الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخلت سنة أربع وعشرين ومائتين
ذكر مخالفة مازيار بطبرستان وأسره
فى هذه السنة أظهر مازيار بن قارن بن ونداهرمز «1» الخلاف على المعتصم، وعصى وقاتل عساكره، وسبب ذلك أنّه كان منافرا لعبد الله بن طاهر لا يحمل إليه خراجه، فكاتبه المعتصم فى ذلك فقال: لا أحمله إلا إليك، وكان المعتصم يأمر بأخذه من أصحاب مازيار بهمذان، ويسلمه لوكيل عبد الله بن طاهر، فلما ظفر الأفشين ببابك وعظم محله طمع فى ولاية خراسان، فراسل الأفشين مازيار فى الخلاف والخروج، على أنّه إذا خرج احتاج المعتصم إلى إرسال الأفشين لحربه، فينتقل من ذلك إلى ولاية خراسان، فخالف مازيار فكتب المعتصم لعبد الله بن طاهر بحربه، فأرسل ابن طاهر عمّه الحسن بن الحسين فى جيش كثيف لحفظ جرجان، فنزل مقابل سرخاستان، وقد بنى سرخاستان سورا على طميس وجعل له خندقا، ومقدار السور ثلاثة أميال ليمنع من الدخول إلى طبرستان، وكانت الأكاسرة تبنيه لتمنع الترك من الدخول إليها، ووجّه حيّان بن جبلة فى أربعة آلاف إلى قومس، فعسكر على حدّ جبال شروين، ووجّه المعتصم من عنده محمد بن إبراهيم بن مصعب ومعه الحسن بن قارن الطبرى، ووجه منصور بن الحسن صاحب دنباوند إلى الرى ليدخل طبرستان من ناحية الرى، ووجه أبا الساج إلى اللارز ودنباوند، فلما أحدقت الخيل بالمازيار من كل جانب وكان أصحاب سرخاستان يتحدثون مع أصحاب الحسن بن الحسين على غفلة من الحسن- ونظر الناس بعضهم إلى بعض فثاروا- وبلغ الحسن الخبر فجعل يصيح بالقوم ويمنعهم خوفا عليهم فلم يقفوا- ونصبوا علمه على معسكر
سرخاستان وهو فى الحمام- فهرب فى غلالة، ودخل أصحاب الحسن السور وهو يقول: اللهم إنهم عصونى وأطاعوك فانصرهم، واستولوا على عسكر سرخاستان وأسر أخوه شهريار فقتله الحسن، وسار سرخاستان حتى أجهده العطش، فنزل عن دابته وشدها، فضربه غلام له اسمه جعفر وجماعة من أصحابه، فسألهم الماء فأمسكوه وقالوا: نتقرب به إلى السلطان، فرجعوا به نحو العسكر فلقيتهم خيل الحسن بن الحسين فأخذوه منهم، وأتوا به الحسن فقتله ووجه برأسه إلى عبد الله بن طاهر.
وأما حيان بن جبلة- مولى ابن طاهر- فإنه كاتب قارن بن شهريار- وهو ابن أخى مازيار، ورغّبه فى الملك وضمنه له، وكان قارن من قواد مازيار وقد أنفذه مازيار مع أخيه عبد الله بن قارن ومعه عدة من القواد فضمن له قارن عند ذلك أن تسلم إليه الجبال ومدينة سارية وات؟؟؟ قارن طعاما ودعا عمّه عبد الله والقواد فأتوه، ووضعوا سلاحهم فأحدق بهم أصحابه وقبضوا عليهم ووجّه بهم إلى حيّان فاستوثق منهم، وركب فى أصحابه ودخل جبال قارن، وبلغ الخبر مازيار فاغتّم له، قال: ولما بلغ الخبر أهل سارية أخذ سرخاستان ودخول حيان جبال شروين وثبوا على عامل مازيار بها فهرب منهم، وأتى حيان المدينة، وبلغ قوهيار أخو مازيار الخبر، فأرسل إلى حيان يطلب منه الأمان، وأن يملك على جبال أبيه وجدّه ويسلم إليه مازيار، ثم مات حيان قبل الاتفاق فوجّه عبد الله مكانه عمه محمد بن الحسين، ثم صار الحسن بن الحسين إلى خرّماباذ، فأتته رسل قوهيار ثم جاءه بنفسه فأكرمه وأجابه إلى جميع ما طلب، وتواعدوا يوما فحضر مازيار عنده، ورجع قوهيار إلى أخيه مازيار فأعلمه أنه أخذ له الأمان واستوثق له، فركب الحسن يوم الميعاد ومعه ثلاثة غلمان أتراك- وإبراهيم بن مهران يدلّه على الطريق، حتى أتيا هرمز أباذ فأتاه المازيار مع القوهيار، فأخذه ووجّهه إلى سارية، وسار الحسن إلى هرمز أباذ فأحرق قصر المازيار وانتهب ماله، وسار
إلى خرّماباذ فأخذ إخوة المازيار وحبسهم، وسار إلى مدينة سارية فأقام بها، وأمره عبد الله بن طاهر بإرسال المازيار إلى المعتصم وأهله معه، وأن يسلمه إلى محمد بن إبراهيم ليسير به ففعل ذلك، وأمره أن يستصفى «1» أمواله ويحرزها، فأحضره وسأله عن أمواله فذكر أنها عند خزّانه فضمن القوهيار ذلك، وقال المازيار: اشهدوا على أن جميع ما أخذت من أموالى ستة وتسعون ألف «2» دينار وسبع عشرة قطعة زمرد، وست عشرة قطعة ياقوت، وثمانية أحمال من ألوان الثياب، وتاج وسيف مجوهر «3» ، وخنجر»
من ذهب مكلّل بالجوهر، وحق كبير مملوء جوهرا- قيمته ثمانية عشر ألف ألف درهم، وقد سلّمت ذلك إلى خازن عبد الله بن طاهر وصاحب خبره على عسكره، وكان المازيار قد أخذ هذا ليوصله إلى الحسن ابن الحسين ليظهر للناس أنه أمنه على نفسه وماله وولده، وأنه جعل له جبال أبيه فامتنع الحسن من قبوله- وكان من أعف الناس، ثم أمر الحسن قوهيار أن يتوجه لحمل مال المازيار، وأعطاه من البغال «5» ما يحملها عليها، وأراد أن ينفذ معه جيشا فقال: لا حاجة لى بهم، وسار فى غلمانه ففتح الخزائن وأخذ الأموال، فلما عبّأها وثب عليه مماليك المازيار- وكانوا ديالم «6» ، فقالوا: إنك غدرت بصاحبنا وأسلمته إلى العرب، وجئت لتحمل أمواله!! وكانوا ألفا ومائتين فأخذوه وقيّدوه، فلما جنّهم الليل قتلوه وانتهبوا المال؛ وانتهى الخبر إلى الحسن فوجّه جيشا ووجّه قارن جيشا، وبلغ محمد بن إبراهيم الخبر فأرسل فى أثرهم فأخذوا، وبعثهم إلى مدينة سارية