الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه الأفشين كتب إلى ملك الروم، يعلمه أن المعتصم قد وجّه عساكره إليه، وجمع مقاتلته حتى وجّه خيّاطه وطبّاخه يعنى جعفر بن دينار الخياط ويعنى بالطباخ إيتاخ، ولم يبق على بابه أحد، فإن أردت الخروج إليه فليس فى وجهك أحد يمنع، فخرج توفيل فى مائة ألف- وقيل أكثر من ذلك، فبلغ زبطرة فقتل من بها من الرجال وسبى الذرية والنساء، وأغار على أهل ملطية وغيرها من حصون الإسلام، وسبى المسلمات ومثّل بمن صار فى يده من المسلمين، وسمل أعينهم وقطع أنوفهم وآذانهم، فخرج أهل الثغور من الشام والجزيرة إلا من لم يكن له دابّة ولا سلاح
ذكر فتح عمّوريّة
قال: لما فعل توفيل ما فعل واتصل الخبر بالمعتصم كبر لديه واستعظمه، وبلغه أن امرأة هاشمية صاحت وهى فى أيدى الروم- وامعتصماه!! فأجابها- وهو على سريره- لبّيك لبّيك، ونهض من ساعته وصاح فى قصره: النفير النفير، ثم ركب دابته وسمّط خلفه شكالا وسكة حديد وحقيبة فيها زاده، ولم يمكنه المسير إلا بعد التعبئة وجمع العساكر، ثم جلس فى دار العامّة وأحضر قاضيى بغداد عبد الرحمن بن إسحاق وشعيب «1» بن سهل، ومعهما ثلاثمائة وثمانية وعشرون رجلا من أهل العدالة، فأشهدهم على ما وقف من الضياع، فجعل ثلثا لولده وثلثا لله تعالى وثلثا لمواليه، ثم سار فعسكر بغربى دجلة لليلتين خلتا من جمادى الأولى، ووجّه عجيف بن عنبسة وعمرو «2» الفرغانى وجماعة من القواد إلى
زبطرة معونة لأهلها، فوجدوا ملك الروم قد انصرف إلى بلاده بعد أن فعل ما ذكرناه، فوقفوا حتى تراجع الناس إلى قراهم «1» واطمأنوا، ثم سار المعتصم وسأل: أى بلاد الروم أمنع وأحصن؟ فقيل عمورية لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام، وهى عين النصرانية وأشرف عندهم من قسطنطينية، فسار المعتصم من سامرّا- وقيل كان مسيره فى سنة اثنتين وعشرين، وقيل سنة أربع وعشرين ومائتين وتجهز جهازا لم يتجهزه خليفة قبله قط من سلاح وآلات وعدد وغير ذلك، وبث سراياه فيها وجيوشه- يغير ويقتل ويأسر ويغنم، ثم نزل بعمورية لست خلون من شهر رمضان وحاصرها ونصب عليها المجانيق، ووالى الزحف والقتال ودام عليها خمسة وخمسين يوما وكان بطارقة الروم قد اقتسموا «2» الأبراج، وكان وندوا موكل ببعضها ومعناه بالعربية «3» ثور، فقاتل قتالا شديدا وكثرت الجراحات فى أصحابه، فمشى إلى الروم وقال: إن الحرب علىّ وعلى أصحابى، ولم يبق معى أحد إلا جرح، فإما أن تمدونى وإلا ذهبت المدينة فلم يمدوه، وكان المسلمون قد هدموا ثلمة من السور مما يلى جهة وندوا، فعزم هو وأصحابه على الخروج إلى المعتصم، يسألونه الأمان على الذريّة ويسلّمون إليه الحصن بما فيه، فلما أصبح أوقف أصحابه بجانبى الثلمة وأمرهم ألا يحاربوا، فخرج إلى المعتصم فصار بين يديه، والناس يتقدمون إلى الثلمة وقد أمسك الروم عن القتال، ووصل المسلمون الى الثلمة ووندوا بين يدى المعتصم، والناس يتقدمون حتى دخلوا المدينة، فالتفت وندوا وضرب بيده على لحيته، فقال له المعتصم: مالك؟! قال: جئت أسمع كلامك فغدرت بى، فقال له المعتصم: كل شىء تريده فهو لك. قال: ولما دخل المسلمون المدينة صارت