الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقر العالى الأميرى. الغرّى الزردكاش، والجناب العالى الأمير السيفى بلبان الدمشقى، والمجلس العالى الأميرى البدرى البيسرى الحسامى، وقد اجتمعت الكلمة علينا ولم يبق إلا الركوب. ويقول فى كتابه لكل منهم فمن قدم [1] خيّره الله تعالى ويعجل بسرعة الحضور، ليكون [2] من السابقين الأولين، ويحصل له فضيلة السبق، ويعلم أنا لم نطلبه لحاجة بنا إليه. وإنما عرفناه بما حدده الله لنا لئلا يتأخر ويعتذر حيث لا ينفعه العذر. إلى غير ذلك، وتضمن كتابه للأمير شمس الدين سنقر الرّومى [3] . وقد حقق الله تعالى [4] مناماتك التى كنت تراها وتخبرنا بها، ونحو هذا من الكلام.
ولما وصلت كتبه إلى الأمراء كنت يومئذ بطرابلس
لم أتوجه فى صحبته، وكان قد كتب إلىّ يطلبنى وهو بمرج الجبل، فاعتذرت ولم أتوجّه إليه- لطفا من الله بى- فقمت حين وصلت كتبه واجتمعت بأعيان الأمراء ونهيتهم عن الدخول فى الأمر، وعرفتهم سوء عاقبة الخروج عن الطاعة، ومفارقة الجماعة، وجدّدت على أكثرهم الأيمان للسلطان الملك الناصر فحلفوا، واجتمع جماعة منهم عند الأمير شمس الدين سنقر الرومى. فتأخروا عن اللحاق به [5] ولم يتوجه من طرابلس إليه غير علاء الدين أيدغدى الأتقوى أحد أمراء العشرات فإنه هرب إليه ولم يشعر به، وكنت قد حذرته هذا الأمر قبل ذلك بيوم أو يومين، وحلفته فحلف، وتوثقت منه أنه لا يفارق الطاعة والجماعة فلذلك أهملته عند وصول المكاتبات إلى الأمراء، وانتظر الأمير جمال الدين وصول العسكر الطرابلسى إليه وهو بمرج الأسل ليكبس بهم العسكر المصرى الذى بحمص، فلم يلتحق به غير أيدغدى الأتقوى المذكور، فلما أيس منه
[1] فى ك «متقدم» والمثبت من ص.
[2]
فى ك «لتكون» .
[3]
فى ص وف «النورى» وهو سنقر الرومى المستأمن قدم فى زمن الناصر رسولا فأسلم وأقام بالقاهرة، ومات فى الطاعون عام 749 هـ (الدرر الكامنة 2: 176) .
[4]
لفظ «تعالى» سقط فى ك.
[5]
لفظ «به» سقط من ك.
ركب من مرج الأسل، ونزل إلى منزل القصب بالقرب من حمص ومرّ [1] على جانب خيام [2] العسكر المصرى، وقصد جهة البرية، فركب بكتمر خلفه الأمير سيف الدين [73] وبكتمر [3] الجمدار الناصرى فى شرذمة يسيرة، وتتبعه فلحق أثقاله فأخذها ورجع، واستمر السير بالأفرم ومن معه حتى دخل البرية.
ولما بلغ الأمير شمس الدين قراسنقر دخوله إلى البرية خلفه ظن أن ذلك مكيدة عليه، وتقدم فى البرية، وبقى الأفرم إذا نزل منزلة وجد قراسنقر قد رحل عنها، فاستمر كذلك أياما، ثم أرسل إليه من أدركه وأعلمه أنه [4] إنما جاء فى ميعاده، فأرسل إليه يقول، إن كان الأمر كذلك فتحضر إلى عندى بمملوكين، وتؤخر هذا الجمع حتى نجتمع. فركب إليه على الهجن هو ومملو كان من مماليكه، وأدركه واجتمعا. فلما تحقق قراسنقر أنه حضر لموافقته اطمأن إليه، وتربّص حتى التحق به بقية أصحاب الأفرم، فاختار الأفرم ممن معه ومع قراسنقر أربعمائة فارس، وأمرهم أن يتوجهوا ويكبسوا الأمير سيف الدين أرغن الناصرى ليلا فى خيامه ويقتلوه، وكان الأمير سيف الدين أرغن بقرب حلب- وقال: إنه إذا قتل هذا احتاج من معه إلى الانضمام إلينا خوفا من السلطان كون مملوكه قتل بينهم، وتمّ لنا الأمر بهذا ولا يختلف علينا أحد بالشام، فتوجّه أولئك غير بعيد ثم ردّهم قراسنقر وجهّز الأفرم لمضاء [5] هذا الأمر [6] فلم يوافق عليه، ثم قال له قراسنقر، إن هذا الجمع الذى معك لا نقدر أن نملك بهم البلاد، ولا نلقى [7] بهم الجيوش، وهؤلاء يضيقون علينا، ويأكلون ما معنا، ولا يحصل لنا بهم انتقاع، والمصلحة تقتضى أن نردهم. فأعمل الأفرم الحيلة وجردهم على أن
[1] فى ك، وف «وهو على» والمثبت من ص.
[2]
هذا اللفظ لم يرد فى ك.
[3]
فى ك «وكتمر» وفى ص «أركتمر» والمثبت من النجوم الزاهرة 9: 300، والدرر الكامنة 2: 19، وشذرات الذهب 6:104.
[4]
لفظ «أنه» سقط من ك.
[5]
هذا اللفظ سقط من ك.
[6]
فى ص «هذا الرأى» .
[7]
فى ك وص «تلتقى» .
يكونوا يزكا فى مكان عيّنه لهم، وقال، لا تفارقوا هذا المكان حتى نأتيكم [1] بما تعتمدونه، وركب هو وقراسنقر ومماليكها والأمراء الثلاثة الذين وصلوا من دمشق ومغلطاى الشيخى [وقطليجا الجاشنكير][2] وتوجهوا هم والأمير حسام الدين مهنا إلى الرحبة، وعاد بقية الأمراء العشرات، وأمراء التركمان الى طرابلس ثم [3] فارق الأمير جمال الدين الأفرم جماعة من أعيان مماليكه وعادوا إلى طرابلس [4] وتبع العسكر الناصرى الأفرم وقراسنقر ومن معهما إلى الرهبة ففاتوا ولزموا البرية، ثم كتب الأفرم وقراسنقر إلى خربندا ملك التتار يستأذناه فى الوصول إليه بمن معهما، وسيّرا بذلك بدر الدين بيسرى [5] الحسامى، فتوجّه إليه وعاد بجوابه إليها وخلعه عليهما، فتوجها إليه وصحبتهما بعض مماليكهما والأمير عز الدين الزردكاش والأمير بلبان الدمشقى وبيسرى الحسامى [6] ورجع بقية الأمراء الذين كانوا مع الأفرم.
فأما أمراء التركمان وأمراء العشرات الذين ليسوا من مماليك السلطان وهم. حسن السيفى، ومحمد الفارقى وطشلق الشويخى، فاستمروا فى الخدمة بطرابلس على عادتهم، وقبض على أمراء التركمان ثم أفرج عنهم واستمروا فى الخدمة.
وأما بيبرس بن عبد الله، وأيدغدى الأتقوى فورد المرسوم بالقبض عليهما، فقبض عليهما وسيّرا إلى الأبواب السلطانية، فماتا فى محبسهما، واما قطليجا [7] الجاشنكير فإنّه غيّر هيأته واختفى إلى أن وصل إلى الأبواب السلطانية، فما شعر السلطان به إلا وهو قائم بين يديه فى الإيوان، فأمر باعتقاله، ثم نقل إلى ثغر الإسكندرية، وقيل إنه مات.
[1] فى ك «ونرسل» والمثبت من ص.
[2]
هذان اللفظان سقطا من ك.
[3]
ما بين الرقمين من ص، وف.
[4]
ما بين الرقمين من ص، وف.
[5]
فى ك «بيبرس» والمثبت من ص، وف.
[6]
فى ك «بيبرس» والمثبت من ص، وف.
[7]
فى ك «قلطيشا» والمثبت من ص.
وأما علاء الدين مغلطاى الشّيخى فإنه توجّه إلى الأمير فضل بن عيسى ودخل إليه، فحضر به إلى الأبواب السلطانية وشفع فيه، فأمر السلطان بإرساله إلى مدينة قوص، ثم إلى ثغر أسوان، ورتب له كل يوم أربعة دراهم، فأقام هناك مدة، ثم طلب إلى الأبواب السلطانية، ورتّب فى جملة المماليك أرباب الجامكيات [1] ثم أنعم عليه بإقطاع، وجعل من جملة مقدمى الحلقة، هذا ما كان من أمر هؤلاء.
[1] الجامكية: فارسية معناها الراتب أو المربوط الشهرى أو السنوى وقد يعنى الرواتب بعامة (صبح الأعشى 3: 457) .