الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحصن كيسوم مدة، ثم خرج إليه بالأمان فبعثه إلى المأمون، فوصل إليه فى صفر سنة عشر ومائتين، وهدم عبد الله حصن كيسوم.
ذكر ولاية الحسن بن سهل العراق وغيره من البلاد
وفى هذه السنة استعمل المأمون الحسن بن سهل أخا الفضل على ما كان؟؟؟ افتتحه طاهر، من كور الجبل والعراق وفارس والأهواز والحجاز واليمن، وكتب إلى طاهر بتسليم ذلك إليه، فقدم الحسن بين يديه على بن أبى «1» سعيد فدافعه طاهر بتسليم الخراج إليه حتى وفّى الجند أرزاقهم، وسلّم إليه العمل، وقدم الحسن سنة تسع وتسعين ففرق العمال، وأمر طاهرا أن يسير إلى الرقة لمحاربة نصر بن شبث، وولّاه الموصل والجزيرة والشام والمغرب، فسار طاهر إلى نصر والتقوا بنواحى كيسوم، واقتتلوا قتالا شديدا كان الظفر فيه لشبث، وعاد طاهر شبه المهزوم إلى الرقة، وكان قصارى أمره حفظ تلك النواحى من نصر.
وحج بالناس فى هذه السنة العباس بن موسى بن عيسى بن موسى.
ودخلت سنة تسع وتسعين ومائة
ذكر ظهور ابن طباطبا العلوى ووفاته وخبر أبى السرايا
فى هذه السنة ظهر محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب- وهو المعروف بابن طباطبا- بالكوفة، لعشر خلون من جمادى الآخرة يدعو إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بالكتاب والسنة، وكان القيّم بأمره فى الحرب أبو السّرايا السّرى بن منصور الشيبانى، وكان سبب خروجه أن المأمون لما صرف طاهرا ووجّه
الحسن بن سهل إلى الأعمال التى ذكرناها تحدث الناس بالعراق، أن الفضل ابن سهل قد غلب على المأمون، وأنّه أنزله قصرا حجبه فيه عن أهل بيته وأولاده وقوّاده، وأنه يستبد بالأمور دونه، فغضب لذلك بنو هاشم ووجوه الناس، واجترءا على الحسن بن سهل وهاجت الفتن فى الأمصار، فكان أوّل من ظهر ابن طباطبا بالكوفة، وكان سبب اجتماع ابن طباطبا بأبى السرايا أن أبا السرايا كان يكرى الحمير ثم قوى أمره فجمع نفرا فقتل رجلا من بنى تميم بالجزيرة وأخذ ما معه، فطلب فاختفى وعبر الفرات إلى الجانب الشرقى، فكان يقطع الطريق بتلك الناحية، ثم لحق بأسد «1» بن زيد بن مزيد الشيبانى بأرمينية ومعه ثلاثون فارسا، فقوّده فجعل يقاتل معه الخرميّة فأثر فيهم، وقتل وأخذ منهم غلامه أبا الشوك، فلما عزل أسد عن أرمينية صار أبو السرايا إلى أحمد بن مزيد، فوجّه أحمد طليعة إلى عسكر هرثمة فى فتنة الأمين، واشتهرت شجاعته فراسله هرثمة واستماله فمال إليه، وانتقل إلى عسكره وقصد العرب بالجزيرة، واستخرج لهم الأرزاق من هرثمة، فصار معه نحو ألفى فارس وراجل، فصار يخاطب بالأمير، فلما قتل الأمين قصّر «2» هرثمة فى أرزاقه وأرزاق من معه، فاستأذنه فى الحج فأذن له وأعطاه عشرين الف درهم، ففرّقها فى أصحابه ومضى وقال لهم: اتبعونى متفرقين، ففعلوا واجتمع معه منهم نحو مائتى فارس، فسار بهم إلى عين التمر وحصر عاملها، وأخذ ما عنده من المال فقسمه فى أصحابة، وسار فلقى عاملا آخر ومعه مال على ثلاثة بغال فأخذها، وسار فلحقه عسكر بعثه هرثمة خلفه فقاتلهم وهزمهم، ودخل البرّية وقسم المال فى أصحابه وانتشر خبره فلحق به من تخلف عنه من أصحابه وغيرهم وكثر جمعه فسار نحو دقوقا وعليها أبو ضرغامة
العجلى فى سبعمائة فارس، فخرج إليه واقتتلوا فهزمه أبو السرايا وحصره بقصر دقوقا وأخرجه بأمان، وأخذ ما عنده من الأموال وسار إلى الأنبار، وعليها إبراهيم السّروى «1» مولى المنصور فقتله وأخذ ما فيها وسار، ثم عاد إليها عند إدراك الغلال فاحتوى عليها، ثم ضجر من طول السرى فى البلاد فقصد الرقة، فمرّ بطوق بن مالك التّغلبى وهو يقاتل القيسيّة، فأعانه وقاتل معه أربعة أشهر حتى ظفر طوق، ثم سار عنه إلى الرقة، فلما وصلها لقيه ابن طباطبا فبايعه، وقال له: انحدر أنت فى الماء وأسير أنا على البرّ حتى نوافى الكوفة فدخلاها، وأبتدأ أبو السرايا بقصر العباس بن موسى بن عيسى، وأخذ ما فيه من الأموال والجواهر- وكان عظيما لا يحصى كثرة، فبايعهم أهل الكوفة واستوثق أمرهما بها، وأتاه الناس من نواحى الكوفة والأعراب فبايعوه- أعنى ابن طباطبا، وكان العامل عليها للحسن بن سهل- سليمان بن المنصور، فلامه الحسن ووجّه زهير بن المسيّب الضبى إلى الكوفة فى عشرة آلاف فارس وراجل، فخرج إليه ابن طباطبا وأبو السرايا فهزموه، واستباحوا عسكره وكانت الوقعة فى سلخ جمادى الآخرة، فلما كان الغد مستهل رجب مات محمد بن إبراهيم ابن طباطبا فجأة سمّه أبو السرايا، وكان سبب ذلك أنه لما غنم ما فى عسكر زهير منع عنه أبا السرايا، وكان الناس له سامعين مطيعين، فعلم أبو السرايا أنّه لا حكم له معه، فسّمه ونصب مكانه غلاما أمرد، يقال له محمد بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب وصار الحكم لأبى السرايا، ورجع زهير إلى قصر ابن هبيرة ووجّه الحسن بن سهل- عبدوس بن محمد بن
أبى خالد المزوروذى فى أربعة آلاف فارس، فلقيه أبو السرايا لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رجب، فقتل عبدوسا ولم يفلت من أصحابه أحد- كانوا بين قتيل وأسير، وأنتشر الطالبيون فى البلاد، وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة، وسيّر جيوشه إلى البصرة وواسط ونواحيها، فولى البصرة العباس بن محمد بن عيسى بن محمد الجعفرى، وولّى مكة الحسين «1» بن الحسن بن على ابن الحسين بن على- الذى يقال له الأفطس- وجعل إليه الموسم، وولّى اليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر، وولّى فارس إسماعيل بن موسى بن جعفر، وولّى الأهواز زيد «2» بن موسى بن جعفر فسار إليه البصرة، وغلب عليها وأخرج عنها العباس بن محمد الجعفرى ووليها مع الأهواز، ووجّه أبو السرايا- محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن «3» بن على بن أبى طالب إلى المدائن وأمره أن يأتى بغداد من الجانب الشرقى، فأتى المدائن وأقام بها وهزم أصحاب الحسن إلى بغداد، فلما رأى الحسن بن سهل أن عسكره لا يثبت لعسكر أبى السرايا أرسل إلى هرثمة يستدعيه، وكان قد سار إلى خراسان مغاضبا للحسن، فحضر إليه بعد امتناع وسار إلى الكوفة فى شعبان، وسيّر الحسن إلى المدائن وواسط على بن أبى سعيد الحرشى، فوجّه أبو السرايا إليها جيشا فدخل جيشه المدائن فى شهر رمضان، وتقدّم هو حتى نزل بنهر صرصر، وجاء هرثمة فعسكر بإزائه بينهما النهر، وسار على بن أبى سعيد فى شوال إلى المدائن، فقاتل أصحاب أبى السرايا وهزمهم واستولى عليها، فبلغ الخبر أبا السرايا فرجع من نهر صرصر إلى قصر ابن هبيرة،