المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر]

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعمائة للهجرة النبوية بيوم الأربعاء فى هذه السنة

- ‌ذكر توجه العساكر إلى الصعيد للإيقاع بالعربان

- ‌وفى هذه السنة رسم بتوجهى إلى دمشق المحروسة

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد [1]

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة [1] تقى الدين ابن دقيق العيد وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة

- ‌ففوض قضاء القضاة بالشام لقاضى القضاة

- ‌وفى هذه السنة ظهر بنيل مصر دابة عجيبة

- ‌ذكر وصول غازان ملك التتار إلى الرحبة [6]

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر من الديار المصرية

- ‌ذكر خبر المصاف وهزيمة التتار

- ‌وحسبنا الله ونعم الوكيل

- ‌ذكر حدوث الزلزلة

- ‌ذكر وفاة الأمير زين الدين كتبغا المنصورى وهو الملك العادل [4]

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌ذكر الجلوس بالمدرسة الناصرية [1] والقبة وأوقاف ذلك وشروطه

- ‌أمّا القبّة فإنه وقفها للقرّاء بها، وشيخ الحديث

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى بلاد سيس [1]

- ‌ذكر وفاة الشيخ زين الدين الفارقى وما اتفق بسبب مناصبه بدمشق

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعمائة

- ‌ذكر عمارة الجامع الحاكمى بالقاهرة وما رتّب فيه من الدروس والطوائف

- ‌ذكر ما وقع فى هذه السنة بدمشق من الحوادث والولايات

- ‌وفى هذه السنة توفى السيد الشريف

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعمائة

- ‌ذكر الإغارة على بلاد سيس [4] وأسر الأمراء

- ‌ذكر توجه العساكر الشامية إلى بلاد الكسروان [1] وإبادة من بها وتمهيدها

- ‌ذكر حادثة الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية

- ‌وفيها فى العشر الأوسط من ذى الحجة

- ‌واستهلت سنة ست وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة عادت رسل السلطان

- ‌ذكر حادثه غريبة

- ‌واستهلت سنة سبع وسبع مائة

- ‌ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الناصر والأمراء

- ‌ذكر الاهتمام بقصد اليمن والاحتفال لذلك وتعيين العساكر المجردة إليه وتأخير ذلك وإرسال الرسل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين بيبغا المعروف

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة يسفر صباحها

- ‌وتوفى فى دمشق [46] الأمير علاء الدين مغلطاى

- ‌وتوفى الأمير ركن الدين بيبرس العجمى الجمدار

- ‌وتوفى بدمشق أيضا الأمير فارس [2] الدين

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعمائة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك

- ‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة السبت ثانى المحرم

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعمائة

- ‌ذكر ما كان من أمر النيل فى هذه السنة

- ‌ذكر اضطراب أمر الملك المظفر ركن الدين

- ‌ذكر خلع الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الناصر

- ‌وكان أيضا قد وصل إلى السلطان كتابه

- ‌وكان كتاب الملك المظفر قد وصل إلى سائر

- ‌ولما استقل ركاب السلطان بغزة

- ‌ذكر استعادة ما أخذه الملك المظفر بيبرس

- ‌ذكر ما رتبه السلطان [57] وقرره من النواب

- ‌ذكر القبض على المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة أمر السلطان بالقبض

- ‌واستهلت سنة عشر وسبعمائة

- ‌ذكر الاستبدال بقاضى القضاة الشافعى والحنفى بالديار المصرية

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين سلار ووفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحموية للأمير عماد الدين إسماعيل وانتقال الأمير سيف الدين أسدمر إلى حلب

- ‌وفى شهر ربيع الأول قبض على الأمير فخر الدين إياز

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب

- ‌ذكر تفويض الوزارة بدمشق للرئيس عز الدين حمزة بن القلانسى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين أسندمر

- ‌ذكر حادثة الأميرين مظفر الدين موسى ابن الملك الصالح. وسيف الدين بتخاص والقبض عليهما

- ‌وفى سنة عشر وسبعمائة

- ‌واستهلت سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر انتقال الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين بكتمر

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل

- ‌ذكر عدة حوادث بالشام فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر عزل الصاحب عز الدين بن القلانسى عن وزارة الشام وانتداب أعدائه لمرافعته وخلاصه

- ‌ذكر طلب أعيان دمشق وما قرر عليهم من استخدام الخيالة وما وقع بسبب ذلك من الفتن [5]

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين كراى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر مفارقة الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ولما اتصل بالأبواب السلطانية أظهر قراسنقر العصيان

- ‌ولما وصلت كتبه إلى الأمراء كنت يومئذ بطرابلس

- ‌وأما الأمراء الذين توجهوا إلى خربندا

- ‌نعود إلى سياقة الأخبار فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌وتوفى تاج الدين عبد الرحمن المعروف بالطويل [3]

- ‌واستهلت سنة ثنتى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس العلائى نائب السلطنة بحمص ومن يذكر من الأمراء بدمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار

- ‌ذكر تفويض [77] نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر تفويض السلطنة بالباب الشريف للأمير سيف الدين أرغن

- ‌وفى جمادى الأولى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة أيضا

- ‌وفى هذه السنة حصل انفصالى [2]

- ‌ذكر عرض العساكر [78] والنفقة فيها وتجريدها وتوجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ تاج الدين عبد الرحيم

- ‌وتوفى القاضى نور الدين أحمد بن الشيخ

- ‌واستهلت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة كملت عمارة الميدان

- ‌ذكر تفويض نيابة دار العدل وشد الأوقاف للأمير بدر الدين محمد بن الوزيرى

- ‌ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة وترتيب الأمير بدر الدين بن التركمانى فى الشد

- ‌ذكر روك [1] الإقطاعات بالشام

- ‌ذكر تجريد جماعة من الأمراء إلى مكة

- ‌وفى هذه السنة رسم السلطان أن يساق الماء

- ‌واستهلت سنة أربع [83] عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين سودى [6] نائب السلطنة بحلب وتفويض نيابة السلطنة بها للأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب

- ‌ذكر عزل الأمير [85] سيف الدين بلبان طرناه

- ‌واستهلت سنة خمس عشرة وسبعمائة. ذكر إرسال العسكر إلى ملطيّة صحبة الأمير سيف الدين تنكر وفتحها

- ‌وأما ملطية فإنه بعد أن عادت العساكر منها

- ‌ذكر القبض على من يذكر [88] من الأمراء بالديار بالمصرية

- ‌وفى يوم السبت العاشر من الشهر المذكور

- ‌ذكر القبض على الأميرين سيف الدين تمر الساقى [5]

- ‌وفى مستهل شهر ربيع الآخر رسم السلطان بالإفراج

- ‌ذكر وصول السيد الشريف أسد الدين رميثة إلى الأبواب السلطانية وتجريد العسكر معه إلى الحجاز الشريف

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير جمال الدين آقش الأفرمى

- ‌وفى أول شعبان من هذه السنة توجّهت

- ‌وفى هذه السنة فى ثالث شوال ضربت عنق

- ‌ذكر ما أمر السلطان بإبطاله من المكوس والمظالم وما أسقطه من أرباب الوظائف

- ‌وفى سنة خمس عشرة وسبعمائة توفى الشيخ العالم

- ‌وتوفى الصدر الرئيس شرف الدين أبو عبد الله

- ‌وتوفى الشيخ العالم صفى الدين محمد

- ‌وتوفى قاضى القضاة تقى الدين أبو الفضل

- ‌واستهلت سنة [93] ست عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوّض قضاة القضاء الحنابلة

- ‌ذكر حادثة السيول والأمطار [3] ببلاد الشام وما أثر [4] ما وقع من العجائب التى لم تعهد

- ‌ذكر تفويض إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين كستاى [3]

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى النوبة وملك عبد الله برشنبوا [4] النوبة، ومقتله

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى العرب ببرية عيذاب [4] ودخوله إلى بلاد هلنكة [5] وغيرها وعوده

- ‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب وإرساله إلى نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الصفدية

- ‌وفى هذه السنة توجه الأمير سيف الدين أرغن

- ‌واستهلت سنة سبع عشرة وسبعمائة بالأربعاء

- ‌ذكر حادثه السيل ببعلبك

- ‌ذكر حادثة الهواء بالبلاد الحلبية وما حصل بسببه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام، ووصوله إلى الكرك، وإفراجه عمن يذكر من الأمراء، وعوده

- ‌ذكر خبر النيل المبارك فى هذه السنة

- ‌ذكر إفراد مصر عن قاضى الحنفية [3]

- ‌ذكر [5] عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك [5] ووصول رسله

- ‌ذكر روك المملكة الطرابلسية وما يتصل بذلك [1] من إبطال الجهات المنكرة بها وأخبار النصيرية [2]

- ‌فلذلك رسم بالأمر الشريف العالى المولوى

- ‌ذكر ظهور رجل ادعى أنه محمد بن الحسن المهدى وقتله

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الخميس التاسع

- ‌وتوفى القاضى الرئيس الفاضل شرف الدين

- ‌وتوفى فى آخر الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس

- ‌واستهلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لتاسع برمهات

- ‌ذكر إرسال الصاحب أمين الدين إلى نظر المملكة الطرابلسية

- ‌ذكر عزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن وظيفة الشاد بالديار المصرية

- ‌ذكر إرسال الأمير سيف الدين طغاى نيابة السلطنة بالملكة الصفدية، والقبض عليه ووفاته

- ‌ذكر إنشاء الجامع بقلعة الجبل

- ‌ذكر وثوب الأمير عز الدين حميضة بن أبى [2] نمى بمكة شرفها الله تعالى وإخراج أخيه الأمير أسد الدين رميثة منها

- ‌ذكر حادثة الريح بالجون من طرابلس

- ‌ذكر هدم الكنيسة [2] بحارة الروم

- ‌ذكر الجوامع التى خطب وأقيمت صلاة الجمعة بها بظاهر مدينة دمشق فى هذه السنة

- ‌ووقف على كل من هذه الجوامع الثلاثة من الأوقاف ما يعرف ريعها فى مصالحه- أثاب الله تعالى واقفيها

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الجمعة الثالث والعشرين

- ‌ولما مات قاضى القضاة زين الدين فوض السلطان

- ‌وتوفى قاضى القضاة فخر الدين أبو العباس أحمد

- ‌ذكر الغلاء الكائن بديار بكر [1] والجزيرة وغيرها من بلاد الشرق

- ‌ذكر مقتل الرشيد المتطبب

- ‌واستهلت سنة تسع عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوض السلطان قضاء القضاة بدمشق

- ‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

- ‌وتوفى الشيخ الصالح العابد العارف العلامة

- ‌وفى هذه السنة كانت وفاة الملك المعظم شرف الدين عيسى

- ‌ذكر الحرب الكائنة بجزيرة الأندلس [3]

- ‌ولما كان فى عشية يوم الأحد أغارت سرية من العدو

- ‌وأخبرنى من شهد هذه الوقعة كما زعم

- ‌وأما ما وزن من الذهب من المغنم منهم

- ‌واستهلت سنة عشرين وسبعمائة بيوم [1] الثلاثاء

- ‌ذكر تفويض السلطنة بحماة للملك المؤيد عماد الدين إسماعيل

- ‌وفى هذه السنة أعفى الصاحب أمين الدين عبد الله

- ‌ذكر الإفراج عمن يذكر من الأمرآء المعتقلين

- ‌ذكر إسماعيل [2] الزنديق ومقتله

- ‌ذكر قتل رجل ادعى النبوة بدمشق

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى مكة شرفها الله تعالى [1] وخبر مقتل حميضة بن أبى نمى

- ‌ذكر تجريد جماعة من العساكر الشامية إلى بلاد سيس ورجوعهم

- ‌ذكر وصول الخاتون دلنبية وقيل فيها طولونية ابنة [3] وبناء السلطان الناصر بها

- ‌ولما طلعت الخاتون من المركب جعلت فى خركاة مذهبة على عجلة

- ‌ذكر تسحب الأمير حسام الدين مهنا وأولاده

- ‌ذكر إبطال مكس الملح بالديار المصرية

- ‌ذكر منع الشيخ تقى الدين بن تيمية من الفتيا واعتقاله بقلعة دمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير علم الدين الجاولى نائب السلطنة بغزة

- ‌ذكر إبطال المعاملة بالفلوس عددا بالديار المصرية وبيعها بالرطل

- ‌ذكر خبر الحاج فى هذه السنة

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ الفقيه العالم

- ‌وتوفى شيخنا المحدث الفاضل العدل

- ‌ذكر إراقة الخمور بالمدينة السلطانية وتبريز وغيرها من ممالك التتار [4]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثانى والثلاثين

الفصل: ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

وفى عاشر شهر رمضان أمر نائب السلطنة بدمشق بهدم العمائر التى على جسر باب الحديد إلى باب الفراديس [1] فهدم منها إلى حد باب الفرج، ثم أقر ما بقى على حاله.

وفى التاسع والعشرين من شهر رمضان جمع القضاة والفقهاء بدار السعادة [2] فى مجلس نائب السلطنة، وقرئ عليهم مثال سلطانى يتضمن الإنكار على الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية بمسألة الطلاق [3] وكان أيضا قد تقدم المرسوم قيل ذلك بمنعه من الفتيا بها، فامتنع ثم أفتى بها فحصل الإنكار عليه الآن وتأكد المنع وصنف فى هذه المسألة كلاما كثيرا ليس هذا موضع إيراده.

‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

وفى هذه السنة أمر السلطان بتجهيز ما يحتاج إليه إلى الحجاز الشريف وأظهر لذلك احتفالا عظيما قبل الخروج إلى الحجاز بستة أشهر وحمل من الإقامات والحوائج خاناه والشعير بالمنازل شيئا كثيرا، وتوجّه فى صحبته جماعة من الأعيان الأمراء والملك عماد الدين صاحب حماه وعدة من أصحاب الوظائف ورسم بجميع من توجه فى خدمته أن تكون كلفهم [4] وما يحتاجون إليه من المآكل والعليق على البيوت السلطانية والإسطبلات فكان يحتاج فى كل ليلة من العليق خاصة ألف إردب شعير وقيل ألف إردب ومائة إردب. وجهز معه

[1] باب الفراديس: هو أحد أبواب جامع دمشق، وينسب إلى محلة كانت تسمى الفراديس، وهى الآن خراب، والفراديس بلغة الروم تعنى البساتين، وهذا الباب هو الرابع من أبواب جامع دمشق (المقدسى: أحسن التقاسيم، ص 158- 159. والنجوم الزاهرة هامش 4: 157، و 6: 148) .

[2]

دار السعادة: اسم يطلق على دار الحكم، ودار الإمارة، أو مركز الحاكم الذى يباشر منه شئون الولاية (النجوم الزاهرة 9: 28 هامش) .

[3]

مسألة الطلاق: هذه المسألة التى تفرد بها الإمام ابن تيمية فى عصره بالقول بها، ورأيه ألا يقع الطلاق بالحلف به بدل الحلف بالله، ولكن الحالف إذ أحنث فى يمينه فعليه كفارة اليمين المعروفة فى القرآن الكريم.

كما كان رأيه أن طلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع به إلا طلقة واحدة رجعية. وأنظر الكتاب ابن تيمية للدكتور محمد يوسف موسى أعلام العرب 106 ومجموع الفتاوى ج 35: 241- باب الإيمان والنذور.

[4]

أى نفقاتهم وكافة حوائجهم فى رحلة الحج سفرا وإقامة وعودة.

ص: 303

فى هذه السفرة ما لم يسافر به ملك قبله- فيما بلغنا- فكان مما حمل معه على الظهر ثلاثة عشر حملا من المحاير [1] المحكمة المقيّرة، وجعل فيها الطين الإبليز وزرع فيه الرياحين والخضراوات وهو بنفسج حملان هندبا ثلاثة أحمال، فجل حمل واحد أسفا ناخ، حمل واحد كسفرة خضراء حمل واحد طرخون: حمل- نعناع: حمل- سلق: حمل- حوائج بقل: حمل- شمار: حمل- وعمل له مطبخ يطبخ عليه وهو محمول على الظهر، وكان يطبخ فيه والجمل سائر فلا يصل إلى المنزلة إلّا وقد تهيأ الطعام، وحمل له من ماء النيل ماء، شربه مدة سفره ومقامه وعوده هو وجماعة ممن معه، وحملت الخراف المسمنة المعلوفة فى المحاير على الجمال وهى تعلف وتسقى فى طول الطريق فى ذهابه ومقامه وعوده، وضحى منها بمنى، ولما عزم على الرحيل أمر نائبه الأمير سيف الدين أرغون بالمقام بقلعة الجبل ورسم لمن تأخر من الأمراء أن يتوجهوا إلى نواحى أقطاعهم فيكون كل منهم ببلاد أقطاعه إلى حين عوده، ولا يجتمع أمير بأمير فى غيبته، وكتب إلى النواب بالشام [128] أن يستقر كل نائب بمقر مملكته ولا يتوجه إلى صيد إلى حين عوده، فامتثلت أوامره.

وكان ركوبه من قلعة الجبل فى يوم السبت مستهل ذى القعدة، وأقام بظاهر القاهرة ما بين قلعة [2] الجب ومنزلة العش [3] إلى يوم الخميس السادس من الشهر، واستقل ركابه فى هذا النهار إلى الحجاز الشريف فى أمن الله ورعايته ثم توجه بعد ركاب السلطان الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير سيف الدين أرغون نائب السلطنة فكان توجهه من القاهرة فى يوم الإثنين سابع عشر ذي القعدة وأدرك الحج ووصل والسلطان بمكة شرفها الله تعالى، وتصدق السلطان بمكة- شرفها الله تعالى- بصدقات مبرورة وصلات موفورة وإنعام دان فأغنى بذلك الفقير وسد حاجة ذوى الحاجات وأحسن إلى أهل مكة إحسانا عاما شمل غنيهم وفقيرهم وكبيرهم وصغيرهم.

[1] المحاير: جاء فى القاموس المحيط إن المحاير جمع محارة وهى شبه الهودج أى أشبه بصندوقين يشدان على جانبى الرحل. انظر: (القاموس المحيط، المقريزى، المواعظ، ج 2 ص 101، كتاب السلوك، الجزء الثانى ص 233 حاشيه 2 للمرحوم الدكتور زيادة) .

[2]

قلعة الجب: المراد جب عميرة نسبة إلى عميرة بن جزء التجيبى، وهى المنزلة الأولى فى طريق الحج.

وتشتهر بمزلة الحاج، وكانت من متنزهات القاهرة، وينزل عندها الحجاج، وينطلقون منها فى طريق الحاج، كما ينزلون عندها عند عودتهم، وتقع فى الشمال الشرقى من القاهرة. شرقى محطة المرج وبالقرب منها. (وانظر الخطط للمقريزى 2: 163) .

[3]

منزلة العش: تقع غربى البركة المعروفة بالعكرشة. وحوض العكرشة لا يزال موجودا ومعروفا تحت رقم 47 بأراضى ناحية أبى زعبل وشرقى سكنها، وتسمى حاليا بكفر الشيخ سعيد بجوار مساكن أبى زعبل بمركز شبين القناطر، والنجوم الزاهرة 10: 341 هامش) .

ص: 304

واتفق فى هذه السنة وصول ركب من العراق وفيه جماعة من التتار صحبه ثلاثة من أكابر مقدميهم فلما علموا بوصول ركاب السلطان أخفوا أنفسهم خشيه أن يقبض عليهم فاطلع السلطان على ذلك فأمر بإحضارهم فحضروا بين يديه فأحسن إليهم وأنعم عليهم، وشملهم بالخلع السنية بالكلاوت الزركش ومكنهم من العود إلى بلادهم.

ولما قضى السلطان مناسك حجه ولم يبق إلا عوده تسحب ثلاثة من مماليك الأمراء الخاصكية مملو كان من مماليك الأمير سيف الدين طقز دمر [1] مملوكا من مماليك الأمير سيف الدين بكتمر الساقى [2] ، والتحقوا بالأمير عز [3] الدين حميضة فظن السلطان أنهم انضموا إلى التتار فسار إلى مقدميهم وأمرهم بالكشف عنهم فقام المشار إليه من مقدميهم الثلاثة وأحضر من معه، فلم يجدهم معهم، وأقسموا على ذلك، ثم تحقق السلطان وهو بالمدينة النبوية أنهم التحقوا بحميضة وكان من خبرهم ما نذكره.

ولما عاد السلطان من الحجاز الشريف تبعه جماعة من المشاة، فكان السلطان يسوق فى آخر الناس فإذا مر فى طريقه بمن انقطع منهم وعجز عن المشى يقف عنده ويحدثه ولا يفارق مكانه إلى أن يستصحبه معه، فإذا علم ذلك الرجل أنه السلطان انبعثت نفسه ونهض ومن عجز منهم عن المشى أمر بحمله ففعل ذلك حتى حمل على جميع ما معه من الظهر الذى يمكن الحمل عليه ثم مر بعد ذلك بمن عجز عن المشى فتحدث معه على عادته وأمره بالقيام فقال لا أقدر على ذلك فقيل له إن السلطان يحدثك، فقال قد علمت أنه السلطان ولكن على والله لا أستطيع المشى فأمر بحمله، فقيل له إن الظهر قد حمل عليه، فأمر بطرح ما فى المحاير من الطين والخضراوات والبقولات

[1] هو الأمير سيف الدين طقز دمر (طقز تمر) بن عبد الله الحموى الناصرى الساقى، وأصله من مماليك الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل الأيوبى صاحب حماة، ثم انتقل إلى ملك الناصر محمد بن قلاوون وحظى عنده ورقاه حتى صار أمير مائة ومقدم ألف وزوجه ابنته وصار من عظماء الدولة وتوفى سنة 746 هـ (أنظر ابن حجر الدرر الكامنة ج 2 ص 225، وكذلك) (النجوم الزاهرة 9: 142 هامش.

[2]

هو بكتمر بن عبد الله الركنى الساقى الناصرى، توفى سنة 733 هـ فى عوده من الحجاز صحبة أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون (ابن حجر: الدرر الكامنة 2: 19 ابن تغرى بردى النجوم الزاهرة 9: 300، ابن العماد الحنبلى: شذرات الذهب 6: 104) .

[3]

فى ك «علاء الدين» وما أثبته من ص، وف.

ص: 305

وغيرها، وأن يحمل على جمالها من عجز عن المشى، فامتثل أمره ورفق بالناس غاية الرفق واتصل به أن كريم الدين وكيله قد ضيق على بعض من معه فى العطاء والرواتب، فنقم عليه وضربه وهمّ بقتله مع تمكنه من دولته ثم استعطف عليه فسكن غضبه ووصل إلى السلطان هدايا النواب وتقادمهم والإقامات الوافرة والفواكه من حين خرج من مكة شرفها الله تعالى.

ولما وصل السلطان إلى وادى بنى سالم فى عوده وهو من المدينة على ثلاث مراحل جهز الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير سيف الدين أرغون، والأمير سيف الدين قطلوبغا المعزّى بالبشارة بمقدمه، فوصلا إلى القاهرة فى يوم الثلاثاء مستهل المحرم، وعلى أيديهما كتب البشائر فضربت البشائر [1] وزينت المدينتان أحسن زينة وبات الناس فى حوانيتهم ليالى واستبشروا بسلامته [2] .

وكانت غيبة السلطان الملك ناصر الدين محمد عن القاهرة فى ذهابه وحجه وعوده ثلاثة وأربعين يوما.

ثم وصل السلطان إلى قلعة الجبل فى بكرة نهار السبت الثانى عشر من المحرم ستة عشرين وسبعمائة، ولما مر بعقبة أيلة وشاهد ضيقها وصعوبة مسلكها أمر بترتيب جماعة من الحجارين لإصلاح طريقها، وقطع ما بها من الصخور المانعة من السلوك المضيقة على الناس فسطرت هذه المثوبة العظمى فى صحائف حسناته.

وفى سنة تسع عشرة وسبعمائة توفى الأمير سيف الدين كراى المنصورى [3] بمعتقله بالبرج بقلعة الجبل فى يوم السبت سادس عشر المحرم رحمه الله تعالى [129] .

وتوفى الأمير سيف الدين أغزلوا [4] العادلى أحد الأمراء الأكابر مقدمى الألوف بدمشق، فى يوم الخميس سلخ جمادى الأولى بداره بظاهر دمشق ودفن

[1] ما بين القوسين من ص، وف.

[2]

مكان هذه الكلمة بياض فى ك، والمثبت من ص، وف.

[3]

أنظر الدرر الكامنة لابن حجر: 3: 351، وذيول العبر 107، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى 9:245.

[4]

كذا فى الأصول. وفى السلوك 2/1: 199 «أغرلوا» وأنظر الوافى بالوفيات 9: 294، والدرر الكامنة 1: 417، والدليل الشافى 1: 135، والبداية والنهاية 14: 94، وشذرات الذهب 6:52.

ص: 306