الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر البيعة للمعتز بالله
هو أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور، وأمه أم ولد اسمها قبيحة، وهو الثالث عشر من الخلفاء العباسيين، بويع له البيعة الأولى فى هذه السنة ثم بويع له البيعة العامة ببغداد لأربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين، بعد خلع المستعين على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال: وكان سبب البيعة له أن المستعين لما استقر ببغداد أتاه جماعة من قواد الأتراك، ودخلوا عليه وألقوا نفوسهم بين يديه، وجعلوا مناطقهم فى أعناقهم وسألوه الصفح عنهم، فوبخهم وسبّهم ثم عادوا سألوه وتضرّعوا له، فقال: قد رضيت عنكم وعفوت، فقال له أحدهم- واسمه بايكباك «1» -: إن كنت قد رضيت فقم فاركب معنا إلى سامرا، فإن الأتراك ينتظرونك، فأمر محمد بن عبد الله بعض أصحابه فضربه، وقال له محمد: هكذا يقال لأمير المؤمنين- قم فاركب معنا!! فضحك المستعين وقال: هؤلاء قوم عجم لا يعرفون حدود الكلام، ثم قال لهم المستعين:
ارجعوا إلى سامرا فإنّ أرزاقكم دارّة عليكم، وأنظر أنا فى أمرى فرجعوا آيسين منه، وأغضبهم ما كان من محمد بن عبد الله، وأخبروا من وراءهم خبرهم وزادوا وحرّفوا فأجمعوا على إخراج المعتز وكان هو والمؤيد فى حبس «2» الجوسق، وعليهم من يحفظهم، فأخرجوا المعتز من الحبس وأخذوا من شعره- وكان قد كثر، وبايعوا له بالخلافة، فأمر للناس برزق عشرة أشهر للبيعة، فلم يوف المال فأعطوا شهرين لقلة المال عندهم، وكان المستعين خلّف بسامرا فى بيت المال خمسمائة ألف دينار، وفى بيت مال أم
المستعين ما قيمته ألف ألف دينار، وفى بيت مال العباس بن المستعين ستمائة ألف دينار، قال: وكان فيمن أحضر للبيعة أبو أحمد بن الرشيد وبه النقرس، فجىء به فى محفّة فامتنع من البيعة، وقال للمعتز: خرجت إلينا طائعا فخلعتها، وزعمت أنك لا تقوم بها، فقال المعتز: أكرهت على ذلك وخفت السيف، فقال: ما علمنا بإكراهك، وقد بايعنا هذا الرجل فتريد أن نطلّق «1» نساءنا ونخرج من أموالنا؟! ولا ندرى ما يكون، إن تركتنى حتى يجتمع الناس وإلا فهذا السيف، فتركه المعتز، وكان ممّن بايع إبراهيم بن الديرج وعتّاب بن عتّاب، فأما عتاب فهرب إلى بغداد، وأما الديرج فأقر على الشرطة واستعمل على الدواوين وبيت المال وعلى الكتابة وغير ذلك.
قال: ولما وصل خبر بيعة المعتز إلى محمد بن عبد الله أمر بقطع الميرة عن أهل سامرا، وكتب إلى مالك بن طوق فى المسير إلى بغداد هو وأهل بيته وجنده، وكتب إلى نجوبة «2» بن قيس وهو على الأنبار فى الاحتشاد والجمع، وإلى سليمان بن عمران الموصلى فى منع السفن والميرة عن سامرا، وأمر المستعين محمد بن عبد الله بتحصين بغداد، فتقدم فى ذلك فأدير عليها السور، وأمر بحفر الخنادق من الجانبين، وجعل على كل باب قائدا، فبلغت النفقة على ذلك ثلاثمائة ألف وثلاثين ألف دينار، ونصبت المجانيق والعرّادات على الأبواب وشحن الأسوار، وفرض فرضا للعيارين ببغداد وجعل عليهم عريفا، وعمل لهم تراسا من البوارى المقيّرة، وأعطاهم المخالى ليجعلوا فيها الحجارة للرمى، وفرض أيضا لقوم من خراسان قدموا حجاجا، وكتب المستعين إلى عمال الخراج بكل بلد وموضع أن يحملوا الخراج