الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى بغداد، وكتب إلى الجند والأتراك الذين بسامرا بنقض بيعة المعتز- مراجعة الوفاء له، وذكر أياديه عندهم ونهاهم عن النكث؛ وجرت بين المعتز ومحمد بن عبد الله مكاتبات ومراسلات، فالمعتز يدعوه إلى بيعته ويذكره بما كان المتوكل أخذ عليه من البيعة بعد المنتصر، ومحمد يدعو المعتز إلى الرجوع إلى طاعة المستعين، واحتج كل منهما على صاحبه. قال:
وكتب كل من المعتز والمستعين إلى موسى بن بغا يدعوه إلى نفسه، وكان بأطراف الشام فانصرف إلى المعتز وصار معه، وقدم عبد الله بن بغا الصغير من سامرا إلى المستعين وكان قد تخلّف بعد أبيه، فاعتذر وقال لأبيه: إنما جئت لأموت تحت ركابك، فأقام ببغداد أياما ثم هرب إلى سامرا، واعتذر إلى المعتز وقال: إنما صرت إلى بغداد لأعلم أخبارهم وآتيك بها، فقبل عذره وردّه إلى خدمته، وورد الحسن بن الأفشين بغداد فخلع عليه المستعين، وضمّ إليه جماعة من الأشروسنية وغيرهم.
ذكر حصار المستعين ببغداد
قال: ثم عقد المعتز لأخيه أبى أحمد بن المتوكل وهو الموفق لسبع بقين من المحرم على حرب المستعين ومحمد بن عبد الله. وضم إليه الجيش وجعل إليه الأمور كلها، وجعل التدبير إلى كلباتكين «1» التركى، فسار فى خمسين ألفا من الأتراك والفراغنة وألفين من المغاربة، ونزل بباب الشماسية لسبع خلون من صفر، فراسله المستعين فى الكف عن القتال، وبذل له «2» الأموال وأن يكون المعتز ولى عهده، فأبى أبو أحمد ذلك فأمر المستعين عساكره ألا يبدأوا بقتال، قال: وإن قاتلوكم فلا تقاتلوهم بل ادفعوهم.
قال: ثم تقدم الأتراك إلى باب الشماسية. فخرج إليهم الحسين «3» بن
إسماعيل فاقتتلوا، فقتل من الفريقين وجرح- وانهزم أهل بغداد. وسيّر الأتراك رءوس القتلى إلى سامرا. ووجّه المعتز عسكرا من الجانب الغربى فساروا إلى قطربل لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول «1» فأخرج إليهم محمد بن عبد الله بن طاهر جيشا فاقتتلوا قتالا شديدا كان الظفر لأصحاب المعتز. وكان بين الفريقين عدة وقائع يطول شرحها.
قال: وكان محمد بن عبد الله بن طاهر قائما فى خدمة المستعين أحسن قيام. فغيّره عبيد الله «2» بن يحيى بن خاقان. وقال له: إنّ هذا الذى تنصره وتجدّ فى أمره هو أشد الناس نفاقا. وأبدى للمستعين مساوئ كثيرة.
فتغيّر محمد بن عبد الله بن طاهر. فلما كان يوم الأضحى صلّى المستعين بالناس، ثم حضر محمد إليه وعنده الفقهاء والقضاة. فقال له: لقد كنت فارقتنى على أن تنفّذ أمرى فى كل ما أعزم عليه. وخطك عندى بذلك.
فقال المستعين: أحضر الرقعة فأحضرها. فإذا فيها ذكر الصلح. وليس فيها ذكر الخلع فقال: نعم امض الصلح «3» . فخرج محمد بن عبد الله بن طاهر إلى ظاهر باب الشماسية. فضرب له مضرب كبير فنزل فيه ومعه جماعة من أصحابه. وجاء أبو أحمد فى سمارية فصعد إليه. وتناظرا طويلا ثم خرجا، فجاء ابن طاهر إلى المستعين فأخبره أنّه بذل له خمسين ألف دينار ويقطع عليه ثلاثين ألف دينار. وعلى أن يكون مقامه بالمدينة يتردد منها إلى مكة ويخلع نفسه من الخلافة. وأن يعطى بغا ولاية الحجاز جميعه. ويولى وصيف الجبل وما والاه. ويكون ثلث ما يجبى من المال لمحمد بن عبد الله