المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة إذا تعارض وجوه الترجيح] - التلويح على التوضيح لمتن التنقيح - جـ ٢

[السعد التفتازاني - المحبوبي صدر الشريعة الأصغر]

فهرس الكتاب

- ‌(الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اتِّصَالُ الْخَبَرِ] [

- ‌التَّوَاتُرُ يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ] الرَّاوِي إمَّا مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ وَإِمَّا مَجْهُولٌ

- ‌[فَصْلٌ شَرَائِطُ الرَّاوِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِطَاعِ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ] فِي كَيْفِيَّةِ السَّمَاعِ وَالضَّبْطِ وَالتَّبْلِيغِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الطَّعْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَفْعَالِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَحْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ، وَمُنْقَطِعٌ

- ‌(مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرَقُ

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا تَعَقَّبَ الْجُمَلَ الْمَعْطُوفَةَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّبْدِيلِ

- ‌[بَيَانُ النَّاسِخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَوْنُ النَّاسِخِ أَشَقَّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الضَّرُورَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أُمُورٍ]

- ‌[الْأَمْرُ الْأَوَّلُ رُكْنُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي قَوْلَيْنِ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّانِي أَهْلِيَّةُ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّالِثُ شُرُوطُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الْإِجْمَاعُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الْأَمْرُ الْخَامِسُ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[تَعْرِيفِ الْعِلَّةِ]

- ‌[أَبْحَاثٌ فِي الْعِلَّة]

- ‌[الْأَوَّلُ الْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ عَدَمُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الثَّانِي كَوْنُ الْعِلَّة وَصْفًا لَازِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِعِلَّةٍ اُخْتُلِفَ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ أَوْ الْأَصْلِ]

- ‌[الثَّالِثُ تُعْرَفُ الْعِلَّةُ بِأُمُورٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ]

- ‌[الثَّالِثُ الْمُنَاسَبَةُ]

- ‌(فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌ لِلْقِيَاسِ الْخَفِيِّ(قِسْمَيْنِ:

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[وَدَفْعُ النَّقْض بِأَرْبَعِ طُرُقٍ]

- ‌[الْمُمَانَعَةُ]

- ‌الْمُعَارَضَةِ

- ‌(فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ)

- ‌ الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ بِالْعِلَّةِ الطَّرْدِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُجَجِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ]

- ‌(بَابُ) الْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ]

- ‌[الْأُمُور الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ التَّرَاجِيحِ الْفَاسِدَةِ التَّرْجِيحُ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ]

- ‌[بَابُ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْكِتَابِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ]

- ‌[بَابٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ يَكُونَ كَالْحُكْمِ]

- ‌[الْقَسْم الثَّانِي مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم بِهِ]

- ‌[بَابُ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَهْلِيَّةُ ضَرْبَانِ أَهْلِيَّةُ وُجُوبٍ وَأَهْلِيَّةُ أَدَاءً]

- ‌[فَصْلٌ الْأُمُورُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ]

- ‌[الْجُنُونُ]

- ‌[الصِّغَرُ]

- ‌[الْعَتَهُ]

- ‌[النِّسْيَانُ]

- ‌[النَّوْمُ]

- ‌ الْإِغْمَاءُ)

- ‌[الرِّقُّ]

- ‌[الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ]

- ‌[الْمَرَضُ]

- ‌[الْمَوْتُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْجَهْلُ]

- ‌[السُّكْرُ]

- ‌ الْهَزْلُ

- ‌[السَّفَهُ]

- ‌ السَّفَرُ

- ‌[الْخَطَأُ]

- ‌[الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ غَيْرِهِ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ وَهُوَ إمَّا مُلْجِئٌ أَوْ غَيْرُ مُلْجِئٍ]

الفصل: ‌[مسألة إذا تعارض وجوه الترجيح]

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ فَالْأَمْثِلَةُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ: كَالْمَسْحِ فِي التَّخْفِيفِ وَكَقَوْلِنَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَكَمَنَافِعِ الْغَصْبِ، أَوْرَدْنَاهَا لِتَرْجِيحِ الْقِيَاسِ عَلَى الْقِيَاسِ بِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْوَصْفَ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقِيَاسُنَا، وَهُوَ قَوْلُنَا مَسْحٌ، فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ رَاجِحٌ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُهُ: رُكْنٌ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ لِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْمَسْحَ فِي التَّخْفِيفِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقِيَاسُنَا، وَهُوَ قَوْلُنَا صَوْمُ رَمَضَانَ مُتَعَيِّنٌ، فَلَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُتَعَيِّنَاتِ رَاجِحٌ عَلَى قِيَاسِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: صَوْمُ رَمَضَانَ صَوْمُ فَرْضٍ فَيَجِبُ تَعْيِينُهُ كَالْقَضَاءِ لِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ التَّعَيُّنَ فِي سُقُوطِ التَّعْيِينِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقِيَاسُنَا، وَهُوَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمِثْلِ وَاجِبٌ فِي غَصْبِ الْمَنَافِعِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُدْوَانَاتِ لَكِنَّ رِعَايَةَ الْمِثْلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْمَنَافِعِ، فَلَا يَجِبُ رَاجِحٌ عَلَى قِيَاسِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ إلَخْ لِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْمُمَاثَلَةَ فِي جَمِيعِ صُوَرِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا وَجَمِيعِ الْعُدْوَانَاتِ.

(وَالثَّالِثُ كَثْرَةُ الْأُصُولِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الثَّانِي. وَالرَّابِعُ وَهُوَ الْعَكْسُ أَيْ الْعَدَمُ عِنْدَ الْعَدَمِ) أَيْ عَدَمُ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ عَدَمِ الْوَصْفِ (كَقَوْلِنَا مَسْحٌ) أَيْ مَسْحُ الرَّأْسِ مَسْحٌ (فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ) كَمَسْحِ الْخُفِّ (فَإِنَّهُ يَنْعَكِسُ) فَإِنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ

ــ

[التلويح]

دَيْنًا بِدَيْنٍ. وَفِي السَّلَمِ الْمُسْلَمُ فِيهِ دَيْنٌ حَقِيقَةً وَرَأْسُ الْمَالِ مِنْ النُّقُودِ غَالِبًا فَيَكُونُ دَيْنًا.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَتَعَيَّنُ الْمَبِيعُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَبَيْعِ إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ وَكَالسَّلَمِ فِي الْحِنْطَةِ عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ قُلْنَا نَعَمْ إلَّا أَنَّ مَعْرِفَةَ مَا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ أَمْرٌ خَفِيٌّ عِنْدَ التُّجَّارِ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ مَعَ مَا أُقِيمَ مَقَامَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ اسْمُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ فَاشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِيهِمَا عَلَى الْإِطْلَاقِ.

فَإِنْ قِيلَ: الْمَبِيعُ فِي السَّلَمِ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَقْبُوضٍ وَالْمَقْبُوضُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ أُجِيبَ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ مَبِيعٍ مُتَعَيِّنٍ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِهِ وَيَنْعَكِسُ إلَى قَوْلِنَا كُلُّ مَبِيعٍ لَا يَكُونُ مُتَعَيِّنًا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِهِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ أَصْلًا وَيَنْعَكِسُ إلَى قَوْلِنَا كُلُّ بَيْعٍ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَبِيعُ، وَلَا ثَمَنُهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْجُمْلَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ التَّقَابُضَ شَرْطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ، أَوْ شَرْطُ بَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَى كُلٍّ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ يَكُونُ مُقَارِنًا كَالشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ لَا مُتَأَخِّرًا لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ الشَّرْطِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا الْمُقَارَنَةُ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ أُقِيمَ مَجْلِسُ الْعَقْدِ مَقَامَ حَالَةِ الْعَقْدِ وَجُعِلَ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ فِيهِ وَاقِعًا فِي حَالَةِ الْعَقْدِ حُكْمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ]

(قَوْلُهُ: مَسْأَلَةٌ) التَّعَارُضُ كَمَا يَقَعُ بَيْنَ الْأَقْيِسَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّرْجِيحِ كَذَلِكَ يَقَعُ بَيْنَ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْ الْقِيَاسَيْنِ تَرْجِيحٌ مِنْ وَجْهٍ

ص: 228

بِمَسْحٍ فَإِنَّهُ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ.

(بِخِلَافِ قَوْلِهِ: رُكْنٌ؛ لِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُتَكَرِّرَةٌ وَلَيْسَتْ بِرُكْنٍ) أَيْ مَسْحُ الرَّأْسِ رُكْنٌ وَكُلُّ مَا هُوَ رُكْنٌ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ؛ لِأَنَّ عَكْسَهُ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ لَيْسَ بِرُكْنٍ لَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ، وَهَذَا غَيْرُ صَادِقٍ؛ لِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ لَيْسَ بِرُكْنَيْنِ وَمَعَ ذَلِكَ يُسَنُّ تَكْرَارُهُمَا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ عَدَمَ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ عَدَمِ الْوَصْفِ عَكْسًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَكْسِ مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ جَعْلُ الْمَحْكُومِ بِهِ مَحْكُومًا عَلَيْهِ مَعَ رِعَايَةِ الْكُلِّيَّةِ إذَا كَانَ الْأَصْلُ كُلِّيًّا. يُقَالُ: كُلُّ إنْسَانٍ حَيَوَانٌ، وَلَا يَنْعَكِسُ أَيْ لَا يَصْدُقُ كُلُّ حَيَوَانٍ إنْسَانٌ، وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَعَدَمُ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ عَدَمِ الْوَصْفِ لَازِمٌ لِهَذَا الْعَكْسِ فَسَمَّاهُ عَكْسًا لِهَذَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ، وَهُوَ قَوْلُنَا كُلَّمَا وُجِدَ الْوَصْفُ وُجِدَ الْحُكْمُ وَعَكْسُهُ كُلَّمَا وُجِدَ الْحُكْمُ وُجِدَ الْوَصْفُ، وَمِنْ لَوَازِمِ هَذَا كُلَّمَا لَمْ يُوجَدْ الْوَصْفُ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْحُكْمُ فَسُمِّيَ هَذَا عَكْسًا.

(وَكَقَوْلِنَا فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مَبِيعُ عَيْنٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ) أَيْ كُلُّ مَبِيعٍ مُتَعَيِّنٍ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ الْمُعَيَّنَةِ.

(وَيَنْعَكِسُ بَدَلُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ) فَإِنَّ كُلَّ مَبِيعٍ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ يُشْتَرَطُ

ــ

[التلويح]

فَيُقَدَّمُ التَّرْجِيحُ بِالذَّاتِ عَلَى التَّرْجِيحِ بِالْحَالِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَالَ يَقُومُ بِالْغَيْرِ وَمَا يَقُومُ بِالْغَيْرِ فَلَهُ حُكْمُ الْعَدَمِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ.

وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الذَّاتَ أَسْبَقُ وُجُودًا مِنْ الْحَالِ فَيَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ أَوَّلًا، فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ كَاجْتِهَادٍ أُمْضِيَ حُكْمُهُ.

فَإِنْ قُلْت: هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ فِي ذَاتِ الشَّيْءِ وَحَالِهِ لَا فِي مُطْلَقِ الذَّاتِ وَالْحَالِ إذْ يَتَقَدَّمُ حَالُ الشَّيْءِ عَلَى ذَاتِ شَيْءٍ آخَرَ كَحَالِ الْأَبِ وَذَاتِ الِابْنِ.

قُلْت: الْكَلَامُ فِيمَا إذَا تَرَجَّحَ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ بِمَا يَرْجِعُ إلَى وَصْفٍ يَقُومُ بِهِ بِحَسَبِ ذَاتِهِ، أَوْ أَجْزَائِهِ وَالْآخَرُ بِمَا يَرْجِعُ إلَى وَصْفٍ يَقُومُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ بِحَسَبِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ كَوَصْفَيْ الْكَثْرَةِ وَالْعِبَادَةِ لِلْإِمْسَاكِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ بِحَسَبِ الْأَجْزَاءِ وَالثَّانِي بِجَعْلِ الشَّارِعِ وَلِهَذَا قَالَ: إنَّ التَّرْجِيحَ بِالْوَصْفِ الذَّاتِيِّ أَوْلَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِالْوَصْفِ الْعَارِضِيِّ وَإِلَّا فَكَمَا أَنَّ الْعِبَادَةَ حَالٌ لِلْإِمْسَاكِ فَكَذَلِكَ الْكَثْرَةُ.

(قَوْلُهُ: وَذَكَرُوا لَهُ) أَيْ لِلتَّرَجُّحِ بِالْوَصْفِ الذَّاتِيِّ أَمْثِلَةً أُخْرَى مِنْهَا مَسْأَلَةُ انْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ بِصَنْعَتِهِ فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ خِيَاطَةٍ، أَوْ صِبَاغَةٍ، أَوْ طَبْخٍ بِحَيْثُ يَزْدَادُ بِهَا قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْوَصْفِ الْحَادِثِ وَالْأَصْلِ مُتَقَوِّمٌ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ أَحَدِ الْحَقَّيْنِ، وَلَا إلَى إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَلُّكِ أَحَدِهِمَا بِالْقِيمَةِ فَرَجَّحْنَا حَقَّ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ، وَهُوَ مَعْنًى رَاجِعٌ إلَى الذَّاتِ وَحَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الصَّنْعَةِ بِالْمَغْصُوبِ وَالْبَقَاءُ حَالٌ بَعْدَ الْوُجُودِ وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّنْعَةَ قَائِمَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمُضَافَةٌ إلَى فِعْلِ الْغَاصِبِ لَمْ يَلْحَقْ حُدُوثَهَا تَغَيُّرٌ

ص: 229