الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يترقبون قرب ركاب السلطان ليحضروا إلى الخدمة وأنهم على وجل أن يعلم بحقيقة حالهم فيقبض عليهم فبرز السلطان بالعساكر والنواب من دمشق فى بكرة نهار الثلاثاء تاسع عشر رمضان، وصحبه قاضيا القضاة نجم الدين الشافعى وصدر الدين الحنفى، والخطيب جلال الدين، وكاتب [1] الدرج وجماعة من الأعيان.
ووصل إلى الخدمة الشريفة بين منزلتى إربد والقصير قبل وصوله الى العقبة جماعة من المماليك السلطانية، وهم يستحثون ركاب السلطان، فساق فى هذا اليوم منزلتين فى منزلة، ثم ترادف وصول المماليك وبعض الأمراء إلى أن حلّ ركاب السلطان بغزة فى يوم الخميس ثامن عشر الشهر، وكانت المياه بها قليلة والعساكر ومن انضم إليها قد طبقت الأرض، وشق على الناس قلة المياه، وازدحموا عليها، فأرسل الله تعالى سحابة فى بقية ذلك اليوم فأمطرت مطرا كثيرا غزيرا إلى أن جرت منه الغدران، واجتمع منه ببركة بغزّة ما شاهدت فى اليوم الثانى منه الخيل تسبح فى البركة، فحصل للعسكر بذلك غاية الرفق.
ولما استقل ركاب السلطان بغزة
وصل إلى باب الدّهليز الشريف الأمير ركن الدين بيبرس الدّوادار والأمير سيف الدين بهادر آص وكان بهادر آص قد توجّه إلى الملك المظفر فى شهر رجب وتأخر عوده فعاد الآن فى ليلة السبت العشرين من الشهر [56] ، وكان وصول الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار بمطالعة المظفر يسأل قلعة كما تقدم، ثم وصل الخبر بعودته.
وفى يوم السبت العشرين من الشهر وصل إلى الخدمة السلطانية الأمراء الذين كانوا جرّدوا من الديار المصرية، وهم الأمير سيف الدين برلغى، والأمير جمال الدين أقش الأشرفى والأمير عز الدين أيبك البغدادى، والأمير شمس الدين الركن وغيرهم من الأمراء فتلقاهم السلطان وأحسن إليهم، وخلع عليهم.
[1] فى ص «كتاب» .
واستقل ركاب السلطان بسائر العساكر من غزة فى يوم الإثنين الثانى والعشرين من شهر رمضان ثم ترادف الأمراء بعد ذلك فى طول منازل الرمل يصل منهم فى كل منزلة جماعة، والسلطان يشمل من وصل إليه منهم بخلعه وإنعامه، وجهز الأمير سيف الدين سلار إلى السلطان الكوسات [1] والعصائب [2] ، وكان وصولها بمنزلة السعيدية [3] ثم وصل السلطان إلى بركة [4] الجب فى يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان وتلقاه الأمير سيف الدين سلّار وبات السلطان بهذه المنزلة وعيّد بها عيد الفطر، وركب منها ووصل إلى قلعة الجبل فى التاسعة من يوم الأربعاء، وهو يوم العيد وبات بالإسطبل ثم أصبح وصعد إلى القلعة وجلس على تخت السلطنة بقلعة الجبل فى يوم الخميس ثانى شوال، وسأل الأمير سيف الدين سلّار دستورا فى التوجه إلى الشّوبك وكانت جارية فى إقطاعه- فأجيب إلى ذلك وخلع عليه خلعة العزل من النيابة وأنعم عليه بحياصة [5] من الذهب مجوهرة وكان توجهه إلى الشوبك فى يوم جمعة ثالث شوال، وودعه الأمراء فكانت مدة نيابته عن السلطان منذ فوضها السلطان إليه فى يوم الإثنين سادس جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وستمائة وإلى أن عزل إحدى عشرة سنة وأربعة أشهر وستة وعشرين يوما ورسم بإقامة ولده علاء الدين أميرا على الأبواب السلطانية، وأنعم عليه بأمره عشرة طواشية.
وفى يوم الخميس سادس عشر شوال جلس السلطان بالإيوان الكبير بقلعة الجبل وحضر الأمراء إلى الخدمة على العادة، فأمر بالقبض على اثنين وعشرين أميرا من جملتهم عز الدين أيبك البغدادى، وسيف الدين بتاكز [6] وغيرهم واعتقلوا.
[1] الكوسات: (فارسية معربة) وهى صنوجات من نحاس تشبه الترس الصغير يدق بإحداهما على الأخرى بإيقاع مخصوص، وهى من رسوم الملك وآلاته فى العصور الوسطى (صبح الأعشى 4: 9، 13) .
[2]
العصائب: جمع عصابة، وهى راية عظيمة من حرير أصفر مطرزة بالذهب عليها ألقاب السلطان واسمه (صبح الأعشى 4: 8) .
[3]
منزلة السعيدية: كانت تقع فيما بين بلبيس والصالحية، وعلى مسافة ثلاث مراحل من الفسطاط (معجم البلدان 2: 445) .
[4]
بركة الجب: عرفت قديما ببركة الحاج وبركة جب عميرة- نسبة إلى عميرة بن جزء التجيبى صاحب الجب المعروف باسمه فى الموضع الذى يبرز إليه الحجاج عند خروجهم من مصر إلى مكة. وتعرف حاليا باسم البركة وهى قرية من قرى مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية شرقى محطة المرج (خطط المقريزى 1: 489، والنجوم الزاهرة 5: 18 هامش- وانظر ما سبق ص 1) .
[5]
الحوائص: جمع حياصة: وهى المنطقة أو الحزام، وتصنع من معدن ثمين أو فضة مذهبة. أو من الذهب الخالص وقد ترصع بالجواهر، وهى جزء من ثياب التشريف، والسلطان وحده هو الذى يمنحها. وانظر LDict.VetArabe (.) Dozy:
[6]
كذا فى الأصول. وفى السلوك 2/1: 62، 71، 76 «تناكر» وفى النجوم الزاهرة 9: 13 «باكير» .