الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكّار بن مسلم إلى جماعة ربيعة بدارا وماردين، ورئيس ربيعة يومئذ رجل من الحروريّة يقال له بريكة «1» ، فعمد «2» إليهم أبو جعفر فقاتلهم قتالا شديدا، فقتل بريكة فى المعركة، وانصرف بكّار بن مسلم إلى أخيه بالرها فخلّفه إسحاق بها، وسار إلى سميساط فسار حتى نزل بإزاء إسحاق بها، وإسحاق يومئذ فى ستين ألفا وبينهم الفرات، وأقبل أبو جعفر من الرها وحاصر إسحاق بسميساط سبعة أشهر، وكان إسحاق يقول: فى عنقى بيعة، فأنا لا أدعها حتى أعلم أن صاحبها مات أو قتل، فلما تيقّن قتله طلب الصلح والأمان، فكتبوا إلى السفاح فى ذلك فأمرهم أن يؤمنوه هو ومن معه، فكتبوا بينهم كتابا بذلك، وخرج إسحاق إلى أبى جعفر وكان عنده من آثر أصحابه «3» ، فاستقام أهل الجزيرة والشام، واستعمل أبو العباس السفاح أبا جعفر على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان، فلم يزل عليها حتى استخلف.
ذكر قتل أبى سلمة الخلّال وسليمان بن كثير
قد ذكرنا ما كان من أمر أبى سلمة مع أبى العباس السفاح فى مبتدأ الأمر، وما عامله به عند مقدمه وتنكّر السفاح له، فلما فارق العسكر ونزل المدينة الهاشمية كتب إلى أبى مسلم الخراسانى، يعلمه بخبره وما كان من أمره، فكتب إليه: إن كان أمير المؤمنين قد اطلع على ذلك فليقتله، فلما قدم عليه كتابه قال داود بن على: لا تفعل يا أمير المؤمنين فيحتجّ بها أبو مسلم عليك، وأهل خراسان الذين معك أصحابه، ولكن اكتب إلى أبى مسلم أن يبعث إليه من يقتله، فكتب إليه فبعث أبو مسلم مرار بن أنس الضبّى ليقتله، فقدم على السفاح وأعلمه، فأمر السفاح مناديا فنادى: إن أمير
المؤمنين قد رضى على أبى سلمة، ودعاه فكساه، ثم دخل بعد ذلك عليه فى ليلة فلم يزل عنده حتى ذهب عامة الليل، وانصرف إلى منزله وحده فقتله مرار بن أنس، وقالوا قتله الخوارج، ثم أخرج من الغد فصلّى عليه يحيى ابن محمد أخو السفاح؛ ودفن بالمدينة الهاشمية فقال سليمان بن المهاجر البجلى فيه:
إن الوزير وزير آل محمد
…
أودى فمن يشناك صار «1» وزيرا
وكان يقال لأبى سلمة وزير آل محمد، ولأبى مسلم أمين آل محمد، قال:
فلما قتل وجه السفاح أخاه أبا جعفر إلى أبى مسلم، فلما قدم سايره عبيد الله بن الحسن «2» الأعرج وسليمان بن كثير، فقال سليمان لأبى جعفر: يا هذا إنّا كنّا نرجو أن يتمّ أمركم، فإذا شئتم فادعونا إلى ما تريدون، فظنّ عبيد الله أنه دسيس من أبى مسلم، فأتى إلى أبى مسلم وأخبره بمقالة سليمان، فأحضر أبو مسلم سليمان بن كثير وقال له: أتحفظ قول الإمام- من اتهمته فاقتله- قال: نعم، قال فإنى قد اتهمتك، قال: أنشدك الله!! قال لا تناشدنى فأنت منطو على غش الإمام، وأمر به فضربت عنقه، ورجع أبو جعفر إلى السفاح فقال له: لست خليفة ولا أمرك بشىء إن تركت أبا مسلم ولم تقتله، قال: وكيف؟ قال: والله ما يصنع إلا ما أراد، قال السفاح: فاكتمها.
ووجّه أبو مسلم الخراسانى محمد بن الأشعث على فارس، وأمره أن يقتل عمّال أبى سلمة ففعل ذلك، فوجّه السفاح عمه عيسى بن على على فارس وعليها محمد بن الأشعث، فأراد محمد قتل عيسى فقيل له: إن هذا لا يسوغ لك، فقال: بلى، أمرنى أبو مسلم أن لا يقدم علىّ أحد يدّعى الولاية من غيره إلا قتلته، ثم ترك عيسى خوفا من عاقبة قتله، واستحلف عيسى