الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الليل، فخرج إليهم رؤساء الكوفة فأعلموهم أن هذا فعل الغوغاء، وأن العباس لم يرجع عن الأمان فانصرفوا عنهم، فلما كان الغد دخلها سعيد وأبو البط ونادوا بالأمان ولم يعرضوا لأحد، وولّوا الكوفة الفضل بن محمد بن «1» الصباح الكندى، ثم عزلوه لميله إلى أهل بلده، واستعملوا غسان بن أبى الفرج ثم عزلوه، واستعملوا الهول ابن أخى سعيد، فلم يزل عليها حتى قدمها حميد بن عبد الحميد فهرب، ودام أمر إبراهيم بن المهدى إلى سنة ثلاث ومائتين ثم خلع.
ذكر خلع إبراهيم بن المهدى
وفى سنة ثلاث ومائتين خلع أهل بغداد إبراهيم بن المهدى، وكان سبب ذلك أنه قبض على عيسى بن محمد بن أبى خالد، لأنه كان يكاتب حميد بن عبد الحميد والحسن بن سهل، ويظهر لإبراهيم الطاعة، وكان إبراهيم يأمره بالخروج لقتال حميد فيعتذر، أن الجند يطلبون أرزاقهم ومرة يقول حتى تدرك الغلة، إلى أن توثق عيسى من الجيش وفارقهم «2» على أن يدفع إليهم إبراهيم بن المهدى فى يوم الجمعة سلخ شوال، فجاء هارون بن محمد أخو عيسى فأعلم إبراهيم بذلك، وجاء عيسى إلى باب الجسر فقال للناس: إنى قد سألت حميد بن عبد الحميد أن لا يدخل عملى ولا أدخل عمله، ثم أمر بحفر خندق بباب الجسر وباب الشام، وبلغ إبراهيم قوله وفعله، وكان عيسى قد سأل إبراهيم أن يصلى الجمعة بالمدينة، فأجابه إلى ذلك ثم حذّر إبراهيم وأرسل إلى عيسى يستدعيه، فاعتلّ عليه فتابع رسله إليه فحضر عنده بالرصافة، فلما دخل عليه عاتبه ساعة وعيسى يعتذر وينكر
بعض ذلك، ثم أمر به إبراهيم فضرب وحبس، وأخذ عدة من قوادة وأهله فحبسهم، ونجا بعضهم ومضى بعض من نجا إلى بعض، وحرّضوا الناس على إبراهيم، وكان أشدهم العباس- خليفة عيسى- فاجتمعوا وطردوا عامل إبراهيم على الجسر والكرخ وغيره، وكتب العباس إلى حميد يسأله أن يقدم عليهم، حتى يسلّموا إليه بغداد، فسار حميد حتى أتى نهر صرصر، وخرج إليه العباس وقوّاد بغداد فلقوه، وكانوا قد شرطوا عليه أن يعطى لكل جندى خمسين درهما، فأجابهم الى ذلك ووعدهم أن يضع «1» لهم العطاء يوم السبت فى الياسريّة، على أن يدعوا للمأمون بالخلافة يوم الجمعة ويخلعوا إبراهيم فأجابوه إلى ذلك، ولما بلغ إبراهيم الخبر أخرج عيسى ومن معه من الحبس، وسأله أن يرجع إلى منزله ويكفيه هذا الأمر فأبى ذلك، فلما كان يوم الجمعة أحضر العباس- محمد «2» بن أبى رجاء الفقيه. فصلى بالناس الجمعة ودعا للمأمون بالخلافة، وجاء حميد إلى الياسرية فعرض جند بغداد، وأعطاهم الخمسين التى وعدهم بها فسألوه أن ينقصهم عشرة عشرة، لما تشاءموا به من على بن هشام حين أعطاهم الخمسين وقطع العطاء عنهم، فقال حميد: لا، بل أزيدكم عشرة، فلما بلغ ذلك إبراهيم دعا عيسى وسأله أن يقاتل حميدا، فأجابه إلى ذلك فخلى سبيله، وكلّم عيسى الجند ووعدهم أن يعطيهم مثل ما أعطاهم حميد فأبوا ذلك، فعبر إليهم عيسى وقواد الجانب الشرقى، ووعد أولئك الجند أن يزيدهم على الستين فشتموه، وقالوا: لا نريد إبراهيم، فقاتلهم ساعة ثم ألقى نفسه فى وسطهم حتى أخذوه شبه الأسير، فأخذه بعض قوّاده فأتى به منزله ورجع الباقون إلى إبراهيم، فأخبروه بالخبر فاغتم لذلك.