الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التركى ومن معه. وهم من المنحرفين عن بغا. وبايكباك قد شرب مع بغا فعربد أحدهما على الآخر، فاختفى بايكباك. فلما أتاه المعتز اجتمع معه أهل الكرخ وأهل الدور، وأقبلوا مع المعتز إلى الجوسق بسامرا فبلغ ذلك بغا.
فخرج فى ألف فارس من غلمانه وقوّاده. فصار إلى السنّ فلما جنّه الليل ركب فى زورق. ومعه خادمان وشىء من المال الذى صحبه. وكان قد صحبه تسع عشرة بدرة من الدناينير ومائة بدرة من الدراهم. ولم يحمل معه سلاحا ولا سكينا ولم يعلم به أحد من عسكره. فصار إلى الجسر فى الثلث الأول من الليل، وخرج إلى البستان الخاقانى فلحقه عدة من الموكلين بالجسر. فوقف وعرّفهم نفسه وقال: إما أن تذهبوا معى إلى صالح بن وصيف. وإما أن تصيروا معى حتى أحسن إليكم. فتوكّل به بعضهم وأرسلوا إلى المعتز بخبره فأمر بقتله فقتل وحمل رأسه إلى المعتز. فنصب بسامرا وببغداد وأحرقت المغاربة جثّته. قال: وكان أراد أن يختفى عند صالح بن وصيف، فإذا اشتغل الناس بالعيد- وكان قد قرب- خرج هو وصالح ووثبا بالمعتز. فلم يمهله القدر.
وحج بالناس على بن الحسين بن إسماعيل بن العباس بن محمد.
ودخلت سنة خمس وخمسين ومائتين
ذكر خلع المعتز بالله وموته وشىء من أخباره
وفى يوم الأربعاء لثلاث بقين من شهر رجب منها خلع المعتز. وكان سبب ذلك أن الأتراك شغبوا فى طلب أرزاقهم. وصاروا إلى المعتز وقالوا:
أعطنا أرزاقنا حتى نقتل صالح بن وصيف- وكان صالح قد دبّر عليه. فلم يجد ما يعطيهم فنزلوا معه إلى خمسين ألف دينار. فأرسل المعتز إلى أمّه يسألها أن تعطيه مالا يعطيه لهم. فقالت: ما عندى شىء، فلما رأى الأتراك أنّهم
لا يحصل لهم من المعتز وأمه شىء اتفقت كلمتهم وكلمة المغاربة والفراغنة على خلع المعتز، فصاروا إليه وصاحوا به، ودخل صالح بن وصيف ومحمد بن بغا وبايكباك فى السلاح وجلسوا على بابه، وبعثوا إليه أن اخرج إلينا، فقال: قد شربت دواءا بالأمس وأفرط فى العمل، وإن كان أمر لا بدّ منه فليدخل بعضكم، فدخل إليه جماعة فجروا برجله إلى باب الحجرة.
وضربوه بالدبابيس وخرّقوا قميصه وأقاموه فى الشمس فى الدار، فكان يرفع رجلا ويضع أخرى لشدة الحر، وبعضهم يلطمه وهو يتقى بيده، ثم أدخلوه حجرة وأحضروا ابن أبى الشوارب وجماعة فشهدوا على خلعه، وشهدوا على صالح بن وصيف أن للمعتز وأمه وأخته الأمان، وكانت أمه قد اتخذت فى دارها سردابا فخرجت منه هى وأخت المعتز. قال: وسلّموا المعتز إلى من يعذبه، فمنعه الطعام والشراب ثلاثة أيام، فطلب حسوة من ماء البئر فمنعوه، ثم أدخلوه سردابا وجصّصوه عليه فمات، فأخرجوه لليلتين خلتا من شعبان وأشهدوا على موته بنى هاشم والقوّاد، وأنّه لا أثر به ودفنوه بسامرّا مع المنتصر، وصلّى عليه المهتدى بالله. وكان عمره ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أشهر إلا أياما، وقيل أربعا وعشرين سنة وثلاثة وعشرين يوما.
ومدة خلافته من لدن بويع له بسامرّا إلى أن خلع أربع سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرون يوما. وكان أبيض أكحل أسود الشعر كثيفه حسن العينين- وكان يوثر اللذات. وكان نقش خاتمه: الحمد لله رب كل شىء وخالقه. ولده: عبد الله صاحب التشبيهات والشعر الرائق. وزراؤه:
جعفر بن محمود «1» الإسكافى ثم عيسى بن فرّخانشاه ثم أبو جعفر أحمد بن إسرائيل الأنبارى. قاضيه: الحسن بن أبى الشوارب. حاجبه: صالح بن وصيف وكان غالبا على أمره. الأمراء بمصر: يزيد بن عبد الله ثم مزاحم بن