الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصحاب العقيلى وأسر أكثرهم، وأخذوا كسوة الكعبة وأموال التجار إلا ما كان مع من هرب، وضرب الأسرى كل واحد عشرة أسواط وأطلقهم.
فرجعوا إلى اليمن يستطعمون الناس، فهلك أكثرهم فى الطريق.
ذكر ما فعله الحسين بن الحسن الأفطس بمكة ومبايعة محمد بن جعفر وما كان من أمره وخلعه لنفسه
قد ذكرنا أن أبا السرايا كان قد بعث الحسين بن الحسن الأفطس إلى مكة فى سنة تسع وتسعين ومائة لما ظهر أمره، فدخل مكة فلما كان فى المحرم من هذه السنة نزع الحسين كسوة الكعبة. وكساها كسوة أخرى كان قد أنفذها أبو السرايا من الكوفة من القز. قال: وتتبع الحسين ودائع بنى العباس وأخذ أموال الناس بحجة الودائع، فهرب الناس منه وتطرق أصحابه إلى قلع شبابيك الحرم، وأخذ ما على الأساطين من الذهب- وهو نزر حقير. وأخذ ما فى خزانة الكعبة فقسمه مع كسوتها فى أصحابه. فلما بلغه قتل أبى السرايا.
ورأى تغيّر الناس عليه لسوء سيرته وسيرة أصحابة. فأتى هو وأصحابة إلى محمد بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على، وكان شيخا محبّبا فى الناس مفارقا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح السيرة. وكان يروى والعلم عن أبيه ويكتبه الناس عنه ويظهر الزهد. فلما أتوه قالوا: تعلم منزلتك من الناس فهلم نبايعك بالخلافة، فإن فعلت لم يختلف عليك رجلان، فامتنع من ذلك فلم يزل به ابنه علىّ وحسين بن الحسن الأفطس حتى غلباه على رأيه.
فأجابهم فأقاموه فى شهر ربيع الأول وبايعوه بالخلافة. وجمعوا له الناس فبايعوه طوعا وكرها ونعتوه بأمير المؤمنين. فبقى شهورا وليس له من الأمر شىء. وابنه علىّ وحسين بن حسن وجماعتهما أسوأ ما كانوا سيرة وأقبح
فعلا، فوثب حسين بن حسن على امرأة من بنى فهر كانت جميلة، وأرادها على نفسها فامتنعت، وأخاف زوجها وهو من بنى مخزوم حتى توارى عنه، ثم كسر باب دارها وأخذها مدة ثم هربت منه، ووثب على بن محمد بن جعفر على غلام أمرد- وهو ابن قاضى مكة اسمه إسحاق بن محمد، وكان جميلا فأخذه قهرا، فاجتمع أهل مكة ومن بها من المجاورين فصاروا فى جمع كبير، فأتوا محمد بن جعفر وقالوا: لنخلعنّك ولنقتلنّك أو لتردن علينا هذا الغلام، فأغلق بابه وكلّمهم من شباك، وطلب منهم الأمان ليركب إلى ابنه ويأخذ منه الغلام، وحلف أنّه لم يعلم به، فأمّنوه فركب إلى ابنه وأخذه منه وردّه إلى أبيه، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى قدم إسحاق بن موسى العباسى من اليمن، فنزل المشاش فاجتمع الطالبيون إلى محمد بن جعفر وأعلموه ذلك، وحفرو خندقا وجمعوا الناس من الأعراب وغيرهم، فقاتلهم إسحاق ثم كره القتال فسار نحو العراق، فلقيهم الجند الذين بعثهم هرثمة إلى مكة، ومعهم الجلودى ورجاء بن جميل فردّوه معهم، فقاتلوا الطالبيين فهزموهم، فطلب محمد بن جعفر الأمان فأمّنوه، ودخل العباسيون مكة فى جمادى الآخرة وتفّرق الطالبيون من مكة، وأما محمد بن جعفر فسار نحو الجحفة، فأدركه بعض موالى بنى العباس فأخذ جميع ما معه، وأعطاه دريهمات يتوصل بها، فسار نحو بلاد جهينة فجمع بها وقاتل هارون بن المسيّب والى المدينة عند الشجرة وغيرها، عدة وقعات فانهزم محمد وفقئت عينه بسهم، وقتل من أصحابه بشر كثير ورجع إلى موضعه، فلما انقضى الموسم طلب الأمان من الجلودى ومن رجاء بن جميل- وهو ابن عم الفضل ابن سهل فأمّناه، وضمن له رجاء عن المأمون وعن الفضل الوفاء بالأمان، فقبل ذلك وأتى مكة لعشر بقين من ذى الحجة، فخطب الناس وقال إننى