْرُ مُلْجِئٍ]

الفصل: (وَتَقَوَّمَتْ الْجَوْدَةُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَطَلَتْ (فِي حَقِّهِ) أَيْ: فِي

(وَتَقَوَّمَتْ الْجَوْدَةُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَطَلَتْ (فِي حَقِّهِ) أَيْ: فِي حَقِّ الْوَارِثِ (كَمَا فِي الصِّغَارِ) أَيْ: إنْ بَاعَ الْوَلِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ نَفْسِهِ تَقَوَّمَتْ الْجَوْدَةُ حَتَّى لَا يَجُوزَ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ (وَلَمَّا تَعَلَّقَ حَقُّ الْوَرَثَةِ، وَالْغُرَمَاءِ بِمَا لَهُ صُورَةً، وَمَعْنًى فِي حَقِّهِمْ) أَيْ: فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذَ التَّرِكَةَ وَيُعْطِيَ بَاقِي الْوَرَثَةِ الْقِيمَةَ وَلَوْ قَضَى الْمَرِيضُ حَقَّ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ شَارَكَهُمْ الْبَقِيَّةَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ الْبَيْعُ مِنْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ (وَمَعْنَى فَقَطْ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ) حَتَّى يَصِحَّ بَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ الْأَجَانِبِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ (لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُ الْمَرِيضِ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَمَعْنَى فَقَطْ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ فَإِنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ، وَالْوَرَثَةِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمْ وَالْعَبْدُ غَيْرُهُمْ فَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَبْدِ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِمَالِيَّتِهِ

ــ

[التلويح]

لِلْمَرِيضِ الْبَيْعُ مِنْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ) هَذَا مِمَّا لَا يُوجَدُ لَهُ رِوَايَةٌ بَلْ الرِّوَايَاتُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ مِنْ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ مُخْتَصٌّ بِالْوَرَثَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَقَّ الْغَرِيمِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ الْمَالِيَّةُ لَا بِالصُّورَةِ حَتَّى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَارِثِ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الْعَيْنَ لِنَفْسِهِ، وَيَقْضِيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ حَقَّهُمْ يَتَعَلَّقُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْمَالِيَّةِ، وَالْعَيْنِيَّةِ جَمِيعًا حَتَّى لَا يَجُوزَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا لِنَفْسِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَلَا أَنْ يَأْخُذَ التَّرِكَةَ، وَيُعْطِيَ الْبَاقِينَ الْقِيمَةَ، وَأَمَّا إذَا قَضَى الْمَرِيضُ حَقَّ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّمَا يُشَارِكُهُ الْبَاقُونَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ مَمْنُوعٌ عَنْ إيثَارِ الْبَعْضِ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَالِ فِيمَا بَيْنَهُمْ

[الْمَوْتُ]

. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْمَوْتُ) هُوَ آخِرُ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ فَقِيلَ: هُوَ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ خُلِقَتْ ضِدًّا لِلْحَيَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2]، وَقِيلَ: هُوَ عَدِيمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ أَوْ زَوَالُ الْحَيَاةِ، وَمَعْنَى الْخَلْقِ فِي الْآيَةِ التَّقْدِيرُ.، وَالْأَحْكَامُ فِي حَقِّ الْمَوْتِ إمَّا دُنْيَوِيَّةٌ أَوْ أُخْرَوِيَّةٌ، وَالدُّنْيَوِيَّةُ إمَّا تَكْلِيفَاتٌ، وَحُكْمُهَا السُّقُوطُ إلَّا فِي حَقِّ الْإِثْمِ أَوْ غَيْرِهَا، وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا لِحَاجَةِ غَيْرِهِ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، وَحُكْمُهُ أَنْ يَبْقَى بِبَقَاءِ الْعَيْنِ أَوْ بِالذِّمَّةِ، وَوُجُوبُهُ إمَّا بِطَرِيقِ الصِّلَةِ، وَحُكْمُهُ السُّقُوطُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ، أَوَّلًا بِطَرِيقِ الصِّلَةِ، وَحُكْمُهُ الْبَقَاءُ بِشَرْطِ انْضِمَامِ الْمَالِ أَوْ الْكَفِيلِ إلَى الذِّمَّةِ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَصْلُحَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ، وَحُكْمُهُ أَنْ يَبْقَى مَا تَنْقَضِي بِهِ الْحَاجَةُ أَوْ لَا، وَحُكْمُهُ أَنْ يَثْبُتَ لِلْوَرَثَةِ، وَالْأُخْرَوِيَّةُ حُكْمُهَا الْبَقَاءُ سَوَاءٌ يَجِبُ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ أَوْ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَالْمَظَالِمِ أَوْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ بِوَاسِطَةِ الطَّاعَاتِ أَوْ عِقَابٍ وَاسِطَة الْمَعَاصِي، وَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا فَصَّلَهُ فِي الْكِتَابِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَا يَبْقَى بِمُجَرَّدِ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ ضَعُفَتْ

ص: 353

لَا بِصُورَتِهِ، فَيَصِحُّ إعْتَاقُ الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ، فَيَصِيرُ الْعَبْدُ مُسْتَحِقًّا لِلْحُرِّيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ نَقْضُ الْإِعْتَاقِ لَكِنْ لَا يَنْفُذُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَهِيَ الْمَالِيَّةُ حَتَّى يَجِبَ السِّعَايَةُ فِي الْكُلِّ إذَا اسْتَغْرَقَ الدَّيْنَ، وَفِيمَا وَرَاءَ ثُلُثِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الرِّقِّ (بِخِلَافِ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنَ فِي مِلْكِ الْيَدِ فَقَطْ) فَإِنَّ إعْتَاقَ الرَّاهِنِ يَنْفُذُ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَنِيًّا فَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يُسَمَّى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بَعْدَ غِنَاءٍ، فَعِتْقُ الرَّاهِنِ حُرٌّ مَدْيُونٌ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ السِّعَايَةِ، وَمُعْتَقُ الْمَرِيضِ قَبْلَ السِّعَايَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.

(وَمِنْهَا الْمَوْتُ وَهُوَ عَجْزٌ ظَاهِرٌ كُلُّهُ وَالْأَحْكَامُ هُنَا دُنْيَوِيَّةٌ وَأُخْرَوِيَّةٌ أَمَّا الْأُولَى فَكُلُّ مَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ

ــ

[التلويح]

بِالْمَوْتِ فَوْقَ مَا تَضْعُفُ بِالرِّقِّ إذْ الرِّقُّ يُرْجَى زَوَالُهُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ، وَلِأَنَّ أَثَرَ الدَّيْنِ فِي تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ، وَيَسْتَحِيلُ مُطَالَبَةُ الْمَيِّتِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَى الذِّمَّةِ مَالٌ أَوْ كَفِيلٌ تَقْوَى الذِّمَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَحَلٌّ لِلِاسْتِيفَاءِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوُجُوبِ، وَذِمَّةُ الْكَفِيلِ مُقَوِّيَةٌ لِذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَمُتَهَيِّئَةٌ لِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَالٌ، وَلَا كَفِيلٌ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ عَنْ الْمَيِّتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْتِزَامُ الْمُطَالَبَةِ، وَلَا مُطَالَبَةَ فَلَا الْتِزَامَ، وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُبْرِئُ الذِّمَّةَ عَنْ الْحُقُوقِ، وَلِهَذَا يُطَالَبُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ إجْمَاعًا، وَفِي الدُّنْيَا أَيْضًا إذَا ظَهَرَ لَهُ الْمَالُ، وَيَثْبُتُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ لَوْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ عَنْ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا الْعَجْزُ عَنْ الْمُطَالَبَةِ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمَيِّتِ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ حَيًّا مُفْلِسًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ فَقَالُوا: نَعَمْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِينَارَانِ فَامْتَنَعَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَلِيٌّ أَوْ أَبُو قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ سَاقِطَةٌ هَاهُنَا لِضَعْفِ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ، وَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ الْعِدَةَ احْتِمَالًا ظَاهِرًا إذْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لِلْغَائِبِ الْمَجْهُولِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ، وَمَعْنَى الْمُطَالَبَةِ فِي الْآخِرَةِ رَاجِعٌ إلَى الْإِثْمِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى بَقَاءِ الذِّمَّةِ فَضْلًا عَنْ قُوَّتِهَا، وَإِذَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ، فَالذِّمَّةُ تَتَقَوَّى بِهِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الِاسْتِيفَاءِ، وَالتَّبَرُّعُ إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ، وَإِنْ كَانَ سَاقِطًا فِي حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِالْمَوْتِ إنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ فَوْتِ الْمَحَلِّ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ لَهُ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَرَتَّبَ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ التَّرِكَةِ حُقُوقُ الْمَيِّتِ كَمُؤَنِ تَجْهِيزِهِ، ثُمَّ قَضَاءِ دُيُونِهِ، ثُمَّ تَنْفِيذِ، وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ التَّجْهِيزُ عَلَى الدَّيْنِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ كَالْمَرْهُونِ، وَالْمُسْتَأْجَرِ، وَالْمُشْتَرَى قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْعَبْدِ الْجَانِي، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ

ص: 354

يَسْقُطُ بِهِ إلَّا فِي حَقِّ الْإِثْمِ وَمَا شُرِعَ عَلَيْهِ لِحَاجَةِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ يَبْقَى بِبَقَائِهَا كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْعَيْنَ (هِيَ الْمَقْصُودَةُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَا يَبْقَى بِمُجَرَّدِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنْ يُضَمَّ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الذِّمَّةِ (مَالٌ أَوْ كَفِيلٌ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْكَفَالَةُ لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبْقَى عَنْهُ مَالٌ أَوْ كَفِيلٌ (وَيَلْزَمُهُ الدَّيْنُ مُضَافًا إلَى سَبَبٍ صَحَّ فِي حَيَاتِهِ كَمَا إذَا حَفَرَ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا حَيَوَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَمَّا مَا شُرِعَ صِلَةً كَنَفَقَةِ الْمَحَارِمِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ، فَيَصِحَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا مَا شُرِعَ لَهُ لِحَاجَتِهِ فَتَبْقَى مَا تَنْقَضِي بِهِ الْحَاجَةُ فَتَبْقَى التَّرِكَةُ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ مِنْهَا حُقُوقُهُ، وَلِهَذَا تَبْقَى الْكِتَابَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لِحَاجَتِهِ إلَى الثَّوَابِ، وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ عَنْ وَفَاءٍ لِحَاجَتِهِ إلَى انْقِطَاعِ أَثَرِ الْكُفْرِ، وَإِلَى

ــ

[التلويح]

صَاحِبُ الْحَقِّ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهِ) أَيْ: لِحَاجَةِ الْمَوْلَى إلَى الثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِالْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ الَّتِي هِيَ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ حَاصِلَةٌ فِي عَوْدِ الْمُكَاتَبِ إلَى الرِّقِّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ حَاجَةَ الْمُكَاتَبِ فَوْقَ حَاجَةِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى صَيْرُورَتِهِ مُعْتَقًا مُنْقَطِعًا عَنْهُ أَثَرُ الْكُفْرِ بَاقِيًا عَلَيْهِ أَثَرُ الْحَيَاةِ لِحُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ إذْ الرِّقُّ أَثَرُ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ فَتَبْقَى الْكِتَابَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ كَمَا تَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى بَلْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَمْلُوكِيَّةُ فَتَابِعَةٌ) يَعْنِي: أَنَّ مَمْلُوكِيَّةَ الْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ حُكِمَ بِبَقَائِهَا فِي الْمُكَاتَبِ ضِمْنًا، وَتَبَعًا لِبَقَاءِ الْمَالِكِيَّةِ يَدًا ضَرُورَةَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ بِدُونِ بَقَاءِ الْمَمْلُوكِيَّةِ رَقَبَةً إذْ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَهَاهُنَا بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّ حُرِّيَّةَ الْمُكَاتَبِ الْمَيِّتِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى زَمَانٍ فَإِنْ حُكِمَ بِبَقَاءِ الْكِتَابَةِ، وَالْمَمْلُوكِيَّة بَعْدَ الْمَوْتِ لَزِمَ اسْتِنَادُ الْعِتْقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ، وَإِنْ جَعَلَ الْحُرِّيَّةَ مُسْتَنِدَةً إلَى آخِرِ أَجْزَاءِ الْحَيَاةِ عَلَى مَا قِيلَ أَنَّ بِالْمَوْتِ يَتَحَوَّلُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى التَّرِكَةِ، فَيَحْصُلُ فَرَاغُ ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا مَا لَمْ يَصِلْ الْمَالُ إلَى الْمَوْلَى، فَإِذَا وَصَلَ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ فَقَدْ اسْتَنَدَتْ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْمَمْلُوكِيَّة، وَتَقَرَّرَ الْعِتْقُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فَلَا تَكُونُ الْمَمْلُوكِيَّةُ بَاقِيَةً بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْكِتَابَةِ بَاقِيًا، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى بَقَاءِ الْكِتَابَةِ حُرِّيَّةُ الْأَوْلَادِ، وَسَلَامَةُ الِاكْتِسَابِ عِنْدَ تَسْلِيمِ الْوَرَثَةِ الْمَالَ إلَى الْمَوْلَى، وَنُفُوذُ الْعِتْقِ فِي الْمُكَاتَبِ شَرْطٌ لِذَلِكَ، فَيَثْبُتُ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ قَابِلًا كَالْمِلْكِ فِي الْمَغْصُوبِ لَمَّا ثَبَتَ شَرْطًا لِمِلْكِ الْبَدَلِ ثَبَتَ عِنْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حَالَ أَدَاءِ الْبَدَلِ هَالِكًا.

(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْإِرْثُ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ بِبَقَاءِ مَا تَنْقَضِي بِهِ حَاجَةُ الْمَيِّتِ يَثْبُتُ الْإِرْثُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ نَظَرًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَخْلُفُهُ فِي أَمْوَالِهِ فَفَوَّضَ الشَّرْعُ ذَلِكَ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ نَظَرًا لَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ انْتِفَاعَ أَقَارِبِهِ بِأَمْوَالِهِ بِمَنْزِلَةِ

ص: 355

حُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ، وَأَمَّا الْمَمْلُوكِيَّةُ فَتَابِعَةٌ هُنَا فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْعَقْدِ ثُبُوتُ الْيَدِ) أَيْ: تَابِعَةٌ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَيِّتُ يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ ضَرُورَةَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَكُلُّ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا يَبْقَى لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ بَقَائِهِ، وَالضَّرُورَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْبَقَاءِ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ إذَا بَقِيَ مَمْلُوكِيَّةُ الْمَيِّتِ، وَلَا حَاجَةَ لَهُ إلَى بَقَاءِ الْمَمْلُوكِيَّةِ، فَلَا يَبْقَى فَبَعْدَ الْكِتَابَةِ لَا يَبْقَى، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَمْلُوكِيَّةَ تَابِعَةٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ بَقَاءِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ يَدًا، وَالْمَمْلُوكِيَّة رَقَبَةً تَبْقَى ضِمْنًا لَا قَصْدًا (وَيَثْبُتُ الْإِرْثُ نَظَرًا لَهُ خِلَافَةٌ، وَالْخِلَافَةُ إذَا ثَبَتَ سَبَبُهَا، وَهُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ يَحْجُرُ الْمَيِّتُ عَنْ إبْطَالِهَا فَكَذَا إذَا ثَبَتَتْ) أَيْ: الْخِلَافَةُ (نَصًّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِهِ) أَيْ:

ــ

[التلويح]

انْتِفَاعِهِ نَفْسِهِ بِهَا.

(قَوْلُهُ: وَالْخِلَافَةُ إذَا ثَبَتَ سَبَبُهَا، وَهُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ) فَإِنَّهُ مُفْضٍ إلَى الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ حَقِيقَةً يَصِيرُ الْمَيِّتُ أَيْ: الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مَحْجُورًا عَنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تُبْطِلُهَا تِلْكَ الْخِلَافَةُ فَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَتْ الْخِلَافَةُ بِتَنْصِيصِ الْأَصْلِ بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ، فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْإِيصَاءِ، وَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ اسْتِخْلَافٌ: أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْإِيصَاءَ إثْبَاتُ عَقْدِ الْخِلَافَةِ فِي مِلْكِهِ لِلْمُوصَى لَهُ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَارِثِ فَاعْتَبَرَ لِلْحَالِ سَبَبًا لِإِثْبَاتِ الْخِلَافَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَوْتِ لَا يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنْ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِحَالِ زَوَالِ الْمِلْكِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْعَقِدَ السَّبَبُ حَالَ بَقَاءِ الْمِلْكِ، وَيَثْبُتَ الْحَقُّ عَلَى سَبِيلِ التَّأْجِيلِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَيْرِ الْمَوْتِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ كَدُخُولِ الدَّارِ أَوْ مِنْ الْأُمُورِ الْكَائِنَةِ بِيَقِينٍ كَمَجِيءِ الْغَدِ مَثَلًا لَيْسَ اسْتِخْلَافًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ انْعِقَادُ السَّبَبِ فِي الْحَالِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي: الْوَصِيَّةَ، وَالتَّعْلِيقَ بِالْمَوْتِ تَثْبُتُ الْخِلَافَةُ إلَّا أَنَّ الْحَقَّ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَالْعِتْقِ بِحَجْرِ الْأَصْلِ عَنْ إبْطَالِ الْخِلَافَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ كَالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ كَانَ لَهُ إبْطَالُ الْخِلَافَةِ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالرُّجُوعِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَمْ يَلْزَمْ سَبَبُهُ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ اسْتِخْلَافًا إلَّا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ، وَوَصِيَّةٌ بِالْمَالِ، وَهُوَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَالْإِبْطَالَ.

(قَوْلُهُ: دُونَ سُقُوطِ التَّقَوُّمِ) أَيْ: الْمُدَبَّرُ لَا يَصِيرُ كَأُمِّ الْوَلَدِ فِي سُقُوطِ التَّقَوُّمِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ لِلْمَالِيَّةِ أَصْلٌ فِي الْأَمَةِ، وَالتَّمَتُّعُ تَبَعٌ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْمُدَبَّرِ مَا يُوجِبُ بُطْلَانَ هَذَا الْأَصْلِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهَا لَمَّا اسْتُفْرِشَتْ، وَاسْتُوْلِدَتْ صَارَتْ مُحْرَزَةً لِلْمُتْعَةِ، وَصَارَتْ الْمَالِيَّةُ تَبَعًا فَسَقَطَ تَقَوُّمُهَا حَتَّى لَا تُضْمَنَ بِالْغَصْبِ، وَبِإِعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَا يَصْلُحُ لِحَاجَتِهِ) أَيْ: حَاجَةِ الْمَيِّتِ كَالْقِصَاصِ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ عَلَى حَقِّ أَوْلِيَاءِ

ص: 356