المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الجزء الثاني والثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌تقديم الحمد لله رب العالمين، والصلاة - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر]

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعمائة للهجرة النبوية بيوم الأربعاء فى هذه السنة

- ‌ذكر توجه العساكر إلى الصعيد للإيقاع بالعربان

- ‌وفى هذه السنة رسم بتوجهى إلى دمشق المحروسة

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد [1]

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة [1] تقى الدين ابن دقيق العيد وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة

- ‌ففوض قضاء القضاة بالشام لقاضى القضاة

- ‌وفى هذه السنة ظهر بنيل مصر دابة عجيبة

- ‌ذكر وصول غازان ملك التتار إلى الرحبة [6]

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر من الديار المصرية

- ‌ذكر خبر المصاف وهزيمة التتار

- ‌وحسبنا الله ونعم الوكيل

- ‌ذكر حدوث الزلزلة

- ‌ذكر وفاة الأمير زين الدين كتبغا المنصورى وهو الملك العادل [4]

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌ذكر الجلوس بالمدرسة الناصرية [1] والقبة وأوقاف ذلك وشروطه

- ‌أمّا القبّة فإنه وقفها للقرّاء بها، وشيخ الحديث

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى بلاد سيس [1]

- ‌ذكر وفاة الشيخ زين الدين الفارقى وما اتفق بسبب مناصبه بدمشق

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعمائة

- ‌ذكر عمارة الجامع الحاكمى بالقاهرة وما رتّب فيه من الدروس والطوائف

- ‌ذكر ما وقع فى هذه السنة بدمشق من الحوادث والولايات

- ‌وفى هذه السنة توفى السيد الشريف

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعمائة

- ‌ذكر الإغارة على بلاد سيس [4] وأسر الأمراء

- ‌ذكر توجه العساكر الشامية إلى بلاد الكسروان [1] وإبادة من بها وتمهيدها

- ‌ذكر حادثة الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية

- ‌وفيها فى العشر الأوسط من ذى الحجة

- ‌واستهلت سنة ست وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة عادت رسل السلطان

- ‌ذكر حادثه غريبة

- ‌واستهلت سنة سبع وسبع مائة

- ‌ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الناصر والأمراء

- ‌ذكر الاهتمام بقصد اليمن والاحتفال لذلك وتعيين العساكر المجردة إليه وتأخير ذلك وإرسال الرسل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين بيبغا المعروف

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة يسفر صباحها

- ‌وتوفى فى دمشق [46] الأمير علاء الدين مغلطاى

- ‌وتوفى الأمير ركن الدين بيبرس العجمى الجمدار

- ‌وتوفى بدمشق أيضا الأمير فارس [2] الدين

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعمائة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك

- ‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة السبت ثانى المحرم

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعمائة

- ‌ذكر ما كان من أمر النيل فى هذه السنة

- ‌ذكر اضطراب أمر الملك المظفر ركن الدين

- ‌ذكر خلع الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الناصر

- ‌وكان أيضا قد وصل إلى السلطان كتابه

- ‌وكان كتاب الملك المظفر قد وصل إلى سائر

- ‌ولما استقل ركاب السلطان بغزة

- ‌ذكر استعادة ما أخذه الملك المظفر بيبرس

- ‌ذكر ما رتبه السلطان [57] وقرره من النواب

- ‌ذكر القبض على المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة أمر السلطان بالقبض

- ‌واستهلت سنة عشر وسبعمائة

- ‌ذكر الاستبدال بقاضى القضاة الشافعى والحنفى بالديار المصرية

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين سلار ووفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحموية للأمير عماد الدين إسماعيل وانتقال الأمير سيف الدين أسدمر إلى حلب

- ‌وفى شهر ربيع الأول قبض على الأمير فخر الدين إياز

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب

- ‌ذكر تفويض الوزارة بدمشق للرئيس عز الدين حمزة بن القلانسى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين أسندمر

- ‌ذكر حادثة الأميرين مظفر الدين موسى ابن الملك الصالح. وسيف الدين بتخاص والقبض عليهما

- ‌وفى سنة عشر وسبعمائة

- ‌واستهلت سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر انتقال الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين بكتمر

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل

- ‌ذكر عدة حوادث بالشام فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر عزل الصاحب عز الدين بن القلانسى عن وزارة الشام وانتداب أعدائه لمرافعته وخلاصه

- ‌ذكر طلب أعيان دمشق وما قرر عليهم من استخدام الخيالة وما وقع بسبب ذلك من الفتن [5]

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين كراى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر مفارقة الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ولما اتصل بالأبواب السلطانية أظهر قراسنقر العصيان

- ‌ولما وصلت كتبه إلى الأمراء كنت يومئذ بطرابلس

- ‌وأما الأمراء الذين توجهوا إلى خربندا

- ‌نعود إلى سياقة الأخبار فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌وتوفى تاج الدين عبد الرحمن المعروف بالطويل [3]

- ‌واستهلت سنة ثنتى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس العلائى نائب السلطنة بحمص ومن يذكر من الأمراء بدمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار

- ‌ذكر تفويض [77] نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر تفويض السلطنة بالباب الشريف للأمير سيف الدين أرغن

- ‌وفى جمادى الأولى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة أيضا

- ‌وفى هذه السنة حصل انفصالى [2]

- ‌ذكر عرض العساكر [78] والنفقة فيها وتجريدها وتوجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ تاج الدين عبد الرحيم

- ‌وتوفى القاضى نور الدين أحمد بن الشيخ

- ‌واستهلت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة كملت عمارة الميدان

- ‌ذكر تفويض نيابة دار العدل وشد الأوقاف للأمير بدر الدين محمد بن الوزيرى

- ‌ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة وترتيب الأمير بدر الدين بن التركمانى فى الشد

- ‌ذكر روك [1] الإقطاعات بالشام

- ‌ذكر تجريد جماعة من الأمراء إلى مكة

- ‌وفى هذه السنة رسم السلطان أن يساق الماء

- ‌واستهلت سنة أربع [83] عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين سودى [6] نائب السلطنة بحلب وتفويض نيابة السلطنة بها للأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب

- ‌ذكر عزل الأمير [85] سيف الدين بلبان طرناه

- ‌واستهلت سنة خمس عشرة وسبعمائة. ذكر إرسال العسكر إلى ملطيّة صحبة الأمير سيف الدين تنكر وفتحها

- ‌وأما ملطية فإنه بعد أن عادت العساكر منها

- ‌ذكر القبض على من يذكر [88] من الأمراء بالديار بالمصرية

- ‌وفى يوم السبت العاشر من الشهر المذكور

- ‌ذكر القبض على الأميرين سيف الدين تمر الساقى [5]

- ‌وفى مستهل شهر ربيع الآخر رسم السلطان بالإفراج

- ‌ذكر وصول السيد الشريف أسد الدين رميثة إلى الأبواب السلطانية وتجريد العسكر معه إلى الحجاز الشريف

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير جمال الدين آقش الأفرمى

- ‌وفى أول شعبان من هذه السنة توجّهت

- ‌وفى هذه السنة فى ثالث شوال ضربت عنق

- ‌ذكر ما أمر السلطان بإبطاله من المكوس والمظالم وما أسقطه من أرباب الوظائف

- ‌وفى سنة خمس عشرة وسبعمائة توفى الشيخ العالم

- ‌وتوفى الصدر الرئيس شرف الدين أبو عبد الله

- ‌وتوفى الشيخ العالم صفى الدين محمد

- ‌وتوفى قاضى القضاة تقى الدين أبو الفضل

- ‌واستهلت سنة [93] ست عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوّض قضاة القضاء الحنابلة

- ‌ذكر حادثة السيول والأمطار [3] ببلاد الشام وما أثر [4] ما وقع من العجائب التى لم تعهد

- ‌ذكر تفويض إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين كستاى [3]

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى النوبة وملك عبد الله برشنبوا [4] النوبة، ومقتله

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى العرب ببرية عيذاب [4] ودخوله إلى بلاد هلنكة [5] وغيرها وعوده

- ‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب وإرساله إلى نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الصفدية

- ‌وفى هذه السنة توجه الأمير سيف الدين أرغن

- ‌واستهلت سنة سبع عشرة وسبعمائة بالأربعاء

- ‌ذكر حادثه السيل ببعلبك

- ‌ذكر حادثة الهواء بالبلاد الحلبية وما حصل بسببه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام، ووصوله إلى الكرك، وإفراجه عمن يذكر من الأمراء، وعوده

- ‌ذكر خبر النيل المبارك فى هذه السنة

- ‌ذكر إفراد مصر عن قاضى الحنفية [3]

- ‌ذكر [5] عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك [5] ووصول رسله

- ‌ذكر روك المملكة الطرابلسية وما يتصل بذلك [1] من إبطال الجهات المنكرة بها وأخبار النصيرية [2]

- ‌فلذلك رسم بالأمر الشريف العالى المولوى

- ‌ذكر ظهور رجل ادعى أنه محمد بن الحسن المهدى وقتله

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الخميس التاسع

- ‌وتوفى القاضى الرئيس الفاضل شرف الدين

- ‌وتوفى فى آخر الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس

- ‌واستهلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لتاسع برمهات

- ‌ذكر إرسال الصاحب أمين الدين إلى نظر المملكة الطرابلسية

- ‌ذكر عزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن وظيفة الشاد بالديار المصرية

- ‌ذكر إرسال الأمير سيف الدين طغاى نيابة السلطنة بالملكة الصفدية، والقبض عليه ووفاته

- ‌ذكر إنشاء الجامع بقلعة الجبل

- ‌ذكر وثوب الأمير عز الدين حميضة بن أبى [2] نمى بمكة شرفها الله تعالى وإخراج أخيه الأمير أسد الدين رميثة منها

- ‌ذكر حادثة الريح بالجون من طرابلس

- ‌ذكر هدم الكنيسة [2] بحارة الروم

- ‌ذكر الجوامع التى خطب وأقيمت صلاة الجمعة بها بظاهر مدينة دمشق فى هذه السنة

- ‌ووقف على كل من هذه الجوامع الثلاثة من الأوقاف ما يعرف ريعها فى مصالحه- أثاب الله تعالى واقفيها

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الجمعة الثالث والعشرين

- ‌ولما مات قاضى القضاة زين الدين فوض السلطان

- ‌وتوفى قاضى القضاة فخر الدين أبو العباس أحمد

- ‌ذكر الغلاء الكائن بديار بكر [1] والجزيرة وغيرها من بلاد الشرق

- ‌ذكر مقتل الرشيد المتطبب

- ‌واستهلت سنة تسع عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوض السلطان قضاء القضاة بدمشق

- ‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

- ‌وتوفى الشيخ الصالح العابد العارف العلامة

- ‌وفى هذه السنة كانت وفاة الملك المعظم شرف الدين عيسى

- ‌ذكر الحرب الكائنة بجزيرة الأندلس [3]

- ‌ولما كان فى عشية يوم الأحد أغارت سرية من العدو

- ‌وأخبرنى من شهد هذه الوقعة كما زعم

- ‌وأما ما وزن من الذهب من المغنم منهم

- ‌واستهلت سنة عشرين وسبعمائة بيوم [1] الثلاثاء

- ‌ذكر تفويض السلطنة بحماة للملك المؤيد عماد الدين إسماعيل

- ‌وفى هذه السنة أعفى الصاحب أمين الدين عبد الله

- ‌ذكر الإفراج عمن يذكر من الأمرآء المعتقلين

- ‌ذكر إسماعيل [2] الزنديق ومقتله

- ‌ذكر قتل رجل ادعى النبوة بدمشق

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى مكة شرفها الله تعالى [1] وخبر مقتل حميضة بن أبى نمى

- ‌ذكر تجريد جماعة من العساكر الشامية إلى بلاد سيس ورجوعهم

- ‌ذكر وصول الخاتون دلنبية وقيل فيها طولونية ابنة [3] وبناء السلطان الناصر بها

- ‌ولما طلعت الخاتون من المركب جعلت فى خركاة مذهبة على عجلة

- ‌ذكر تسحب الأمير حسام الدين مهنا وأولاده

- ‌ذكر إبطال مكس الملح بالديار المصرية

- ‌ذكر منع الشيخ تقى الدين بن تيمية من الفتيا واعتقاله بقلعة دمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير علم الدين الجاولى نائب السلطنة بغزة

- ‌ذكر إبطال المعاملة بالفلوس عددا بالديار المصرية وبيعها بالرطل

- ‌ذكر خبر الحاج فى هذه السنة

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ الفقيه العالم

- ‌وتوفى شيخنا المحدث الفاضل العدل

- ‌ذكر إراقة الخمور بالمدينة السلطانية وتبريز وغيرها من ممالك التتار [4]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثانى والثلاثين

الفصل: ‌ ‌الجزء الثاني والثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌تقديم الحمد لله رب العالمين، والصلاة

‌الجزء الثاني والثلاثون

بسم الله الرحمن الرحيم

‌تقديم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد، فهذا هو الجزء الثانى والثلاثون من كتاب «نهاية الأرب فى فنون الأدب» لشهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويرى المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة من الهجرة. وهو يؤرخ للحقبة الزمنية التى تبدأ من سنة إحدى وسبعمائة وتنتهى بنهاية سنة إحدى وعشرين وسبعمائة. وفيها تقع أحداث دولة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الثانية اعتبارا من السنة الرابعة من ولايته إلى منتصف شوال من سنة ثمان وسبعمائة، وأحداث دولة الملك المظفر بيبرس المنصورى الجاشنكير، والتى انتهت فى رمضان سنة تسع وسبعمائة. ثم دولة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الثالثة حتى نهاية السنة الحادية عشرة من ولايته وهى سنة عشرين وسبعمائة هذا فضلا عن الأحداث والحروب التى وقعت بين مملكة غرناطة الإسلامية بالأندلس، ومملكة قشتالة المسيحية فى سنة تسع عشرة وسبعمائة، وانتصرت فيها الجيوش الإسلامية.

وكذلك أخبار إمارة الأشراف الحسنيين أولاد أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى وهم عز الدين حميضة، وأسد الدين رميثة، وعماد الدين أبو اليث، وسيف الدين عطيفة، والنزاع الذى وقع بينهم على تولى إمارة مكة. وموقف السلطنة فى مصر منهم، وتدخلها فى النزاع لضمان استتباب الأمن بمكة وبخاصة فى مواسم الحج وحماية للمجاورين من ظلم الأمراء وأتباعهم.

ص: 5

وترجع أهمية هذا الجزء إلى أن النويرى عايش كل الأحداث التى وقعت فى هذه الحقبة إما من مشاهدة، أو سماع ممن شهدها أو نقل عن رسائل ممن شهدها، ويسر له ذلك ما كان يتولاه من أعمال تجعله قريبا من صناع القرار ومدبرى تلك الأحداث.

من ذلك أنه يقول فى أخبار سنة 107 هـ: رسم بتوجهى إلى دمشق المحروسة، لمباشرة الأملاك السلطانية بالشام، وتوجهت إلى دمشق فى جمادى الآخرة، وفيه وصلت إلى دمشق- وهو أول دخولى إليها.

ويقول فى أخبار حرب التتار سنة 702 هـ وفى يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شعبان اختبط الناس بدمشق. وجفلوا من الحواضر والقرى، وخرج أكابر أهل دمشق وأعيانها فى هذا اليوم منها. فمنهم من التحق بالحصون، ومنهم من توجه نحو الديار المصرية، وكنت يوم ذاك بدمشق، فخرجت منها بعد أن أعددت لأمة الحرب، والتحقت بالعسكر بعد الغروب إلى منزلة العسكر بميدان الحصا، فوجدتهم قد توجهوا إلى مرج الصفر، فلحقته الجيوش فى يوم الخميس التاسع والعشرين من الشهر- وهو سلخه- وأقمنا بالمرج يوم الخميس ويوم الجمعة.

ثم يسوق أخبار الحرب إلى أن انتهت بنصر جيوش السلطان على التتار.

ويقول فى أخبار سنة 703 هـ وقع فناء عظيم فى الخيول بالشام حتى كاد أن يأتى عليها، ونفقت أكثر خيول الناس، وكنت أملك عشرة أرؤس من الخيول الجياد أو أكثر، فنفقت كلها، واحتجت إلى ابتياع ما أركبه. ثم أخذ فى الحديث عن غلاء أسعار الخيل بعد أن كانت تدنت بعد الانتصار على التتار وأخذ خيولهم وأسلحتهم.

وفى هذه السنة يقول أيضا وفيها فى شهر رمضان توجهت من دمشق إلى الأبواب السلطانية بالديار المصرية مفارقا لمباشرة أملاك الخاص الشريف، وكان وصولى إلى القاهرة فى يوم الأحد السابع والعشرين من شهر رمضان بعد الظهر، وباشرت ديوان الخاص، والبيمارستان المنصورى وما معه من الأوقاف المنصورية فى بقية اليوم الذى وصلت فيه، ورفع إلىّ حساب المياومة قبل غروب الشمس.

ص: 6

وفى أخبار سنة 709 هـ- بعد أن غادر الناصر محمد بن قلاوون قلعة القاهرة، وتوجه إلى قلعة الكرك ونزل بها هو وخواصه، وكتب إلى الأمراء بالقاهرة أنه تخلّى عن الملك- يقول النويرى: وفى أوائل شهر ربيع الآخر توجهت من القاهرة إلى الكرك، والتحقت بالأبواب السلطانية إلى أن عاد الركاب الشريف السلطانى الملكى الناصرى، وعدت إلى القاهرة في سلخ رمضان.

وفى أخبار سنة 710 هـ يقول: وفى هذه السنة رسم لى أن أتوجه إلى المملكة الطرابلسية صاحب الديوان بها، وكتب توقيعى، وهو من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبى، بخط ولده، القاضى جمال الدين إبراهيم، وهو مؤرخ فى الخامس عشر من المحرم، وتوجهت فى مستهل صفر، ووصلت إلى طرابلس، وباشرت الوظيفة، ثم انتقلت إلى نظر الجيوش بها في مستهل شوال من السنة.

وفى أخبار سنة 712 هـ يقول: وفى هذه السنة حصل انفصالى من نظر الجيش بالمملكة الطرابلسية فى منتصف جمادى الأولى، وتوجهت إلى الديار المصرية، فكان وصولى إلى القاهرة فى العشرين من شهر رجب من السنة.

ثم إنه يتابع أخبار مواقف الإمام ابن تيمية منذ الخلاف الذى حصل بينه وبين الصوفية، أو بينه وبين قاضى قضاة المالكية وغيره، والطعن فى رأى ابن تيمية وفتاويه فى مسألة الطلاق، وقوله فى كلام الله تعالى وقدمه وهل هو بصوت أو بلا صوت. واستوائه تعالى على العرش، ومحاققته، والتحامل عليه، ومنعه من الفتوى فى موضوع الطلاق، وترحيله إلى القاهرة وسجنه إلخ.

كما يتابع أحداث النصيرية وآراءهم، وموقف السلطان منهم ومراسيمه فى شأنهم والقضاء عليهم وفتوى الإمام ابن تيمية بخروجهم من ملة الإسلام.

وفى عرض المؤلف للأحداث فى الأندلس سنة 719 هـ والحرب بين المسلمين والمسيحيين، وانتصار الجيوش الإسلامية فى وقائع متتالية يحرص النويرى على توثيق الأخبار حين يقول: كانت هذه الوقعة المباركة التى أجلت

ص: 7

عن الظفر والغنيمة فى شهر ربيع الأول من سنة تسع عشرة وسبعمائة، ووصل الخبر بها إلى الديار المصرية فى سنة عشرين وسبعمائة، واجتمع بى من حضر هذه الوقعة، وقص على نبأها. وعلقت ذلك منه ثم فقدته، ورأيت هذه الوقعة قد ذكرها الشيخ شمس الدين الجزرى فى تاريخه عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن ربيع المالقى، وملخص ما نقله عنه

وبعد سرده للملخص يقول: وقد ورد كتاب إلى الديار المصرية من أغرناطة من جهة الشيخ حسين بن عبد السلام تضمن من خبر هذه الغزاة. وسرد ما جاء بكتابه.

ومن هذه النقول يتضح حرص المؤلف على متابعة الأخبار التى عايشها بما يضفى أهمية كبيرة على تاريخ النويرى لتلك الحقبة ويجعل منه المصدر الموثوق به لدى المؤرخين فاعتمدوا على النقل منه- ليس من أرخوا لمصر والشام فقط ولكن من أرخوا للحجاز أيضا، وقد عايشت تاريخ مكة فى كتاب «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد المتوفى سنة 885 هـ، وكتاب «غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام» للعز عبد العزيز بن عمر بن فهد المتوفى سنة 922 هـ ورأيت مدى اعتمادهما على النقل من نهاية الأرب فيما يتصل بإمارة مكة المكرمة وعلاقتها بالسلطنة فى مصر. كما رأيت تقى الدين محمد ابن أحمد بن على الفاسى المتوفى سنة 832 هـ يعتمد عليه فى كتابيه «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» و «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» وهذا الجزء من كتاب نهاية الأرب يعتبر النص الأول الذى قمت بتحقيقه، وكان تقرير أستاذنا الكبير المرحوم الدكتور عبد العزيز الأهوانى- الذى كان لى شرف أن يراجع عملى فيه- دافعا قويا لى على مواصلة الاشتغال بتحقيق التراث التاريخى؛ ذلك لأنه أثنى على جهدى بقوله: إنه جهد باحث واعد فى تحقيق النصوص. وكان رحمه الله صاحب مدرسة فى التحقيق؛ كان لا يرضى أن يتجرأ محقق على انتقاص جهد الأساتذة الذين سبقوه فى هذا الميدان، وعاهدنى ألا أعرّض بخطأ أحد مهما كبر هذا الخطأ أو صغر، وقال: يكفيك أنك عرفت الصواب.

ص: 8

ومضيت فى التحقيق لكتب التاريخ، وكنت أقدم له كل نص يطبع، وكان يذكرنى بما قاله فى تقريره عنى وعن جهدى.

وقد اختاره الله إلى جواره فى 13 مارس سنة 1979 م، وبفقده فقدنا عالما جليلا، يسابق أدبه علمه. كان أستاذا للأدب العربى بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ثم وكيلا لوزارة الثقافة، ثم رئيسا للهيئة المصرية العامة للفنون، وكنت من الذين يتمتعون بعطفه ورعايته وما أكثر مريديه الذين شاركونى فى هذا العطف وتلك الرعاية. فجزاه الله أجر ما قدم من فضل لأبنائه والعاملين معه وأسكنه فسيح جناته.

وقد تم تحقيق هذا الجزء فى سنة 1962 م وسلم للمؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر، لدفعه إلى المطبعة. ولكنه بقى فى مخازن المؤسسة حتى سنة 1992 م. وعنّ لى أن أعود إليه مرة أخرى قبل دفعه للمطبعة- وبعد أن حققت منفردا ستة عشر مجلدا من التراث التاريخى وأربعة مجلدات بالاشتراك مع أساتذة أفاضل. وطلبت ذلك من مركز تحقيق التراث بالهيئة المصرية العامة للكتاب، وتفضل المركز فوافق. وقد أضفت إلى جهدى فى التحقيق السابق كثيرا، وأعدت ضبط ما كنت ضبطته بالشكل لأن طول المدة أتى على الضبط ومحاه كله تقريبا. أما ما أضفته فأغلبه فى أخبار إمارة مكة، وأزمة الإمام ابن تيمية، وأخبار النصيرية، وتراجم بعض الأعلام.

وقد حظى هذا الجزء بما لم يحظ به غيره من الأجزاء إذ تفضل أستاذنا الجليل الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور بمراجعته- بعد إضافاتى الجديدة، وأضفى عليه من علمه وفضله ونظراته الثاقبة، فجزاه الله عنى خير الجزاء، ومد فى عمره حتى ينعم الكثير من أبنائه بأستاذيته الكريمة.

ص: 9

وقد اعتمدت فى تحقيق هذا الجزء على مصورات ثلاث:

إحداها: مصورة مخطوطة «كوبريلى» ورقمها فى دار الكتب المصرية هو 549 معارف عامة وقد رمزت إليها بحرف «ك» وتقع هذه المصورة فى 142 لوحة، وقد تبين أنه يسقط منها ما يوازى 55 صفحة من المنسوخة عنها استكملتها من مصورة أخرى، وهى مكتوبة بخط نسخى جميل غير أنها كثيرة البياض فى صفحاتها الأخيرة وأكثر البياض عناوين، ولعلها كانت فى الأصل مكتوبة بقلم أحمر ولم تظهر فى التصوير، وقد ملأت هذا البياض من النسختين الأخريين.

والثانية: هى المصورة عن مخطوطة «أيا صوفيا» ورقمها فى دار الكتب المصرية 551 معارف عامة.

وقد رمزت إليها بالحرف «ص» ويرجح أن هذه النسخة بخط المؤلف، وتقع فى 241 لوحة مقسمة على ثلاثة أقسام، كل قسم فى مجلد، ويصل ترقيم اللوحات فى الأقسام الثلاثة إلى رقم 482، وهذه النسخة مصدرة بوقفية ومنهية بخاتمة، وتعتبر أتم النسخ الثلاث، وخطها نسخى معتاد، وقد استكملت الساقط فى «ك» منها.

والثالثة مصورة عن مخطوطة «الفاتيكان» ورقمها فى دار الكتب المصرية 592 معارف عامة وقد رمزت إليها بالحرف «ف» وهى تنقص مقدار 89 صفحة من المنسوخة، ويشتمل الساقط على بعض أحداث سنة 701، 702 وبينها وبين مخطوطة كوبريلى شبه كبير. لكنها تتميز بضبط بعض الكلمات بالشكل وخصوصا أسماء الأعلام.

وقد تم مقابلة المنسوخة على المصورات الثلاث، وعلقت على مواطن الاختلاف فى العبارة أو الفروق فى بعض الكلمات. مع إثبات الراجح فى متن المنسوخة قمت بضبط الألفاظ التى تحتاج إلى الضبط بالشكل، وخصوصا الأعلام، والمصطلحات الحضارية كالوظائف والآلات والصنائع والألفاظ

ص: 10

المقحمة على اللغة العربية من الفارسية والتركية. وصوبت لغة الكتاب من حيث قواعد الإعراب. وسلامة الرسم الإملائى: ووضعت علامات الترقيم المتعارف عليها فى أماكن الحاجة إليها من أسلوب الكتاب.

وقابلت أحداث الجزء على التواريخ وغيرها من الفنون التى عالجت التأريخ لهذه الحقبة الزمنية، ووثقت الأحداث بما جاء فى تلك المراجع، وأثبت ما يكون من خلاف بينها في التعليقات على النص، وسيضمّن فهرس المراجع أسماء الكتب التى استعنت بها.

والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل، تحريرا فى 12 من رمضان سنة 1412 (16 مارس سنة 1992 م) المحقق فهيم محمد علوي شلتوت ولا يفوتنى أن أذكر ما قام به الأستاذ عز الدين محمد أبو الحسن والسيدة أسما محمود محمد من التصحيح الطباعى لهذا الجزء ومتابعته فى المطبعة من حيث سلامة التجارب بحيث أصبح هذا الجزء فى مستوى الأجزاء الأخرى من هذا الكتاب فلهما الشكر على ما قاما به.

فهيم محمد علوي شلتوت

ص: 11