الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طرسوس وغيرهم- مائة رجل، وأجرى لكل منهم تسعين درهما. وكان مولده للنصف من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة، ومدة خلافته عشرون سنة وخمسة أشهر وثلاثة وعشرون يوما، سوى تلك المدة التى كان فيها الاختلاف بينه وبين أخيه الأمين محصور.
ذكر صفته وشىء من أخباره وسيرته
كان المأمون ربعة ابيض طويل اللحية دقيقها قد وخطه الشيب، وقيل كان أسمر تعلوه صفرة أجنى أعين ضيّق الجبهة بخده خال أسود، وهو أول من اتخذ الأتراك للخدمة وتغالى فى أثمانهم، فكان يشترى الواحد منهم بمائة ألف ومائتى ألف درهم، وكان يحب سماع أخبار الناس، حتى جعل برسم الأخبار ببغداد ألف عجوز وسبعمائة عجوز، وكان كريما وقّع فى يوم واحد بثلاثمائة ألف دينار، وكان يقول: لو علم الناس ما عندى من حلاوة العفو لما تقرّبوا إلىّ إلا بالذنوب. وقال العتبى «1» صاحب إسحاق بن إبراهيم كنت مع المأمون بدمشق، وكان المأمون قد قلّ عنده المال حتى ضاق وشكى ذلك إلى المعتصم، فقال له: يا أمير المؤمنين، كأنّك بالمال وقد وافاك بعد جمعة، وكان قد حمل إليه من خراج ما يتولاه ثلاثون ألف ألف ألف درهم، فلما ورد عليه المال قال ليحيى بن أكثم: أخرج بنا ننظر إلى هذا المال، فخرجا «2» ينظرانه وكان قد هيّئ بأحسن هيئة وحلّيت أباعره، فنظر المأمون إليه واستكثره واستبشر به الناس، فقال المأمون: يا أبا محمد- ننصرف بالمال ويرجع أصحابنا خائبين!! إنّ هذا للؤم، ودعا محمد بن يزداد فقال له: وقّع لآل فلان بألف ألف ولآل فلان بمثلها ولآل فلان بمثلها، فما زال كذلك حتى فرّق أربعة وعشرين ألف ألف ألف- ورجله فى
الركاب، ثم قال: ادفع الباقى إلى المعلى يعطيه جندنا، قال: فقمت نصب عينه فلما رآنى وقّع لى بخمسين ألفا فقبضتها.
وكان أمر المأمون نافذا من أفريقية المغرب إلى أقصى خراسان وما وراء النهر وولاية السند، وقدم ملك التبت ومعه صنم من ذهب على سرير من ذهب مرصع بالجوهر فأسلم الملك، وأخذ المأمون الصنم وأرسله إلى الكعبة وكتب «1» إليه ملك الهند مع هدية نفيسة أهداها إليه، من دهمى- ملك الهند وعظيم أركان المشرق، وصاحب بيت الذهب وأبواب الياقوت وفرش الدّر- الذى قصره مبنى من العود الذى يختم عليه، فيقبل الصورة قبول الشمع، والذى تؤخذ رائحة قصره من عشرة فراسخ- والذى يسجد أمام البد، الذى وزنه ألف ألف مثقال من ذهب، عليه مائة ألف حجر من الياقوت الأحمر والدرّ الأبيض- الذى يركب فى ألف مركب وألف راية مكللة بالدرّ، تحت كل راية ألف فارس معلّمين بالذهب والحرير- والذى فى مربطه ألف فيل، حزائمها أعنة الذهب- والذى يأكل فى صحاف الذهب على موائد الدرّ، والذى فى خزانته ألف تاج وألف حلّة جوهر لألف ملك من آبائه، والذى يستحيى من الله أن يراه خائنا فى رعيته، إذ خصّه بالأمانة عليهم والرياسة فيهم- إلى عبد الله ذى الشرف والرياسة على أهل مملكته، فى كلام طويل فى آخره- وقد افتتحنا إهداءك «2» بأن وجّهنا إليك كتابا، ترجمته صفوة الأذهان، وكانت الهديّة جام ياقوت أحمر، فتحه شبر فى غلظ الأصبع مملوءا درا، وزن كل درّة مثقال- والعدد مائة، وفراشا من جلد حيّة بوادى الدهراج تبلغ الفيل، ووشى جلدها دارات سود كالدراهم، فى أوساطها نقط بيض، لا يتخوف من جلس عليه مرض السلّ، وإن كان به سلّ وجلس عليه سبعة أيام برىء، وثلاث مصليات من
جلد السمندل فراوزها درّ، ومائة مثقال من العود الهندى يختم عليه فيقبل الصورة، وثلاثة آلاف منّ من الكافور المحبّب، كل حبّة أكبر من اللوزة، وجارية طولها سبعة أذرع تسحب شعرها، طول كل شفر من أشفار عينيها أصبع، تبلغ إذا أطرقت نصف خدّها، ناهدا لها ثمان عكن، فى نهاية الحسن والجمال ونقاء البشرة؛ وكان الكتاب من لحاء شجر الكادى، لونه إلى الصفرة والخط باللازورد مفتح بالذهب. فأجابه المأمون من عبد الله الإمام أمير المؤمنين- الذى وهب الله له ولآبائه الشرف بابن عمه النبى المرسل صلى الله عليه وسلم وأعلى ذكره، والمصدّق بالكتاب المنزل- إلى ملك الهند وعظيم من تحت يده من أركان المشرق، سلام عليك- وأهدى له هديّة وهى فرس بفارسه، وجميع آلاته عقيق، ومائدة جزع فيها خطوط سود وحمر وخضر على أرض بيضاء، فتحها ثلاثة أشبار وغلظها أصبعان؟؟؟، قوائمها ذهب، وثمانية أصناف من بياض مصر وخز السّوس ووشى اليمن وملحم «1» خراسان، والديباج الخرسوانى، وفرش سوسنجرد، ووشى تستر «2» ، من كل صنف مائة قطعة، ومائة طنفسه جنوية بوسائدها، وجام زجاج فرعونى فتحه شبر، فى وسطه صورة أسد أمامه رجل قد برك على ركبتيه. وفوّق السهم نحو الأسد فى قوس؛ وكان الكتاب فى طومار ذى وجهين وكان للمأمون من الأولاد: محمد الأكبر وعبد الله ومحمد الأصغر والعباس وعلى والحسن وإسماعيل والفضل وموسى وإبراهيم ويعقوب والحسين وسليمان وجعفر وإسحاق واحمد وعيسى وهارون وعشر بنات نقش خاتمة:
سل الله يعطك وزراؤه: ذو الرئاستين الفضل بن سهل ثم أخوه الحسن بن سهل ثم أحمد بن أبى خالد الأحوال ثم أحمد بن يوسف وجماعة، قيل إنه ما استوزر بعد الفضل أحدا، وإنما كانوا كتابا. حجّابه: عبد الحميد بن