الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فطرحوا أسلحتهم ونزلوا عن دوابهم، ورجع طاهر إلى الرى، وكتب إلى المأمون.
بسم الله الرحمن الرحيم كتابى إلى أمير المؤمنين ورأس على بن عيسى بين يدى، وخاتمه فى أصبعى، وجنده ينصرفون تحت أمرى. والسلام.
وكتب إلى ذى الرئاستين فورد الكتاب مع البريد فى ثلاثة أيام، وبينهما نحو من خمسين ومائتى فرسخ، فدخل ذو الرئاستين على المأمون وهنّأه بالفتح وأمر الناس فدخلوا عليه وسلّموا بالخلافة، ثم وصل رأس علىّ بعد الكتاب بيومين، فطيف به فى خراسان. ولما وصل الكتاب كان المأمون قد جهّز هرثمة فى جيش كبير نجدة لطاهر، فأتاه الخبر بالفتح.
قال: وأما الأمين فإنّه أتاه نعى على بن عيسى- وهو يصطاد السمك، فقال الذى أتاه بالخبر: دعنى «1» فإنّ كوثرا قد اصطاد سمكتين وأنا ما صدت شيئا، ثم بعث الفضل إلى نوفل الخادم- وهو وكيل المأمون على ملكه بالسواد- وكان للمأمون معه ألف ألف درهم- فأخذها منه وقبض ضياعه وغلاته، وندم الأمين على ما كان منه ومشى القوّاد بعضهم إلى بعض فى النصف من شوال سنة خمس وتسعين واتفقوا على طلب الأرزاق ففرّق فيهم مالا كثيرا.
ذكر توجيه عبد الرحمن بن جبلة إلى طاهر وقتله واستيلاء طاهر على أعمال الجبل
قال: ولما اتصل بالأمين قتل على بن عيسى وهزيمة عسكره وجّه عبد
الرحمن بن جبلة الأنبارى فى عشرين ألف رجل، نحو همذان واستعمله عليها وعلى كل ما يفتحه من ارض خراسان، فسار حتى نزل همذان فحصّنها ورمّ سورها، وأتاه طاهر إليها فخرج إليه عبد الرحمن، واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم عبد الرحمن، ودخل همذان فأقام بها أياما حتى قوى أصحابه واندملت جراحاتهم، ثم خرج إلى طاهر واقتتلوا وصبر الفريقان، وكثر القتل فى أصحاب ابن جبلة وقتل صاحب علمه، فانهزم أصحابه وقتلهم أصحاب طاهر إلى المدينة، وأقام طاهر على بابها محاصرا لها، فأرسل عبد الرحمن إلى طاهر يطلب الأمان لنفسه ولمن معه فأمّنه، فخرج عن همذان واستولى طاهر على قزوين وعلى سائر أعمال الجبل. قال: ولما خرج عبد الرحمن بأمان طاهر أقام مسالما لطاهر، ثم ركب فى أصحابه وهجم على طاهر وأصحابه وهم «1» آمنون، فثبت له رجّالة «2» طاهر، وقاتلوه حتى أخذ؟؟؟ ت الخيّالة أهبتها، واقتتلوا أشد قتال رآه الناس، حتى تكسرت الرماح وتقطّعت السيوف، فانهزم أصحاب عبد الرحمن وبقى فى نفر من أصحابه فقاتل، وأصحابه يقولون له: قد أمكنك الهرب فاهرب، فقال: لا يرى أمير المؤمنين وجهى منهزما أبدا، ولم يزل يقاتل حتى قتل، وانتهى من انهزم من أصحابه إلى عبد الله واحمد ابنى الحرشى، وكانا فى جيش عظيم بقصر اللصوص قد سيّرهما الأمين معونة لعبد الرحمن فانهزما فى جندهما من غير قتال حتى دخلوا بغداد»
، وخلت البلاد لطاهر وأقبل يحوزها بلدة بلدة وكورة كورة، حتى انتهى إلى شلاشان من كور حلوان فخندق بها، وحصّن عسكره وجمع أصحابه.