المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر وفاة المعتضد بالله وشىء من أخباره وسيرته - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني والعشرون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة العباسية بالعراق وغيره

- ‌[في سنة مائة من الهجرة]

- ‌ذكر ابتداء ظهور دعوة بنى العباس وأمر الشيعة

- ‌ذكر تفويض أمر الشيعة إلى محمد بن على بن عبد الله بن العباس وبثه الدعاة

- ‌[في سنة اربع ومائة من الهجرة]

- ‌ذكر مولد أبى العباس السفاح

- ‌وفى سنة خمس ومائة:

- ‌وفى سنة سبع ومائة

- ‌وفى سنة تسع ومائة

- ‌وفى سنة ثمانى عشرة ومائة:

- ‌وفى سنة عشرين ومائة:

- ‌ذكر خبر أبى مسلم الخراسانى وابتداء أمره

- ‌وفى سنة أربع وعشرين ومائة:

- ‌وفى سنة ست وعشرين ومائة:

- ‌وفى سبع وعشرين ومائة:

- ‌ذكر ولاية أبى مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراسانى أمر الشيعة

- ‌وفى سنة تسع وعشرين ومائة:

- ‌ذكر إظهار الدعوة بخراسان

- ‌وفى سنة ثلاثين ومائة:

- ‌ذكر دخول أبى مسلم مرو والبيعة بها

- ‌ذكر هرب نصر بن سيّار أمير خراسان من مرو

- ‌ذكر مقتل ابنى الكرمانى

- ‌ذكر قدوم قحطبة بن شبيب من قبل إبراهيم الإمام على أبى مسلم

- ‌ذكر مسير قحطبة إلى نيسابور واستيلائه عليها ومن استعمله أبو مسلم على الجهات

- ‌ذكر مقتل نباتة بن حنظلة عامل يزيد بن هبيرة على جرجان

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائة

- ‌ذكر وفاة نصر بن سيار ودخول قحطبة الرىّ

- ‌ذكر مقتل عامر بن ضبارة ودخول قحطبة أصفهان

- ‌ذكر دخول قحطبة نهاوند

- ‌ذكر فتح شهر زور

- ‌ودخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائة

- ‌ذكر مسير قحطبة لقتال ابن هبيرة بالعراق وهلاك قحطبة وهزيمة ابن هبيرة

- ‌ذكر خروج محمد بن خالد بالكوفة مسوّدا

- ‌ذكر مقتل إبراهيم بن محمد الإمام

- ‌ذكر ابتداء الدولة العباسية وانقضاء الدولة الأموية

- ‌ذكر بيعة أبى العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر هزيمة مروان بالزاب

- ‌ذكر مقتل مروان بن محمد ودخول أهل الشام وغيرهم فى الطاعة

- ‌ذكر من قتل من بنى أمية بعد مقتل مروان بن محمد

- ‌ذكر الخلاف على أبى العباس السفاح وأخبار من خالف وخلع

- ‌ذكر خلع أبى الورد وأهل قنّسرين ودمشق

- ‌ذكر تبييض أهل الجزيرة وخلعهم

- ‌ذكر قتل أبى سلمة الخلّال وسليمان بن كثير

- ‌ذكر أخبار ابن هبيرة وما كان من أمره

- ‌ذكر ولاية يحيى بن محمد الموصل ومن قتله بها

- ‌ذكر عمال السفاح

- ‌ودخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائة

- ‌ذكر دخول ملك الروم ملطيّة وقاليقلا

- ‌ودخلت سنة أربع وثلاثين ومائة

- ‌ذكر خلع بسّام بن إبراهيم وما كان من أمره وقتل أخوال السفاح

- ‌ذكر خبر الخوارج وقتل شيبان بن عبد العزيز

- ‌ودخلت سنة خمس وثلاثين ومائة

- ‌ذكر خروج زياد بن صالح

- ‌ودخلت سنة ست وثلاثين ومائة

- ‌ذكر وفاة أبى العباس السفاح

- ‌ذكر خلافة المنصور

- ‌ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائة

- ‌ذكر خروج عبد الله بن على وقتاله وهزيمته

- ‌ذكر مقتل أبى مسلم الخراسانى

- ‌ذكر خروج سنباذ بخراسان

- ‌ودخلت سنة ثمان وثلاثين ومائة

- ‌ذكر خلع جمهور بن مرّار وقتله

- ‌ودخلت سنة تسع وثلاثين ومائة

- ‌ودخلت سنة أربعين ومائة

- ‌ودخلت سنة إحدى وأربعين ومائة

- ‌ذكر خروج الراوندية على المنصور وقتلهم

- ‌ذكر خلع عبد الجبار بخراسان ومسير المهدى إليه

- ‌ذكر فتح طبرستان

- ‌ودخلت سنة اثنتين وأربعين ومائة

- ‌ذكر خلع عيينة بن موسى

- ‌ذكر نكث الإصبهبذ

- ‌ودخلت سنة ثلاث وأربعين ومائة

- ‌ودخلت سنة أربع وأربعين ومائة

- ‌ودخلت سنة خمس وأربعين ومائة

- ‌ظهور محمد بن عبد الله

- ‌ذكر وثوب السودان بالمدينة

- ‌ذكر بناء مدينة بغداد وانتقال أبى جعفر المنصور إليها

- ‌ودخلت سنة ست وأربعين ومائة

- ‌ودخلت سنة سبع وأربعين ومائة

- ‌ذكر وفاة عبد الله بن على وخبر عيسى بن موسى

- ‌ودخلت سنة ثمان وأربعين ومائة

- ‌ذكر خروج حسّان بن مجالد بن يحيى بن مالك بن الأجدع الهمدانى

- ‌ودخلت سنة تسع وأربعين ومائة

- ‌ودخلت سنة خمسين ومائة

- ‌ذكر خروج استاذ سيس

- ‌ودخلت سنة إحدى وخمسين ومائة

- ‌ذكر بناء الرّصافة للمهدى

- ‌ودخلت سنة اثنتين وخمسين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثلاثة وخمسين ومائة

- ‌ذكر القبض على أبى أيوب الموريانى الوزير وقتله

- ‌ودخلت سنة أربع وخمسين ومائة

- ‌ودخلت سنة خمس وخمسين ومائة

- ‌ودخلت سنة ست وخمسين ومائة

- ‌ودخلت سنة سبع وخمسين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثمان وخمسين ومائة

- ‌ذكر وفاة أبى جعفر المنصور

- ‌ذكر وصية المنصور لابنه المهدى

- ‌ذكر شىء من سيرة أبى جعفر المنصور

- ‌ذكر خلافة المهدى

- ‌ودخلت سنة تسع وخمسين ومائة

- ‌ذكر ظهور المقنّع بخراسان وهلاكه

- ‌ودخلت سنة ستين ومائة

- ‌ذكر خلع عيسى بن موسى وبيعة موسى الهادى

- ‌ودخلت سنة إحدى وستين ومائة

- ‌ودخلت سنة اثنتين وستين ومائة

- ‌ذكر قتل عبد السلام الخارجى

- ‌ودخلت سنة ثلاث وستين ومائة

- ‌ودخلت سنة أربع وستين ومائة

- ‌ودخلت سنة خمس وستين ومائة

- ‌ودخلت سنة ست وستين ومائة

- ‌ودخلت سنة سبع وستين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثمان وستين ومائة

- ‌ودخلت سنة تسع وستين ومائة

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله المهدى

- ‌ذكر شىء من سيرته وأخباره

- ‌ذكر خلافة الهادى

- ‌ودخلت سنة سبعين ومائة

- ‌ذكر وفاة أبى محمد الهادى

- ‌ذكر خلافة هارون الرشيد

- ‌ودخلت سنة إحدى وسبعين ومائة

- ‌ودخلت سنة اثنين وسبعين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثلاث وسبعين ومائة

- ‌ودخلت سنة أربع وسبعين ومائة

- ‌ودخلت سنة خمس وسبعين ومائة

- ‌ودخلت سنة ست وسبعين ومائة

- ‌ذكر ظهور يحيى بن عبد الله

- ‌ذكر الفتنة بدمشق

- ‌ودخلت سنة سبع وسبعين ومائة

- ‌ذكر الفتنة بالموصل

- ‌ودخلت سنة ثمان وسبعين ومائة

- ‌ذكر الفتنة بمصر

- ‌ذكر خروج الوليد بن طريف

- ‌ودخلت سنة تسع وسبعين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثمانين ومائة

- ‌ذكر ولاية على بن عيسى خراسان- وخبر حمزة الخارجى

- ‌ودخلت سنة إحدى وثمانين ومائة

- ‌ودخلت سنة اثنتين وثمانين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثلاث وثمانين ومائة

- ‌ودخلت سنة أربع وثمانين ومائة

- ‌ودخلت سنة خمس وثمانين ومائة

- ‌ودخلت سنة ست وثمانين ومائة

- ‌ذكر حج هارون الرشيد وأمر كتاب العهد

- ‌ودخلت سنة سبع وثمانين ومائة

- ‌ذكر إيقاع الرشيد بالبرامكة وقتل جعفر بن يحيى بن خالد

- ‌ذكر شىء من أخبار جعفر وتمكّنه من الرشيد وما آل أمرهم إليه

- ‌ذكر القبض على عبد الملك بن صالح

- ‌ذكر غزو الروم

- ‌ودخلت سنة ثمان وثمانين ومائة

- ‌ودخلت سنة تسع وثمانين ومائة

- ‌ذكر مسير الرشيد إلى الرى

- ‌ودخلت سنة تسعين ومائة

- ‌ذكر فتح هرقلة

- ‌ودخلت سنة إحدى وتسعين ومائة

- ‌ودخلت سنة اثنتين وتسعين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثلاث وتسعين ومائة

- ‌ذكر وفاة الرشيد

- ‌ذكر شىء من سيرة الرشيد وأخباره

- ‌ذكر خلافة الأمين

- ‌ودخلت سنة أربع وتسعين ومائة

- ‌ذكر خلاف أهل حمص على الأمين

- ‌ودخلت سنة خمس وتسعين ومائة

- ‌ذكر خروج السّفيانىّ وما كان من أمره

- ‌ودخلت سنة ست وتسعين ومائة

- ‌ودخلت سنة سبع وتسعين ومائة

- ‌ودخلت سنة ثمان وتسعين ومائة

- ‌ذكر أخبار الأمين والمأمون وما كان بينهما من الفتن والاختلاف وما أفضى إليه الأمر من قتل الأمين

- ‌ذكر محاربة على بن عيسى بن ماهان وطاهر

- ‌ذكر توجيه عبد الرحمن بن جبلة إلى طاهر وقتله واستيلاء طاهر على أعمال الجبل

- ‌ذكر توجيه الأمين الجيوش إلى طاهر وعودهم من غير قتال

- ‌ذكر خلع الأمين ببغداد والبيعة للمأمون وعودة الأمين

- ‌ذكر البيعة للمأمون بمكة والمدينة

- ‌ذكر تجهيز الأمين الجيوش وما كان من أمرهم

- ‌ذكر وثوب الجند بطاهر والأمين

- ‌ذكر حصار بغداد واستيلاء طاهر عليها

- ‌ذكر مقتل الأمين

- ‌ذكر صفة الأمين وعمره ومدة خلافته وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المأمون

- ‌ذكر وثوب الجند بطاهر

- ‌ذكر خلاف نصر بن شبث العقيلى على المأمون

- ‌ذكر ولاية الحسن بن سهل العراق وغيره من البلاد

- ‌ودخلت سنة تسع وتسعين ومائة

- ‌ذكر ظهور ابن طباطبا العلوى ووفاته وخبر أبى السرايا

- ‌ذكر هرب أبى السرايا وقتله

- ‌ودخلت سنة مائتين

- ‌ذكر ما فعله الحسين بن الحسن الأفطس بمكة ومبايعة محمد بن جعفر وما كان من أمره وخلعه لنفسه

- ‌ذكر مسير هرثمة إلى المأمون وقتله

- ‌ذكر وثوب الحربيّة ببغداد

- ‌ودخلت سنة إحدى ومائتين

- ‌ذكر ولاية منصور بن المهدى بغداد

- ‌ذكر البيعة بولاية العهد لعلى بن موسى الرضا

- ‌ذكر فتح جبال طبرستان وأسر ملك الدّيلم

- ‌ودخلت سنة اثنتين ومائتين

- ‌ذكر بيعة إبراهيم بن المهدى ببغداد وخلع المأمون

- ‌ذكر أخبار إبراهيم بن المهدى وما استولى عليه من الأماكن وما كان من أمره إلى أن خلع واستتر- ذكر استيلائه على قصر ابن هبيرة والكوفة

- ‌ذكر خلع إبراهيم بن المهدى

- ‌ذكر اختفاء إبراهيم بن المهدى

- ‌ذكر مسير المأمون إلى العراق وقتل ذى الرئاستين الفضل بن سهل

- ‌ودخلت سنة ثلاث ومائتين

- ‌ذكر وفاة على بن موسى الرضا ولى العهد

- ‌ودخلت سنة أربع ومائتين

- ‌ذكر قدوم المأمون بغداد

- ‌ودخلت سنة خمس ومائتين

- ‌ذكر ولاية طاهر بن الحسين خراسان

- ‌ودخلت سنة ست ومائتين

- ‌ذكر ولاية عبد الله بن طاهر الرّقة وغيرها

- ‌ودخلت سنة سبع ومائتين

- ‌ذكر وفاة طاهر بن الحسين أمير خراسان واستعمال ابنه طلحة

- ‌ودخلت سنة ثمان ومائتين

- ‌ودخلت سنة تسع ومائتين

- ‌ودخلت سنة عشر ومائتين

- ‌ذكر ظفر المأمون بإبراهيم بن المهدى

- ‌ذكر بناء المأمون ببوران ابنة الحسن بن سهل

- ‌ذكر مسير عبد الله بن طاهر إلى مصر وفتحها وفتح الإسكندرية

- ‌ذكر خلع أهل قمّ المأمون وما كان من أمرهم

- ‌ودخلت سنة إحدى عشرة ومائتين

- ‌ودخلت سنة اثنتى عشرة ومائتين

- ‌ذكر استيلاء محمد بن حميد على الموصل

- ‌ودخلت سنة ثلاث عشرة ومائتين

- ‌ودخلت سنة أربع عشرة ومائتين

- ‌ذكر استعمال عبد الله بن طاهر على خراسان

- ‌ودخلت سنة خمس عشرة ومائتين

- ‌ذكر غزاة المأمون إلى الروم

- ‌ودخلت سنة ست عشرة ومائتين

- ‌ذكر فتح هرقلة

- ‌ودخلت سنة سبع عشرة ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثمانى عشرة ومائتين

- ‌ذكر المحنة بالقرآن المجيد

- ‌ذكر وفاة أبى العباس المأمون

- ‌ذكر صفته وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المعتصم بالله

- ‌ودخلت سنة تسع عشرة ومائتين

- ‌ذكر خلاف محمد بن القاسم العلوى

- ‌ذكر محاربة الزّط

- ‌ودخلت سنة عشرين ومائتين

- ‌ذكر بناء سامرّا وهى سرّ من رأى

- ‌ذكر القبض على الفضل بن مروان بن أحمد بن عمارة الوزير

- ‌ودخلت سنة إحدى وعشرين ومائتين

- ‌ودخلت سنة اثنتين وعشرين ومائتين

- ‌ذكر أخبار بابك الخرّمى وفتح البذ وأسر بابك وقتله

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ومائتين

- ‌ذكر قدوم الأفشين إلى سامرّا وما عامله به المعتصم

- ‌ذكر خروج الروم إلى زبطرة

- ‌ذكر فتح عمّوريّة

- ‌ذكر القبض على العباس بن المأمون وحبسه والأمر بلعنه ووفاته

- ‌ودخلت سنة أربع وعشرين ومائتين

- ‌ذكر مخالفة مازيار بطبرستان وأسره

- ‌ذكر عصيان منكجور قرابة الأفشين والظفر به

- ‌ودخلت سنة خمس وعشرين ومائتين

- ‌ذكر القبض على الأفشين وحبسه ووفاته وصلبه

- ‌ودخلت سنة ست وعشرين ومائتين

- ‌ودخلت سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌ذكر خروج المبرقع بفلسطين

- ‌ذكر وفاة أبى إسحاق المعتصم وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة الواثق بالله

- ‌ذكر الفتنة بدمشق

- ‌ودخلت سنة ثمان وعشرين ومائتين

- ‌ودخلت سنة تسع وعشرين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثلاثين ومائتين

- ‌ذكر مسير بغا إلى الأعراب بالمدينة وما كان من أمرهم

- ‌ودخلت سنة إحدى وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر الفداء بين المسلمين والروم

- ‌ودخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر وفاة أبى جعفر الواثق وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المتوكّل على الله

- ‌ودخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر القبض على محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌ودخلت سنة أربع وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر خبر إيتاخ وابتداء أمره وقتله

- ‌ودخلت سنة خمس وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر ظهور رجل يدعى النبوّة

- ‌ودخلت سنة ست وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر ما فعله المتوكل بمشهد الحسين بن على رضى الله عنهما

- ‌ودخلت سنة سبع وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر وثوب أهل أرمينية بعاملهم

- ‌ذكر غضب المتوكل على أحمد بن أبى دؤاد وولاية يحيى بن أكثم القضاء

- ‌ودخلت سنة ثمان وثلاثين ومائتين

- ‌ذكر مسير الروم إلى ديار مصر

- ‌ودخلت سنة تسع وثلاثين ومائتين

- ‌ودخلت سنة أربعين ومائتين

- ‌ذكر وثوب أهل حمص بعاملهم

- ‌ودخلت سنة إحدى وأربعين ومائتين

- ‌ذكر الفداء بين المسلمين والروم

- ‌ذكر غارة البجاة بمصر

- ‌ودخلت سنة اثنتين وأربعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثلاث وأربعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة أربع وأربعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة خمس وأربعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ست وأربعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة سبع وأربعين ومائتين

- ‌ذكر مقتل أبى الفضل المتوكل على الله

- ‌وأما كيفية قتل المتوكل

- ‌ذكر خلافة المنتصر بالله

- ‌ودخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين

- ‌ذكر خلع المعتز والمؤيّد

- ‌ذكر وفاة المنتصر بالله

- ‌ذكر خلافة المستعين بالله

- ‌ودخلت سنة تسع وأربعين ومائتين

- ‌ذكر الفتنة ببغداد

- ‌ذكر قتل أوتامش الوزير

- ‌ودخلت سنة خمسين ومائتين

- ‌ودخلت سنة إحدى وخمسين ومائتين

- ‌ذكر قتل باغر التركى

- ‌ذكر مسير المستعين إلى بغداد

- ‌ذكر البيعة للمعتز بالله

- ‌ذكر حصار المستعين ببغداد

- ‌ذكر خلع المستعين وخلافة المعتز بالله

- ‌ودخلت سنة اثنتين وخمسين ومائتين

- ‌ذكر أخبار المستعين بعد خلعه وما كان من أمره إلى أن قتل وذكر أولاده وعمّاله ومدة عمره وخلافته

- ‌ذكر حال وصيف وبغا

- ‌ذكر خلع المؤيد وموته

- ‌ذكر الفتنة بين الأتراك والمغاربة

- ‌ودخلت سنة ثلاث وخمسين ومائتين

- ‌ذكر قتل وصيف

- ‌ذكر وفاة محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعى

- ‌ودخلت سنة أربع وخمسين ومائتين

- ‌ذكر مقتل بغا الصغير الشّرابى

- ‌ودخلت سنة خمس وخمسين ومائتين

- ‌ذكر خلع المعتز بالله وموته وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المهتدى بالله

- ‌ذكر ظهور قبيحة أم المعتز بالله

- ‌ودخلت سنة ست وخمسين ومائتين

- ‌ذكر وصول موسى بن بغا إلى سامرّا واختفاء صالح بن وصيف

- ‌ذكر قتل صالح بن وصيف

- ‌ذكر خلع المهتدى وموته

- ‌ذكر شىء من سيرة المهتدى

- ‌ذكر خلافة المعتمد على الله

- ‌ذكر عزل عيسى بن الشيخ عن الشام وولايته أرمينية

- ‌ودخلت سنة سبع وخمسين ومائتين

- ‌ذكر ورود أبى أحمد الموفق من مكة وما عقد له المعتمد من الأعمال

- ‌ودخلت سنة ثمان وخمسين ومائتين

- ‌ودخلت سنة تسع وخمسين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ستين ومائتين

- ‌ذكر الفتنة بالموصل وإخراج عاملهم

- ‌ودخلت سنة إحدى وستين ومائتين

- ‌ذكر البيعة بولاية العهد للمفوّض جعفر بن المعتمد وللموفق الناصر لدين الله أبى أحمد أخى المعتمد

- ‌ودخلت سنة اثنتين وستين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثلاث وستين ومائتين

- ‌ودخلت سنة أربع وستين ومائتين

- ‌ذكر أخبار الوزراء

- ‌ودخلت سنة خمس وستين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ست وستين ومائتين

- ‌ودخلت سنة سبع وستين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثمان وستين ومائتين

- ‌ودخلت سنة تسع وستين ومائتين

- ‌ذكر مسير المعتمد على الله إلى مصر وعوده قبل الوصول اليها

- ‌ودخلت سنة سبعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين

- ‌ذكر خلاف محمد وعلى العلويين بالمدينة

- ‌ودخلت سنة اثنتين وسبعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثلاث وسبعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة أربع وسبعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة خمس وسبعين ومائتين

- ‌ذكر قبض الموفّق على ابنه المعتضد

- ‌ودخلت سنة ست وسبعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة سبع وسبعين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثمان وسبعين ومائتين

- ‌ذكر وفاة أبى أحمد الموفّق

- ‌ذكر البيعة للمعتضد بالله بولاية العهد

- ‌ودخلت سنة تسع وسبعين ومائتين

- ‌ذكر خلع المفوض إلى الله جعفر بن المعتمد وولاية أبى العباس المعتضد بالله بن الموفّق

- ‌ذكر وفاة المعتمد على الله وشىء من أخباره

- ‌خلافة المعتضد بالله

- ‌ودخلت سنة ثمانين ومائتين

- ‌ذكر حبس عبد الله بن المهتدى وقتل محمد بن الحسن

- ‌ذكر قصد المعتضد بنى شيبان وصلحه معهم وإغارته على الأعراب

- ‌ودخلت سنة إحدى وثمانين ومائتين

- ‌ذكر مسير المعتضد إلى ماردين وملكها

- ‌ودخلت سنة اثنتين وثمانين ومائتين

- ‌ذكر قصد حمدان وانهزامه وعوده إلى الطاعة

- ‌ودخلت سنة ثلاث وثمانين ومائتين

- ‌ودخلت سنة أربع وثمانين ومائتين

- ‌ودخلت سنة خمس وثمانين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ست وثمانين ومائتين

- ‌ودخلت سنة سبع وثمانين ومائتين

- ‌ودخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين

- ‌ودخلت سنة تسع وثمانين ومائتين

- ‌ذكر وفاة المعتضد بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌مراجع التحقيق

- ‌فهرس الجزء الثانى والعشرين

الفصل: ‌ذكر وفاة المعتضد بالله وشىء من أخباره وسيرته

تعالى فى أخبارهم وفيها قتل محمد «1» بن زيد العلوى صاحب طبرستان والديلم على ما نذكر ذلك إن شاء الله فى أخبار الدولة العلوية.

وحج بالناس فى هذه السنة: محمد بن عبد الله بن داود. وفيها توفيت قطر الندى بنت خماروية زوجة المعتضد لسبع خلون من شهر رجب، ودفنت داخل قصر الرصافة.

‌ودخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين

فى هذه السنة توفى عبيد الله بن سليمان الوزير، فعظم موته على المعتضد وفوّض الوزارة إلى ابنه القاسم بن عبيد الله. وكان من أخبار المتغلبين على الأطراف على ما نذكره إن شاء الله فى أخبارهم.

وحجّ بالناس فى هذه السنة هارون بن محمد.

‌ودخلت سنة تسع وثمانين ومائتين

فى هذه السنة لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول أخرج من كان له دار أو حانوت بباب الشماسية عن داره وحانوته، وقيل لهم: خذوا أنقاضكم «2» واخرجوا، وسبب ذلك أن المعتضد بالله كان قد عزم أن يبتنى لنفسه دارا يسكنها هنالك، فخط موضع السور وحفر بعضه، وابتدأ فى دكة على دجلة لينتقل إليها فيقيم بها، إلى أن يفرغ من بناء الدار والقصر، فمرض المعتضد ومات قبل ذلك.

‌ذكر وفاة المعتضد بالله وشىء من أخباره وسيرته

كانت وفاته ليلة الإثنين لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين

ص: 357

ومائتين، قال: ولما اشتد مرضه اجتمع يونس «1» الخادم وغيره من القواد إلى الوزير القاسم ليجدّد البيعة للمكتفى، وقالوا: إنّا لا نأمن الفتنة، فقال: أخاف أن أطلق المال فيبرأ أمير المؤمنين من علّته فينكر ذلك، فقالوا: إن برىء فنحن المحتجون والمناظرون، وإن صار الأمر إلى ولده فلا يلومنا ونحن نطلب الأمر له، فأطلق المال وجدّد البعية للمكتفى بالله، وأحضر أولاد المعتمد ووكل بهم، ثم توفى المعتضد وكانت علّته فساد الجوف والمزاج والجفاف من «2» كثرة الجماع، وكان يؤمر بأن يقلّ الغذاء ويرطب معدته ولا يتعب نفسه، فيستعمل ضد ذلك ويريهم أنّه يحتمى، فإذا خرجوا من عنده دعا بالجبن والزيتون والسمك فأكل، فسقطت لذلك قوّته واشتدت علّته، ومات رحمه الله وتولّى غسله محمد بن يوسف القاضى، وصلّى عليه الوزير- حكاه ابن الأثير «3» . وقال أبو الفرج بن الجوزى «4» :

غسّله أحمد بن شيبة عند زوال الشمس، وصلّى عليه يوسف بن يعقوب القاضى «5» . ودفن ليلا فى دار محمد بن عبد الله بن طاهر بوصيّة منه، وجلس الوزير فى دار الخلافة للعزاء وجدّد البيعة للمكتفى، ومات المعتضد وله من العمر ست وأربعون «6» سنة وقيل إلا شهرين، وكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام «7» ، وقيل وثلاثة وعشرين يوما. وكان نحيفا خفيف العارضين يخضب بالسواد، ولما حضرته الوفاة أنشد:

ص: 358

تمتّع من الدنيا فإنّك لا تبقى

وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا

ولا تأمننّ الدهر إنى أمنته

فلم يبق لى حالا «1» ولم يرع لى حقا

قتلت صناديد الرجال ولم أدع

عدوا ولم أمهل على ظنة «2» خلقا

وأخليت دار الملك من كل نازع

فشرّدتهم غربا وشرّدتهم «3» شرقا

فلما بلغت النجم عزا ورفعة

وصارت رقاب الخلق أجمع لى رقا

رمانى الردى سهما فأخمد جمرتى

فهأنذا فى حفرتى عاجلا ألقى

فياليت شعرى بعد موتى ما ألقى

إلى نعم الرحمن «4» أم ناره ألقى

قال: وكان المعتضد ذا عزم وشهامة ونهضة، بصيرا بالأمور حسن السياسة والسيرة، ولما ولى وضع عن الناس البواقى وأسقط المكوس بالحرمين، وبث العدل فى الآفاق وبذل الأموال، وغزا وجالس المحدّثين وأهل الفضل والدين. قال ثابت بن قرة الحرّانى: ولى المعتضد الخلافة وليس فى بيت المال إلا قراريط لا تبلغ الدينار، والحضرة مطلوبة والأعمال منهوبة والأعراب والأكراد عائثون والأعداء متسلطون، فأصلح الأمور وأحسن التدبير وقمع الخوارج وبالغ فى العمارة وأنصف فى المعاملة ورفق بالرعيّة، حتى استفضل من ارتفاعه فى سنى خلافته تسعة عشر ألف ألف دينار، وتقدّم إلى اجناده وأتباعه بلزوم الطريقة الحميدة، وعرّفهم أنّه متى أفسد غلام أحد منهم كان المأخوذ به مولاه، فسمع يوما صوتا من بعض الكروم مما يلى دجلة فأمر باستعلام الحال، فأخبر أنّ غلام بعض الأمراء أخذ حصر ما من الكرم فأمر بإحضار الأمير، وتقدّم بضرب عنقه، فلم يجسر أحد من الجند بعد ذلك على الفساد؛ ثم قال المعتضد بعد ذلك لوزيره عبيد الله ابن سليمان: لعلّك أنكرت ما جرى من قتلى هذا الأمير بجرم جناه غيره،

ص: 359

فقال: هو ذاك يا أمير المؤمنين، قال: كنت فى خلافة المعتمد فرأيت هذا الأمير قتل رجلا عمدا بغير ذنب، ولم يكن له وارث فنذرت لله تعالى إن ولّانى الله أن أقتله به، فلما وليت كنت أتطلّب له العورات حتى جرى ما جرى من غلامه، فقتلته بذلك الرجل وأقمت السياسة بقتله. قال:

وكان المعتضد يسمى السفّاح الثانى لأنّه جدّد ملك بنى العباس، ووطّده بعد أن كانت الأتراك قد أخلقته، وفى ذلك يقول ابن الرومى:

هنيئا بنى العبّاس إنّ إمامكم

إمام الهدى والجود والباس أحمد

كما بأبى العبّاس أسّس ملككم

كذا بأبى العباس أيضا تجدّد

وحكى أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى فى المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم بسند رفعه إلى أبى محمد عبد الله بن حمدون «1» :

قال: كان المعتضد بالله فى بعض متصيّداته مجتازا «2» بعسكره وأنا معه، فصاح «3» ناظور فى قراح قثاء فاستدعاه، وسأله عن سبب صياحه فقال: أخذ بعض الجيش من القثاء شبئا، فقال: اطلبوهم، فجاءوا بثلاثة نفر «4» ، فقال: هؤلاء الذين أخذوا القثاء؟ فقال الناظور: نعم، فقيّدهم فى الحال وأمر بحبسهم، فلما كان من الغد أنفذهم إلى القراح وضرب أعناقهم فيه، وسار فأنكر الناس ذلك وتحدّثوا به، ومضت على ذلك مدة طويلة، فجلست أحادثه ليلة فقال لى: يا أبا عبد الله- هل يعيب الناس علىّ شيئا؟ عرّفنى حتى أزيله، فقلت: كلا يا أمير المؤمنين، فقال:

أقسمت عليك بحياتى إلا صدقتنى، قلت: يا أمير المؤمنين- وأنا آمن؟

ص: 360

قال: نعم، قلت: سفك «1» الدماء، قال: والله ما هرقت دما منذ وليت إلا بحقه، قال: فأمسكت إمساك من ينكر عليه، فقال: بحياتى ما تقول؟ فقلت: يقولون إنك قتلت أحمد بن الطيّب- وكان خادمك، ولم تكن له جناية ظاهرة، قال: دعانى إلى الإلحاد- قلت له يا هذا أنا ابن عم صاحب الشريعة صلوات الله عليه وسلّم، وأنا الآن منتصب منصبه فألحد- حتى أكون من؟! فسكت سكوت من يريد الكلام، فقال: فى وجهك كلام؟ فقلت: الناس ينقمون عليك أمر الثلاثة الذين قتلتهم فى قراح القثّاء، فقال: والله ما كان أولئك الذين أخذوا القثاء، وإنما كانوا لصوصا حملوا من موضع كذا وكذا، ووافق ذلك أمر القثّاء، وأردت أن أهول على الجيش بأنّ من [عاث «2» ] فى عسكرى وأفسد فى هذا القدر كانت عقوبتى له هكذا ليكفّوا عمّا فوقه، ولو أردت قتلهم لقتلتهم فى الحال، وإنما حبستهم وأمرت بإخراج اللصوص من غد مغطين الوجوه ليقال إنّهم أصحاب القثّاء، فقلت: فكيف تعلم العامّة هذا؟ قال: بإخراج القوم الذين أخذوا القثّاء وإطلاقهم فى هذه الساعة، ثم قال: هاتوا القوم، فجاءوا بهم وقد تغيّرت حالهم من الحبس والضرب، فقال:

ما قصّتكم؟ فقصّوا عليه قصّة القثّاء، قال: أفتتوبون من مثل هذا الفعل حتى أطلقكم؟ قالوا: نعم، فأخذ عليهم التوبة وخلع عليهم وأمر بإطلاقهم وردّ أرزاقهم عليهم، فاشتهرت «3» الحكاية وزالت عنه التهمة.

وحكى عبد الله بن عبدون فى كتابه المترجم بكمامة الزهر وصدفة الدرر «4» :

ص: 361

أنّ أحد كبراء دولته ووزرائه كان قد بنى بناء عاليا مشرفا على جيرانه، فلم يعارضه أحد منهم لمكانه من الخليفة، وكان يجلس فيه فنظر يوما إلى دار من دور جيرانه، فرأى جاربة بارعة الجمال فأولع بها، وسأل عنها وإذا هى ابنة أحد التجار، فخطبها «1» من أبيها فامتنع من زواجه- وكان من أهل اليسار، وقال: لا أزوّج ابنتى إلا من تاجر مثلى، فإنّه إن ظلمها قدرت على الانتصاف «2» منه، وأنت إن ظلمتها لم أقدر لها على حيلة، فأرغبه بالأموال وهو يأبى، فلما أيس منه شكى ذلك إلى أحد خواصّه، فقال:

ألف مثقال تقوم لك بهذا الأمر، فقال: والله لو علمت أنى أنفق عليها مائة ألف دينار وأنالها لفعلت، قال له: لا عليك تحضر لى ألف دينار، وأمر بألف دينار فأحضرت فأخذها الرجل، ومشى بها إلى عشرة من العدول، وذكر لهم الأمر وسهّله عليهم، وقال: إنّكم تحيون نفسا قد أشرفت على الهلاك، وقال: إنّه قد بذل لها كذا وكذا من المهر وأعلى لهم، وأبوها إنما هو عاضل لها وإلا فما يمنعه، وقد خطبها مثل فلان فى جلاله قدره، وقد أعطاها صداقا لا يعطى إلا لبنت ملك، ثم هو يتأبى- هل هذا إلا عضل بيّن؟ ولكم ألف مثقال لكل منكم مائة، وتشهدون أنّه زوجها منه على صداق مبلغه كذا وكذا، ورفع قدر الصداق إلى غاية، وقال: إن أباها إذا علم أنّكم قد شهدتم عليه رجع إلى هذا، وليس فيه إلا الخير والعزّ، فأجابوه إلى ذلك وأخذوا الذهب، وشهدوا أن أباها زوّجها منه على صداق كبير، فلما علم أبوها بذلك زاد نفاره، فمشى الوزير إلى القاضى وقال: إنى تزوّجت ابنة فلان على هذا الصداق وهؤلاء الشهود على أبيها، وقد أنكر ذلك، فأمر القاضى بإحضار أبيها فحضر، فشهد الشهود عليه، وأحضر

ص: 362

الوزير مال النقد بين يدى القاضى- والرجل متماد على الإنكار، فحكم القاضى عليه وأمر بحمل المال إليه، وأن تؤخذ ابنته أحبّ أم كره، فأخذت منه ونقلت إلى الوزير، فأعمل أبوها الحيلة فى الوصول إلى المعتضد، وكان المعتضد غليظ الحجاب لا يصل إليه غير الخاصة، فقيل للرجل: إنه يحضر ساعة فى كل يوم لبنيان بنى له بقصره، فإن استطعت أن تكون فى جملة رجال الخدمة فإنّك تصل إليه، فغيّر الرجل شكله ودخل فى جملة رجال الخدمة للبناء، فلما جاء المعتضد ترامى الرجل إلى الأرض ونثر التراب على رأسه، فسأله المعتضد عن شأنه فقصّ عليه القصّة، فأحضر الوزير وأغلظ له فى القول، فحملته هيبة المعتضد على أن ذكر له الواقعة كما وقعت، ثم أحضر الشهود فقالوا كما قال، كل ذلك إجلالا له أن يقعوا فى الكذب بين يديه، وهم يظنّون أنّه لا يؤاخذهم لتمكن ذلك الوزير منه، فلما تبيّن له الأمر أمر أن يصلب كل شاهد منهم على باب داره، وأن يجعل ذلك الوزير فى جلد ثور طرىّ السلخ، ويضرب حتى يختلط عظمه ولحمه بدمه، فصنع به ذلك، ثم أمر أن يفرغ بين يدى نمور كانت عنده، فلعقته تلك النمور، وأمر بتسليم الجارية إلى أبيها، وأن تعطى ما أقرّ الوزير لها به من الصداق من عقار وغيره.

وحكى أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى «1» :

أنّ شيخا من التجار كان له على أحد القوّاد فى أيام المعتضد بالله مال، قال التاجر: فمطلنى «2» وكان يحجبنى إذا حضرت إلى بابه، ويضع غلمانه على الاستخفاف بى والاستطالة علىّ إذا رمت لقاء؟؟؟

وتظلّمت إلى عبيد الله بن سليمان الوزير منه، فما نفعنى ذاك، فعزمت على الظلامة إلى المعتضد بالله، فبينما أنا مترو فى أمرى قال لى بعض أصدقائى:

ص: 363

علىّ أن آخذ لك مالك من غير حاجة إلى ظلامة- فاستبعدت هذا، فقمت معه فجئنا إلى خياط شيخ فى سوق الثلاثاء، يقرأ القرآن فى مسجد هناك ويخيط بأجرة، فقصّ عليه قصّتى وشرح له الصورة «1» ، وسأله أن يقصد القائد ويخاطبه فى الخروج إلىّ من حقّى، وكانت دار القائد قريبة من مسجد الخيّاط، فنهض معنا فلما مشينا خفت بادرة القائد وسطوته، وتصورت أنّ قول الخيّاط لا ينفع مع مثله مع محلّه وبسطته، فتأخرت قلت لصديقى:

قد عرّضنا هذا الشيخ ونفوسنا لمكروه عظيم، وما هو إلا أن يراه غلمانه وقد أوقعوا به، وإن كان لم يقبل أمر الوزير فأولى ألا يقبل منه ولا يفكّر فيه، فضحك وقال: لا عليك، وجئنا إلى باب القائد، فحين رأى غلمانه الخيّاط تلقّوه وأعظموه، وأهووا ليقبّلوا يده، فمنعهم منها، وقالوا: ما جاء بك أيها الشيخ فإنّ قائدنا راكب، فإن كان لك أمر تقدّم بذكره لنا ونحن نخبره به «2» ، وإن أردت الجلوس وانتظاره فالدار بين يديك، فلما سمعت ذلك قويت نفسى ودخلنا وجلسنا، ووافى القائد فلما رآه أكرمه إكراما شديدا، وقال له: لست أنزع ثيابى حتى تأمر بأمرك، فخاطبه فى أمرى «3» ، فقال: والله ما معى إلا خمسة آلاف درهم، فتسأله أن يأخذها ويأخذ رهونا من مراكبى الذهب والفضّة بقيمة ما بقى من ماله لأعطيه إياه بعد شهر، فبادرت أنا إلى الإجابة وأحضر الدراهم والمراكب بقيمة الباقى «4» ، وأشهدت الخيّاط وصديقى: أن الرهن عندى إلى مدة شهر، فإن جاز كنت وكيله فى بيعه وأخذ مالى من تمنه، وخرجنا فلما بلغنا مسجد الخيّاط ودخله طرحت الدراهم بين يديه، وقلت: قد ردّ الله مالى بك وعلى يديك فخذ ما تريده منه على طيب نفس منّى «5» ، فقال:

ص: 364

يا هذا- ما أسرع ما قابلتنى بالقبيح على الجميل، انصرف بمالك بارك الله لك فيه، قلت: قد بقيت لى حاجة، قال: ما هى «1» ؟ قلت: أحبّ أن تخبرنى عن سبب طاعة هذا القائد لك، مع إقلاله الفكر بأكابر الدولة، فقال: قد بلغت غرضك فلا تقطعنى عن شغلى بحديث لا فائدة لك فيه، فألححت عليه فقال: أنا رجل أقرأ وأؤم وأقرئ فى هذا المسجد منذ أربعين سنة، لا أعرف كسبا إلا من الخياطة، وكنت صلّيت المغرب منذ مدة وخرجت أريد منزلى، فاجتزت على تركى كان فى هذه الدار، وأومأ إلى دار بالقرب منه، وإذا امرأة جميلة الوجه قد اجتازت عليه، فعلق بها وهو سكران وطالبها بالدخول إلى داره، وهى تمتنع وتستغيث وتقول فى جملة كلامها: إنّ زوجى قد حلف بالطلاق لا أبيت عنه، وإن أخذنى هذا وغصبنى وبيّتنى عن منزلى خرب بيتى ولحقنى من العار ما لا تدحضه «2» الأيام عنى، وما أحد يغيثها ولا يمنع منها، فجئت إلى التركى ورفقت به فى أن يخلى عنها فلم يفعل، وضرب رأسى بدبّوس كان فى يده فشجّه، وأدخل المرأة، فصرت إلى منزلى وغسلت الدم عن وجهى وشددت رأسى، وخرجت لصلاة العشاء الآخرة، فلما فرغنا منها قلت لمن حضر: قوموا معى إلى هذا التركى عدو الله، لننكر عليه ونخرج المرأة من عنده، فقاموا فجئنا وصحنا على بابه، فخرج إلينا فى عدة من غلمانه فأوقع بنا، وقصدنى من بين الجماعة بالضرب الشديد الذى كاد يتلفنى، وحملت إلى منزلى وأنا لا أعقل أمرى، فنمت قليلا للوجع ثم طار النوم عن عينى، وسهرت متقلّبا على فراشى ومفكرا فى أمر المرأة، فإنّها متى أصبحت طلّقت، ثم قلت: هذا رجل شرب طول ليلته ولا يعرف الأوقات، فلو أذّنت لوقع له أن الفجر قد طلع، فربما أخرج المرأة فمضت إلى بيتها وبقيت فى حبال زوجها، فتكون قد

ص: 365

تخلّصت من أحد المكروهين، فخرجت متحاملا الى المسجد وصعدت المنارة وأذّنت، وجلست أطّلع إلى الطريق فأرتقب خروج المرأة من الدار «1» ، فما مضت ساعة حتى امتلأ الشارع خيلا ورجلا ومشاعل، وهم يقولون من ذا الذى أذّن؟ ففزعت وسكتّ ثم قلت أخاطبهم وأصدقهم عن أمرى لعلّهم يعينوننى على خروج المرأة، فصحت من المنارة: أنا أذّنت، فقالوا: أنزل وأجب أمير المؤمنين، فنزلت ومضيت معهم فإذا هم غلمان بدر، فأدخلنى على المعتضد بالله فلما رأيته هبته وأخذتنى رعدة شديدة فقال لى: اسكن- ما حملك على الآذان فى غير وقته؟ وأن تغرّ الناس فيخرج ذو الحاجة فى غير حينه، ويمسك المريد للصوم وقت قد أبيح له الأكل والشرب، قلت:

يؤمّننى أمير المؤمنين لأصدقه، قال: أنت آمن، فقصصت عليه قصة التركى، وأريته الآثار التى فى رأسى ووجهى، فقال: يا بدر- علىّ بالغلام والمرأة، فجىء بهما فسألهما المعتضد عن أمرها فذكرت له مثل ما ذكرت له، فأمر بإنفاذها إلى زوجها مع ثقة يدخلها دارها، ويشرح له خبرها، ويأمره «2» بالتمسك بها والإحسان إليها ثم استدعانى فوقفت بين يديه وجعل يخاطب الغلام ويسمعنى، ويقول له: كم رزقك؟ وكم عطاؤك؟ فيقول كذا وكذا «3» قال: فما كان لك فى هذه النعمة وفى هذه السعة وفى هؤلاء الجوارى ما يكفيك ويكفك عن محارم الله؟ وخرق سياسة السلطان والجرأة عليه؟ وما كان عذرك فى الوثوب بمن أمرك بالمعروف ونهاك عن المنكر «4» ؟

فأسقط فى يد الغلام ولم يكن له جواب يورده، ثم قال: يحضر جوالق ومداق الجص وقيود وغل. فأحضر جميع ذلك فقّيده وغلّه وأدخله

ص: 366

الجوالق، وأمر فدقّوه بمداق الجص وهو يصيح إلى أن خفت صوته وانقطع حسّه، وأمر به فطرح إلى دجلة وتقدم إلى بدر بتحويل ما فى داره، ثم قال لى:- وقد شاهدت ذلك كله- متى رأيت يا شيخ منكرا كبيرا أو صغيرا فأنكره ولو على هذا- وأشار «1» إلى بدر، ومن تقاعس عن القبول منك فالعلامة بيينا أن تؤذن فى مثل هذا الوقت لأسمع صوتك وأستدعيك، قال الشيخ: فدعوت له وانصرفت، وشاع الخبر بين «2» الجند والغلمان، فما سألت أحدا منهم بعدها إنصافا أو كفا عن قبيح إلا أطاعتى فما رأيت خوفا من المعتضد، وما احتجت أن أؤذّن فى مثل ذلك الوقت إلى الآن.

وحكى أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى أيضا بسند رفعه إلى أبى بكر بن حورى- وكان يصحب أبا عبد الله بن أبى عوف قال «3» كنت ألزم ابن أبى عوف سنين «4» بيننا جوار ومودة «5» ، وكان رسمى كل ليلة أن أجىء بعد العتمة، فحين يرانى يمد رجله فى حجرى فأغمزها، وأحادثه ويسألنى عن الحوادث ببغداد وكتب استقربها له، فإذا أراد أن ينام قبض رجله فقمت إلى بيتى، وقد مضى ثلث الليل أو نصفه أو أقل «6» ، فلما كان ذات يوم جاءنى رجل كان يعاملنى، فقال: قد دفعت إلى أمر إن تمّ علىّ افتقرت، قلت وما هو؟ قال: رجل كنت أعامله فاجتمع لى عليه ألف دينار، فطالبته فرهننى عقد جوهر قوّم بألف دينار إلى أن يفتكه بعد شهور أو أبيعه، وأذن لى فى ذلك، فلما كان أمس وجّه يونس «7» صاحب الشرطة

ص: 367

من كبس دكانى، وفتح صندوقى وأخذ العقد، فقلت: أنا أخاطب ابن أبى عوف فيلزمه بردّه، قال: وأنا مدلّ بابن أبى عوف لمكانى منه ومكانته من المعتضد، فلما كانت تلك الليلة جئته وحادثته على رسمى، وذكرت له فى جملة حديثى حديث العقد، فلما سمع نحّى رجله من حجرى وقال: مالى ولهذا!! أعادى خادما صاحب شرطة الخليفة؟! فورد علىّ أمر عظيم وخرجت من بيته ألا أعود، فلما صلّيت العتمة من الليلة المقبلة جاءنى خادم لابن أبى عوف، وقال: يقول لك لم تأخرت الليلة؟ إن كنت مشتكيا جئناك، فاستحييت وقلت أمضى الليلة، فلما رآنى مدّ رجله وأقبلت أحدّثه بحديث متكلف، فصبر على ساعة ثم قبض رجله فقمت، فقال: يا أبا بكر انظر أى شىء تحت المصلّى فخذه، فرفعت المصلّى فإذا برقعة فأخذتها، وتقدمت إلى الشمعة فإذا فيها: يا يونس جسرت على قصد دكّان رجل تاجر، وفتحت صندوقه وأخذت منه عقد جوهر- وأنا فى الدنيا، والله لولا أنّها أول غلطة غلطتها ما جرى فى ذلك مناظرة، اركب بنفسك إلى دكّان الرجل حتى تردّ العقد فى الصندوق بيدك ظاهرا، فقلت لأبى عبد الله: ما هذا؟ فقال: خط المعتضد- مثلث بين وجدك وبين يونس فاخترتك عليه، فأخذت خط أمير المؤمنين بما تراه، وامض وأرسله إليه، فقبّلت رأسه وجئت إلى الرجل، فأخذت بيده ومضينا إلى يونس وسلّمت التوقيع إليه، فلما رآه أسودّ وجهه وارتعد، حتى سقطت الرقعة من يده، ثم قال: يا هذا- الله بينى وبينك- هذا شىء ما علمت به، فألا تظلّمتم فإن لم أنصفكم فإلى الوزير- بلغتم الأمر أمير المؤمنين من أول وهلة! [قال] «1» فقلت: بعملك جرى والعقد معك فأحضره، فقال: خذ الألف دينار التى عليه، واكتبوا على الرجل ببطلان ما ادعاه، فقلت: لا نفعل، فقال:

ألف وخمسمائة، فقلت: والله لا نرضى حتى تركب بنفسك إلى الدكان فتردّ

ص: 368

العقد، فركب وردّ العقد إلى مكانه.

وحكى عبد الرحمن أبو الفرج بن الجوزى «1» أيضا بسند رفعه إلى أبى محمد عبد الله بن حمدون «2» قال:

قال لى المعتضد ليلة- وقد قدّم له العشاء- لقّمنى، وكان الذى قدّم فراريج ودراريج، فلقّمته من صدر فرّوج، قال: لا، لقّمنى من فخده فلقّمته لقما، ثم قال: هات من الدراريج فلقّمته من أفخاذها، فقال:

ويلك- هوذا أتتنادر علىّ، هات من صدورها، فقلت: يا مولاى ركبت القياس، فضحك، فقلت: إلى كم أضحكك ولا تضحكنى، فقال: شل المطرح وخذ ما تحته، قال: فشلته فإذا دينار واحد، فقلت آخذ هذا؟ قال: نعم، فقلت: بالله هوذا تتنادر أنت الساعة علىّ، خليفة يجيز «3» نديمه بدينار!! فقال: ويلك- لا أجد لك فى بيت المال حقا أكثر من هذا، ولا تسمح نفسى أن أعطيك من مالى شيئا، ولكن هوذا احتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار، فقبّلت يده فقال: إذا كان غدا وجاء القاسم- يعنى ابن عبيد الله- فهوذا أسارّك حتى تقع عينى عليه سرارا طويلا، ألتفت فيه إليه كالمغضب وانظر أنت إليه فى خلال ذلك كالمخالس لى نظر المترثى، فإذا انقطع السرار فاخرج ولا تبرح من الدهاليز، فإذا خرج خاطبك بجميل وأخذك إلى دعوته وسألك عن حالك، فاشك الفقر والخلّة وقلّة حظّك معى وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك واطلب كل ما تقع عليه عينك، فإنّه لا يمنعك حتى تستوفى خمسة آلاف دينار، فإذا أخذتها فسيسألك عما جرى فاصدقه وإياك أن تكذبه، وعرّفه أن ذلك حيلة منّى عليه حتى وصل إليك هذا وحدّثه بالحديث كله على

ص: 369

شرحه، وليكن إخبارك إياه بذلك بعد امتناع شديد، وإحلاف لك منه بالطلاق والعتاق أن تصدقه وبعد أن تخرج من داره كل ما يعطيك إياه ويصير فى بيتك. قال: فلما كان من غد حضر القاسم فحين رآه بدأ يساررنى، وفعل وفعلت كما تقرّر، ثم خرجت فإذا القاسم فى الدهليز ينتظرنى، فقال:

يا أبا محمد- ما هذا الجفاء! لا تجيئنى ولا تزورنى ولا تسألنى حاجة! فاعتذرت إليه باتصال الخدمة علىّ، فقال: لا يقنعنى إلا أن تزورنى اليوم ونتفرج، فقلت: أنا خادم الوزير- فأخذنى إلى طيّارة وجعل يسألنى عن حالى وأخبارى فأشكو إليه الخلة والإضافة والبنات وجفاء الخليفة وإمساكه يده، فيسترجع ويقول: يا هذا مالى لك ولم تضيّق عليك ما يتسع علىّ؟ أو تتجاوز نعمة خلصت لى؟ أو يتخطّاك حظ نازل [فى فنائى]«1» ؟ ولو عرّفتنى لعاونتك على إزالة هذا كله فشكرته، وبلغنا داره فصعد ولم ينظر فى شىء، وقال: هذا يوم أحتاج أن أختص فيه بالسرور بأبى محمد، ولا يقطعنى أحد عنه، وأمر كتابه بالتشاغل بالأعمال، وخلّانى فى دار الخلوة وجعل يجادثنى ويبسطنى، وقدّمت الفاكهة فجعل يلقمنى بيده، وجاء الطعام وكانت هذه سبيله، ووقّع لى بثلاثة آلاف دينار فأخذتها للوقت، وأحضر لى ثيابا وطيبا ومركوبا فأخذت ذلك، وكان بين يدىّ صينيّة فضّة فيها مغسل فضّة فأخذتها، وخرداذى «2» بللور وكوز وقدح بللور فأمر بحمله إلى طيّارى، وأقبلت كلما رأيت شيئا حسنا له قيمة طلبته. فحمل إلىّ فرشا «3» وقال:

هذا للبنات، فلما تقوّض المجلس خلا بى وقال لى: يا أبا محمد- أنت عالم بحقوق أبى عليك ومودّتى لك، فقلت: أنا خادم الوزير، فقال: أريد أن أسالك عن شىء وتحلف لى أنك تصدقنى عنه، فقلت: السمع

ص: 370

والطاعة- فأحلفنى بالله وبالطلاق وبالعتاق على الصدق، ثم قال: بأى شىء سارّك الخليفة اليوم فى أمرى؟ فصدقته عن كل ما جرى حرفا بحرف، فقال: فرّجت عنّى، ولكون هذا هكذا مع سلامة نيّته لى أسهل علىّ فشكرته وودّعته وانصرفت إلى منزلى «1» ، فلما كان من غد بكرت إلى المعتضد فقال: هات حديثك فسقته عليه، فقال: احفظ الدنانير ولا يقع لك أنّى أعمل مثلها معك بسرعة.

وحكى عبد الرحمن أبو الفرج بن الجوزى أيضا بسند رفعه إلى إسماعيل ابن إسحاق القاضى «2» قال:

دخلت على المعتضد بالله وعلى رأسه أحداث روم صباح الوجوه، فنظرت إليهم فرآنى المعتضد بالله «3» ، فلما أردت القيام أشار إلىّ فمكثت ساعة، فلما خلا بى قال: أيها القاضى- والله ما حللت سراويلى على حرام قط.

وحكى أيضا بسند رفعه إلى أبى محمد الحسن بن محمد الطلحى قال «4» :

حدّثنى أحد خدم المعتضد المختص «5» بخدمته، قال: كنّا حوالى سرير المعتضد ذات يوم نصف النهار وقد نام بعد أن أكل، وكان رسمنا أن نكون حول سريره أوقات منامه من ليل أو نهار، فانتبه منزعجا وقال:

يا خدم- فأسرعنا الجواب، فقال: ويلكم أغيثونى والحقوا الشط، وأول ملاح ترونه منحدرا فى سفينة فارغة فاقبضوا عليه، وجيئونى به ووكلوا بسفينته، فأسرعنا فوجدنا ملاحا فى سميرية منحدرا- وهى فارغة- فقبضنا عليه، ووكلنا بسميريّته وأصعدناه إليه، فحين رآه الملاح تلف «6» ، فصاح

ص: 371

عليه صيحة عظيمة كادت روحه تخرج معها، وقال: اصدقنى يا ملعون عن قصّتك مع المرأة التى قتلتها اليوم وإلا ضربت عنقك، قال: فتلعثم وقال:

نعم، كنت اليوم من سحر فى مشرعتى فنزلت امرأة «1» وعليها ثياب فاخرة وحلى كثير وجوهر، فطمعت فيها فاحتلت عليها حتى سددت فاها وغرّقتها، وأخذت جميع ما كان عليها، ولم أجسر على حمل سلبها إلى بيتى كيلا يفشو الخبر، فعملت على الهرب وانحدرت الساعة لأمضى إلى واسط، فعلقنى هؤلاء الخدم وحملونى «2» ، فقال له: أين الحلى والسلب؟ قال:

فى «3» السفينة تحت البوارى، فقال المعتضد للخدم: جيئونى به، فمضوا «4» وأحضروه، فقال: خذوا الملّاح فغرّقوه ففعلوا، ثم أمر أن ينادى ببغداد على امرأة خرجت إلى المشرعة الفلانيّة سحرا وعليها الثياب والحلى فليحضر من يعرفها، ويعطى صفة ما كان عليها ويأخذه فقد تلفت المرأة، فحضر فى اليوم الثانى أو الثالث أهل المرأة، وأعطوا صفة ما كان عليها فسلّم ذلك إليهم، قال: فقلنا يا مولانا أوحى إليك، فقال: رأيت فى منامى كأنّ رجلا شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب وهو ينادى بالأخذ لأوّل «5» ملّاح ينحدر الساعة فاقبض عليه، وقرّره عن خبر امرأة قتلها اليوم وسلبها، وأقم عليه الحدّ- فكان ما شاهدتم.

وكان المعتضد بالله رحمه الله شجاعا مقداما، فما حكى عن شجاعته ما حكاه أبو الفرج بسند رفعه إلى خفيف السمرقندى قال «6» :

كنت مع مولاى المعتضد فى بعض متصيّداته، وقد انقطع عن العسكر وليس معه غيرى، فخرج علينا أسد فقصدنا، فقال لى المعتضد:

ص: 372

يا خفيف «1» - أفيك خير؟ فقلت: لا يا مولاى، قال: ولا حتى تمسك فرسى وأنزل أنا إلى الأسد، فقلت: بلى، فنزل وأعطانى فرسه وشدّ أطراف ثيابه فى منطقته، واستلّ السيف ورمى بالقراب إلىّ، فأقبل يمشى إلى الأسد، فحين قرب منه وثب الأسد عليه فتلقّاه المعتضد فضربه، فإذا يده طارت فتشاغل الأسد بالضربة، فغشيه «2»

بأخرى ففلق هامته فخرّ صريعا، فدنا منه- وقد تلف- فمسح السيف فى صوفه، فرجع إلىّ فأغمد السيف وركب، ثم عدنا إلى العسكر «3» ، فإلى أن مات ما سمعته تحدّث بحديث الأسد، ولا علمت أنّه لفظ منه «4» بلفظة، فلم أدر من أى شىء أعجب:

من شجاعته وشدته أو من قلة احتفاله بما صنع حتى كتمه أو من عفوه عنّى، فما عاتبنى على ضنّى بنفسى.

وكان رحمه الله حسن الفراسة صادقا، فمن ذلك ما حكاه خفيف السمرقندى قال «5» :

كنت واقفا بحضرة المعتضد إذ دخل بدر وهو يبكى، وقد ارتفع الصراخ من دار عبيد الله بن سليمان الوزير عند موته، فأعلم المعتضد بالله الخبر، فقال: أو قد صحّ الخبر؟ أو هى غشية؟ قال: بل توفى وشدّ لحينه، فرأيت المعتضد بالله وقد سجد فأطال السجود، فلما رفع رأسه قال له بدر: والله يا أمير المؤمنين لقد كان صحيح الموالاة مجتهدا فى خدمتك عفيفا عن الأموال، قال: يا بدر- أظننت أنى سجدت سرورا بموته؟ إنما سجدت شكرا لله عز وجل إذ وفّقنى فلم أصرفه ولم أوحشه، ورفّهت على ورثته ما خلفه لهم من كسبه معى ما يجاوز قيمته ألفى ألف دينار، وقد كنت

ص: 373

عزمت على أخذ ذلك منهم، وأن استوزر أحد الرجلين: إما جرادة- وهو أقوى الرجلين فى نفسى لهيبته فى قلوب الجيش، والآخر أحمد بن محمد بن الفرات وهو أعرف بمواقع الأموال، فقال له بدر: يا مولاى- غرست غرسا حتى إذا أثمر قلعته، أنت ربّيت القاسم وقد ألف خدمتك عشر سنين، وعرف ما يرضى حاشيتك، وجرادة رجل متكبّر ويخرج من الجيش جائعا وابن الفرات لا هيبة له فى النفوس، وإنما يصلح أن يكون بحضرة وزير ليحفظ المال، ومال القاسم وورثته لك أى وقت أردته أخذته، فراجعه المعتضد وبيّن له فساد هذا الرأى، فعدل عن المناظرة إلى تقبيل الأرض مرّات، فقال له المعتضد: قد أجبتك فامض إلى القاسم فعزّه بأبيه، وبشّره بتقرير رأيى على استيزاره، وليسلو عن مصابه، ومره بالبكور إلى الجامع، قال خفيف: فولّى بدر وخرجت معه فدعانى المعتضد [فعدت]«1» ، فقال: أرأيت ما جرى؟ قلت: نعم، قال: والله ليقتلنّ بدرا القاسم «2» - وكان الأمر كذلك، قتله فى خلافة المكتفى بالله على ما نذكره إن شاء الله، فقال خفيف: رحم الله المعتضد كأنّه نظر إلى هذا من وراء ستر.

وكان المعتضد رحمه الله جيد الشعر، فمن شعره ما قاله عند موت جارية كان يحبها وتحبه غاية المحبة، فلما «3» ماتت جزع لموتها جزعا منعه عن الطعام والشراب فقال «4» :

يا حبيبا لم يكن يع

دله عندى حبيب

ص: 374

أنت عن عينى بعيد

ومن القلب قريب

ليس لى بعدك فى شى

ء من اللهو نصيب

لك من قلبى على قل

بى وإن بنت رقيب

وخيالى منك مذغب

ت خيال لا يغيب

لو ترانى كيف لى بع

دك عول ونحيب

وفؤادى حشوه من

حرق الحزن لهيب

لتيقّنت بأنّى

بك محزون كئيب

ما أرى نفسى وإن طبّ

بتها «1» عنك تطيب

لى دمع ليس يعصي

نى وصبرء ما يجيب

وقال أيضا:

لم أبك للدار ولكن بما

قد كان فيها مرّة ساكنا

فخاننى الدهر بفقدانه

وكنت من قبل له آمنا

ودّعت صبرى يوم «2» توديعه

وبان «3» قلبى معه ظاعنا

فقال له عبيد الله بن سليمان: يا أمير المؤمنين- مثلك تهون عليه المصائب، لأنه يجد من كل فقيد خلفا، ويقدر على ما يريد، والعوض منك لا يوجد، فلا ابتلى الله الإسلام بفقدك، وعمّره ببقائك. وقد قال الشاعر فى المعنى الذى ذكرته.

يبكى علينا ولا نبكى على أحد

ونحن «4» أغلظ أكبادا من الإبل

فضحك المعتضد وعاد إلى عادته.

وقال عبد الله بن المعتز يعزى المعتضد عن هذه الجارية:

ص: 375

يا إمام الهدى بنا لا بك اله

مّ «1» وأفنيتنا وعشت سليما

أنت علّمتنا على النعم الشك

ر وعند المصائب التسليما

فاسل عمّا مضى فإنّ التى كا

نت سرورا صارت ثوابا عظيما

قد رضينا بأن تموت وتحيا

إنّ عندى فى ذاك خطا جسيما

من يمت طائعا لديك فقد أع

طى نورا ومات موتا كريما

وأخبار المعتضد بالله كثيرة، قد أشرنا إلى ما فيه كفاية.

وكان له من الأولاد على- وهو المكتفى بالله، وجعفر- وهو المقتدر بالله، وهارون، ومحمد- وهو القاهر بالله، ومن البنات إحدى عشرة وقيل تسع.

عشرة «2» .

وكان نقش خاتمه: الاضطرار يزيل الاختيار. ووزراؤه: عبيد الله ابن سليمان بن وهب ثم ابنه القاسم بن عبيد الله. قضاته: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل «3» بن حماد بن زيد، ثم أبو العباس أحمد بن محمد «4» البرتى، ثم أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز السكّونى، ثم يوسف بن يعقوب «5» بن إسماعيل بن حماد بن زيد، ثم على بن أبى الشوارب، ثم أبو

ص: 376

عمر «1» محمد بن يوسف بن يعقوب «2» . حاجبه: صالح الأمير.

الأمراء بمصر: خمارويه بن أحمد بن طولون، ثم ابنه جيش بن خمارويه، ثم هارون بن خمارويه. القضاة بها: أبو عبدة إلى أن خلع جيش ابن خمارويه فاستتر فى داره، وولى بعده أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقى من قبل هارون بن خمارويه.

(نهاية الجزء العشرين بتجزئة المؤلف)

ص: 377