الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنادى فى الناس بلبس السلاح والخروج إلى الحرب فركبوا، وسار نحو مروان، وكان عسكره عشرين ألفا وقيل اثنا عشر ألفا، فلما التقى العسكران قال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: إن زالت الشمس اليوم ولم يقاتلونا كنّا الذين ندفعها إلى عيسى بن مريم، فإن قاتلونا قبل الزوال فإنا لله وإنا إليه راجعون، فأرسل مروان إلى عبد الله يسأله الموادعة، فقال عبد الله: كذب، لا تزول الشمس حتى أوطئه الخيل إن شاء الله، ثم التقوا واقتتلوا فجعل عبد الله بن على يقول: يا رب حتى متى نقتل فيك!! ونادى: يا أهل خراسان، يا لثارات إبراهيم واشتد القتال، فأمر مروان بالأموال فأخرجت، وقال للناس: اصبروا وقاتلوا فهذه الأموال لكم، فجعل ناس يصيبون منها، فقيل له: إن الناس قد مالوا على المال، ولا نأمنهم أن يذهبوا به، فأرسل إلى ابنه عبد الله أن يسير فيقتل من أخذ من المال شيئا، فمال عبد الله برايته وأصحابه، فقال الناس: الهزيمة، الهزيمة، فانهزموا وانهزم مروان وقطع الجسر، وكان من غرق يومئذ أكثر ممّن قتل، وكان ممن غرق يومئذ إبراهيم بن الوليد المخلوع، فاستخرجوه فى الغرقى «1» ، فقرأ عبد الله: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
«2» ، وقيل بل قتله عبد الله بالشام، وحوى عبد الله عسكر مروان بما فيه، فوجد سلاحا كثيرا وأموالا وكتب إلى السفاح بالفتح، فلما أتاه الكتاب أمر لكل من شهد الوقعة بخمسمائة خمسمائة، ورفع أرزاقهم، وكانت هزيمة مروان بالزاب يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة من هذه السنة.
ذكر مقتل مروان بن محمد ودخول أهل الشام وغيرهم فى الطاعة
قال: ولما انهزم مروان أتى مدينة الموصل، وعليها هشام بن عمرو «3»
التغلبى وبشر بن خزيمة الأسدى فقطعا الجسر، فناداهم أهل الشام: هذا أمير المؤمنين مروان، فقالوا: كذبتم، لا يفر، وسبّه أهل الموصل، وقالوا له: يا جعدى، يا معطل «1» ، الحمد لله الذى أزال سلطانكم، وذهب بدولتكم، الحمد لله الذى أتانا بأهل بيت نبيّنا، فسار إلى حرّان فأقام بها نيّفا وعشرين يوما، وسار عبد الله حتى دخل الموصل فعزل هشاما، واستعمل عليها محمد بن صول، ثم سار فى أثر مروان، فلما دنا منه حمل مروان أهله وعياله ومضى منهزما، وخلّف بحرّان ابن أخيه إبان بن يزيد، فقدم عبد الله حرّان فلقيه إبان مسوّدا مبايعا، فبايعه وأمّنه هو ومن كان معه بحرّان والجزيرة، ومضى مروان إلى حمص فلقيه أهلها بالطاعة، فأقام يومين أو ثلاثا وسار، فلما رأوا قلة من معه طمعوا فيه، وقالوا: مرعوب منهزم فاتبعوه، والتقوا فقاتلهم وهزمهم، وأتى مروان دمشق وعليها الوليد بن معاوية بن مروان، فخلّفه بها ومضى إلى فلسطين. قال: وكان السفاح قد كتب إلى عبد الله بن على باتباع مروان، فسار من حرّان بعد أن هدم الدار التى كان إبراهيم قد حبس بها، ووصل إلى منج وقد سوّدوا فأقام بها، وأتته بيعة أهل قنسرين، وقدم عليه أخوه عبد الصمد بن على مددا من قبل السفاح فى أربعة آلاف، فسار عبد الله الى قنسرين ثم إلى حمص فبايع أهلها، وأقام بها أياما ثم سار إلى بعلبك فأقام بها يومين، ثم سار فنزل قرية مزّة، ونزل أخوه صالح بن على مرج عذراء فى ثمانية آلاف، وكان السفاح قد بعثه مددا لعبد الله، ثم تقدم عبد الله فنزل على الباب الشرقى، ونزل صالح على باب الجابية، وأبو عون على باب كيسان، وبسّام بن إبراهيم على الباب الصغير، وحميد بن قحطبة على باب توما، وعبد الصمد ويحيى بن صفوان والعباس بن يزيد على باب الفراديس، وبدمشق يومئذ الوليد بن معاوية فحصروه بها ودخلوها عنوة فى يوم الأربعاء لخمس مضين من شهر
رمضان منها، فقاتلوا «1» فيها ثلاث ساعات، وقتل الوليد بن معاوية فيمن قتل، وأقام عبد الله بدمشق خمسة عشر يوما، ثم سار يريد فلسطين فلقيه أهل الأردن وقد سوّدوا، فأقام بفلسطين، وأتاه كتاب السفاح يأمره بإرسال صالح بن على فى طلب مروان، فسار صالح فى ذى القعدة، ومعه ابن فتّان، وعامر بن إسماعيل الحارثى، وأبو عون- فبلغوا العريش، وأحرق مروان ما كان حوله من علف وطعام وهرب إلى جهة مصر، وسار صالح فنزل النيل، ثم نزل الفسطاط، ثم سار ونزل موضعا يقال له ذات الساحل «2» ، وهرب مروان إلى الصعيد، وقدّم صالح أبا عون، وعامر بن إسماعيل الحارثى وشعبة بن كثير المازنى- فساروا، فلقوا خيلا لمروان فهزموهم وأسروا منهم رجالا، فسألوهم عن مروان فأخبروهم بمكانه على أن يؤمنوهم فأمنوهم، وساروا فوجدوه نازلا فى كنيسة ببوصير فقاتلوه ليلا، وكان أصحاب أبى عون قليلا، فقال لهم عامر بن إسماعيل: إن أصبحنا ورأوا قلّتنا أهلكونا، فكسر جفن سيفه وفعل أصحابه مثله، وحملوا على أصحاب مروان فانهزموا، وحمل رجل على مروان فطعنه وهو لا يعرفه فصرعه، وصالح صالح جرح أمير المؤمنين فابتدروه، فسبق إليه رجل من أهل الكوفة- كان يبيع الرمّان- فاحتز رأسه، فأخذه عامر بن إسماعيل فبعث به إلى أبى عون، وبعثه أبو عون إلى صالح، فلما وصل إليه أمر أن يقص «3» ويقطع لسانه فأخذته هرّة، فقال صالح: لو لم ترنا الأيام من عجائبها إلا لسان مروان فى فم هرة لكفانا، وقيل: إن عبد الله بن على هو الذى قال هذا، قال: وسيّره صالح إلى عبد الله فبعثه إلى السفاح، وكان قتله لليلتين بقيتا من ذى الحجة، ورجع صالح إلى الشام، وخلف أبا عون