الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى بعض البسط دائرة كبيرة، فيها مثال فرس وعليه راكب وعلى رأسه تاج، وحوالى الدائرة كتابة بالفارسية، فلما جلس المنتصر وجلس الندماء ووقف على رأسه وجوه الموالى والقواد نظر إلى تلك الدائرة وإلى الكتابة التى حولها، فقال لبغا: إيش هذا الكتاب «1» ؟ فقال: لا أعلم يا سيدى، فسأل من حضر من الندماء، فلم يحسن أحد أن يقرأه، فالتفت إلى وصيف وقال: احضر لى من يقرأه، فأحضر رجلا فقرأ الكتابة وقطب، فقال له المنتصر: ما هو؟ فقال له «2» : يا أمير المؤمنين ليس له معنى، فألحّ عليه وغضب، فقال: يقول- أنا شيرويه بن كسرى بن هرمز قتلت أبى فلم أمتّع بالملك إلا ستة أشهر، فتغيّر وجه المنتصر وقام عن مجلسه إلى النساء، فلم يمكث «3» إلا ستة أشهر ومات. وكانت خلافته ستة أشهر ويومين، وقيل ستة أشهر سواء، وعمره خمس وعشرون سنة وستة أشهر، وقيل أربع وعشرون سنة، ووفاته بسامرا. ولما حضرته الوفاة أنشد:
فما فرحت نفسى بدنيا أخذتها
…
ولكن إلى الرب الكريم أصير
وصلّى عليه أحمد بن المعتصم. وكان مربوعا أسمر أعين حسن الوجه ذا شهامة وشدّة. وكان له أربعة أولاد ذكور. وزيره: أحمد بن الخصيب.
حجابه: وصيف ثم بغا ثم ابن المرزبان ثم أوتامش. قاضيه: جعفر العباسى. أمير مصر: يزيد بن عبد الله. قاضيها: بكّار.
ذكر خلافة المستعين بالله
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم بن الرشيد، وأمه أم ولد اسمها مخارق، وهو الثانى عشر من الخلفاء العباسيين، بويع له يوم الإثنين
لأربع وقيل لست خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، وكان سبب بيعته أنه لما مات المنتصر اجتمع الموالى فى الهارونى «1» من الغد، وفيهم بغا الكبير وبغا الصغير وأوتامش وغيرهم، واستحلفوا قواد الأتراك والمغاربة والأشروسنية على أن يرضوا بمن رضى به بغا الكبير وبغا الصغير وأوتامش، وذلك برأى أحمد بن الخصيب فحلفوا، وتشاوروا فأجمعوا على أحمد بن محمد بن المعتصم فبايعوه، وهو ابن ثمان وعشرين سنة، وكان ذلك فى ليلة الإثنين، فلما أصبح صار إلى دار العامة فى زى الخلفاء، وحمل إبراهيم بن إسحاق بين يدية الحربة قبل طلوع الشمس، واستوزر أوتامش، واستكتب أحمد بن الخصيب.
وحضر أصحاب المراتب من العباسيين والطالبيين وغيرهم، فبينما هو كذلك إذ جاءت صيحة من ناحية الشارع والسوق، وإذا نحو خمسين فارسا ذكروا أنّهم أصحاب محمد بن عبد الله بن طاهر. ومعهم غيرهم من أخلاط الناس والغوغاء والسوقة، فشهروا السلاح وصاحوا: معتز «2» يا منصور، وتحرّك من على باب العامة من المبيضة والشاكرية وكثروا، فحمل عليهم المغاربة وبعض الأشروسنية فهزموهم حتى أدخلوهم درب زرافة، ثم نشبت الحرب بينهم فقتل جماعة، وانصرف الأتراك بعد ثلاث ساعات وقد بايعوا المستعين هم ومن حضر من الهاشميين وغيرهم. قال: ولما دخل الغوغاء والمنتهبة دار العامة انتهبوا الخزانة التى فيها السلاح، فأتاهم بغا الصغير فى جماعة فأجلوهم عن الخزانة، وقتلوا منهم عدة وكثر القتل من الفريقين.
وتحرّك أهل السجن بسامرّا فهرب منهم جماعة. ثم وضع العطاء على البيعة وبعث بكتاب البيعة إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، فبايع له هو والناس ببغداد.