الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رمضان فلم يوافقهم على الهرب فلما جىء بهم أفرج السلطان عنه وأمر بسمل [1] أعين بهادر الإبراهيمى وأيدغدى التترى فسملت أعينهما فى يوم الأربعاء خامس عشرين صفر من السنة.
ذكر إسماعيل [2] الزنديق ومقتله
وفى هذه السنة رمى هذا المذكور بالزندقة، وادعى عليه بمجلس الحكم عند القاضى علاء الدين الجوجراى أحد نواب قاضى القضاة تقى الدين بن الإخنائى المالكى، وشهد عليه جماعة كثيرة بأمور شنيعة تقتضى الزندقة نعوذ بالله من ذلك واعتقل مدة حتى استوضح الحاكم أمر الشهود وعرف عدالة بعضهم فقبل شهادته وزكى عنده بقيتهم وتضمن المحضر أقاويل شهد عليه بها لا يصدر مثلها عمن يعتقد بعثا ولا نشورا فثبت ذلك كله على الحاكم المذكور وأعذر إلى إسماعيل المذكور هل له مطعن فى الشهود يدفع به شهادتهم؟
وأمهله ثلاثة أيام أولها يوم الجمعة الثالث والعشرون من صفر فلما انقضى الأجل جلس قاضى القضاة تقى الدين المالكى ونائبه القاضى علاء الدين الجوجراى المذكور، وغيره من نواب الحكم، وجماعة من فقهاء المالكية وغيرهم بالمدرسة الناصرية بالقاهرة فلما صلوا المغرب ودخلت ليلة الإثنين وانقضت مدة الإعذار ولم يأت يدافع حكم عليه النائب بما ثبت عليه عنده من أمره وأشهد عليه أنه هدر دمه ونفذ قاضى القضاة تقى الدين المالكى المذكور ما حكم به نائبه وحكم به، وكان هذا الرجل قد حكى عنه كلام كثير منه ما ثبت بمقتضى المحضر ومنه ما شاع مما تنزه كتابنا عن ذكره وأخبرنى الشيخ زين الدين أبو بكر بن الفرج الهيثمى فى يوم الأحد لخمس بقين من صفر سنة عشرين وسبعمائة قال: رأيت فى الليلة المسفرة عن هذا اليوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه بجامع الحاكم فى صحنه مما يلى الدرابزين من الجهة
[1] السمل: يكون بوضع الحديد المحمى بالنار أو المرآة المحماة أمام العين حتى تفقد البصر.
وانظر السلوك 2/1: 203.
[2]
وفى ذيول العبر 109 «إسماعيل بن سعيد الكردى المقرئ» وانظر الدرر الكامنة 367، والنجوم الزاهرة 9:249.
القبلية ومعه لوط عليهما السلام وهما قائمان فسلمت عليهما فردوا على السلام فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم قل لتقى الدين بن الإخنائى بقتل هذا أما سمعت ما قال أو ما سمع ما قال الشك من الراوى فى سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم لوط وكان قد ذكر عن هذا الزنديق فى حق لوط عليه السلام كلام شنيع، وقال لى الراوى وغيره ممن أثق بهم أنهم فى تلك الليلة كانوا قد ذكروا عن هذا الرجل ما وقع فيه، فلما نام رأى هذه الرؤيا وقصها على قاضى القضاة تقى الدين وأبلغه رسالة رسول الله- صلى الله عليه وسلم وكان ذلك اليوم آخر أيام الإعذار فهدر دمه كما تقدم فلما كان فى يوم الاثنين السادس والعشرين من صفر اجتمع القضاة بدار العدل فى مجلس السلطان على العادة وطولع السلطان بما حكم به من هدر دم إسماعيل المذكور، وكان قد طولع قبل ذلك بخبره فسأل السلطان من الشهود الذين شهدوا عليه؟ وكان بعض الناس قد أراد الاعتناء به فلم يفده ذلك وقال قضاة القضاة بأجمعهم للسلطان، هذا لا بد من قتله إسنادا لحكم الحاكم فأمر السلطان متولى القاهرة يومئذ وهو الأمير علم الدين سنجر الخازن بالركوب فى صحبة القضاة وامتثال ما يأمرونه به فى أمره فاجتمع قضاة القضاة الأربعة وغيرهم من النواب والعلماء [136] فى المدرسة الصالحية بالإيوان المرصد للمالكية واتفقوا على ضرب عنقه فراجع متولى القاهرة السلطان فى ذلك، فأمره بتنفيذ ما أمر به القضاة، فضرب عنقه بعد صلاة العصر من يوم الإثنين وعرض عليه قبل ذلك أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لعل ذلك ينفعه فيما بينه وبين الله تعالى إن أخلص فلم يقل ذلك وشرع يخلط فى كلامه ويذكر ألفاظا غير مستقيمة وظن أن ذلك التخليط ينفعه أو يشكل على القضاة بزوال عقله فيؤخروه، فلم يفده ذلك وضربت عنقه كما تقدم وألقيت جثته ورأسه بين القصرين إلى بعد المغرب من يوم مقتله، ثم حمل أعاذنا الله مما قال بمنه وبكرمه.