الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأيمان المغلظة: أن لا يعلو منبرا، ولا يتقلد سيفا إلا فى جهاد، فلم يل عيسى بعدها ولاية، ولا تقلّد سيفا إلا فى غزوة، ثمّ وجّه السفاح بعد ذلك إسماعيل بن على واليا على فارس.
ذكر أخبار ابن هبيرة وما كان من أمره
قد ذكرنا أنه كان قد تحصّن بواسط، وأرسل أبو سلمة الحسن بن قحطبة لحصاره فحصره بواسط، وكانت بينهم وقعات أكثرها على ابن هبيرة، فلما ظهر السفّاح بعث أخاه أبا جعفر، لقتال ابن هبيرة بعد رجوعه من خراسان، وكتب إلى الحسن: إن العسكر عسكرك، والقّواد قوّادك، ولكن أحببت أن يكون أخى حاضرا فاسمع له وأطع، وأحسن مؤازرته؛ وكتب إلى مالك بن الهيثم بمثل ذلك، فلمّا قدم تحوّل الحسن عن خيمته وأنزله فيها، ودام حصاره لابن هبيرة بواسط أحد عشر شهرا، اقتتلوا فيها عدة وقعات، فلما بلغهم مقتل مروان طلبوا الصلح، وكان ابن هبيرة أراد أن يدعو إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن «1» علىّ، فكتب إليه فأبطأ جوابه، وكاتب السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة وأطمعهم، فخرج إليه زياد بن صالح وزياد بن عبيد الله الحارثيّان، ووعدا ابن هبيرة أن يصلحا له ناحية السفاح فلم يفعلا، وخرجت السفراء بين أبى جعفر وابن هبيرة، حتى جعل له أمانا وكتب له كتابا، مكث ابن هبيرة يشاور العلماء فيه أربعين يوما حتى رضيه، وأمر السفاح بإمضائه، وكان رأى أبى جعفر الوفاء له بما أعطاه، وكان السفاح لا يقطع أمرا دون أبى مسلم، فكتب السفاح إليه بخبر ابن هبيرة، فكتب أبو مسلم إليه: إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد، لا والله لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة.
قال: ولما تمّ الكتاب خرج ابن هبيرة إلى أبى جعفر فى ألف
وثلاثمائة، وأراد أن يدخل على دابته، فقام إليه الحاجب سلّام بن سليم فقال: مرحبا يا أبا خالد، انزل راشدا فنزل، وقد أطاف بحجرة المنصور عشرة آلاف من أهل خراسان، فأدخل ابن هبيرة وحده فحادثه ساعة، ثم مكث يأتيه يوما ويتركه يوما، وكان يأتيه فى خمسمائة فارس وثلاثمائة، فقيل لأبى جعفر: إن ابن هبيرة ليأتى فيتضعضع له العسكر، فأنقص من سلطانه شيئا، فأمره أبو جعفر ألا يأتى إلا فى حاشيته، فكان يأتى فى ثلاثين ثم صار يأتى فى ثلاثة أو أربعة، وألحّ السفاح على أبى جعفر بقتل ابن هبيرة وهو يراجعه، حتى كتب إليه: والله لتقتلنّه أو لأرسلنّ إليه من يخرجه من حجرتك ويتولى قتله، فبعث أبو جعفر من ختم بيوت الأموال، ثم بعث إلى وجوه من مع ابن هبيرة فأحضرهم، فأقبل محمد بن نباتة، وحوثرة بن سهيل فى اثنين وعشرين رجلا، فأدخل الحاجب حوثرة وابز نباتة فنزعت سيوفهما وكتّفا، واستدعى أبو جعفر رجلين رجلين ففعل بهما كذلك، فقال بعضهم: أعطيتمونا عهد الله وغدرتم، إنا لنرجو أن يدرككم الله، وبعث خازم بن خزيمة والهيثم بن شعبة فى مائة إلى ابن هبيرة، فقالوا: نريد حمل المال، فقال لحاجبه دلّهم على الخزائن ففعل، فأقاموا عند كل بيت نفرا، وأقبلوا نحوه وعنده ابنه داود وعدة من مواليه وبنىّ له صغير فى حجره، فقام حاجبه فى وجوههم فضربه الهيثم على حبل عاتقه فصرعه، وقاتل ابنه داود فقتل، وقتل مواليه، ونحّى ابنه من حجره «1» وقال:
دونكم وهذا الصبى وخرّ ساجدا فقتل، وحملت رءوسهم إلى أبى جعفر، فأمر فنودى بالأمان للناس إلا الحكم بن عبد الملك وخالد بن سلمة المخزومى، فهرب الحكم وأمّن أبو جعفر خالدا فقتله السفاح، ولم يجز أمان أبى جعفر.