الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين أنص الجمدار [1] والأمير سيف الدين أغرلو [2] من عسكر حماه، ومن انضم إليهم، وتوجّهوا فى ألف فارس وخمسمائة فارس لا يزيد على ذلك وساقوا فى البريّة إلى مكان يسمى عرض لقصد هذه الطائفة من التتار، فتوافوا بها- وعدة التتار عشرة آلاف من المغل [3]- فلما شاهدهم التتار أطلقوا من كان معهم من التركمان وحريمهم ومواشيهم؛ ليشغلوا العسكر بهم، فلم يعرّج العسكر عليهم، وحملوا على التتار حملة رجل واحد، واقتتلوا أشد قتال فنصر الله جيش الإسلام، وقتلوا من التتار خلقا كثيرا، وفرّ من بقى منهم، وذلك فى عاشر شعبان من هذه السنة، وكانت هذه الوقعة مقدمة النصر، واستشهد فى هذه الوقعة الأمير سيف الدين أنص الجمدار، ومن أمراء دمشق. وحضر إلى دمشق جماعة أسروا من أعيان التتار فى يوم الخميس منتصف شعبان. هذا ما كان بالشام.
ذكر توجه السلطان الملك الناصر من الديار المصرية
بالجيوش الإسلامية إلى الشام، والوقعة بمرج الصّفرّ [4] ، وانهزام التتار.
قد ذكرنا اهتمام السلطان واحتفاله وما رسم به من الاستخدام، ثم جرّد العساكر من مدنه [5] يتلو بعضها بعضا، فوصلوا إلى دمشق. فأوّل من وصل منهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، والأمير حسام الدين لاجين الرّومىّ والأمير سيف الدين كراى المنصورىّ، والأمير ركن الدين بيبرس الدّوادار ومضافيهم فى يوم الأحد ثامن عشر شعبان. ثم وصل الأمير بدر الدين بكتاش
[1] الجمدار: هو الذى يتولى إلباس السلطان أو الأمير ثيابه، مركب من كلمتين فارسيتين «جاما» بمعنى الثوب، و «دار» بمعنى ممسك، وأكثر ما يكون الجمدارية من الصبيان الملاح المرد، ويتحلون بالملابس المزركشة أكثر مما تتحلى النساء (معيد النعم ص 35) .
[2]
كذا فى الأصول وفى السلوك 1: 931، 932 «غزلوا» و «أغرلوا» فى النجوم الزاهرة 8: 158 «أغزلو العادلى» .
[3]
المغل: هم المغول وهم التتار (النجوم الزاهرة 8: 317 هامش) .
[4]
مرج الصفر: ضبطها محقق السلوك 1: 60 بتشديد الصاد وضمها وفتح الفاء، وهو أحد المروج الواقعة حول مدينة دمشق. وانظر معجم البلدان 4:488.
[5]
فى الأصول «من مدينة» والمثبت يقتضيه السياق.
الفخرىّ أمير سلاح، والأمير سيف الدين بكتمر السّلاح دار، والأمير عز الدين أيبك الخزندار المنصورى، والأمير بهاء الدين يعقوبا، ومضافيهم، واستقلّ ركاب السلطان من قلعة الجبل فى ثالث شعبان.
وأما التتار الذين سلموا من وقعة عرض فإنهم التحقوا بقطلو شاه وأخبروه أن السلطان لم يخرج من الديار المصرية، وأنه ليس بالشام غير العسكر الشامى؛ فأقبل قطلو شاه بعسكر التتار. فتأخّرت الجيوش التى بحماه، ونزلوا بالمرج بدمشق، ثم اجتمع الأمراء الذين بدمشق من العساكر المصرية والشامية، واتفقوا على أن يتأخروا عن دمشق إلى نهر الصّفّر ويقيموا به إلى أن يصل السلطان بعساكر الديار المصرية، بعد أن كانوا اتفقوا على لقاء العدوّ التتار إن تأخّر السلطان، ونقلوا حريمهم إلى قلعة دمشق، ثم لم يروا ذلك ووصل الجيش الذى كان بالمرج، ونزلوا بأجمعهم بميدان الحصا [1] فى يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شعبان، واختبط الناس بدمشق وجفلوا من الحواضر والقرى إليها، وخرج أكابر أهل دمشق وأعيانها فى هذا اليوم منها فمنهم من التحق بالحصون، ومنهم من توجّه إلى نحو الديار المصرية، وكنت يوم ذاك بدمشق فخرجت منها بعد أن أعددت لأمة الحرب، والتحقت بالعسكر ووجدت الجفّال قد ازدحموا بالأبواب زحاما شديدا، وذهلوا عن أموالهم وأولادهم، ووصلت بعد المغرب إلى منزلة العسكر بميدان الحصا، فوجدتهم قد توجّهوا إلى مرج الصّفّر، فلحقت الجيوش فى يوم الخميس التاسع والعشرين من الشهر- وهو سلخه، وأقمنا بالمرج يوم الخميس والجمعة.
فلما كان فى ليلة السبت المسفرة عن ثانى شهر رمضان دارت النّقباء على العساكر، وأخبروهم أن العدوّ قد قرب منهم، وأن يكونوا على أهبة واستعداد فى تلك الليلة، وأنه متى دهمهم العدوّ يركبوا خيولهم، ويكون الاجتماع عند قرية المجّة بقرب خربة [2] اللصوص فبتنا فى تلك الليلة وليس
[1] هو أحد ميادين دمشق القديمة (النجوم الزاهرة 7: 75) .
[2]
خربة اللصوص: تقع على الطريق بين دمشق وبيسان (السلوك 1: 281 هامش) .