الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنفسه، وكتب إلى نصر ولم يقل إلى الأمير: أما بعد فإن الله تباركت أسماؤه عيّر «1» أقواما فى القرآن فقال: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً، اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا «2»
، فتعاظم نصر الكتاب وكسر له إحدى عينيه، وقال: هذا كتاب له أخوات «3» ثم كان من خبر الكرمانى ومقتله ما قدمناه فى أيام مروان، فلما قتل انضم ابنه علىّ إلى أبى مسلم فى جموع كثيرة، فاستصحبه معه وقاتلوا نصر بن سيّار حتى أخرجوه من دار الإمارة، وأقبل أبو مسلم إلى مرو وأتاه على بن الكرمانى وسلّم عليه بالإمارة.
وفى سنة ثلاثين ومائة:
ذكر دخول أبى مسلم مرو والبيعة بها
دخل أبو مسلم الخراسانى مرو ونزل قصر الإمارة فى شهر ربيع الآخر وقيل فى جمادى الأولى، وكان سبب ذلك وسبب اتفاق ابن الكرمانى أن ابن الكرمانى ومن معه وسائر القبائل بخراسان كانوا قد تعاقدوا على قتال أبى مسلم، فجمع أصحابه لحربهم، فكان سليمان بن كثير بإزاء ابن الكرمانى، فقال له سليمان إن أبا مسلم: يقول لك أما تأنف من مصالحة نصر وقد قتل بالأمس أباك وصلبه! وما كنت أحسبك تجامع نصرا فى مسجد تصليان فيه! فرجع ابن الكرمانى عن رأيه وانتقض صلح العرب، فبعث نصر بن سيار إلى أبى مسلم يلتمس منه أن يدخل مع
مضر «1» ، وبعث أصحاب الكرمانى وهم ربيعة واليمن إلى أبى مسلم بمثل ذلك، وراسلوه أياما فأمرهم أبو مسلم أن يقدم عليه وفد الفريقين، حتى يختار أحدهما ففعلوا، فأمر أبو مسلم الشيعة أن يختاروا أصحاب الكرمانى.
فتقدم الوفدان فأجلسهم أبو مسلم، وجمع عنده من الشيعة سبعين رجلا.
فقال لهم: لتختاروا أحد الفريقين، فقام سليمان بن كثير فتكلم وكان خطيبا مفوّها، فاختار ابن الكرمانى وأصحابه واختارهم السبعون، فقام وفد نصر وعليهم الكآبة والذلة، وأرسل إليه ابن الكرمانى أن يدخل إلى مدينة مرو من ناحية، ليدخل هو وعشيرته من الناحية الأخرى، فأرسل إليه أبو مسلم أنى لست آمن أن تجمع يدك ويد نصر على محاربتى، ولكن ادخل أنت وانشب الحرب، ففعل ابن الكرمانى ودخل أبو مسلم مرو، والفريقان يقتتلان فأمرهما بالكف وتلى قوله تعالى: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ
…
الآية «2» ومضى أبو مسلم إلى قصر الإمارة، وأرسل إلى الفريقين أن ينصرف كل منهما إلى عسكره ففعلوا، وصفت مرو لأبى مسلم وأمر بأخذ البيعة من الجند، وكان الذى يأخذها أبو منصور طلحة بن رزيق وهو أحد النقباء، وكان عالما بحجج الهاشمية ومعايب الأموية، وكانت البيعة: أبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، عليك بذلك عهد الله وميثاقه والطلاق والعتاق والمشى إلى بيت الله الحرام، وعلى ألا تسألوا رزقا ولا طمعا «3» حتى يبدأكم به ولاتكم.