الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عملا ولا مالا ولأى شىء يريدنى فى هذه الساعة؟! انصرف، وإذا أصبحت غدوت عليه إن شاء الله تعالى، فلما أصبح وافى الحسين باب الجسر واجتمع إليه الناس، فحرّضهم على الأمين وتنقّصه ودعاهم إلى خلعه، ثم أمرهم بعبور الجسر فعبروا وصاروا إلى سكة باب خراسان، وأسرعت خيول الأمين إلى الحسين «1» فقاتلوه قتالا شديدا، فانهزم أصحاب الأمين، فخلع الحسين الأمين فى يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رجب، وأخذ البيعة للمأمون من الغد يوم الإثنين، فلما كان يوم الثلاثاء وثب العباس ابن موسى بن عيسى بالأمين، وأخرجه من قصر الخلد وحبسه بقصر المنصور، وأخرج أمّه أيضا معه فجعلها مع ابنها، فلما كان يوم الأربعاء طالب الناس الحسين بالأرزاق، وماجوا بعضهم فى بعض، وقام محمد بن أبى خالد «2» وأسد الحربى وغيرهما فقاتلوا الحسين وأسروه، ودخل أسد على الأمين فكسر قيوده وأعاده الى الخلافة، وحمل اليه الحسين أسيرا فلامه فاعتذر إليه، فأطلقه وأمره بجمع الجند ومحاربة أصحاب المأمون، وخلع عليه وولّاه ما وراء بابه وأمره بالمسير إلى حلوان. فوقف الحسين بباب الجسر والناس يهنئونه. فلما خفوا عنه قطع الجسر وهرب، فنادى الأمين فى الجند بطلبه فأدركوه بمسجد كوثر على فرسخ من بغداد فقاتلهم فعثر به فرسه فسقط عنه، فقتل وحمل رأسه إلى الأمين، وقيل إن الأمين كان استوزره وسلّم إليه خاتمه فلما قتل جدد الجند البيعة للأمين، واختفى الفضل بن الربيع.
ذكر البيعة للمأمون بمكة والمدينة
وفى هذه السنة خلع داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على الأمين- وهو عامله على مكة والمدينة وبايع للمأمون، وسبب ذلك أنّه لما
بلغه ما فعل طاهر، وكان الأمين قد بعث إلى داود وأخذ الكتابين من الكعبة كما تقدّم فجمع داود وجوه الناس ومن كان شهد فى الكتابين، وقال: قد علمتم ما أخذ الرشيد علينا وعليكم من العهد عند البيت «1» الحرام لابنيه، لنكوننّ مع المظلوم منهما على الظالم، ومع المغدور منهما على الغادر، وقد رأينا ورأيتم «2» أن محمدا قد بدأ بالظلم والبغى والنكث على أخويه المأمون والمؤتمن، وخلعهما عاصيا لله وبايع لابنه طفل صغير رضيع، وأخذ الكتابين من الكعبة فحرقهما، وقد رأيت خلعه والبيعة للمأمون، إذ كان مظلوما مبغيا عليه، فأجابوه إلى ذلك، فنادى فى شعاب مكة فاجتمع الناس فخطبهم بين الركن والمقام، وخلع الأمين وبايع للمأمون، وكتب إلى ابنه سليمان- وهو عامله على المدينة- أن يفعل مثل ما فعل، فخلع وبايع للمأمون وكانت هذه البيعة فى شهر رجب سنة ست وتسعين ومائة، وسار داود من مكة على طريق البصرة، ثم إلى فارس وإلى كرمان حتى صار الى المأمون بمرو فأخبره، فسرّ المأمون وتيمّن ببركة مكة والمدينة، واستعمل داود عليهما وأعطاه خمسمائة ألف درهم، وبعث معه العباس بن موسى بن عيسى بن موسى وجعله على الموسم، فسارا حتى أتيا طاهرا ببغداد فأكرمهما «3» ، ووجّه معهما يزيد بن جرير بن يزيد «4» بن خالد بن عبد الله القسرى واستعمله على اليمن، وبعث معه خيلا كثيفة فقدمها، ودعا أهلها إلى خلع الأمين والبيعة للمأمون، فأجابوه وخلعوا وبايعوا للمأمون «5» ، فكتب بذلك إلى طاهر والمأمون.